حديث المدينة.. هل يخجلون مثلنا
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
هل يخجلون مثلنا..
شاب سوداني التقيته صدفة.. يقيم في دولة أوروبية ويحمل جوازها.. قال لي بتأثر بالغ أن الهوية الأوروبية لم تمحو وصمة كونه سودانيا عند عبوره المطارات الأوروبية ذاتها.. في مطار أوروبي شهير أبرز جوازه الأجنبي لكن موظف الهجرة سأله عن جنسيته الأصلية فلما رد عليه أنه سوداني، أشار إليه أن يتنحى عن الصف وينتظر قليلا.
لم أتفاجأ بالقصة.. لأني سمعتها مرارا تختلف التفاصيل وتتفق في توصيف الحال الذي وصلنا إليه.. أن الهويات الورقية لا تخفي هوية الدم الذي يجري في العروق.. الذي لا يمكن تبديله أو الهروب منه.
عند زيارتي لعدة دولة في الفترة الأخيرة.. ورغم تعاطف شعوب تلك الدول مع حالنا السوداني وحسرتهم على ما يسمعونه في الأخبار.. إلا أنني كنت أحس بخجل كبير كلما سألوني عن الحال في بلادنا.. خاصة في سيارات الأجرة.. بمجرد ما يلمح السائق السمات السودانية – وهي لفخرنا لا تخفي على أحد- يبادر بالسؤال بعفوية عن آخر أخبار السودان.. ثم يتساءل ببراءة ما الذي يجبر السودانيين على الولوغ من هذا المستنقع الدامي.. كنت أحس بحجر ثقيل في صدري و أنا أحاول أن أشرح له ما يُخجل شرحه.
والله الذي يحدث في بلادنا –وحتى دون حساب التكلفة البشرية والمادية- هو عار ووصمة في جبين كل سودانية وسوداني.
ويزداد العار أكثر كلما حملت الأخبار هتكا واسعا للأعراض و سرقات و اجبار الملايين على النزوح .. في ما تسميه الأمم المتحدة أكبر كارثة انسانية في العالم.
ثم يزداد العار أكبر عند الحديث عن المجاعة.. و يا لحسرتي عند نشر صور طوابير الواقفين أمام “التكايا”.. ما أفجع من صور الجوع إلا تعليق يتباهى بأن السودانيين أهل كرم لأنهم يفتحون “التكايا”.. وكأن الذين أحوجه الجوع للوقوف في الطابور لساعات تحت الشمس من أجل حفنة لقيمات تقمن صلبه.. ليس سودانيا!
منذ متى يرضى سوداني أن يقف في طابور أمام مغرفة تضع له في إنائه قليلا من الطعام يحمله لأسرته، إن لم يجبره قهر النظر في عيني أطفاله الجوعي.
هذا الشعور العميق بالحياء والحسرة من نظرة الشعوب الأخرى إليناـ ياترى هل يتسلل إلى قلوب سادتنا وساستنا الممسكين بدفة الأمور في بلادنا.. أم تراهم يظنون أن الشعب من فرط سعادته يخرج ليستقبلهم في المطارات والطرقات ليقول لهم شكرا رفعتم رؤوسنا..
عندما يسافرون لتمثيلنا في الخارج… هل يشعرون مثلنا بالحياء؟
عثمان ميرغني
حديث المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
قرار سوداني عاجل بشأن مزاعم واشنطن باستخدام الأسلحة الكيميائية في الخرطوم
أفادت وسائل إعلام سودانية نقلا عن وزارة الخارجية السودانية القول بأن رئيس مجلس السيادة أصدر قراراً بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في مزاعم الولايات المتحدة الأمريكية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وأشارت الوزارة السودانية الي أن اللجنة تضم وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، وجهاز المخابرات العامة.
وفي وقت سابق ، عبًرت الحكومة السودانية عن رفضها القاطع للاتهامات الأمريكية الأخيرة بشأن استخدام أسلحة كيميائية، ووصفتها بأنها محاولة جديدة لـ”الابتزاز السياسي وتزييف الحقائق”.
وفقًا البيان الصادر عن وزير الثقافة والإعلام والناطق باسم الحكومة خالد الإعيسر ، فإن الولايات المتحدة ظلت تنتهج، على مدى سنوات، سياسات تعيق جهود السودان نحو الاستقرار والسلام.
وأشار البيان إلى أن هذه الاتهامات عادة ما تتجدد في كل مرة يحرز فيها السودان تقدماً ملموساً على الصعيدين السياسي والميداني.
ولفتت الحكومة السودانية إلى أن توقيت هذه المزاعم – التي اعتبرتها "مفبركة وعديمة الأساس” – تزامن مع تطورات هامة في البلاد، من بينها النجاحات العسكرية الأخيرة وتعيين رئيس وزراء جديد، معتبرة أن ذلك يعكس محاولات خارجية للتشويش على عملية بناء مؤسسات الدولة.
كما انتقد البيان اعتماد الإدارة الأمريكية على روايات قديمة، مرتبطة بخارطة الطريق التي وضعتها واشنطن عام 2005، والتي قال إنها تُعدّل لخدمة مصالحها الخاصة. كما استشهد بتصريحات للسيناتور الأمريكية سارة جاكوب، التي انتقدت تواطؤ بلادها مع الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، متهمة الإمارات بدعم هذه القوات، وداعية إلى فرض حظر تسليحي عليها.
وسلط البيان الضوء على واقعة قصف مصنع الشفاء للأدوية في 1998، معتبراً إياها مثالاً على “ادعاءات زائفة” استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير تدخلاتها، محذراً من تكرار النهج نفسه في الاتهامات الحالية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وهاجم البيان ما وصفه بـ”الرواية المزيفة” التي تسعى واشنطن إلى تمريرها للرأي العام العالمي، متهماً الإدارة الأمريكية بمحاولة شرعنة وجود جهات فقدت شرعيتها، عبر اتفاق إطاري “مصطنع” يهدف لإبقاء الميليشيات ضمن العملية السياسية.
وأتمت الحكومة السودانية بيانها بالتأكيد على المضي قدماً في ما سمته “معركة الكرامة”، والتمسك بخيار الدولة المدنية المرتكزة على القانون والسيادة الوطنية، مع تجاهل أية محاولات خارجية لإعاقة مسارها.