المسلة:
2025-12-09@00:37:19 GMT

تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي

تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT

تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي

25 يناير، 2025

بغداد/المسلة:

انوار داود الخفاجي

يعدّ تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي ضرورة حتمية في ظل التحديات الراهنة التي تواجه البلاد على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. تُشكِّل القيم الأخلاقية ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، إذ تعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية، وتقوية الثقة بين الأفراد والمؤسسات، ومكافحة الفساد، وتوفير بيئة تساعد على بناء مجتمع قوي ومتقدم.

المنظومة الأخلاقية ليست مجرد مجموعة من القيم والمبادئ التي تنظّم السلوك الفردي، بل هي عامل محوري في تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على السلم الأهلي. عندما تسود القيم الأخلاقية، تصبح العلاقات بين الأفراد أكثر إيجابية، وتتراجع النزاعات والخلافات التي قد تهدد استقرار المجتمع. في العراق، حيث تعاني البلاد من آثار الحروب والصراعات، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة إحياء القيم الأخلاقية كوسيلة لتجاوز التحديات وبناء مستقبل أفضل.

يعاني المجتمع العراقي من تحديات عديدة تحول دون تحقيق منظومة أخلاقية فعّالة، منها ضعف الوعي الثقافي، وارتفاع معدلات الفساد في المؤسسات، وتفشي البطالة، وتدهور النظام التعليمي. هذه العوامل تُضعِف الروابط الاجتماعية، وتُفاقم من الشعور بالإحباط لدى الأفراد، مما يؤدي إلى تراجع الالتزام بالقيم الأخلاقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات الطائفية والعرقية تسهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي، ما يزيد من صعوبة تحقيق التوافق الأخلاقي.

يلعب التعليم دوراً جوهرياً في ترسيخ القيم الأخلاقية لدى الأجيال الناشئة. يجب أن تركز المناهج الدراسية على تعزيز مفاهيم المواطنة، والتسامح، والعدل، والمساواة، وتشجيع الطلاب على تبني السلوكيات الإيجابية. كما يجب أن تعمل المؤسسات الثقافية والإعلامية على نشر الوعي حول أهمية القيم الأخلاقية في الحياة اليومية. إقامة حملات توعية وبرامج توجيهية تستهدف جميع فئات المجتمع يمكن أن تسهم بشكل كبير في هذا الإطار.

يشكل الدين أحد أهم المصادر التي يستمد منها المجتمع العراقي قيمه الأخلاقية. من هنا، يجب على المؤسسات الدينية أن تساهم في تعزيز السلوكيات الإيجابية ونبذ السلوكيات الضارة، مع التركيز على القيم الإنسانية المشتركة بين جميع الطوائف. كما تلعب العائلة دوراً محورياً في تنشئة الأفراد على الأخلاق الحميدة، إذ تعدّ البيئة الأسرية الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان.

تتحمل الدولة مسؤولية كبيرة في تفعيل المنظومة الأخلاقية من خلال وضع قوانين صارمة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والعدالة. كما يجب أن تسعى المؤسسات الحكومية إلى تقديم نموذج يحتذى به في السلوك الأخلاقي، مما يشجع المواطنين على الالتزام بالقيم الإيجابية.

وخلاصة القول إن تفعيل المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي يتطلب جهوداً متكاملة من جميع الأطراف: الدولة، والمؤسسات التعليمية، والعائلة، والمجتمع المدني. من خلال تعزيز القيم الأخلاقية، يمكن تحقيق مجتمع أكثر استقراراً وعدالة، ما يمهد الطريق نحو بناء عراق قوي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات أبنائه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: المجتمع العراقی القیم الأخلاقیة الأخلاقیة فی

إقرأ أيضاً:

أهمية الضرائب في تمويل الخدمات العامة

 

 

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

[email protected]

 

تُعد الضرائب لدى الكثير من دول العالم بندًا رئيسيًا في الموازنات المالية السنوية من أجل تمويل الخدمات العامة؛ كالتعليم والصحة وتحسين البنية الأساسية وتوفير الأمن ودفع رواتب الموظفين، إضافة إلى دعم العائلات الفقيرة وتوفير احتياجات الأسر ذات الدخل المحدود.

وفي عالمنا اليوم، لا يُمكن لكثير من الدول أن تعيش بدون فرض الضرائب على المؤسسات والشركات والأفراد؛ ففي بعض الدول قد تمثّل الضرائب نسبة ما بين 60 إلى 90% من إيرادات تلك الدول، لكن هناك دول قليلة تستطيع الاستغناء عن الضرائب بسبب امتلاكها لمصادر أخرى للدخل كالنفط الغاز والمعادن، أو الدول التي لديها صناديق سيادية هائلة، أو الدول التي تعتمد على الرسوم والجمارك والسياحة بشكل كبير. لكن في جميع الحالات حتى تلك الدول غالبًا ما تفرض أنواعًا من الضرائب أو الرسوم غير المباشرة مثل الضرائب على الشركات، وضريبة القيمة المضافة أو ضريبة الجمارك والعقار والطرق وغيرها من الضرائب الأخرى للاستمرار في سياساتها المالية والاقتصادية.

هذا ما دفع حكومتنا لتشريع ضريبة على دخل الأفراد من أصحاب الدخول الكبيرة؛ اعتبارًا من بداية عام 2028، بعد أن طُرح الموضوع من قبل الجهات المعنية، ومرّ على أعضاء مجلسي الشورى والدولة مشفوعًا بآرائهم بعد دراسة كل بند من بنود هذا الموضوع المُهم؛ حيث بات فرض ضريبة دخل على الأفراد (مواطنين ومقيمين) من أصحاب الدخول الشهرية العالية، أمرًا ضروريًا لمواكبة تطلعات المواطنين وتوفير مزيد من الخدمات والأعمال لهم في مختلف المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.

وفي حال توقُّف الناس عن دفع الضرائب بشكل واسع، فقد تحدث صعوبات للحكومات؛ سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، بحيث يكون هناك نقص كبير في الإيرادات، وتدهور في الخدمات العامة، ناهيك على حصول عجز في الميزانيات العامة للدول، وارتفاع الدين العام، الأمر الذي يسهم في احتمال انهيار بعض مؤسسات الدولة أو تقليص عملها.

ومنذ عدة سنوات مضت، تفرض الحكومة ضريبة دخل على الشركات بمعدل 15% من أرباحها السنوية، إلّا أنه صدر في العام الجاري قانون جديد وفق المرسوم السلطاني رقم (56/ 2025) بتطبيق ضريبة دخل على الأفراد؛ بدءًا من الأول من يناير عام 2028، وذلك على الذين يتجاوز دخلهم السنوي 42 ألف ريال عُماني (أي 109000 دولار أمريكي) تقريبًا وسيكونون خاضعين للضريبة بمعدل 5% على الدخل الخاضع للضريبة. وسوف يأخذ نظام الضريبة في الاعتبار خصومات وإعفاءات لبعض البنود مثل تكاليف السكن، والقروض السكنية، والصحة والتعليم، والتأمينات، وما يتم دفعه من أجل الزكاة، بجانب التبرعات، ومصاريف لبعض أنواع المصروفات الأخرى. ووفق كثير من التحليلات، فإن هذا التغيير سوف يستهدف نسبة صغيرة من أفراد المجتمع العُماني ربما تصل إلى 1% من مجموع السكان، فيما حوالي 99% منهم لن يتأثروا بالضريبة على دخل الأفراد.

وهناك عدد من العوامل التي تدفع الحكومة بتطبيق هذا القانون وفرض ضريبة على دخل الافراد؛ منها: العمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة، وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، ضمن رؤية "عُمان 2040" لتنمية الاقتصاد. وكما هو معلوم فإن هذا التغيير يأتي نتيجة للتغييرات الحاصلة في سوق النفط والغاز العالمي؛ باعتبارهما المصدر الرئيسي للإيرادات؛ حيث أصبحا أقل استقرارًا من الماضي نتيجة للأسعار المتقلبة لتلك المصادر. وهذه الضريبة القادمة سوف تُؤسّس في البلاد نظامًا ضريبيًا أكثر شمولًا واستدامة مالية.

وعمومًا سيكون للضريبة على دخل الافراد بعض الأثر السلبي، لكنه ليس بالضرورة أن يؤدي إلى نفور الاستثمار الأجنبي، وذلك لعدة أسباب واعتبارات؛ منها: أن هذه الضريبة سوف تُفرض على الأفراد من أصحاب الدخول الكبيرة؛ سواء من المواطنين أو المقيمين، وباعتبار أن المستثمر الأجنبي غالبًا ما يهتم بقوانين ضرائب الشركات التي تدفع في حدود 15%، في الوقت الذي ما تزال عُمان تقدم حوافز لجذب الاستثمار الأجنبي، وتمنح ملكية للمستثمر الأجنبي بنسبة 100% في كثير من القطاعات بجانب التسهيلات التي تقدمها للاستثمار الأجنبي، وكذلك منح إعفاءات جمركية لبعض المعدات والآلات، والاستمرار في إعطاء حرية تحويل الأرباح، وتقديم ضمانات للاستثمار.

وأخيرًا.. نقول إنَّ الضريبة على دخل الأفراد تستهدف شريحة صغيرة من ذوي الدخول العالية، في حين أن غالبية القوى العاملة من الموظفين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بمن فيهم الأجانب العاملون، هم من ذوي الرواتب المتوسطة، ولن يتأثروا كثيرًا. والأمر يحتاج إلى مزيد من التوعية في هذه الجوانب بحيث لا يتسبب في إزعاج بعض المستثمرين الذين قد ينظرون إلى هذا التغيُّر بصورة غير واقعية. وهذا ما يجب على الجهات المعنية بالضرائب النظر إليه، خاصة الجوانب التنظيمية والإجرائية من أجل القضاء على أية أعباء إدارية، والعمل بمعايير الحوكمة والشفافية والرقمنة والسرعة المطلوبة لتسهيل الخدمات الرقمية على جميع المستثمرين في الداخل والخارج.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • «الأعلى لشئون خدمة المجتمع» يؤكد أهمية تكامل المؤسسات الأكاديمية مع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني
  • أوقاف الفيوم تطلق أسبوعًا ثقافيًا لتعزيز التفاؤل في الإسلام ونشر القيم الإيجابية
  • الأمية القانونية تفويت للحقوق
  • أهمية الضرائب في تمويل الخدمات العامة
  • الشمول المالي ودور البنوك في تعزيز التنمية الاقتصادية
  • ورش وصيانة وتوعية.. متحف شرم الشيخ يحتفل باليوم العالمي للتطوّع ويُطلق فعاليات لخدمة المجتمع
  • الجهل اختيار لا قدر!
  • غرائب الإنترنت
  • السيسي يوجه بفرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية
  • الععراق يواجه السودان بشعار تعزيز الصدارة