البوابة نيوز:
2025-06-27@00:02:38 GMT

نافذة سوداء

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

"حسن الظن" ركيزة أساسية لبناء العلاقات الصحية وتحقيق التلاحم بين الأفراد. إلا أن مقابل هذا المفهوم السامي، يقف "سوء الظن" كعقبة قاتمة تُظلم بها العلاقات، وتتشوّه بها الصور، وتهدم بها الروابط.. سيئو الظن هم أولئك الذين يرون العالم من نافذة سوداء قاتمة، يفترضون الأسوأ، ويتوقعون الشر حتى في أسمى النوايا.

إن سوء الظن غالبًا ما ينشأ من تجارب سابقة قاسية أو خيبات أمل متكررة، إذ يتحول الألم الداخلي إلى درع حماية ظاهري يُبنى على الشك والارتياب.. ولكن هل يبرر الألم الشخصي إيذاء الآخرين؟ وهل يمكن اعتبار سوء الظن وسيلة للنجاة أم أداة للهدم؟

سيئو الظن يعيشون في حالة من الصراع الداخلي المستمر؛ فهم يشعرون بأن العالم يتآمر ضدهم، وأن الآخرين يخفون أجندات خفية. هذا الشعور يخلق جدرانًا لا تُرى، لكنها تحول بينهم وبين الآخرين، مما يجعلهم أسرى داخل دائرة مفرغة من العزلة والخوف.

سوء الظن يعصف بالثقة، تلك العملة النفسية الثمينة التي ترتكز عليها العلاقات. فعندما تُزرع بذور الشك، تبدأ العلاقات بالتآكل تدريجيًا، إذ يصبح كل تصرف بريء محل ريبة وكل كلمة طيبة موضع تساؤل. يعيش سيئو الظن حالة من التوتر الدائم. فهم يستهلكون طاقتهم في التفكير في "المؤامرات" التي تحاك ضدهم. ومع الوقت، تتحول هذه الأفكار إلى أعباء نفسية تُثقل كاهلهم، وتجعلهم عرضة للقلق المزمن والاكتئاب.

في العمل، يمكن أن يكون سوء الظن فيروسًا معديًا يقتل روح الفريق ويعوق الإنتاجية. فالتشكيك في نوايا الزملاء أو القادة يخلق أجواء سلبية تعيق التعاون وتدمر الحوافز.

ولكن كيف يمكن مواجهة سوء الظن؟ الخطوة الأولى نحو التغلب على سوء الظن تكمن في إدراك الشخص بأنه يُفرط في الشك. من المهم أن يسأل نفسه: هل هذا الشك مبرر؟ وهل لديّ أدلة كافية تدعمه؟ الوعي بهذه الأسئلة يُعد بداية الطريق نحو التخلص من هذه العادة السلبية.

الحوار هو المفتاح لفهم الآخر. عندما تُبنى الجسور بين الأشخاص من خلال النقاش الصادق، تتضاءل فرص سوء الظن. فالوضوح يزيل الغموض، والغموض هو بيئة خصبة لنمو الظنون.

والإسلام يحث على حسن الظن بالناس. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" (الحجرات: 12). فالقيم الدينية تُعد مرجعًا أساسيًا يعيد للإنسان توازنه ويُرشده إلى التفكير الإيجابي.

في كثير من الأحيان، ينبع سوء الظن من شعور داخلي بعدم الكفاية أو الخوف من الاستغلال. لذا فإن بناء الثقة بالنفس يساعد في كسر هذه الحلقة المفرغة، لأن الشخص الواثق لا يخشى النوايا الخفية. فالبيئات التي يغلب عليها التشكيك والنميمة تعد أرضًا خصبة لنمو سوء الظن، لذا من الأفضل للمرء أن يحيط نفسه بأشخاص إيجابيين يدعمون ثقافة الاحترام والتفاهم.

رُوي أن أحد الخلفاء طلب من أحد وزرائه رأيه في مسألة شائكة. فقال الوزير: "أرى في المسألة وجهين: أحدهما خير، والآخر قد يكون سوءًا". فرد الخليفة: "إنه لأهون علي أن أعيش على وجه الخير من أن أحيا في ظلال الشر".. هذه القصة تُبرز لنا درسًا مهمًا؛ أن حسن الظن ليس غباءً أو سذاجة، بل هو قوة تُضفي على حياتنا طمأنينة وتمنحنا مساحة لفهم الآخر.

سيئو الظن يثقلون كاهلهم بظلال داكنة، ويجعلون من حياتهم وحياة من حولهم ساحة دائمة للصراعات النفسية. ولكن الأمل يكمن في أن الإنسان قادر على التغيير. فمع قليل من الوعي والإصرار، يمكن لكل فرد أن يتحرر من قيود سوء الظن، ليعيش حياة مليئة بالسلام الداخلي، وينعم بعلاقات أكثر صدقًا ودفئًا.

إن طريق حسن الظن قد يبدو شاقًا في بدايته، لكنه طريق النور الذي يفتح أمامنا آفاق الأمل، ويعيد لنا إنسانيتنا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سوء الظن حسن الظن سوء الظن

إقرأ أيضاً:

ترامب يخفّف العقوبات: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني

24 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:  أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء أن بإمكان الصين مواصلة شراء النفط الإيراني، في خطوة يبدو أنها تصب في إطار تخفيف العقوبات التي كانت تفرضها واشنطن على طهران.

وقال ترامب على منصته “تروث سوشال” “بإمكان الصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران. نأمل بأن يشتروا الكثير من الولايات المتحدة أيضا”.

وأدت تصريحات ترامب إلى تراجع أسعار النفط فانخفض سعر برميل خام برنت المرجعي بنسبة 4,5 في المئة إلى 68,26 دولارا وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 4,6 في المئة إلى 65,34 دولارا.

وشكّل موقف الصين كجهة رئيسية تشتري النفط الإيراني طوق نجاة بالنسبة لطهران في وقت يعاني اقتصاد الجمهورية الإسلامية من العقوبات الدولية.

وتشتري بكين أكثر من 90 في المئة من صادرات إيران النفطية، بحسب شركة “كبلير” للتحليلات.

واستوردت 1,3 مليون برميل من الخام الإيراني يوميا في نيسان/أبريل، بتراجع عن مستوى آذار/مارس الذي اعتبر غير مسبوق منذ خمسة أشهر.

وأعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات جديدة على مبيعات النفط الإيرانية إلى بكين في إطار مواصلة إدارة ترامب حملتها “للضغوط القصوى” على طهران.

دانت الصين مؤخرا الضربات الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية ودعت جميع الاطراف في المنطقة “خصوصا إسرائيل”، إلى خفض التصعيد.

كما دعت إلى حل سياسي يسمح لوقف إطلاق النار المعلن بالصمود.

لكن محللين يشيرون إلى أن الحرب بين إسرائيل وإيران خفضت بشكل كبير نفوذ الصين إقليميا.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • “الشك قبل الامتحان” .. هنا الزاهد وأحمد حاتم يثيران الجدل بفيديو على “تيك توك”
  • فود إكسبو 2024 بدورته الـ19… نافذة لتسويق المنتجات الغذائية المصنعة محلياً
  • الحلزون البركاني كائن بحري حديدي لا يمكن تدميره
  • أردوغان: مفاوضات إسطنبول فتحت نافذة أمل نحو سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا
  • ياسين: ما يجري في قطاع الاتصالات لا يمكن السكوت عنه
  • بعد إعلان ترامب نهاية الحرب.. كيف يمكن أن تُغير 14 قنبلة الشرق الأوسط؟
  • كيف يمكن محاسبة مجرمي سوريا؟ درس من فرانكفورت
  • ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
  • ترامب يخفّف العقوبات: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
  • ولي العهد لأمير قطر: عدوان إيران سافر لا يمكن تبريره