سبع صنايع آخرها صانع محتوى
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
بقلم : جعفر العلوجي ..
تنوعت أسمائه وألقابه وصفاته وزيه بين القاط والرباط والعقال، فهو شيخ وأستاذ ودكتور وباشا وسيد، جنوبا يكنى بالشيخ وفي الوسط الدكتور والأستاذ، فهو رجل دين ووجيه عشائري ودلال وفنان وإعلامي وسياسي ومحلل وحاج (مشكلة خلف)، أمثال هؤلاء الذين أضحو ظاهرة يكون تأثيرهم كما هو انتشار السرطان المميت في الجسد، فالتأثير ذاته في المجتمع والخطر الأكبر بتكاثرهم الى حدود غير معقولة مع عظمة تأثيرهم وانصياع مراكز القرار لهم عبر المهادنة والمداراة مع أن الجميع يعرف جيداً أنهم أحد أهم أسباب تفشي الفساد وخراب أجهزة الدولة الفاعلة الى حدود بعيدة جداً، وأن حدود تواجدهم وتقلباتهم لا تجعلهم يعملون ببيئة محددة، بل بكل مكان وزمان فهم في عالم الفن والرياضة والصحة والمجتمع ومركز القرار أيضا، يجيدون فن الصراخ بكل قوة وتأثير ويبدو لك أحدهم ( كاسر البستوكة ) بزمانه وتطرب لهم القنوات الفضائية وتسوق بضاعتهم الرخيصة البائسة يومياً، كما يحترفون مسح الأكتاف والوصول الى باب المسؤول بالولائم والمآتم.
وما هي إلا أيام لتسمع أخبارهم قد وصلوا الى مجلس النواب ومجالس المحافظات وسيطروا على إدارات أغلب الوزارات وافتتحوا مكاتب الدلالية للمناصب وشراء الذمم، إزاء هذا الواقع المأساوي المنخور بأشكال الفساد قد يتساءل البعض: متى سينتهي عصر هؤلاء؟ وهو سؤال مشروع جداً وصميمي لمن يريد الخلاص من المحسوبيات وسطوة الفاسدين، وللإجابة على ذلك فإن محاربتهم وفضحهم من الأمور الصعبة جداً بحكم تلونهم واحترافهم تغيير جلدتهم على الدوام مع حلقة العلاقات العامة التي تحصنهم جيداً، ليبقى الحل منوطاً بالمسؤول الكبير عند رأس الهرم الذي يكون بيتهم ومضيفهم وحاميهم من حيث يعلم ولا يعلم، هذا من جانب ومن الجانب الآخر فإن للإعلام والقنوات الفضائية تحديداً دورها الكبير بالتوقف عن استضافتهم والترويج لهم، وأجد في هذا الجانب مهمة شريفة وإنسانية لوقف تمددهم، وخصوصا أن الجميع يعلم أنهم نتاج وقت (أغبر) تلاقفته بعض الكتل والأحزاب الفاسدة وصار هؤلاء أسلحتها.
تلون هؤلاء وأعمالهم المطاطية جعلتهم يواكبون التغيير بجميع أشكاله ونسمع اليوم كثيراً عن مؤتمرات وملتقيات صناع الحلويات والمدبس والصمون الاسمر والكعك اليابس والمحتوى الهادف ، وهي صناعات جديدة تضاف الى سجلهم الأسود باستمالة البيجات والمواقع ذات المتابعة العالية وإغداق الأموال عليهم للاستفادة من شرائهم .
همسة …
ضرورة أن تبقى الرياضة ومسمياتها بعيدة عن هؤلاء النفعيين مهمة وطنية وإن كانت أذرعهم قد تغلغلت في الأندية والاتحادات والمنتخبات الوطنية، نتمنى من إعلامنا المهني الالتفاف حول المؤسسات الرياضية الرصينة ودعم مشاريعها بعيداً عن مبادرات أهل (السبع صنايع)
جعفر العلوجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
«الخلية»
لم يكن فيلم «الخلية» مجرد عمل سينمائى عن الإرهاب الأسود وقوى الظلام التى حاولت العبث بأمن المصريين، بل كان مرآة تعكس كيف تُحاك المؤامرات فى الخفاء، وكيف تُدار الخطط لاستهداف مفاصل الوطن الحيوية.. وفى النهاية يسدل الستار بالقضاء على التنظيم المتطرف.
ما لا يعرفه الكثيرون أن نسخة أخرى من «الخلية» تُعرض يوميًا، ولكن على شاشة البورصة المصرية.. السيناريو ذاته، لكن المشاهد مختلفة، والأبطال -أو بالأحرى الضحايا- مختلفون تمامًا.
على مدار سنوات، نشأت فى السوق «خلية»، مجموعة من الأفراد الذين ظلّوا يتحركون داخل المشهد بلا انقطاع، مُتقنين فنون التلاعب بالسوق كخبراء فى لعبة «الثلاث ورقات»، هؤلاء لا يكتفون بتحريك الأسعار، بل يصنعون حول الأسهم هالة من الوهم؛ يوهمون صغار المستثمرين بأن وراء الصعود أخبارًا جوهرية واعدة، بينما الحقيقة لا تتجاوز كونها مخططات ممنهجة لرفع أسعار أسهم لشركات يطاردها العجز والديون، وتخيم على ميزانياتها علامات استفهام عديدة.
لكى يُربكوا الجهات الرقابية، يتنقل أفراد الخلية بين أكواد مختلفة، ويوزعون عملياتهم بحرفية تبدو كما لو أنها تداولات طبيعية، ومع كل صعود صاروخى لسهم متهالك، تتصاعد الشكوك.. ما طبيعة علاقة هؤلاء المتلاعبين بهذه الشركات؟.. ومن المستفيد الحقيقى من كل خطوة محسوبة بينهم؟.. ولماذا ينجحون دائمًا فى تنفيذ خططهم بينما يتضرر صغار المستثمرين فى كل مرة؟
تساؤلات كثيرة دفعت الجهات الرقابية إلى تغيير استراتيجيتها.. فقد بدأت حملات تفتيش واسعة على شركات عدة، كشفت خلالها مخالفات بالجملة، وأصدرت قرارات رادعة بحقها.. وهذه خطوة لا يمكن إلا الوقوف أمامها باحترام، فهى محاولة جادة لتنظيف السوق من شركات استمرارها يمثل خطرًا على استقرار البورصة وعلى مدخرات المستثمرين البسطاء.
الأخطر من الشركات هم المتلاعبون أنفسهم.. تلك الأسماء التى تتكرر فى كل ملف، وتظهر فى كل قضية، وتطاردها مخالفات لا تُعد ولا تُحصى.. هؤلاء يمثلون «الجذور السامة» التى يجب اقتلاعها، لأن وجودهم هو الخطر الحقيقى الذى ينخر فى جسد السوق ويهدد ثقة المستثمرين.. وهو دور الجهات الرقابية.. فلم تعد مصمصة الشفاه تجدى.. وعليها الضرب بيد من حديد ضد هذه الأسماء، فالمشهد بات مضحكا للغاية، إذا ما أرادت استقرار التعاملات، وحماية السوق وأموال المستثمرين.