جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-12@16:16:50 GMT

قمة الزعماء العظام في مسقط

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

قمة الزعماء العظام في مسقط

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

تزينت شوارع مسقط وقلاعها التراثية وقصورها العامرة بالأضواء والمصابيح والأعلام القطرية والعُمانية ابتهاجًا بقدوم ضيف كريم وشخصية فريدة من نوع خاص؛ لكونه الأقرب لقلوب العُمانيين جميعًا وسلطانهم المفدى؛ حيث تحتضن العاصمة العُمانية مسقط يوم الثلاثاء واحدًا من القامات السياسية العربية النادرة؛ ومن الزعماء القلائل الذين أبهروا العالم من الشرق إلى الغرب بحضوره القوي في مُختلف المحافل الدولية وحكمته المعهودة التي تجعل العواصم الكبرى ذات الثقل السياسي وقادتها المخضرمين يُعبرون عن تقديرهم واحترامهم للأمير الشاب تميم بن حمد آل ثاني، الذي نجح في فترة قصيرة من الزمن أن يُحوِّل دولة قطر إلى واحة للفكر والرقي والإبداع في مُختلف المجالات، ومركزًا لصناعة القرارات الإقليمية والعربية والدولية، وجسرًا للتواصل الحضاري بين الأمم.

دوحة الخير والمحبة بشعبها العريق وأميرها الذي يقود بلاده نحو المجد، غدت تجمع الكل بظلالها الوارفة ومكانتها بين الدول والشعوب، وقبل ذلك كله عزيمة هذا القائد الشجاع وإيمانه بقضية العرب الأولى: فلسطين، فما قدمته قطر لهذه القضية- خاصة في قطاع غزة- سوف يُخلده التاريخ وتتذكره الأجيال ويكتب بماء الذهب. ولعلَّ ما حصل بالأمس من انفراجة في الأراضي المُحتلة ووقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من الصهاينة؛ ليس سوى إحدى ثمار الأمير تميم ووساطة الحكومة القطرية ونفوذها العالمي خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك تقاطع وقواسم مشتركة في مواقف كل من سلطنة عُمان ودولة قطر تجاه الأمن القومي العربي، ومن هنا تأتي هذه الزيارة المُهمة، لتكملة فصول مُضيئة من العلاقات الحميمة بين البلدين الشقيقين، الذين تجمعهما روابط التاريخ والمصير المشترك، وقبل ذلك تنسيق مواقف البلدين للدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية في المنابر الدولية. وكلٌ من الزعيمين الكبيرين جلالة السُّلطان هيثم بن طارق، وسمو الشيخ تميم بن حمد، يحمل رصيدًا وثقلًا وثقة من العرب من المحيط إلى الخليج؛ فهؤلاء القادة يُشار لهم بالبنان في الانتماء والذود عن العروبة في هذا الزمان الذي تخلت فيها دولٌ عن تلك المبادئ السامية، التي قامت على أساسها الجامعة العربية منذ أربعينيات القرن الماضي.

عُمان اليوم قيادة وحكومة وشعبًا من أقصاها إلى أقصها تُرحِّب بأمير القلوب والنخوة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يحل ضيفًا عزيزًا ومكرمًا على أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، سلطان الفكر، وصاحب النظرة الثاقبة والعزيمة القوية، الذي في عهده أصبحت عُمان قِبلة للقادة العظام ومركزًا إقليميًا للدبلوماسية الهادئة، ومُنقِذًا للمنطقة من الحروب والفتن، وملاذًا آمنًا لحل الصراعات بين الدول، والأهم من ذلك كله ما تملُكه القيادة العُمانية من مفاتيح الحل والعقد وإطفاء الحرائق في دول الإقليم أينما وُجِدت.

لقد تفردت العلاقات العُمانية القطرية بزخمٍ منقطع النظير من التوافق والانسجام والمحبة الصادقة منذ قرون طويلة؛ حيث أسس الآباء والأجداد هذا التواصل الفريد من خلال التبادل الثقافي الذي كان يتم عبر البحر بدايةً لكون عُمان وقطر لهما ماضٍ تليد وإرث حضاري يتمثل في السفر والتجارة إلى مختلف دول العالم.

أما في الوقت الحالي؛ فتزداد هذه العلاقات قوة ورسوخًا أكثر من أي وقت مضى في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية.

الكُل يثمن ويتذكر في عُمان أن قطر أرسلت المناهج الدراسية للسلطنة في بداية النهضة، لكي تتمكن الحكومة الجديدة من فتح المدارس في سبعينيات القرن الفائت؛ كما إن دولة قطر كان لها السبق في استضافة مجموعة كبيرة من طلبة السلطنة في المدارس القطرية في عقد الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الفائت. 

لعل الملف الاقتصادي سوف يكون له حضور قوي في "قمة مسقط"؛ كون أن الاقتصاد عنوان أساسي لهذه المرحلة التي وصل فيها التبادل التجاري بين السلطنة وشقيقتها قطر إلى 951 مليون ريال عُماني بنهاية نوفمبر 2024، كما إن اللجنة العُمانية القطرية المشتركة التي تأسست في منتصف التسعينيات القرن الماضي؛ يفترض لها أن تضاعف المشاريع المشتركة بين البلدين التي لا تتجاوز في الوقت الحالي عدد أصابع اليد الواحدة، على الرغم من الموقع الاستراتيجي للسلطنة خارج مضيق هرمز، وأهمية ذلك للأشقاء في قطر لكونهم داخل المضيق ووسط الخليج العربي. لذا من المتوقع زيادة استثمارات الصندوق السيادي القطري ومضاعفة المبالغ الحالية التي لكي تنسجم وتتوافق مع طموحات الشعبين العُماني والقطري.

وفي الختام.. الآمال معقودة على تسريع وتيرة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين والاستفادة من الكوادر العُمانية المُدرَّبة والتي أثبتت جدارتها في ميادين العمل، فقد تابعنا خلال السنوات الماضية فرص العمل التي مُنحت للعُمانيين، وكانت محصورة في عدة مجالات في القطاع الحكومي في الدوحة، خاصةً في مجالي التدريس في مدارس التعليم العام، وكذلك في التدريب، لكن نطمع لمضاعفة الأعداد وتنوعها في مجالات أخرى، وذلك للمُساعدة في التخفيف من مُعاناة الباحثين عن عمل في السلطنة.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قيادة عُمانية لحدث عالمي

 

علي بن سالم كفيتان

قبل أيام بينما أمضي في رحلتي إلى العاصمة الكينية نيروبي عبر أجنحة الطيران القطري، أستشعر الجهد الكبير الذي بذله زملائي في هيئة البيئة، للإعداد والتحضير لمؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة (UNEA 7)، والذي تلتئم أعماله في العاصمة الكينية منذ الأول من ديسمبر وحتى منتصفه، ويقود هذا الحدث الاستثنائي سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة في سلطنة عُمان، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، بمشاركة نخبة من خيرة الكفاءات العُمانية في الهيئة، لرئاسة جلسات العمل وقيادة دفة الحدث إلى بَر الأمان.


 

ولا شك أن حجم الثقة الكبيرة التي منحها سعادته في الأعوام الماضية لفريق عمله ولَّدت قيادات بيئية عالمية قادرة على توجيه دفة الكون نحو السلام البيئي؛ ففريق العمل العُماني يعمل كخلية نحل لإنجاح الحدث الذي لا يخلو من تداخلات سياسة وضغوط اقتصادية. وفي هكذا حدث، تصبح البيئة هي الفيصل؛ فيخطب ودها أرباب الحكومات ويشد الرحال إليها أصحاب المال والأعمال، والكل يبحث عن ضالته في نيروبي.

وبرئاسة سلطنة عُمان لهذا الحدث الاستثنائي العالمي طوال عامين بكل كفاءة واقتدار وبشهادة كل الشركاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة والوفود المشاركة ومن مختلف دول العالم، فقد انتقلنا من المشاركات الخجولة إلى دائرة التأثير العالمي في صناعة القرار، وليس المشاركة فيه؛ حيث أثبت العامان الماضيان أن القائد الحقيقي هو الذي يصنع قادة قادرين على الاستمرار في حمل هَمِّ عُمان وطموحها للعالم، وأن العُمانيين لديهم شغف العمل مع العالم بكل ندية وكياسة في ذات الوقت.

هذا ما صنعه سعادة الدكتور رئيس هيئة البيئة رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، وشهادتي في زملائي أعضاء الوفد مجروحة، فلا يكاد الدكتور ربيع يهدأ للحظة طول النهار، وأسأل نفسي أحيانًا: هل ينام ربيع؟ رجلٌ لم ألتقيه وجهًا لوجه إلّا في هذه التظاهرة العالمية، وأحببتُ العمل معه، وأسرني بدماثة خلقه، مثل كل المتعاملين معه من مختلف بقاع الدنيا، وأبهرتني عَزَّة التي تُنسِّق اجتماعات لا تنتهي ولقاءات ماراثونية لا حصر لها مع الفرقاء، وفي كل وفد تحضر الابتسامة العريضة والضيافة العُمانية والرزانة في الترحيب والوداع؛ ليبدأ العمل فورًا مع وفد آخر في القائمة التي تحملها عزة دون كلل أو ملل، وهنا.. أرى بأُم عيني براعة عمل العلاقات الدولية في هذه السيدة العُمانية المتألقة.

ولا يمكنني إغفال الحديث عن المهندس سالم؛ فالرجل هو ظل القيادة العُمانية للحدث بأناقته المعتادة، وحرصه على أن يكون كل شيء على ما يرام. تراه خلف الرئيس وجنبه، يحمل الكلمات، ويُترجِم النصوص، ويتعامل مع الجميع بروح نادرًا ما تجدها في رجل مثله، ولديه الحلول الجاهزة، ويفهم كل حركة وسكنة للرئيس، ويُترجمها على الفور إلى التنفيذ دون حديث، وتبيَّن لي أن هناك لغة غير منطوقة بين الرجلين.

إنَّ إيجاد توافقٍ على مشاريع القرارات في هكذا حدث يتطلب وجودًا سياسيًا فاعلًا، وهذا ما وفَّرته سفارتنا في نيروبي طوال عامين من العمل الدؤوب؛ إذ إن سعادة السفيرة نصراء الهاشمية سفيرة سلطنة عُمان لدى كينيا، متواجدة بكثافة، وطاقمها برئاسة سعيد العمري تجده في كل المشاهد والأحداث. ولا شك أنني أرى استثمارًا ناجحًا لسُمعتنا السياسية البارزة لإنجاح الرئاسة العُمانية؛ فعندما يحتاج الوضع إلى استخدام المشرط السياسي واللغة الدبلوماسية الدافئة المُفعمة بروح قابوس- طيب الله ثراه- وحكمة جلالة السلطان هيثم المعظم- حفظه الله ورعاه- نجدها حاضرة في سعادة السفيرة العُمانية في نيروبي، وفريقها الرائع، ولا شك أن وجود سفير عُماني للجامعة العربية في كينيا مَنَحَ المناسبة بُعدًا آخر؛ فالدكتور خالد الكثيري مارس كل صلاحيته وتأثيره للتوافق العربي حول مشاريع القرارات المعروضة على الجمعية، وأضفى روحًا جديدة على سيمفونية العمل العُماني في نيروبي.

هنا تجلَّى عمل العُمانيين بقيادة مُلهمة وفريق ليس له ولاء إلّا لعُمان وسلطانها المفدى وخير البشرية.

لقد حاولتُ أن أكون جزءًا من المشهد قدر استطاعتي؛ فالوقت يمضي ونحن بحاجة إلى توافق حول جميع القرارات مساء الجمعة؛ لنُترجم ما قُمنا به طوال عامين من جهد وعمل محترف إلى واقع. وشاركتُ بكل طاقتي ومعرفتي للدفع مع هذا الفريق الرائع بالعمل قُدمًا منذ وطأت قدماي أرض نيروبي.

انبهاري بالطاقم التفاوضي العُماني شدَّني لأبذل قصار جهدي معهم، والعدو سريعًا في كل الاتجاهات لنجبر الفرقاء على الاتفاق؛ فمن لقاءات مع رؤساء وفود الدول إلى المجموعات السياسية والاتحادات وجمعيات المجتمع المدني وأصحاب النفوذ السياسي والمالي، كل ذلك كان يحدث يوميًا، والكل يعرف موقعه. وفي حال احتجتُ إلى قرار فهو حاضر؛ لأن الرئاسة العُمانية حاضرة في شخص رجل يُحب عُمان ويُجل العُمانيين، ويعترف بطاقاتهم الكامنة، وكان ذلك جليًا في هذا البناء المتحد من مختلف الجهات ذات العلاقة في عُمان؛ فوزارة الطاقة والمعادن حاضرة؛ حيث ينافح الدكتور المشرفي في رُدهات صُنع القرارات المتعلقة بالطاقة والمعادن، ويعمل في صمتٍ على تحسين القرارات ومواءمتها مع التوجهات التي تُرضي أكبر قدر من الشركاء والأشقاء، وتزيل أي توجس؛ تمهيدًا لإقرار أصعب القرارات. وهذا ما حصل بالأمس واحتفلنا معًا في الحدث الجانبي الذي نظمته جمهورية كولومبيا، حتى وقت متأخر، بتمرير قرار التعدين، الذي لاقى مساحةً واسعةً من النقاش خلال الأيام الماضية، وفي النهاية أُقِر المشروع بالصياغة العُمانية الكولومبية وصفق الجميع.

صَمْتُ يونس الحجري يُولِّد ضجيجًا في رُدهات الحدث؛ فالتنظيم والبروتوكول العُماني حاضر بامتياز، وصبر صالح السعدي على تتبع الأحداث ورفع التقارير والملخصات اليومية، يوفر مادة دسمة للتفاوض، والدكتور المعمري يُثري الحوارات بخبرته المتراكمة، بينما الدكتور سيف اليعقوبي من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه يُتابع بحرص مشاريع القرارات ذات الصلة باستدامة النظم الزراعية ومواءمتها مع مخرجات الحدث.. كل ذلك رسم لوحة عُمانية بارزة في نيروبي.

وللحديث بقية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • ندوة عُمانية كورية لتعزيز التعاون في مجال الإدارة المستدامة للموارد المائية
  • اللجنة العُمانية القطرية المشتركة تستعرض مسارات تعزيز التعاون الثنائي
  • "تنسيقية" اللجنة العُمانية القطرية المشتركة تبحث تعزيز أوجه التعاون
  • ليس للعضلات فقط... فوائد مذهلة للكرياتين
  • ترامب يعيد رسم مصائر الزعماء
  • معلومات جديدة… هذا ما كشف عن العظام التي عثر عليها في محيط بركة دير سريان
  • سلطنة عُمان تستضيف اجتماعات الدورة الـ 24 للجنة العُمانية القطرية المشتركة
  • تحذير صحي: هذه العادات الشائعة تزيد من خطر هشاشة العظام!
  • تعرف على سر قوة العظام في منتصف العمر