رسائل المقاومة من غزة.. دلالات صفقة التبادل وسيناريوهات التصعيد
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
في وسط ساحة السرايا بمدينة غزة، قررت حركة حماس تسليم 3 أسيرات إسرائيليات ضمن الاتفاق المبرم مع الجيش الإسرائيلي، لسريان الهدنة في المرحلة الأولى لمدة 42 يومًا، ولعل هناك العديد من الرسائل التي بعثت بها حماس للداخل والخارج، حينما دخلت في مشهد مهيب وحشود متراصة لعناصر النخبة، مرتديةً الزي العسكري، وعربات لم يظهر عليها مرور أكثر من 15 شهرًا من القصف الهمجي الصهيوني.
رسائل المقاومة للداخل الإسرائيلي
كما أن الحركة أفرغت حديث كافة القادة في الكيان الصهيوني عن اليوم الثاني للحرب من مضمونه، وأصبح مغايرًا للواقع، ولا يمت للمشهد بصلة، مما ينذر بإحداث زلزالًا سياسيًا في الداخل الإسرائيلي، خاصة أن المشاهد التي رأيناها ترسم واقع أن الحركة ما زالت قادرة على القتال في كافة المحاور، أيضًا هناك رسائل للداخل الفلسطيني للشعب، بأنها فاعلة في المشهد، والهتافات حولها خير دليل وفقًا للصورة التي خرجت علينا خلال عملية تسليم الأسرى.
بالطبع الحركة أرادت أيصال رسالة مفادها أنها عقب 471 يومًا من الحرب ما زالت واقفة في الميدان، وذلك لقطع الطريق على أي تفاهمات ترمي إلى إقصائها من المشهد، لاسيما عن خطة ما بعد الحرب وعميلة إدارة قطاع غزة، وهي العملية التي ستشهد اختلاف وجهات النظر، حيث أن وفقًا لمجريات الأمور، من الصعب أن تتنازل حماس عن أن تكون شريكة في الحكم، وهي الإشكالية التي تتطلب وجود تفاهمات بين الفصائل المختلفة، عند الجلوس على مائدة الحوار.
وخلافًا للرسائل التي بعثتها حماس، هناك دلالات كثيرة تشير إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، جاء رغمًا عن حكومة الكيان الصهيوني، فالضغوط متزايدة من أهالي الأسرى، وهناك إدارة أمريكية جديدة " دونالد ترامب"، تحدثت بحزم عن وقف الحرب قبل تولي سدة الحكم، لذا من المتوقع أن يكون نتنياهو شرع التوصل لوقف إطلاق النار بسبب حالة الغليان في الشارع الإسرائيلي والتحديات الداخلية، فضلا عن أنه بات مطلوبًا في الجنائية الدولية.
كما أن استمرار الحرب في غزة أصبح عبثيًا، ولم تصل آلة القتل الإسرائيلية إلى أهدافها وجميع من في الداخل الإسرائيلي تحدث عن ذلك، وماهي سوى استنزافًا للجيش الذي غرق في رمال غزة، ولم يستطيع الخلاص من حماس، كما تردد خلال الشهور الماضية منذ بداية الحرب، كما استنفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي قواه في البحث عن أسراه، وكان مدعومًا من أجهزة استخبارات عالمية، وكانت المحصلة صفر.
وعن دلالات موافقة حماس لصفقة التبادل مع الكيان الصيهوني، وهو ضعف محور المقاومة والإسناد من الخارج، مقارنة ببداية الحرب، مثل حزب الله وإيران، والمعزولان تمامًا عن تقديم الدعم للحركة بشكل متواصل، لذا رأينا عناصر حماس يلتفون حول الشعب الفلسطيني، للعودة للمشهد وإحلال السلام، للتخطيط وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل بمشاركتها في الحكم، وعدم إقصائها من المشهد.
هل تعود الحرب مرة أخرى في غزة؟
ولكن رغم وجود اتفاق بين الطرفين، وتبادل أسرى هناك مخاوف حقيقية من عودة الحرب مرة أخرى، عقب تحرير إسرائيل لكافة الأسرى، باستئناف أعمال الإبادة، لاسيما أن الاتفاق ينص على الهدنة على ثلاث مرحل، ولم يذكر آلية لإنهاء الحرب، على ان يتم التفاوض على المراحل التالية خلال فترة الهدنة بين الطرفين، وهو ما يضع تحديًا كبيرًا على الطراف الراعية لالتزام الأطراف بوقف لإطلاق النار بشكل مستدام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ساحة السرايا مدينة غزة غزة حركة حماس وقف إطلاق النار في غزة الجيش الإسرائيلي التبادل إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
مشعل: غزة غير مطالبة بإطلاق الرصاص ولدينا تصور لسلاح المقاومة
أكد خالد مشعل -رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج- أن الحركة لديها مقاربتها الخاصة بشأن السلاح وتسعى لإقناع الإدارة الأميركية بها، وقال إن غزة قدمت ما عليها وآن لها أن تنهض وتتعافى.
وتطرق مشعل -الذي حل ضيفا على برنامج موازين ضمن حلقة (2025/12/10)- إلى العديد من النقاط والتفاصيل وخاصة موقف حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القطاع.
وكشف في سياق حديثه عن مقاربة المقاومة بشأن المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة، أن حماس تطرح على الأطراف المختلفة معادلة مفادها "أن المقاومة تريد تكوين صورة فيها ضمانات بأن لا تعود الحرب بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، أي "كيف يُخبأ هذا السلاح ويحفظ ولا يستعمل ولا يستعرض به"، وذكر أيضا أن المقاومة طرحت فكرة هدنة طويلة المدى لتشكل ضمانة حقيقية.
وأكد القيادي في حماس أن الخطر يأتي من الكيان الصهيوني، و"ليس من غزة التي يطالبون بنزع سلاحها"، ووصف نزع السلاح عند الفلسطيني بأنه بمثابة "نزع للروح".
وأعرب مشعل عن قناعته بقدرة حماس على إقناع الإدارة الأميركية بمقاربتها المتعلقة بالسلاح، بالنظر إلى العقل الأميركي البراغماتي -حسبه- وبالتالي فرضها على الطرف الإسرائيلي. وكشف أن الوسطاء يبحثون هذه المقاربة مع الأميركيين.
ومن جهة أخرى، أكد مشعل أن إستراتيجية غزة القادمة هي الانشغال بنفسها، في محاولة للتعافي وإعادة الحياة من جديد، مشددا على أنها "قدمت كل ما عليها وزيادة، ولا أحد يطالبها أن تطلق النار ولا أن تمارس واجبها في المقاومة"، وأفاد أن حماس أبلغت الوسطاء بحاجتها لمن يساعدها على النهوض والتعافي مجددا.
وبشأن القوة الدولية، قال مشعل إنه لا مانع لدى المقاومة من وجود قوة استقرار دولية على الحدود مثل قوات اليونيفيل، "تتولى الفصل بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن الضامنين خاصة الوسطاء (قطر ومصر وتركيا) والدول الثماني العربية والإسلامية بإمكانهم ضمان غزة وحماس والمقاومة، بحيث "لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد إسرائيل".
إعلانوفي نفس السياق، أثنى مشعل على موقف وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، الذي صرح لبرنامج " لقاء خاص" على قناة الجزيرة بأن "دور القوة الدولية هو حفظ السلام وليس فرضه".
وعن رؤية حماس لشكل إدارة غزة، أكد أنه كان هناك توافق على أن تسلم غزة لحكومة تكنوقراط وأن تجمع القطاع والضفة الغربية، لكن الأمر تعثر بسبب الحرب والفيتو الإسرائيلي، وكشف أنه قبل أسبوعين أو ثلاثة جرى حوار معمق بين الفصائل ومع مصر، وتم طرح 40 اسما استخلص منهم 8 يمثلون تنوع المجتمع الغزي، و"لكن هذه الخطوة تعرقلها إسرائيل".
كما حذر القيادي في حماس من أن مجلس السلام الذي ورد في خطة الرئيس الأميركي بشأن غزة محفوف بالمخاطر، مؤكدا أن حماس ترفض المجلس التنفيذي الذي ينضوي تحته ويشكل الحكم الحقيقي داخل غزة، والسبب أنه "شكل من أشكال الوصاية" على الفلسطينيين، وشدد قائلا "نريد أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني وهو من يقرر من يحكمه".
وعلى صعيد آخر أشار إلى أن القضية الفلسطينية استعادت روحها على الساحة الإقليمية وتحولت من الأدراج لتفرض نفسها على الجميع. وفي المقابل تحولت إسرائيل في العالم إلى كيان منبوذ، لأنها ارتكبت إبادة جماعية.
وعن فكرة التطبيع وما كان يُطرح بخصوص تصفية القضية الفلسطينية، يرى مشعل أن هذه الفكرة باتت أبعد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 "إلا لمن يريد تجاهل ما أفرزته الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة خلال عامين".
وبشأن الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، نبّه مشعل إلى أن "إسرائيل تقوم حاليا بالضم الفعلي للضفة وهي تريد أن تحسم الهوية السياسية للضفة وأن تلحقها بالسيادة الإسرائيلية من خلال خطوات عملية"، وقال إن السلطة الفلسطينية عليها مسؤولية كبيرة، وإنها تعرف أن" مشروعها السياسي أُفشِل، ويتم تقليم أظافرها وتُقلص صلاحيتها وينظر إليها أن تكون أداة أمنية".
وعن موقع حماس في ظل الواقع الجديد في المنطقة، أوضح مسؤول حماس أن "الدعم الإيراني كان وما زال مهما وأساسيا وقويا ويُشكَرون عليه"، وقال إن الحركة تلقت طوال مسيرتها الدعم من كل الدول العربية، ولكن بتفاوت، وانفتحت على الجميع، لكنه أكد أن حماس" لم تكن تتمحور يوما في موضع بعينه بعيدا عن الأمة العربية والإسلامية".
وأضاف أن الصورة اختلت بعض الشيء؛ لوجود "أطراف عربية وإسلامية أوصدت الأبواب أمام حماس"، وقال إن الحركة معنية بتعزيز حضورها العربي والإسلامي.