البوابة نيوز:
2025-05-19@02:58:11 GMT

الاتفاق.. هدنة هشّة وأسئلة كبرى تنتظر الأجوبة

تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحت قصف الطائرات الإسرائيلية، استلمت تل أبيب قائمة الأسرى المنتظر الإفراج عنهم في اتفاق وقف إطلاق النار الذى بدأ سريانه صباح أول أمس الأحد، جاء الإعلان عن الاتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس"، ليمنح المدنيين في غزة ما يشبه استراحةً قصيرة من أهوال القصف، وتأتي هذه الاستراحة في توقيت يحتاج كل طرف منهما أن يكسب مودة دونالد ترامب الساكن الجديد للبيت الأبيض، وفي ذات الوقت سوف تسمح هذه الاستراحة أن يدعي كلا الطرفين أنه حقق انتصارا ساحقا ماحقا على الطرف الآخر، لنكتشف في نهاية المطاف أننا لم نكن بصدد مجزرة بشعة راح ضحيتها في بند الشهداء فقط مايقرب من 47 ألف شهيد أما عن الجرحى والمفقودين فحدث ولا حرج.

الاتفاق الذي احتفل به العالم وفي خيالهم أنه يمثل نقطة النهاية لهذه الحرب الضروس التي امتدت خمسة عشر شهراً، هذا الاتفاق لم يكن وليد لحظة توافق بين الأطراف المتصارعة، بل جاء نتيجة ضغوط دولية مكثّفة، كان أبرزها تلك التي مارسها الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي دخل البيت الأبيض في 20 يناير الجاري.

وإن كان الاتفاق يحمل في طيّاته بوادر تهدئة، فإنّه لا يُشكّل حلًّا نهائيًا للصراع بقدر ما يُجسّد استراحة محاربٍ قد لا تطول، فالنزاع الذي تغذّيه تراكمات سياسية وعسكرية متجذّرة لا يمكن إنهاؤه بمجرّد تفاهمات مؤقتة لا تعالج جذوره العميقة.

لذلك أرى أن الاتفاق يمثل هدنة تفتح باب التساؤلات، وذلك لسبب بسيط هو أن الوصول لهذا الاتفاق لم يكن بالأمر الهيّن، إذ خضع لجولاتٍ من الوساطات الإقليمية والدولية، وفي مقدمة الدول التي بذلت الغالي والنفيس من أجل إقرار هذا الاتفاق يبرز اسم مصر الكبيرة التي تعاملت بمنتهى الحكمة والحصافة مع هذا الملف، وقاومت وصمدت في مواجهة كل مخططات إسرائيل منها التهجير على سبيل المثال، كما أن قطر تحملت صعوبات المزايدة حتى وصلت وفق تفاهم مصري أمريكي إلى هذه النتيجة، ومع تبلور الاتفاق الذي جاء في صورة هدنةٍ نجدها تتوزّع على مراحل متتابعة، جاءت المرحلة الأولى منها لتستمرّ ستة أسابيع، تقوم حماس خلالها بالإفراج عن 33 رهينة تحتجزهم في غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات المعتقلين الفلسطينيين، وهي خطوة تفتح الباب أمام تهدئةٍ مشروطة.

أما المراحل التالية، فمن المفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من بعض المناطق المأهولة في غزة، بالتزامن مع إدخال مساعدات إنسانية وشروعٍ جزئي في إعادة الإعمار، ورغم ما يبدو أنّه انفراجةٌ إنسانية، إلا أنّ تفاصيل الاتفاق تظلّ هشّة، ودليلنا على ذلك هو أن الإتفاق لم يأتِ على ذكر رفع الحصار عن غزة أو ضمانات وقف العدوان المستقبلي، وهو ما يترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات تجدد المواجهة عند أول تصعيد، لتبقى الهدنة في نظر الكثيرين مجرد هدنة مؤقتة، أقرب إلى إعادة ترتيب الأوراق أكثر من كونها تسوية حقيقية للصراع.

وإذا عدنا إلى الرجل الأقوى الآن على خارطة السياسة العالمية دونالد ترامب سوف نلاحظ قيامه بعملية ضغط الدقائق الأخيرة بهدف نجاح الصفقة ليدخل إلى البيت الأبيض وهو متوج بالنصر السياسي، وبعيدًا عن ساحات القتال، شهدت كواليس السياسة تحرّكاتٍ مكثّفة نفذها مندوبو دونالد ترامب، قبل أن يؤدي اليمين الدستورية، هذه التحركات ألقت بظلالها على المشهد، تدخل ترامب المباشر في مسار التفاوض يفسره بعض المراقبين أنه لم يكن تدخلاً نابعاً من الحرص المفاجئ على استقرار المنطقة، بقدر ما كان خطوةً محسوبة لخدمة أجندته السياسية، وحجة هذا الفريق في ذلك هي أن ترامب، الذي دخل البيت الأبيض مجددًا اعتباراً من أمس، كان يدرك أن توريثه أزمة غزة دون تهدئةٍ مسبقة سيُثقل كاهله في مستهلّ ولايته، وربّما يعرقل أولوياته السياسية الأخرى.

لذلك لم يتوانَ ترامب عن استخدام نفوذه للضغط على إسرائيل، مُلمّحًا إلى أن استئناف الدعم غير المشروط لإسرائيل مرهون بوقف العمليات العسكرية، بل إنّه صرّح علنًا بأنّ "الاتفاق يجب أن يُنجز قبل أن أؤدي اليمين الدستورية"، وكأنّه يضع خطًا أحمر أمام استمرار المواجهات العسكرية.

هذا التصريح المشهور لترامب  بدا أقرب إلى إنذارٍ سياسي، دفع تل أبيب إلى إعادة النظر في موقفها، خاصةً في ظلّ التحديات الداخلية التي تواجهها حكومتها، وعلى الرغم من التباينات السياسية الواضحة بين الرئيس جو بايدن وخلفه ترامب، فإنّ الضرورة فرضت نوعًا من التنسيق غير المباشر بين الإدارتين. فإدارة بايدن، التي سعت إلى إنهاء التصعيد قبل مغادرتها، عملت جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسية القطرية والمصرية لتأمين مسار المفاوضات، فيما أضاف ترامب عنصر الضغط السياسي الذي عجّل بإتمام الاتفاق، هذه الديناميكية جعلت من وقف إطلاق النار نتيجةً لتقاطع الضرورات، أكثر من كونه ثمرة توافقٍ حقيقي بين الأطراف المتصارعة.

المعروف في قواعد العلوم السياسية هو أن الحرب تُكتب بالرصاص، أما  الهدنة فهي مكتوبة بالحسابات السياسية، لذلك نقول بملء الفم أن الاتفاق الحالي لا يشذّ عن هذه القاعدة، فبينما تنعم غزة بهدوءٍ هشّ، تظلّ الأسئلة الكبرى عالقة ولعل السؤال الأبرز هو إلى متى ستصمد هذه الهدنة؟ وهل ستؤسس لمرحلة جديدة، أم ستكون مجرد استراحة تكتيكية قبل جولة قتال أخرى؟

ليبقى الحلّ الحقيقي مرهونًا بمعالجة القضايا الجوهرية مثل رفع الحصار، وضمان الحقوق الفلسطينية، وإيجاد تسوية عادلة تحقّق الأمن والاستقرار لكلّ الأطراف. أما دون ذلك، فسيظلّ وقف إطلاق النار محطةً عابرة في طريقٍ طويل من النزاع، حيث تتكرر الدوامة ذاتها هدنة تتبعها حرب، ثم وساطات جديدة، ثم وقفٌ آخر لإطلاق النار، وهكذا إلى ما لا نهاية في مشوار العذاب الإنساني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اتفاق وقف إطلاق النار ترامب دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

قلق إسرائيلي وتطمينات أميركية بشأن قرب الاتفاق حول نووي إيران

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرب التوصل بشأن البرنامج النووي الإيراني وتجنب العمل العسكري مع إيران، قلق إسرائيل التي اعتبرت أن الأمر "يجري على عجل"، لكنها تقلت تطمينات أميركية بشاركتها الالتزام بضمان عدم امتلاك طهران سلاحا نوويا.

وذكرت القناة "12 الإسرائيلية" اليوم أن إسرائيل" تتابع بقلق متزايد تقدم المحادثات بين واشنطن وطهران" ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله" نحن عند منعطف حرج في المفاوضات النووية فواشنطن تتعجل التوصل لاتفاقات ويجب ألا يكون هذا على حساب إسرائيل".

وذكرت القناة الإسرائيلية  إنهنه على الرغم محاولات إسرائيل جعل صوتها مسموعا من غير المؤكد أن أحدا يستمع إليها وقالت إن كبار المسؤولين الإسرائيليين قلقون بشدة إزاء تصريحات إدارة ترمب الأخيرة بشأن إيران وغزة، مشيرة في الوقت نفسه إلى محاولات إسرائيلية للتأثير على الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران.

الشارع الإيراني يتابع  نتائج المفاوضات مع أميركيا أولا بأول (الأوروبية) تواصل وتطمينات

من جهته قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنه تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال الجولة الخليجية لترامب.

وفي السياق، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس في بيان إلى أن روبيو "شدد على الالتزام العميق للولايات المتحدة بعلاقتها التاريخية مع إسرائيل والدعم الأميركي القوي لأمن إسرائيل".

وأوضحت أن روبيو ونتانياهو  "أعربا عن التزامهما المتبادل ضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي".

إعلان

و في تصريحات لـ "فوكس نيوز قال روبيو" أن الرئيس ترامب "منح إيران فرصة كي تصبح دولة مزدهرة ومسالمة ويأمل أن تنتهز هذه الفرصة" مضيفا أن ترامب قال إن العرض الأميركي لإيران" لن يستمر إلى الأبد"

وتابع قائلا "سيتعين علينا في مرحلة ما اتخاذ قرارات بشأن مزيد من الضغط الأقصى على إيران وخيارات أخرى" مشددا على أنه "لا يمكن أبدا لإيران امتلاك سلاح نووي ..و ترمب أوضح أن النظام الإيراني لن يمتلك سلاحا نوويا ونأمل أن يتم ذلك عبر التفاوض والدبلوماسية"

واعتبر وزير الخارجية الأميركي أن القرار بشأن البرنامج النووي الإيراني "بيد المرشد الأعلى وآمل أن يختار طريق السلام والازدهار وليس المسار المدمر".

ترامب تحدث في العاصمة القطرية الدوحة عن قرب ابرام اتقاق نووي مع إيران لتجنب عمل عسكري  (غيتي ) اقتراب

وخلال زيارته قطر في وقت سابق أمس الخميس، تحدث ترامب عن إمكان التوصل لاتفاق مع طهران قائلا "أعتقد أننا نقترب ربما من إبرام اتفاق  نووي من دون الحاجة للقيام بذلك"  في إشارة إلى عمل عسكري محتمل.

وبعد هذا التصريح، تراجعت أسعار النفط بأكثر من3%، وسط مؤشرات على احتمال قبول إيران بتلبية بعض المطالب الأميركية بشأن برنامجها.

وأعلن علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أول أمس ، الأربعاء أنّ إيران مستعدة لإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي في مقابل رفع فوري للعقوبات، بحسب محطة ان بي سي نيوز.

كما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أمس، أن بلاده لا تعارض عمل الشركات الأميركية في أراضيها، بما في ذلك في قطاع النفط والغاز.

وقال عراقجي "لم نمنع الوجود الاقتصادي للشركات الأميركية في إيران"، عازيا غياب النشاطات التجارية الأميركية إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران.

إعلان

وأشار عراقجي إلى أنّ العقوبات الرئيسية تمنع الكيانات والأفراد الأميركيين من التعامل مع السوق الإيرانية. وقال إنّ "هذا الحظر فُرض من قبل الولايات المتحدة نفسها".

يذكر أن واشنطن وطهران بدأتا في أبريل/نيسان الماضي مباحثات تهدف للتوصل الى اتفاق جديد بشأن برنامج إيران النووي، بعدما لوّح ترامب باحتمال اللجوء الى الخيار العسكري في حال فشل التفاوض.

وأجرت إدارة الرئيس دونالد ترامب4 جولات من المفاوضات مع طهران سعيا لابرام اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بعدما حض الرئيس الأميركي الجمهورية الإسلامية على التفاوض، ملوّحا باستهدافها بضربات في حال لم يتم التوصل الى تسوية في هذا المجال.

وفي الأسابيع الأخيرة، فرضت إدارة ترامب عقوبات على مجموعة من الكيانات والأفراد المرتبطين بصناعة النفط الإيرانية وببرنامجيها الصاروخي والنووي.

مقالات مشابهة

  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • عراقجي يحدد شكل الاتفاق النووي "المُرضي" لإيران
  • حمد بن جاسم: ترامب أنجز في جميع الملفات وغزة لا تزال تنتظر
  • قطر وسيط جديد بين العراق وترامب… ما الذي يدور في الكواليس؟
  • ترامب: إيران لا تحتاج إلى الطاقة النووية بسبب ثروتها النفطية
  • إعلام امريكي: الاتفاق مع “الحوثيين” انتصار دبلوماسي 
  • «مصطفى بكري»: السيسي هو الرئيس الوحيد الذي قال «لا » لـ ترامب
  • ترامب ينهي جولته الخليجية ويعود إلى واشنطن
  • صحيفة: آخر مستجدات هدنة غزة مع قرب انتهاء جولة ترامب
  • قلق إسرائيلي وتطمينات أميركية بشأن قرب الاتفاق حول نووي إيران