أعتذر للقراء الكرام أنني قد أعدتهم مع هذا المقال إلى موضوع ملّوا الحديث عنه والسماع به وبتفاصيله، بل بأدق دقائقه، خاصة خلال الأيام الماضية. نعم إنه تنصيب ترامب وعودته إلى البيت الأبيض محقوناً بفيتامين العظمة، ومستعرضا عضلاته السياسية ليكون ترامب في عالم السياسة تماماً كما كان في عالم المصارعة. ولعل أحد أهم ما يثير الانتباه هو حديث ترامب عن رغبته بأن يكون رجل سلام، ورغبته في إنهاء الحروب، حسب زعمه، لكن ترجمة العديد من أوامره التنفيذية الأولى، ومع دخوله البيت الأبيض وما ساقه من تصريحات، لا يمكن أن تجلب السلام أبداً.
فرفع العقوبات عن البعض من المستوطنين الإسرائيليين، وتغيير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أمريكا، ورغبته في السيطرة على قناة بنما، وضم كندا لبلاده، والاستحواذ على غرينلاند التابعة للدنمارك، وفرض الجمارك على جميع البضائع الأجنبية، وإعلان حالة الطوارئ في جنوب أمريكا، وتحديداً على الحدود مع المكسيك، وطرد ملايين اللاجئين من بلاده، إنما تشكل مجتمعة وصفة بديهية لإشعال حروب لن تنتهي، إلا بالتراجع عن هذه القرارات أو خروج ترامب من الحكم.
سلام بلا سلام، ودخان بلا نار، أمور من الصعب حصولها
سلام بلا سلام، ودخان بلا نار، أمور من الصعب حصولها، خاصة أن الحروب المالية والاقتصادية واللوجستية الضخمة، وما بينهما من تفاصيل لن تحسمها المفاوضات والضغوطات التكتيكية المختلفة وإنما غالباً ما تذهب في معظمها نحو حروب كارثية بفاتورة دماء ومهالك صعبة.
ترامب المحقون بإرادة ذاتية باستعادة أمريكا لعظمتها كما يقول، يبدو وكأنه لم يقرر الانتقام من خصومه فحسب، وإنما أيضاً من العالم برمته على ما يبدو، وذلك عبر نهج يشبّهه البعض بالاستعمار المباشر للدول والشعوب، أسوة باستعمارات القرن السابق. ولعل الرئيس المنصرف جو بايدن، قد تنبه لرغبات ترامب وطموحاته، فذهب وفي مفارقة غريبة، نحو إصدار عفو عام عن أفراد أسرته ومعاونيه وصولاً إلى برلمانيين اثنين من الحزب الجمهوري، ممن وقفوا في وجه ترامب ذات يوم، إضافة إلى العالم الأمريكي الذي قاد الحرب على كورونا، ثم خرج لينتقد ترامب، هو الدكتور انثوني فاوتشي.
وبذلك تتكون المفارقة الأكبر من خلال تبلور طموحات ترامب الاستعمارية وإعفاءات بايدن، ما يشكل اختراقاً غريباً للمفاهيم العالمية لديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية والنزاهة واحترام القانون. مفاهيم تغيب بفعل هاتين الخطوتين، وفي دولة تدّعي الديمقراطية والعظمة.
ومع الاحترام الكبير لهموم وعموم الدول والشعوب قاطبة إلا أن الفعل الأساس لتحقيق جائزة نوبل للسلام، التي اتهم البعض الرئيس ترامب باستماتته للظفر بها، لن يتأتى إلا من خلال إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، على قاعدة إعطاء الشعب الفلسطيني حقه وأرضه ودولته، والتوقف عن الاقتناع بأن القوة والسلاح والجبروت والأسوار الحديدية واحتلال المزيد من الأرض هم من سيوصلون ترامب إلى الجائزة المنشودة حتى في أوج التطبيع ومصائبه المعروفة.. فالقوة ليست في الأحلام وإنما في الأفعال…ننتظر ونرى.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب بايدن الولايات المتحدة الاحتلال بايدن ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ترامب يكشف عن خطة القبة الذهبية لحماية أمريكا.. ماذا نعرف عنها؟
كشف الرئيس دونالد ترامب، الثلاثاء، عن رؤيته لنظام "القبة الذهبية" الدفاعي، الذي يُتوقع أن يكلّف 175 مليار دولار، والمستوحى من "القبة الحديدية" الإسرائيلية، لكنه يتميّز بخصائص متطورة تفوقه بشكل كبير. اعلان
ورغم أن المفهوم ما زال في طور النقاش، ظهر الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض بجانب ملصق يُبرز خريطة للولايات المتحدة مطلية باللون الذهبي، مع صور رمزية لاعتراض الصواريخ، في إشارة إلى القدرات الدفاعية المتوخاة لهذه القبة.
يطمح ترامب إلى أن يكون النظام متعدد الطبقات، مزودًا بقدرات تتيح له أيضا إطلاق أسلحة في الفضاء والدفاع عن البلاد ضد أي هجوم من خارج كوكب الأرض.
ويهدف مشروع القبة إلى العمل عبر أربع مراحل: اكتشاف الصواريخ وتدميرها قبل إطلاقها، اعتراضها في أولى مراحل الطيران، إيقافها في منتصف مسارها، أو تدميرها في اللحظات الأخيرة أثناء هبوطها.
وخلال حديثه يوم الثلاثاء، أعرب ترامب عن أمله بأن يصبح النظام "جاهزًا بالكامل" قبل نهاية ولايته في عام 2029. غير أن مسؤولًا أمريكيًا أوضح لوكالة "أسوشيتد برس" أن هناك بعض الصعاب، لكن قد يكون البرنامج قادرًا على تقديم بعض القدرات الأولية بحلول ذلك الوقت.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، تلقى ترامب ثلاثة مقترحات تتعلق بمفهوم القبة، تختلف من حيث التكلفة والقدرة الدفاعية، وبالتالي عدد الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار، بالإضافة إلى الصواريخ الاعتراضية الفضائية التي ستدخل ضمن المكونات الجديدة للنظام.
وقدّر المكتب المختص بشؤون الميزانية في الكونغرس أن المكونات الفضائية وحدها قد تكلف ما يصل إلى 542 مليار دولار خلال العشرين عامًا المقبلة.
Relatedالجيش الأمريكي يتجه لتحديث أسلحته لأول مرة منذ الحرب الباردة: تعرف على الخطةترامب يدعم إنشاء أضخم مركز للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط لمواجهة الصينتحقيق عسكري: فشل خطير في منظومة القبة الحديدية خلال الساعات الأولى من هجوم السابع من أكتوبرفي الوقت الراهن، أوعز الرئيس بتخصيص 25 مليار دولار بشكل مبدئي للبرنامج ضمن مشروع قانون الإعفاءات الضريبية المقترح، الذي يُناقَش حاليًا في الكونغرس.
المتطلبات غير مسبوقةوقد تبدو رغبة الزعيم الجمهوري خيالية بعض الشيء، إذ ذكر الجنرال تشانس سالتزمان، قائد قوة الفضاء الأمريكية، للمشرعين في جلسة استماع يوم الثلاثاء، أن الأسلحة الفضائية المتوخاة للقبة الذهبية "تمثل متطلبات جديدة وناشئة لمهام لم يسبق أن أنجزتها منظمات الفضاء العسكرية من قبل".
غير أن رغبة الزعيم الجمهوري نابعة من الخوف من عدم القدرة على مجاراة تطور روسيا والصين، خاصة أنهما قامتا بوضع أسلحة هجومية في الفضاء، مثل أقمار صناعية قادرة على تعطيل الأقمار الصناعية الأمريكية الهامة، والتي يمكن أن تجعل واشنطن عرضة لهجوم.
وفي العام الماضي، قالت الولايات المتحدة إن روسيا كانت تطور سلاحًا نوويًا فضائيًا يمكنه التحليق في الفضاء لفترات طويلة، ثم إطلاق رشقة من شأنها أن تدمر الأقمار الصناعية من حوله.
في المقابل، أصدرت روسيا والصين بيانًا مشتركًا في وقت سابق من هذا الشهر، وصفتا فيه فكرة القبة الذهبية بأنها "مزعزعة للاستقرار بشكل كبير"، محذرتين من أنها ستحول "الفضاء الخارجي إلى بيئة لوضع الأسلحة وساحة للمواجهة المسلحة".
ولا يزال من المبكر التنبؤ بمصير المشروع، إذ تواجهه عوائق اقتصادية وتكنولوجية. وقد أوضح وزير القوات الجوية، تروي مينك، لأعضاء مجلس الشيوخ خلال جلسة استماع يوم الثلاثاء أنه لا توجد أموال للمشروع حتى الآن، وأن القبة الذهبية بشكل عام "لا تزال في مرحلة التصور".
كما أن المؤسسة العسكرية الأمريكية لا تزال تعمل على صياغة ما يُعرف بوثيقة القدرات الأولية التي تقرر ما سيحتاج إليه النظام.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة