عجائب الدنيا.. لماذا تعتبر المدرجات اليمنية القديمة من أرقى إبداعات الإنسان؟
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
المصدر: الغارديان
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
ستشعر أنك على وشك رؤية شيء مثير للاهتمام عندما يخلع سائق سيارتك حذائه ويمسك بدواسات القدم بقوة بأصابع قدميه المتصلبة. كنت جديدًا في اليمن ولم يكن لدي أي فكرة عما أتوقعه. كل ما رأيته هو أننا كنا على هضبة جبلية صخرية نندفع نحو حافة منحدر في شاحنة بيك آب تويوتا لم يتذكر أحد صيانتها وفحصها.
انحرفت آثار الإطارات المتوازية على قمة الجبل المتربة إلى اليسار بشكل حاد، واختفى الأفق في فراغ ضبابي مزرق اللون. لقد بدأ هبوطنا: سلسلة من الاهتزازات والاصطدامات المروعة.
توقفنا لندور حول منعطف حاد، وقفزت من السيارة لأستمتع بالمنظر. ثم ألقيت نظرة أولى على أحد أعظم الإبداعات البشرية في العالم: المدرجات اليمنية. فهي تمتد من القمة إلى قاع الوادي، وتتعرج حول محيطها، وهي إنجاز مذهل من الجهد الجماعي الذي تم تكراره في سلسلة الجبال التي تمتد من الحدود السعودية إلى النقطة الجنوبية من شبه الجزيرة العربية عند عدن.
إن كل جدار من جدران المدرجات تنشء شرفة كشهادة على فن البناء بالحجارة، حيث يبلغ ارتفاع بعضها ارتفاع المنزل للحفاظ على بضعة أمتار من التربة. وهذه التربة، التي تم جمعها بعناية والاعتناء بها على مدى قرون، تحول هذه المنحدرات الشديدة إلى أرض خصبة منتجة. كان البن المزروع هنا يقدم في أول مقهى في لندن في عام 1652، على الرغم من أن الأصل الحقيقي في ذلك الوقت كان غامضًا لدرجة أنه كان يُعرف باسم ميناء في البحر الأحمر حيث كان التجار يشترونه: موكا (المخا).
في كل مكان ترى فيه الصنعة المعقدة والعناية التي تبذل للسيطرة على التربة والمياه والاحتفاظ بها. بعض الصهاريج الحجرية أكبر قليلاً من حوض الاستحمام، والبعض الآخر بحجم حمام السباحة الأوليمبي مع أنظمة معقدة للوصول عبر السلالم والحواف.
في الربيع، على أحد الجبال، جبل صبر بالقرب من مدينة تعز الجنوبية، كنت أسير عبر بساتين مظللة من أشجار البن واللوز والقات، مستمعاً إلى المزارعين وهم يتحدثون مع أصدقائهم الذين قد يكونون على بعد 100 متر فقط على شرفة عبر الوادي، لكنهم يقطعون مسافات طويلة سيراً على الأقدام.
كانت العديد من المصاطب قديمة بالفعل عندما وصفها العالم العربي أبو الحسن الهمداني في القرن العاشر بأنها من عجائب الدنيا. والحقيقة أن المصاطب هي نتاج أجيال من التفاني البشري، حتى يومنا هذا. صحيح أن بعضها سقط في حالة سيئة، لكن بعضها الآخر لا يزال قائماً، وبفضل إدارتها للتربة والمياه، تظل رمزاً قوياً للاستدامة والعناية البيئية والحس السليم.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةاخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
اشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
أريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
انا في محافظة المهرة...
نحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
"ضجيج كبير وردع قليل".. لماذا فشلت ضربات إسرائيل بتحييد جبهة اليمن؟
تواصل جماعة الحوثي تنفيذ ضرباتها الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية، في إطار معركة "إسناد غزة"، وهو ما يثير تساؤلات بشأن فشل تل أبيب في تحييد هذه الجبهة رغم ضرباتها المكثفة على اليمن.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن إسرائيل باتت تعاني اختلالا في مفهوم الردع والدفاع، إذ اعتادت تاريخيا أن تكون ضرباتها أكثر ردعا وأثرا وأقل تكلفة، لكن بالأعوام الـ30 الأخيرة باتت تقوم بعملية ردع عبر الاحتلال.
ووفق حديث جبارين لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن إسرائيل تنفذ عمليات في اليمن ذات ضجيج إعلامي وبتكلفة كبيرة، لكن بأثر ردع قليل.
وبناء على ذلك، فإن إسرائيل عالقة بين البعد الإستراتيجي الاستخباراتي، وبين كل ما يريده وزيرا المالية والأمن القومي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير للحفاظ على توليفة الحكومة.
وأمس الأحد، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية حيوية بصاروخ باليستي فرط صوتي وطائرات مسيّرة، مؤكدا أنهم يعملون على فرض حظر كامل على حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون بعد النجاح في فرض حظر جزئي.
بدوره، يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن الحوثيين يرسلون رسالة مفادها أنهم "يمتلكون القوة الكافية لتوجيه ضربات للاحتلال طالما استمر بارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة".
واستبعد الخبير العسكري ما يدعيه الاحتلال من إسقاط الصواريخ اليمنية، مشيرا إلى تقدم الصناعات العسكرية للحوثيين، وأنها "ستثير رعبا، وستصل إلى مستوى إفشال قدرة الاحتلال في اعتراضها".
أما الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فأكد أن ضربات الحوثيين تعد إحدى المشكلات التي تواجهها إسرائيل في غزة، لكنها ليست الوحيدة.
وحسب مكي، فإن هذه الضربات "لا تسبب صدمة لإسرائيل في منظومة الردع فحسب، وإنما بقدرتها في التعامل مع المحيط الخارجي".
وأعرب عن قناعته بأن صواريخ اليمن "سببت أزمة لإسرائيل في نظرتها لنفسها كدولة متفوقة في المنطقة".
وبشأن تداعياتها، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إن عمليات الحوثيين "تزيد تكاليف العدوان على غزة، وتجعل من الزمن عدوا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومخططه الكبير".
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الحوثيين أطلقوا 43 صاروخا باليستيا من اليمن على إسرائيل، إضافة إلى ما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة، منذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
فشل إسرائيلي
وأعرب عابد الثور عن قناعته بأن إسرائيل "فشلت في ضرباتها ضد منشآت مدنية واقتصادية وحيوية يمنية"، مؤكدا أن هذه الضربات تعد جريمة واضحة.
وأضاف "لو كانت إسرائيل قادرة على فرض حظر بحري وجوي على اليمن لنفذته منذ بداية طوفان الأقصى"، مشيرا إلى أن "الحوثيين يعلمون بنتائج إسناد غزة، وأصروا على ذلك للرد على المجازر".
وعلى مدار الأشهر الماضية، شنت إسرائيل غارات عدة على اليمن، إحداها في السادس من مايو/أيار الماضي، وألحقت أضرارا كبيرة بمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة على البحر الأحمر.
وأطلق الحوثيون 17 صاروخا منذ الثاني من الشهر الماضي، أي بمعدل صاروخ كل يومين تقريبا، مما يعطل حركة الطيران ويحدث إرباكا مستمرا في الحركة الطبيعية للإسرائيليين.
من جانبه، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أن ذهاب إسرائيل إلى تصعيد مع الحوثيين يعني تصعيدا مع إيران، "لذلك تبقى عالقة في جبهة اليمن، دون أي قدرة بسبب العمى الاستخباراتي وغياب الردع الحقيقي".
وجدد تأكيده على أن ضربات الحوثيين لديها تكلفة اقتصادية واجتماعية على إسرائيل.
إستراتيجية واشنطن
وبشأن الدور الأميركي، قال الخبير العسكري إن واشنطن خرجت عسكريا من البحر الأحمر، لكن إسنادها الاستخباراتي واللوجستي لا يزال مستمرا مع إسرائيل.
في المقابل، قال مكي إن الولايات المتحدة لم تبدِ أي رد فعل سياسي أو عسكري واضح باتجاه ضربات اليمن، مشددا على أن واشنطن يهمها وجود ضغوط على نتنياهو، و"ألا يشعر بالأمان المطلق".
ووفق مكي، فإن المفاوضات بين واشنطن وطهران لن تنعكس على ضربات الحوثيين باتجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقتنع بعد ضربات واشنطن على اليمن بأنه "دخل مستنقعا ومغامرة خاسرة، مما سيعرضه لخسائر أخلاقية وعسكرية".