???? كيف تعيد هجمات المسيرات على المنشآت الاستراتيجية المدنية تعريف الحرب الحالية ؟!
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
تقود مليشيات الدعم السريع و الدول الراعية لها حرباً ليست بالجديدة في تاريخ صناعتها على مستوى الدول الأفريقية و العربية أيضاً، ولا يخفى على أحد طبيعة تشكل هذه المليشيات و ديناميكية تحولها جراء محاولة السيطرة على السلطة.
مما استدعى كتابة هذه الأسطر هو أيضا ليس بالشيء الجديد فقد شهدت المدن و القرى السودانية اكبر عمليات استهداف تاريخي للأرض و البنى التحتية و المؤسسات الخدمية.
إن نظرنا إلى هذه الحرب بعيدا عن أثرها على المؤسسة العسكرية السودانية و المنظومات العسكرية المدنرجة تحت قانونها أو التي ألحقت بعد اتفاق جوبا (2020) و بموجب استحقاقات هذه الوثيقة.
قضيت خلال العام 2024م جله في مناطق ريفية منخرط كجزء من واقع اجتماعي و اقتصادي جديد له تاريخ تطوره وعلاقاته الشائكة مع الدولة، سواء من ناحية طبيعة الأنشطة به أو مدى تطوره، و لا حظت ما معنى أن تكون هناك دولة مسؤولة عن بنى تحتية و خدمات حتى وإن كان بعضها لا يتجاوز الإمداد الدوائي أو توفير أوراق حصيلة الزكاة، و لاحظت مدى تأثر هذه المناطق باستقرار الدولة، حيث ينعكس عليها بصورة كبيرة جدا فإن كانت أزمة الخبز في مدينة مروي صعبة و قاسية فإنها مضاعفة في أريافها.
وبالرغم من محاولة البعض إيجاد بدائل أخرى في طعامهم اليومي فإن تكلفته عالية على الأسر، وهذه التكلفة تؤثر على دخل الأسرة الشهري حيث يمكن أن يعمل توفير الخبز على خلق إمكانية عمل ثلاث إلى أربع نساء في أنشطة من خلالها يزدن دخل الأسرة ثلاثة أضعاف سواء أكان بتربية الماشية أو العمل في مصانع الحلويات أو التجارة الصغيرة و صناعة المخبوزات فكل ( ألف جنيه ) سوداني يؤثر على الأسرة و رفعها من مستوى الفقر إلى مستويات أفضل.
وايضا يوفر استقرار الدولة انعكاس على الخدمات الأساسية مثل المياه فقد يستهلك البعض نصف يومهم في تغطية الحوجة الاستهلاكية اليومية مما يعني خروج أيدي عاملة في الأسر و بالتالي خسارة دخل اضافي كان يمكن أن يدخله هؤلاء الأفراد.
ينعكس هذا على مستوى الصحة العامة فمع كل انقطاع للكهرباء تزيد فرص إصابة الأفراد بالملاريا و ايضا بضعف الغذاء و احتمالية الإصابة بالأمراض الناتجة عن تلوث المياه بسبب افتقارها إلى وسائل نقل نظيفة.
نتابع منذ بداية يناير سياسات مليشيات الدعم السريع العدوانية التي تعمل على ضرب محطات الطاقة الكهربائية في مناطق نهر النيل و الشمالية بالتحديد حيث سقطت أكثر من 50 مسيرة أصابت أكثر من عشرة منها محطات إما توزيع أو نقل الكهرباء مما أحدث شلل كلي او جزئي في أكثر من سبع ولايات.
ومن المعلوم أن الولايات المستهدفة بيها أكثر من 450 ألف فدان عبارة عن مشاريع زراعية تستخدم الطاقة الكهربائية في عمليات الري بجانب المصانع الغذائية و مواد البناء وغيرها من فرص العمل التي تؤثر الكهرباء في استقرار عامليها بجانب تعطل بعض الخدمات الصحية في المشافي الكبرى خصوصا التي تعمل على تقديم الخدمة لمرضى السرطان و الامراض المزمنة فقد خرجت وحدات العناية الفائقة المركزية في مشافي مدينة مروي الطبية و كريمة و تضررت بشكل جزئي في دنقلا و عطبرة و الدبة.
هذه السياسات العدوانية تعريفها بالعمليات العسكرية أمر خاطيء و إنما هو ” عدوان خارجي ” مشغلي المسيرات و المسيرات و الاطقم العسكرية التي توفر الإمداد العسكري جميعها خارجية و بتمويل خارجي.
بالإضافة إلى ذلك فمع تفكك مليشيا الدعم السريع إلى جيوب أصبحت جميع الأعمال العسكرية التي تقوم بها تعرف على أنها عمليات إرهابية ضد مؤسسات مدنية خدمية ولا تحتوي على اي طابع عسكري أو يتدخل الجيش في إداراتها.
ما يبنى على ذلك تعريف جديد للحرب في السودان فالدعم السريع الذي لاحظناه في 15 أبريل قد تفكك ولا يمكنه استعادة تركيبته العسكرية ليس لعدم القدرة العسكرية وحسب بل حتى المصالح الإجتماعية قد تقطعت جراء الخسرات العسكرية التي منيت بها هذه القوات.
إن تسمية الحرب الحالية ” حرب عصابات إرهابية ضد المواطن ” يعطي مساحة للتفكير في الحل بشكل كلي حيث اضمحلت مقولة الحرب الأهلية و ايضا مقولة ” قوات الدعم السريع ” وفق حيثيات ميدانية عسكرية، و ايضا حيثيات الدولة نفسها و أجهزتها التنفيذية حيث يسمح تحويل الحرب بإعطاء فاعلية أكثر لولاة الولايات وايضا الأجهزة التنفيذية الأخرى بدلا من مركزية الجيش وتحميله تكاليف إدارة الدولة و المؤسسات الخدمية أيضا و يحول أمانة حكومة الولايات إلى مساحة خلفية للمسؤولين في الفرق العسكرية المعنية بأمر العمليات العسكرية.
أيضا يمكننا النظر إلى طبيعة الرؤية السياسية التي طرحتها بعض القوى إتجاه مسألة الحرب حيث لم تعدل هذه القوى طرحها حتى هذه اللحظة وظلت ممسكة بخطاب سياسي يفتقر إلى التحولات التي طرأت على المشهد العسكري الذي بنيت عليه وقائع خطابها.
اخيرا هناك بعض الذين يتشدقون بخطابات الانفصال وغيرها من الرؤى التي تشابه فكرة الكمايتة في الجارة الشقيقة مصر، أو بعض مدعي الحالة الفينيقية في لبنان، هؤلاء لا رد عليهم فهم مهزومون من داخل مشروعهم بل إن الحديث عنهم محض عبط وبلاهة سياسية و ادعوهم إلى شرب حجر الشيشة مع كأس سحلب و الاستمتاع بأموال الإمارات فلا رفق بين مشروع حميدتي و مشروعهم سوى أن حميدتي أكثر منهم شجاعة وهم جبناء حتى الدفاع عن منازلهم لم يقوموا به فلماذا يريدون فصل أقاليم كاملة، هذه الأمور تحتاج إلى رجال أشداء و عازمون على المضي في دروبهم وهم مجرد ” رمتالة”
حسان الناصر
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع أکثر من
إقرأ أيضاً:
ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهميتها؟
شنت إسرائيل، ليلة السبت 14 يونيو/حزيران 2025، هجمات جوية استهدفت منشآت طاقة إيرانية رئيسية، منها حقل "بارس الجنوبي" للغاز، أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، ومستودعات وقود ومصافي نفط في طهران. وأدى القصف إلى اندلاع حرائق وتعليق جزئي للإنتاج، ما أثار مخاوف من اضطرابات في إمدادات الطاقة العالمية.
وبدأ التصعيد العسكري يوم الجمعة، بهجمات إسرائيلية على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، واغتيال عدد من القادة والعلماء، ما دفع طهران للرد بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة على مدن إسرائيلية. وأسفرت المواجهات عن مقتل عشرات الأشخاص في إيران، منهم 20 طفلا على الأقل، و10 قتلى في إسرائيل، إضافة إلى أكثر من 800 مصاب من الجانبين.
وتنذر هذه التطورات بتصعيد إقليمي واسع، وسط تحذيرات من تأثيرات خطِرة على أسواق النفط العالمية، في ظل تهديدات متبادلة بمزيد من الضربات. وتبقى منشآت الطاقة الإيرانية هدفا إستراتيجيا في هذا الصراع، لما لها من أهمية في استقرار سوق الطاقة العالمي.
ما المنشآت الرئيسية التي استهدفتها الهجمات الإسرائيلية؟تحتل إيران المرتبة الثانية في العالم من حيث احتياطات الغاز الطبيعي المثبتة، والمرتبة الثالثة في احتياطات النفط الخام، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وبُنيتها التحتية للطاقة كانت دائما هدفا محتملا لإسرائيل.
إعلانقبل التصعيد الأخير في صراعهم، كانت إسرائيل قد تجنبت إلى حد كبير استهداف المنشآت الإيرانية للطاقة، نظرا لضغوط حلفائها، منهم الولايات المتحدة، بسبب المخاطر التي قد تنجم عن أي هجوم من هذا النوع على أسعار النفط والغاز العالمية.
لكن الأمور قد تغيرت الآن. فقد حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، يوم الجمعة من أنه إذا ردّت إيران على هجماتها، فإن "طهران ستحترق".
وفي وقت متأخر من السبت، نشبت حرائق كبيرة في طرفي العاصمة الإيرانية: في مستودع الوقود والغاز "شهران" شمال غرب طهران، وفي إحدى أكبر مصافي النفط الإيرانية في "الري" جنوب المدينة.
بينما نفت شبكة الأخبار الطلابية الإيرانية لاحقا، استهداف إسرائيل مصفاة "الري"، وزعمت أنها كانت لا تزال تعمل، إلا أنها اعترفت بأن خزان وقود خارج المصفاة قد اشتعل. ولم تفسر الشبكة ما الذي أشعل الحريق.
لكن وزارة النفط الإيرانية أكدت، أن إسرائيل استهدفت مستودع "شهران"، حيث لا تزال فرق الإطفاء تحاول السيطرة على الحريق.
كما استهدفت الهجمات الجوية الإسرائيلية حقل "بارس الجنوبي" قبالة سواحل محافظة بوشهر جنوب إيران. ويُعد حقل الغاز الأكبر في العالم مصدر ثلثي إنتاج إيران من الغاز، الذي يُستهلك محليا.
وقد أسفرت الضربات عن أضرار كبيرة وحرائق في منشأة معالجة الغاز الطبيعي في المرحلة 14، وأوقفت منصة الإنتاج البحرية التي تنتج 12 مليون متر مكعب يوميا، وفقا لوكالة تسنيم الإخبارية شبه الرسمية.
وفي هجوم إسرائيلي منفصل، اندلعت النيران في مصنع غاز "فجر جم"، وهو واحد من أكبر منشآت المعالجة الإيرانية، أيضا في محافظة بوشهر، التي تعالج الوقود من حقل "بارس الجنوبي". وأكدت وزارة النفط الإيرانية، أن المنشأة تعرضت للهجوم.
لماذا تُعدّ هذه المنشآت مهمة؟
يُعد مستودع النفط "شهران" واحدا من أضخم وأهم مراكز تخزين وتوزيع الوقود في طهران. وللمستودع دور حيوي في ضمان استمرارية إمدادات الوقود إلى جميع أنحاء المدينة. حيث تبلغ سعة تخزينه ما يقارب 260 مليون لتر عبر 11 خزانا، مما يجعله أحد الأعمدة الأساسية في شبكة الوقود الحضري في العاصمة. وهو مسؤول عن توزيع البنزين، والديزل، ووقود الطائرات إلى عدة محطات في شمال طهران.
إعلانأما مصفاة طهران، التي تقع إلى الجنوب من طهران في منطقة " الري"، والتي تديرها شركة طهران لتكرير النفط المملوكة للدولة، فهي واحدة من أقدم مصافي البلاد، ولديها قدرة تكرير تقارب 225 ألف برميل يوميا. ويحذر الخبراء من أن أي تعطيل لهذه المنشأة، سواء بسبب الهجمات أو أي سبب آخر، قد يؤدي إلى توتر في اللوجستيات الخاصة بالوقود وأزمة شديدة في منطقة "الري" الأكثر كثافة سكانية والأهم اقتصاديا في إيران.
إلى الجنوب، يحتوي حقل الغاز "بارس الجنوبي" في الخليج على نحو 1260 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاسترداد، مما يمثل ما يقرب من 20% من الاحتياطات العالمية المعروفة. ويُنتج هذا الحقل الجزء الأكبر من الغاز الذي تستهلكه السوق المحلية، وتعطيله سيؤثر على القدرة الإنتاجية للكهرباء والعديد من الصناعات الحيوية في البلاد.
وفي الوقت نفسه، يُهدد الهجوم على مصفاة غاز "فجر جم" في محافظة بوشهر أيضا بتعطيل إمدادات الكهرباء والوقود المحلية في إيران، خاصة للمحافظات الجنوبية والوسطى، التي تواجه ضغوطا هائلة فعلا. وتكاد تكلف انقطاعات الكهرباء الاقتصاد نحو 250 مليون دولار يوميا، وفقا لتقديرات الحكومة.
الأسواق العالمية غير مستقرةفي ظل التوترات المتصاعدة في الأسواق العالمية، أشار مسؤولون إيرانيون إلى أنهم يدرسون إمكانية إغلاق مضيق هرمز وسط تصاعد النزاع مع إسرائيل، وهي خطوة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا حادا.
ويُعد مضيق هرمز المدخل البحري الوحيد إلى الخليج، ويشكل خطرا إستراتيجيا على الاقتصاد العالمي، حيث يمر من خلاله نحو 20% من استهلاك النفط العالمي. ويُعد هذا المضيق الذي يفصل إيران عن عُمان والإمارات شريانا حيويا للتجارة العالمية في الطاقة. ووفقا لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإنه يُعتبر "أهم نقطة عبور نفطية في العالم"، ويعكس هذا الوصف دور المضيق الحيوي في تأمين إمدادات الطاقة للعديد من الدول الكبرى.
إعلانوقد أدت الهجمات الإسرائيلية يوم الجمعة، التي تجنبت استهداف منشآت النفط والغاز الإيرانية في اليوم الأول من القتال، إلى رفع أسعار النفط بنسبة 9% قبل أن تهدأ قليلا. ويتوقع المحللون أن ترتفع الأسعار ارتفاعا حادا عندما تُفتح أسواق النفط مجددا يوم الاثنين.
وقال آلان إير، الزميل الدبلوماسي البارز في معهد الشرق الأوسط، لشبكة الجزيرة، إن إسرائيل تحاول دفع الولايات المتحدة للمشاركة في هجماتها على إيران. وقال: "في النهاية، السيناريو الأفضل لإسرائيل هو تشجيع، إن لم يكن تغيير النظام الإيراني، فعلى الأقل الإطاحة به".
وأضاف إير في تحليله أن إيران، بالرغم من ردود أفعالها العسكرية القوية، تواجه تحديات كبيرة في هذا النزاع، حيث قال: "خيارات إيران محدودة جدا؛ فعليها الرد عسكريا لحفظ ماء الوجه داخليا، لكن من غير المحتمل أن تستطيع إيران إلحاق ضرر كافٍ بإسرائيل داخليا أو الضغط بما فيه الكفاية لوقف القصف".
ووفقا لإير فإن "إيران ليس لديها العديد من الحلفاء في المجتمع الدولي وحتى لو كان لديها، فقد أظهرت إسرائيل أنها غير مستعدة للاستماع إلى الرأي الدولي"، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعلها أكثر خطورة في الساحة السياسية والدبلوماسية العالمية.