"مين هناك".. جملة سمعناها جميعا في الأفلام المصرية القديمة على لسان رجل الشرطة حينها، وكانت تعكس تواجد رجل الشرطة الدائم في الشارع المصري، وتبث الأمن والطمأنينة في نفوس المواطنين، ولكن مع مرور الزمن وتطور استراتيجية المنظومة الأمنية، لم يعد دور رجل الشرطة قاصرا فقط على تحقيق الأمن والحفاظ على مقدرات الجبهة الداخلية للوطن، وإنما امتد للتوسع في المشاركة المجتمعية، في إطار توجه القيادة السياسية لرفع العبء عن كاهل المواطنين، وهو ما أدى فعليا إلى توطيد أواصر الثقة بين رجل الشرطة والمواطن.

ومنذ تولى اللواء محمود توفيق وزير الداخلية مهام منصبه الجسام، في 14 يونيو 2018 خلفا للواء مجدي عبد الغفار، حرص على تغيير استراتيجية العمل داخل المنظومة الأمنية، خاصة وأن كافة قطاعات الوزارة كانت ما زالت في مرحلة البناء والتعافي، عقب الجرائم التي ارتكبها عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي في أعقاب ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، لترتكز على تطوير كافة الأنظمة الأمنية لتواكب التحديات والتطور المستمر في عالم الجريمة، من خلال الاستعانة بأحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي، مما يمكن رجل الشرطة من القيام بواجبه باحترافية كبيرة من جانب، والإحساس بالمواطنين والتوسع في المشاركة المجتمعية وتكثيف المبادرات الاجتماعية لرفع العبء عن كاهل المواطنين من جانب آخر، لتعكس استراتيجية العمل بوزارة الداخلية تطور نظرة الدولة للمواطن في إطار الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وكان رجال الشرطة على العهد كما هم دائما، حيث نجحوا خلال عام 2024 في خفض معدلات الجريمة بنسبة تقترب من الـ 15%، وذلك نتيجة تطور أساليب التدريب والتسليح، والاعتماد على الأسلوب العلمي في العمل الأمني، مما انعكس إيجابا على أداء رجل الشرطة، حيث نجح رجال الشرطة في توجيه العديد من الضربات الاستباقية في مختلف مجالات الجريمة، سواء في مجال مكافحة الإرهاب، أو في مجال الأمن الجنائي.

ونجح رجال الشرطة خلال العام الماضي، في مواصلة جهودهم الحثيثة في مجال مكافحة الإرهاب، وتوجيه ضربات استباقية لعناصر الشر التي تحاول زعزعة أمن واستقرار البلاد، وتجفيف منابع تمويلهم لتضييق الخناق عليهم وضبطهم.

كما نجحوا في مجال الأمن الجنائي في توجيه العديد من الضربات الاستباقية الفعالة، من خلال ملاحقة وضبط الآلاف من تجار المواد المخدرة وبحوزتهم مواد وأقراص مخدرة تقدر بالمليارات والذين يعملون على تغييب شباب مصر، الذين يعدون قوتها الحقيقية للبناء والتعمير، وكذلك ضبط تجار الأسلحة النارية، والقائمين على شركات السياحة الوهمية غير المرخصة، المتلاعبين بالسلع التموينية والاستراتيجية، والهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية المتنوعة، لإرساء شعار دولة القانون وتثبيت دور رجل الشرطة في منع الجريمة قبل وقوعها.

وعلى المستوى الاجتماعي، واصلت وزارة الداخلية إطلاق مراحل مبادرة كلنا واحد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي وصلت مراحلها إلى 26 مرحلة، بتوفير كافة مستلزمات الأسرة المصرية من السلع الغذائية وغير الغذائية بجودة عالية وأسعار مخفضة، بنسبة تصل إلى 50%، وذلك من خلال (2451 منفذا - 4 معارض رئيسية) بمختلف محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى مواصلة توفير كافة السلع الغذائية وغير الغذائية بأسعار مخفضة، من خلال المنافذ الثابتة والمتحركة الخاصة بمنظومة "أمان" التابعة للوزارة، والتي تم زيادة عددها إلى 1050 منفذا ثابتا ومتحركا، وسرادقات بالميادين والشوارع الرئيسية وقوافل السيارات.

كما أطلقت وزارة الداخلية في 16 نوفمبر الماضي، في إطار مبادرة "كلنا واحد" حملة تحت عنوان "بداية شتاء دافئ" بالتزامن مع بدء فصل الشتاء، وذلك لتوفير كافة مستلزمات وملابس الشتاء للمواطنين بأسعار مخفضة بجميع أنحاء الجمهورية، بالمنافذ والأسواق التجارية الكبرى الموضحة على الموقع الرسمي لوزارة الداخلية (moi.gov.eg)، وذلك في إطار توجيهات القيادة السياسية لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لدعم منظومة الحماية الاجتماعية للمواطنين.

واستمراراً للدور الإنساني والمجتمعي لوزارة الداخلية، نظمت الوزارة أكثر من خمسة ملتقيات لشباب وطلائع المناطق الحضارية الجديدة، وهي الأسمرات، وأهالينا، وبشائر الخير، ومعاً، ضمن مبادرة "جيل جديد" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لترسيخ قيم الولاء ومفاهيم الانتماء وحب الوطن لديهم، وتأكيداً على دور الدولة ومؤسساتها لبناء المناطق الحضارية الجديدة، والعمل على ترسيخ مفاهيم وقيم الوطنية، لإعداد أجيال جديدة تفخر بانتمائها للوطن.

واهتمت تلك الملتقيات بمخاطبة الشباب وبناء قدراتهم، وزيادة الوعي لديهم بكافة التحديات التي تواجه وطنهم، وكذلك بالأزمات التي تغلبت الدولة عليها منذ عام 2011 وحتى الآن، سواء الاقتصادية، أو الأمنية، مرورا بالإنجازات التي حققتها الدولة خلال السنوات العشر الماضية.

ومع الاحتفال بعيد الشرطة الثالث والسبعين، والذي يوافق 25 يناير من كل عام، يجدد رجال الشرطة عهدهم مع شعب مصر الأبي، بمواصلة جهودهم والتضحية بالغالي والنفيس، من أجل الذود عن الجبهة الداخلية للوطن، والوقوف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الوطن.

ويحتفل المصريون يحتفلون في 25 يناير من كل عام بذكرى عيد الشرطة، ذلك اليوم الذي جسد فيه رجال الشرطة عام 1952، بطولة لم ولن ينساها التاريخ أبد الدهر، بعد أن استشهد في هذا اليوم نحو 50 بطلا من أبطال الشرطة المصرية، وأصيب 80 آخرون، في سبيل أداء واجبهم المقدس في الحفاظ على أمن وأمان المواطنين، فكانوا مثالا وقدوة لزملائهم على مر الزمان في التضحية والتفاني في العمل، حيث كانت منطقة القناة تحت سيطرة القوات البريطانية وفق اتفاقية 1936، والتي كان بمقتضاها أن تنسحب القوات البريطانية إلى محافظات القناة فقط، دون أي شبر في القطر المصري، فلجأ المصريون الى تنفيذ هجمات فدائية ضد القوات البريطانية داخل منطقة القناة، وكبدتها خسائر بشرية ومادية ومعنوية فادحة، وكان ذلك يتم بالتنسيق مع أجهزة الدولة في ذلك الوقت.

وكان الفدائيون ينسقون مع رجال الشرطة لشن هجمات فعالة وقاصمة ضد القوات البريطانية، وهو ما فطن له البريطانيون، حيث قاموا بترحيل المصريين الذين كانوا يسكنون الحي البلدي في الإسماعيلية، بينما كانوا هم يسكنون الحي الأفرنجي، وذلك للحد من عملياتهم البطولية ضد قواتهم، ولكن ذلك لم يؤثر على الفدائيين، بل زادت هجماتهم شراسة، وذلك بالتنسيق مع قوات الشرطة المصرية.

وعندما فطنت القوات البريطانية إلى أن رجال الشرطة يساعدون الفدائيين، قررت خروج كافة أفراد الشرطة المصرية من مدن القناة، على أن يكون ذلك فجر يوم 25 يناير 1952، وفوجئ رجال الشرطة بعد وصولهم إلى مقر عملهم في مبنى محافظة الإسماعيلية، بقوات الاحتلال البريطاني تطالب اليوزباشي مصطفى رفعت قائد بلوكات النظام المتواجدة بمبنى محافظة الإسماعيلية، بإخلاء مبنى المحافظة خلال 5 دقائق، وترك أسلحتهم بداخل المبنى، وهددوهم بمهاجمة المبنى في حالة عدم استجابتهم للتعليمات.

وتوهم الاحتلال البريطاني أن رجال الشرطة سيخافون على حياتهم، ويتركون سلاحهم ويهربون، حفاظا على أرواحهم، ولكنهم فوجئوا ببطولة وملحمة سطرت في تاريخ مصر المشرف بأحرف من نور، حيث رفض اليوزباشي مصطفى رفعت الانسحاب وترك مبنى المحافظة، وعقب استئذانه بالمقاومة من اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام في الإسماعيلية، والذي استأذن بدوره من فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية آنذاك.. خرج لقائد قوات الاحتلال البريطاني (إكس هام) وقال له: "إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى.. سأبدأ أنا الضرب، لأن تلك أرضي، وأنت الذي يجب أن ترحل منها ليس أنا.. وإذا أردتم المبنى.. فلن تدخلوه إلا ونحن جثثا"، ثم تركه ودخل مبنى المحافظة، وتحدث إلى جنوده وزميله اليوزباشى عبد المسيح، وقال لهم ما دار بينه وبين (إكس هام)، فما كان منهم إلا وأن أيدوا قراره بعدم إخلاء المبنى، وقرروا مواجهة قوات الاحتلال، على الرغم من عدم التكافؤ الواضح في التسليح، حيث كانت قوات الاحتلال تحاصر المبنى بالدبابات وأسلحة متطورة شملت بنادق ورشاشات وقنابل، فيما لا يملك رجال الشرطة سوى بنادق قديمة نوعا ما.

وبدأت المعركة من خلال قيام القوات البريطانية بإطلاق قذيفة دبابة كنوع من التخويف لقوات الشرطة، أدت إلى تدمير غرفة الاتصال "السويتش" بالمبنى، وأسفرت عن استشهاد عامل التليفون، لتبدأ بعدها المعركة بقوة، والتي شهدت فى بدايتها إصابة العشرات من رجال الشرطة واستشهاد اخرين، فخرج اليوزباشى مصطفى رفعت قائد قوة بلوكات النظام المتواجدة داخل مبنى المحافظة إلى ضابط الاحتلال البريطاني، في مشهد يعكس مدى جسارة وشجاعة رجل الشرطة المصري، فتوقفت الاشتباكات ظنا من قوات الاحتلال بأن رجال الشرطة سيستسلمون، ولكنهم فوجئوا بأن اليوزباشى مصطفى رفعت يطلب الاتيان بسيارات الإسعاف لعلاج المصابين واخلائهم قبل استكمال المعركة، وفقا لتقاليد الحرب الشريفة التي اعتاد عليها المصريون، ولكن قوة الاحتلال رفضت واشترطت خروج الجميع أولا والاستسلام، وهو ما رفضه اليوزباشي مصطفى رفعت، وعاد إلى جنوده لاستكمال معركة الشرف والكرامة، والتي لم يغب عنها أيضا أهالي الإسماعيلية الشرفاء، حيث كانوا يتسللون الى مبنى المحافظة، لتوفير الغذاء والذخيرة والسلاح لقوات الشرطة، رغم حصار دبابات الاحتلال للمبنى.

ومع استمرار الاشتباكات بشراسة، بدأت الذخيرة في النفاد من رجال الشرطة المصرية، ولكنهم رفضوا أيضا مجرد فكرة الاستسلام، فقرأوا جميعا فاتحة كتاب الله والشهادتين، بما فيهم الضابط المسيحي اليوزباشي عبد المسيح، في لحظة تؤكد مدى تماسك ووحدة شعب مصر العظيم، وقرروا القتال حتى آخر طلقة، وقرر اليوزباشي مصطفى رفعت الخروج من المبنى لقتل قائد قوات الاحتلال (إكس هام)، أملا منه في أن يؤدي ذلك الى فك الحصار وإنقاذ زملائه، وبالفعل عندما خرج، توقف الضرب كالعادة، ولكنه فوجئ بضابط آخر أعلى رتبة من (إكس هام)، وبمجرد أن رأى هذا الضابط اليوزباشي مصطفى رفعت، أدى له التحية العسكرية، فما كان من اليوزباشي رفعت إلا أن يبادله التحية وفقا للتقاليد العسكرية، وتبين بعد ذلك أن ذلك الضابط هو الجنرال (ماتيوس) قائد قوات الاحتلال البريطاني في منطقة القناة بالكامل.

وتحدث الجنرال (ماتيوس) إلى اليوزباشي مصطفى رفعت، وقال له بأنهم فعلوا ما عليهم بل أكثر، وأنهم وقفوا ودافعوا عن مبنى المحافظة ببطولة لم تحدث من قبل، وأنهم أظهروا مهارة غير عادية باستخدامهم البنادق الخفيفة التي معهم ووقوفهم بها أمام دبابات وأسلحة الجيش البريطاني المتعددة، وأنه لا مفر من وقف المعركة بشرف، فوافق اليوزباشي مصطفى رفعت على ذلك، مع الموافقة على شروطه، وهى أن يتم نقل المصابين وإسعافهم بشكل فوري، وأن الجنود التي ستخرج من المبنى، لن ترفع يديها على رأسها، وتخرج بشكل عسكري يليق بها.. فوافق الجنرال (ماتيوس) على تلك الشروط، وتم خروج قوات الشرطة بشكل يليق بها وهم في طابور منظم.

لقد أسفرت تلك الملحمة التاريخية للشرطة المصرية عن استشهاد نحو 50 من رجال الشرطة، وإصابة 80 آخرين، فاستحقت أن تكون ليست يوما فقط أو عيدا للشرطة المصرية، ولكنها أصبحت عيدا قوميا لمحافظة الإسماعيلية وللشعب المصري كله.

اقرأ أيضاًتخفيضات تصل 50%.. «الداخلية» تزف بشرى سارة في عيدها الـ 73 |فيديو

«كنز علي بابا».. الداخلية تضبط مقبرة أثرية ترجع للعصر الفرعوني في بني سويف

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: وزارة الداخلية المشاركة المجتمعية تأمين الجبهة الداخلية المنظومة الأمنية الاحتلال البریطانی القوات البریطانیة الشرطة المصریة مبنى المحافظة الشرطة المصری قوات الاحتلال قوات الشرطة رجال الشرطة رجل الشرطة فی إطار من خلال فی مجال

إقرأ أيضاً:

تقرير يُوثق خطابات التحريض الإسرائيلي ودورها في تكريس الإبادة بغزة

غزة - صفا

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) تقريرًا حقوقيًا موسّعًا بعنوان “خطابات التحريض الإسرائيلي ودورها في تكريس الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.

ويوثّق التقرير انتقال الخطاب التحريضي من التصريحات العلنية لمسؤولين سياسيين وعسكريين ودينيين وإعلاميين في "إسرائيل" إلى ممارسات ميدانية واسعة النطاق ترقي، وفق القانون الدولي، إلى جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وخلص التقرير إلى أن التحريض المباشر والعلني على القتل والتجويع والتهجير، الذي تكرّر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يعد “لغة سياسية متشددة”، بل أصبح جزءًا من بنية القرار السياسي والعسكري.

وربط التقرير بين هذا الخطاب وبين سلسلة أفعال مادية شملت القتل الجماعي، فرض شروط معيشية مهلكة، الإخفاء القسري، استهداف البنية التحتية والحياة المدنية، وصولًا إلى هندسة التجويع والتعطيش ومشاريع التهجير القسري والإحلال الاستيطاني.

وترى "حشد" أنّ هذا النمط من التحريض يُعدّ وفق القانون الدولي جريمة قائمة بذاتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، وأنه يمثّل أساسًا قانونيًا لتحميل المسؤولين الإسرائيليين مسؤولية شخصية وجنائية عن الجرائم المرتكبة.

ووثق التقرير سلسلة طويلة من الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال على مدار عامين، من أبرزها: القتل الجماعي المتعمد لآلاف المدنيين عبر قصف الأحياء السكنية المكتظة دون تمييز، وارتكاب مجازر متكررة بحق عائلات كاملة، كثير منها أُبيد بالكامل.

وأوضح أن الاحتلال فرض ظروفًا معيشية قاتلة تمثلت في قطع المياه والكهرباء والوقود، وتدمير شبكات الصرف الصحي والطرقات، وإغلاق المعابر، ومنع الغذاء والدواء عن السكان، وكذلك استهداف القطاع الصحي وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية، وقتل الأطباء والمسعفين، ما أدى إلى انهيار شبه تام للمنظومة الصحية في القطاع.

وأضاف أن الاحتلال استهدف متعمّدًا المؤسسات التعليمية ودور العبادة والمساجد والكنائس والمراكز الإعلامية، في محاولة لمحو البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني، وتهجير قسري واسع النطاق طال مئات الآلاف من العائلات، مع استهداف متكرر لمناطق النزوح ومراكز الإيواء، بما في ذلك المدارس التابعة لـ"أونروا".

وذكر أن الاحتلال استخدم أيضًا، التجويع كسلاح حرب من خلال إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات واستهداف قوافل الإغاثة الإنسانية، بالإضافة إلى الاعتقالات الجماعية والإخفاء القسري لمئات المدنيين في ظروف احتجاز قاسية، وارتكاب انتهاكات ممنهجة ترقى إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن هذه الأفعال تمثل، مجتمعةً، تنفيذًا ماديًا لجريمة الإبادة الجماعية التي تهدف إلى تدمير الجماعة الفلسطينية كليًا أو جزئيًا، سواء عبر القتل المباشر أو تدمير مقومات الحياة.

ومن الناحية القانونية، أكّد التقرير أنّ الفلسطينيين يُعتبرون جماعة محمية بموجب اتفاقية 1948، وأنّ ما وقع في غزة يندرج بوضوح تحت تعريف الإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من الاتفاقية

ولفت إلى أنّ محكمة العدل الدولية أكدت في قرارها الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2024 وجود أساس معقول لاعتبار ما تقوم به إسرائيل “إبادة جماعية قيد التنفيذ”، وهو ما يعزز مسؤولية المجتمع الدولي في منع استمرار الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.

ودعا التقرير الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة، وبتأمين ممرات إنسانية آمنة ومستدامة، وإعادة تمويل وكالة "أونروا" التي تعرّضت لحملات تحريض واستهداف ممنهج.

وأكد أن استمرار الصمت الدولي إزاء الجرائم يشكل مشاركة ضمنية في الجريمة، ويقوّض النظام القانوني الدولي برمّته، داعيًا إلى اتخاذ موقف سياسي وقانوني واضح يرفض منطق الإفلات من العقاب ويعيد الاعتبار لمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.

وخلص التقرير إلى أن ما جرى وما يزال في قطاع غزة هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، ناتجة عن تحريض ممنهج تقوده الدولة الإسرائيلية وأجهزتها الرسمية،

وأكد أن هذه الجرائم لن تُمحى من الذاكرة، وأن المحاسبة القانونية ليست خيارًا سياسيًا، بل واجب دولي وإنساني لحماية ما تبقّى من الضمير العالمي.

وأوصت "حشد" بضرورة وقف فوري شامل للأعمال العدائية، وحماية خاصة للمستشفيات والطواقم الطبية ومراكز الإيواء وقوافل المساعدات، وفتح المعابر دون قيد، وضمان تدفق الوقود والدواء والغذاء والمياه، وتأمين قنوات توزيع آمنة وغير مسيّسة.

ودعت إلى تحقيق دولي مستقل في جريمة التحريض العلني على الإبادة وأفعالها المادية، وإحالة الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وطالبت بتعليق نقل الأسلحة والذخائر التي تُستخدم على نحوٍ عشوائي أو محظور، ومراجعة نظم الترخيص والتزويد، وحماية "أونروا" وسائر الوكالات الأممية من التشريعات/الإجراءات التعسفية، واستعادة التمويل وضمان الوصول غير المقيّد.

وأكدت على ضرورة تمكين عودة النازحين قسرًا إلى مساكنهم وممتلكاتهم، ورفض أي مشاريع "هجرة طوعية" قسرية، وكذلك إلزام المنصات بإجراءات شفّافة ومتساوية لردع خطاب الإبادة والكراهية، ومحاسبة أوجه التقصير البنيوي.

مقالات مشابهة

  • الشرطـة المجتمعيـة في قيادة شرطـة الباديـة الملكيـة تُنفذ أنشطة مجتمعيـة وتوعويـة
  • الشرطة المجتمعية تنفذ انشطة توعوية في إقليم العاصمة
  • تقرير صادم: 125 ألف طن من المتفجرات أسقطها الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر
  • تقارير تكشف موقف حسام عوار من المشاركة أمام الفيحاء
  • جائزة تقدير خاصة لفيلم “الوصية” في مهرجان الإسكندرية السينمائي
  • "الشعبية": "طوفان الأقصى" شكلت صرخةً مدوية في وجه الطغيان الإسرائيلي
  • تقرير يُوثق خطابات التحريض الإسرائيلي ودورها في تكريس الإبادة بغزة
  • كشف حقيقة ادعاء سيدة بمنع رجال الشرطة لها من زيارة نجلها المحتجز بالقسم
  • ممسوك بحشيش.. الداخلية تكشف حقيقة إدعاء سيدة بمنعها من زيارة نجلها
  • الفن والأدب.. سلاح الجبهة الداخلية في نصر أكتوبر المجيد