أمين عام اجتماع القاهرة: الرقابة على التشريعات الاستثنائية محور نقاشنا
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
قال المستشار محمد النجار نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأمين عام مؤتمر اجتماع القاهرة الثامن رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الإفريقية، إن اجتماع اليوم سيناقش موضوع فى غاية الأهمية وهى التشريعات الاستثنائية التى تصدر فى الحالات الاستثنائية كالكوارث الطبيعية والنزاعات والنزوح وغيرها من الأحوال التى تسلتزم وجود تشريع استثنائي وليس تشريع عادى.
واضاف المستشار محمد النجار خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع رؤساء المحاكم الدستورية الإفريقية أنه يتوجب على المشرعين فى كل دول العالم من أن يجد فى تشريعاتهم الاستثنائية نقاط توازن بين تطبيق القانون وحماية حقوق حرية الأفراد.
وأشار إلى أن الاجتماع الثامن لرؤساء المحاكم الدستورية سيناقش 3 محاور رئيسية فى هذا الصدد وهى محور الأحوال الاستثنائية التى تبرر الخروج عن التشريعات العادية بتشريعات استثنائية، والمحور الثانى التجارب التشريعية لتعامل مع هذة الظروف الاستثنائية والمحور الثالث يتمثل فى حدود الرقابة الدستورية على التشريعات الاستثنائية.
وبدأت الجلسة الافتتاحية بحضور كل من المستشار عدنان فنجرى وزير العدل والمستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب والمستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ.
وحضر إلى مقر انعقاد اجتماع القاهرة الثامن رؤساء الجهات القضائية ومن بينهم المستشار احمد عبود رئيس مجلس الدولة، والمستشار عبد الرزاق شعب رئيس هيئة قضايا الدولة، والمستشار محمد شوقى النائب العام، والمستشار أحمد سعيد خليل رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال بجانب عدد من رؤساء وأعضاء المحكمة الدستورية السابقين ومن بينهم المستشار فاروق سلطان والمستشار محمد الشناوى.
كما حضر عدد من الوزراء ومن بينهم الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة.
فيما يقوم على تنظيم المؤتمر كل من المستشار طارق شبل نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث باسمها والمستشار محمد النجار نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأمين عام مؤتمر اجتماع القاهرة رفيع المستوى.
ويناقش الاجتماع هذه المرة في جلسات ثلاث رئيسية أولًا طبيعة المخاطر التي تواجه الدول الإفريقية في الظروف الاستثنائية، وكذلك دراسة التجارب التشريعية، لمواجهة الظروف الاستثنائية، إلى جانب الرقابة الدستورية على التشريعات المنظمة للظروف الاستثنائية، على أن يعقب ذلك إصدار التوصيات في ختام أعمال الاجتماع.
ويمثل الاجتماع أهمية بالغة في مجال توطيد أوجه التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة، في مجال القضاء الدستوري، والذى يأتى بمشاركة 30 دولة و5 منظمات دولية وبحضور نحو 130 اعلامى وجهة إعلامية لتغطية فعالياته.
كما يعد اجتماع القاهرة رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الإفريقية، حدث مهم وحوار مفتوح بين رؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الإفريقية لمناقشة القضايا الدستورية والقانونية وتبادل الأفكار والرؤى والخبرات بين المؤسسات الدستورية في القارة السمراء، وتعزيز القيم والمبادئ الدستورية التى من شأنها حماية الحقوق والحريات.
وعقد اجتماع القاهرة لأول مرة في عام 2017، وفى عام 2023 عقد اجتماع القاهرة السابع، والذي اهتم بحماية الخصوصية فى ظل التحولات الرقمية والتكنولوجية.
اجتماع القاهرة رفيع المستوى، اجتماع رؤساء المحاكم الدستورية، اجتماع القاهرة الثامن، المحكمة الدستورية العليا، المحاكم الدستورية الإفريقية، المجالس الدستورية العليا الافريقية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الحالات الاستثنائية الرقابة الدستورية الظروف الاستثنائية المحكمة الدستورية العليا المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب المش المستشار أحمد عبود رئيس مجلس الدولة المستشار أحمد عبود المحاكم الدستورية الإفريقية حنفي جبالي رئيس مجلس النواب رؤساء المحاكم الدستورية والعليا نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الرابعة لإجراءات سعيّد الاستثنائية.. هل تحولت تونس لسجن كبير؟
تونس- يُوافق غدا الجمعة الذكرى الرابعة للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد. وعلى امتداد كل هذه السنوات، عرف المشهد السياسي تحولات عميقة، يعتبرها أنصار الرئيس تصحيحا لمسار الثورة، وترى المعارضة أنها مرحلة "صفحة سوداء" في تاريخ البلاد.
وبموجب تلك التدابير الاستثنائية قبل 4 سنوات، قام سُعيد بحل البرلمان، وعزل حكومة هشام المشيشي، وحل المجلس الأعلى للقضاء وعددا آخر من المؤسسات الدستورية كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وأصدر سعيد المرسوم 117، ليكون دستورا مؤقتا حكم من خلاله البلاد بصلاحيات رئاسية واسعة غير مسبوقة، وقام بعزل عشرات القضاة ورفض إرجاعهم لعملهم رغم قرار المحكمة الإدارية.
كما قام بصياغة دستور بنفسه في 25 يوليو/تموز 2022، وغير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، يتمتع فيه بصلاحيات مطلقة، ورغم أنه عرضه على الاستفتاء الشعبي لكن لم تشارك فيه إلا نسبة قليلة من الناخبين.
ونهاية سنة 2022، دعا سعيد لانتخابات تشريعية لم تشارك فيها إلا نسبة قليلة أيضا، وقاطعتها أحزاب المعارضة، ليتم تنصيب برلمان موال له ذي مهمة وظيفية، ولا يتمتع بأي صلاحيات قوية أمام الرئيس.
وفي فبراير/شباط 2023 قامت السلطات التونسية بحملة أمنية واسعة ضد عشرات المعارضين الذين اعتقلوا وزج بهم في السجون، ثم حوكموا ابتدائيا بتهمة التآمر على أمن الدولة بموجب قانون الإرهاب، وحكم عليهم بأحكام قاسية.
تصحيح المسار
يرى أنصار الرئيس أن الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها في يوليو/تموز 2021 مثّلت تصحيحا ضروريا لمسار الثورة، بعد ما اعتبروه عشرية من الفوضى والتجاذب السياسي وتفشي الفساد في الفترة ما بين عامي 2011 و2021، كما يعتبرون أن محاكمة المعارضين تتم وفق القانون على جرائم إرهابية ومالية حقيقية.
ويؤكد مؤيدوه أن الرئيس لا يزال يحظى بثقة شريحة واسعة من التونسيين الذين يرونه رمزًا لنظافة اليد والتعفف، في وقت يتهمون فيه ما يُعرف بالإدارة العميقة بمحاولات متواصلة لتعطيل مساره الإصلاحي وإفشال مشروعه السياسي، سواء من داخل أجهزة الدولة أو عبر حملات التشويه الإعلامي والمعارضة السياسية.
إعلانويرى أنصار الرئيس أنه يسعى إلى ترسيخ أسس دولة اجتماعية عادلة، تحمي الفئات الهشّة وتقطع مع مظاهر الاستغلال والتمييز، ويستشهدون بجملة من التشريعات التي يصفونها بـ "التاريخية" على غرار القانون المتعلق بمنع المتاجرة باليد العاملة، والمبادرات القانونية الرامية إلى تحسين وضعية العاملات الفلاحيات وضمان حقوقهن، مؤكدين أن هذه الخطوات تعبّر عن توجّه جديد يجعل من العدالة الاجتماعية جوهر المشروع السياسي لسعيّد.
ملاحقات قضائيةوفي المقابل يؤكد معارضون بارزون أن تونس تحولت إلى "سجن كبير" خلال فترة حكم سعيّد، بعد إيداع عشرات المعارضين والنشطاء السجون، من بينهم زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان المحلول راشد الغنوشي (84 عاما) المعتقل منذ أكثر من عامين في قضايا يصفها خصوم سعيّد بأنها سياسية بامتياز.
كما طالت حملة التوقيفات والسجون عددا من أمناء الأحزاب، من بينهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، والأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، إلى جانب قيادات بارزة من جبهة الخلاص المعارضة.
كما امتدت الإجراءات لتشمل صحفيين ونقابيين ونشطاء المجتمع المدني، من خلال استخدام المرسوم رقم 54 الذي يعتبره ناشطون سيفا مصلتا على رقاب المنتقدين، إلى جانب قوانين مكافحة الإرهاب والمجلة الجزائية وقانون الاتصالات، ويصفه مراقبون بحملة ممنهجة للتضييق على الحريات.
ومؤخرا، أصدر القضاء -المتهم بالتبعية لسلطة الرئيس- أحكاما سجنية قاسية في حق عشرات المتهمين في قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وذلك في الطور الابتدائي. ومن المنتظر أن ينظر القضاء في طور الاستئناف، بعد انتهاء العطلة الصيفية، في إمكانية تثبيت تلك الأحكام.
حصيلة سلبية
وفي تقييمه السياسي لمسار سعيّد، يرى القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي أن هذا المسار كان منذ البداية يرتكز على توظيف بعض المطالب الاجتماعية كغطاء للسيطرة على البلاد وتوسيع نفوذه، دون أن يحمل أي برنامج سياسي حقيقي أو رؤية اقتصادية.
ويؤكد أن الحصيلة بعد 4 سنوات من الحكم الفردي كانت "سلبية جدا" على المستوى السياسي، معتبرا أن السلطة لم تكتف بتهميش المعارضة من المشهد العام، بل صعّدت استهدافها من خلال محاكمة المعارضين وغلق مقرات أحزاب كحركة النهضة، وملاحقة نشطاء المجتمع المدني، لترهيب المجتمع.
ويرى الشعيبي أن تونس، التي كانت تمثل تجربة ديمقراطية واعدة وتطمح لأن تكون أول ديمقراطية ناشئة في المنطقة بعد ثورة 2011، قد شهدت انتكاسة خطيرة أعادت البلاد إلى مربع الاستبداد، حتى باتت أشبه بسجن كبير، بعد أن كانت تقدم نموذجا يُحتذى به في مسار الانتقال الديمقراطي، وفق تعبيره.
وبعيدا عن الملف السياسي، يشير الشعيبي إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، إذ يرى أن البلاد لم تشهد تحسنا يذكر، حيث ظلت معدلات النمو منخفضة، وتفاقمت معاناة المواطنين بسبب ارتفاع نسب البطالة وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب الأزمات المتكررة في تأمين المواد الأساسية.
إعلانويوضح أن الفجوة بين الواقع الاقتصادي والشعارات التي ترفعها السلطة واسعة جدا، فخطابات مثل "سياسة التعويل على الذات" لم تنعكس في سياسات واضحة أو نتائج ملموسة، بل كانت مجرد أدوات خطابية تُوظف لإضفاء مشروعية شعبية على خيارات فاشلة، ولبناء ولاءات سياسية موالية لسعيد.
ويقول أيضا إن السلطة استندت إلى إصدار ترسانة من القوانين والإجراءات الشكلية، لكنها فشلت في أن تمس جوهر الأزمة الاقتصادية أو تقدم حلولًا جدية لوقف النزف المالي والاجتماعي لأن منطق الاقتصاد يختلف كليا عن منطق الإجراءات القانونية الشكلية التي لا تصلح مشكلات الاقتصاد.
انزلاق خطير
ويرى القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني أن تجربة 25 يوليو/تموز مثّلت انزلاقا خطيرا نحو الحكم الفردي المطلق، معتبرا أن الرئيس سعيد استغل فقدان الثقة في المنظومة السياسية السابقة لتعزيز سلطاته دون ضوابط، مما أدى إلى ضرب مؤسسات الدولة وتهميش دور الأحزاب والمنظمات.
ويشير إلى أن البلاد دخلت منذ ذلك التاريخ مرحلة غياب المساءلة وتعطيل الحياة السياسية "حيث تم تجميع السلطات بيد شخص واحد، وسط خطاب تقسيمي يعتبر كل مختلف خائنا ومتآمرا".
ويرى العجبوني أن البرلمان المنتخب في ظل دستور 2022 أُفرغ من مضمونه التشريعي، وتحوّل إلى مؤسسة شكلية لا تعكس التعددية ولا تمثل المواطنين تمثيلا حقيقيا، بل غلبت عليه عقلية الولاء والخوف من انتقاد الرئيس، مما ساهم في تغييب النقاش الجاد وتعطيل الرقابة على السلطة التنفيذية.
أما على المستوى الاقتصادي، فيقول العجبوني إن الإنجاز الوحيد بعد 4 سنوات من حكم سعيّد هو توسيع استخدام مرسوم 54 الذي أصبح سيفا مصلتا على رقاب المعارضين والمنتقدين لسياساته.
ويضيف العجبوني "نظام سعيّد فشل في تحقيق أي إنجاز اقتصادي يُذكر، باستثناء ضرب استقلالية القضاء وتصفية المعارضة والزجّ بمنتقديه في السجون" مشددا على أن الشعارات الشعبوية لم تنعكس على واقع التونسيين الذين يرزحون تحت عبء التضخم والبطالة وغلاء المعيشة.
واعتبر أن شعار "التعويل على الذات" الذي يروّجه الرئيس "مجرّد وهم" موضحا أن الدولة "اعتمدت على سياسة اقتراض مفرطة، حيث بلغت القروض الداخلية والخارجية خلال سنتين فقط رقماً قياسيًا يعادل 36% من حجم الميزانية".
وأشار العجبوني إلى أن النمو الاقتصادي يراوح الصفر، مع تراجع الاستثمارات وانعدام الثقة، قائلا "كل المشاريع الكبرى التي تم الترويج لها، من الشركات الأهلية إلى الصلح الجزائي، بقيت وعودا بلا أثر ملموس في الواقع".
وأضاف "حتى قانون منع المناولة الذي قُدّم كإنجاز اجتماعي، تم تمريره دون تقييم للواقع الاقتصادي، مما تسبب في تسريح عمال وإلغاء عقود، وهو ما يضرب الفئات التي يُفترض أن نحميها".
وختم العجبوني بتأكيد أن "خطابات الرئيس المليئة بالشعارات لم تعد تقنع أحدا" وأن "تونس اليوم تدفع ثمن الحكم الفردي والقرارات الارتجالية التي زادت من عزلتها وعمّقت أزمتها الاقتصادية".