عربي21:
2025-07-05@00:23:14 GMT

رائد السّعدي بهامته العالية يشقّ طريقه للحريّة

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

أسلفت الحديث عن صفقة التبادل اليوسفية ثم وجدت أنّ قصّة يوسف عليه السلام قد تركت لها نصيبا في كلّ من شاركوه بجانب من جوانب صفقته التي أفضت إلى حريّته وسيادته، ثم ريادة الحياة بما وقر في القلب من حكمة ورشد ورؤية منيرة عظيمة.

رائد السّعدي في حياته اليوسفية في السجن كان مثالا كبيرا للقيم العالية الرفيعة، جسّد بروحه العالية منارة تبدّد ظلمات السجن الهائلة وترخي من ظلاله النديّة على من حوله جمالا وروعة، وتنتزع من السجن ومفرداته القاسية معنى لطيفا رؤوفا رحيما، وتهدي سواء السبيل وتمدّ من وقودها ما يرفع عاليا، وتخرج من فضاءات السجن الضيّقة إلى فضاءات الحياة الواسعة بما يصل الدنيا بالآخرة، وبما يفتح في جدران الزنزانة كوّة توصلهم بمصادر النور التي لا منتهى لها، نور على نور يعمّر القلوب ودرباتها دون أية حدود.



عندما نتحدّث عن ست وثلاثين سنة في السجن، نحن لا نتحدث عن أشهر أو بضع سنين، لا نتحدث عن رحلة شاقّة وقصيرة، بل هي في غاية الشقاوة وطويلة طولا يخرجك عن حدود العقل وقدرة النفس على التحمّل والاستيعاب، فيها من الأشواك والحفر والعواصف التي تزيغ لها الأبصار.. كم مرّة جرى على أجسادهم القمع والتنكيل بكلّ قسوة وضراوة، كم مرّة فتشوا تفتيشا عاريا؟ كم مرّة اضطرتهم ظروف السجن القاسية للإضراب المفتوح عن الطعام؟ كم مرّة ذاقوا مرارته وتجرّعوا عذاباته؟ وفي ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت الأهوال وكان التوحّش الفظيع الذي تركهم كأعجاز نخل خاوية؟ نجحت سياسة بن غفير من تحويلهم إلى هياكل عظميّة، ونجح السجانون أيما نجاح في ابتكار إبداعات من صنوف التعذيب غير المسبوقة، بأيديهم وبمخالب كلابهم المسعورة وبهراواتهم وغازهم ورصاصهم المطّاطي، ونشر الأمراض المعدية مثل السكايبوس.. رائد كان مثالا للصبر والمصابرة ومجالدة الجلّاد بعزيمة لا تلين وإرادة حرّة صلبة تمثّل القدوة التي يلوذ اليها المعتقلون.

رائد لم يحاول الهرب من زمن السجن الصعب بل واجهه بشجاعة واقتدار ونجح في تحويله إلى صديق يُستأنس به بل يستثمر فيه أعظم الاستثمار، اشتغل على ميدان الفكر والمعرفة وارتقى ارتقاء واسعا في العلوم الشرعية والدينية، الفقه والتفسير، ونهل كثيرا ليتمتّع بعقلية واسعة وتفكير عميق، ونهل من العلوم السياسية ومتابعة شئون القضيّة الفلسطينيّة، زد على ذلك اهتمامه بالجانب الروحي والحالة العرفانيّة التي تمدّه بالطاقة والثبات والقدرة العالية على متابعة الطريق. فلم يكن قطع هذه المسافة الزمانية المديدة في مثل هذه الظروف القاسية بالأمر السّهل، بل يحتاج إلى القوة النفسيّة التي ترتكز على عقيدة وإيمان، ولم تكن مجرّد فكرة نظرية بل كانت مع الفكرة الإحساس بهذه الفكرة وتحريك للمشاعر الداخلية حركة واسعة وكبيرة تنسجم مع حركة الأفكار، وليتحوّل إلى جبهة داخلية متماسكة وقويّة قادرة على الصمود والتحدّي ودخول معركة صراع الارادات، وتؤكد الثبات وتحقيق ما تريد هذه الشخصيّة الفريدة التي تكون قادرة على مواصلة الطريق بكلّ ما فيه من وعورة وقسوة.

السّعدي بعد أن اكتسب بناء الذات الثورية بامتياز وكان انطلاقه منها أصلا؛ نجح في تشكيل مدرسة لهذا البناء المتميّز الفريد، خاصة وهي تنطلق من الفهم الديني الحركي المختلف تماما عن الفهم التقليدي الذي يستخدم الدين ويستثمر فيه؛ بما يجعل أتباعه خانعين لا يعطون لدور دينهم العظيم في الثورة والتغيير في واقع الظلم والاستبداد. وما شهدته اليوم أمّتنا من ترجمة عملية حققتها معركة طوفان الأقصى هو خير دليل على هذا النهج الديني لتحقيق الثورة، وهو فهم ينتج ثورة قادرة على منازلة كلّ أشكال الظلم والاستبداد والتي يقف على رأسها الاحتلال، احتلال الأرض واحتلال العقول.. هو إذا النجاح في عالم الفكرة الحيّة التي تحيي أمّة وتوقظها من سباتها العميق.

وحيث كان المنطلق العظيم للسعديّ الثائر المزلزل لمشروع لكيان وما اكتسبه في رحلته اليوسفية الطويلة بل الطويلة والعميقة جدا؛ ستكون له ولمن معه من هؤلاء الأسود الأحرار المكانة اللائقة بهم في كل ميادين الإصلاح والتطوير والنهضة، فكرا وسلوكا وتغييرا وإصلاحا وثورة على كل ما هو فساد وباطل، سيكون لهم نصيب من اليوسفيّة التي نذروا حياتهم في اكتساب ما فيها من خير وحق وعبرة في مآلاتها؛ كما كان لهم في مقدّماتها ورحلتها العامرة بالفكرة والقضيّة وذكر الله الحق المبين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السجن الاحتلال احتلال فلسطين سجن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة التی

إقرأ أيضاً:

رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم

قال  المهندس شريف الغمراوي، مؤسس السياحة البيئية بجنوب سيناء والمسؤول عن السياحة البيئية بغرفة المنشآت الفندقية، بأن مصر تمتلك مقومات بيئية أفضل من أوروبا التي تُلوّثها المفاعلات النووية والمصانع، مشيرًا إلى أن فرنسا وحدها بها 56 مفاعلًا نوويًا. 

و أضاف الغمراوي أن مصر، بكل ما فيها، أقل تلوثا  من أوروبا، وهي بمستوى بيئي جيد، لافتا إلى أنه كلما ازداد ثراء الدول، زاد معدل التلوث البيئي للفرد.

وأوضح الغمراوي أنه على الرغم من زعم الأوروبيين أن لديهم وعيًا بيئيًا، فإنهم يُلوّثون بمعدل 8 أضعاف تلوثنا للبيئة.

تجربة رائدة في السياحة البيئية

كشف الغمراوي أنه أسس أول منتجع بيئي على بُعد 23 كيلو مترًا من نويبع باتجاه طابا منذ 42 عامًا، وطبّق فيه كل المعايير والاشتراطات البيئية التي تحافظ على البيئة. وأشار إلى أنه منع الغوص والصيد حتى لا تتضرر الشعاب المرجانية النادرة، و يُسمح فقط بالسباحة والسنوركل، مؤكدًا أنه مهما جلب الغوص من أموال، فإن الحفاظ على تلك الكنوز الطبيعية النادرة أهم.

مراعاة القيم المجتمعية في السياحة

وتابع الغمراوي أنه منع التعري على الشاطئ من أجل الحفاظ على قيم المجتمع المحلي في جنوب سيناء، مضيفًا أن السياحة لا بد أن تراعي قيم وأخلاق المجتمع الذي توجد فيه. لذلك، أضاف مصطلح "التلوث الحضاري" الذي يمكن أن تُحدثه السياحة، مشيرًا إلى أنه في المنتجعات البيئية تُمنع المخدرات والخمور، وهذا لا يؤثر على حجم الإقبال على السياحة البيئية؛ لأن هناك سياحًا يُفضلون قضاء إجازاتهم دون خمور في فترة استجمام وتصالح مع النفس والطبيعة.

كشف الغمراوي أن المنطقة المعروفة برأس الشيطان في نويبع ليس هذا اسمها الحقيقي، حيث أطلق عليها هذا الاسم المحتل الإسرائيلي وقت احتلاله سيناء، والاسم الحقيقي هو "رأس شطآن"؛ لأنها واقعة بين شاطئ وآخر.

وأكد الغمراوي أن قوة السياحة البيئية تكمن في تطبيق قواعد وأخلاق مجتمعك، وليس دائمًا الزبون على حق، ويجب ألا تكون الأماكن كلها مفتوحة على الغارب دون مراعاة القيم والأخلاق. مشيرًا إلى أن الثقافة المصرية غنية بكل ما هو شهي من وجبات غذائية وفن وتراث، متسائلًا: لماذا لا أقدم للسائح الوجبات الشعبية وأقدم له همبرغر؟ والأفضل أن السائح جاء ليعرف ثقافة أخرى، فلا بد أن أقدم له الملوخية والكشري والفطائر المشلتت.

الحفاظ على البيئة البحرية والتوازن البيئي

كشف الغمراوي أنه رفض تقديم أسماك للسائحين؛ لأن الصيادين يصطادون أسماكًا وجودها يحافظ على الشعاب المرجانية، مؤكدًا أن الشعاب المرجانية على مستوى العالم سوف تنتهي خلال 25 عامًا بسبب الاحتباس الحراري، وسوف تبقى فقط الشعاب المرجانية في شمال خليج العقبة؛ لأنها الأكثر مقاومة للاحتباس الحراري.

وأشار الغمراوي إلى ضرورة الحفاظ على الاتزان في بيئة البحر الأحمر الذي يقل مع تزايد الصيد الجائر، مشيرًا إلى أنه منع الأسماك وأنشأ مزرعة فراخ بلدية تتغذى على بواقي الطعام، وكذلك مزرعة للخضراوات وأخرى للمواشي للحصول على السماد العضوي.

وكشف الغمراوي أنه يوجد مشروع شرم الشيخ الخضراء ممتد حتى محمية نبق.

دعم المجتمعات المحلية وريادة مصر في السياحة البيئية

أكد الغمراوي أنه أنشأ جمعية أهلية لتدريب أهل المنطقة من البدو على الحفاظ على البيئة وتعليم الأطفال، مؤكدًا أن هناك من أهل المنطقة من أصبحوا مدربين ويتحدثون لغات أجنبية.

وتابع الغمراوي أن السياحة البيئية بدأت في مؤتمر بالقاهرة سنة 1990، مشيرًا إلى أن مصر من بدأت السياحة البيئية قبل أوروبا. وأكد أن السياحة تستهلك الموارد الطبيعية، وأن الطبيعة والبيئة أمانة حملها الله للإنسان، ولا بد من الحفاظ عليها وتقليل الآثار السلبية عليها. وشدد على ضرورة الحفاظ على كل ما فيها، فنحن لسنا أسياد الطبيعة بل نحن جزء منها، مشيرًا إلى أنه لو اختفى الذباب من كل الأرض سنوات، سوف يموت كل من عليها، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي.

كشف الغمراوي أنه شارك في وضع معايير واشتراطات للسياحة البيئية في مصر مع وزارة السياحة، مشيرًا إلى أن مصر من البلاد القليلة في العالم التي بها مخيمات بيئية بالقواعد الصحيحة، وأن هناك دولًا كثيرة أخذت القواعد من مصر لعمل سياحة بيئية؛ حيث إن مصر رائدة في السياحة البيئية.

آفاق السياحة البيئية المستقبلية

أكد الغمراوي أن السياحة البيئية ما زالت تحتاج إلى الدعم والبنية التحتية والخدمات، مثل توفر وسائل الإعلام ووسائل الانتقال لتلك الأماكن بأسعار معروفة لدى السائح، وتوفير خريطة بمواقع أماكن السياحة البيئية وأسعارها، ولا بد ألا يُنظر إليها على أنها سياحة فردية؛ لأن السياحة البيئية هي الأعلى على مستوى العالم.

و أضاف الغمراوي أنه حصل على المفتاح الأخضر "جرين كي" للسياحة البيئية.

وأكد الغمراوي أن المنتجعات البيئية لا بد أن يكون كل ما فيها من الطبيعة، ولا يمكن تصميم منتجع ضخم وفاخر ونطلق عليه سياحة بيئية، مشيرًا إلى أن السياحة البيئية تستهدف سائحًا مختلفًا وهو الأفضل.

وأكد الغمراوي أن الأمم المتحدة والبنك الدولي يهتمان بتنمية السياحة البيئية حول العالم، وهي سياحة مبنية على الصدق والطبيعة ولن تكون مثل أنواع السياحة الأخرى، مؤكدًا أن السياحة البيئية لا بد أن تزرع نباتات المنطقة الموجودة فيها ولا تُغير في شكل الطبيعة سواء الجبال والوديان والشواطئ.

كشف الغمراوي أن في منطقة طابا نويبع يوجد نحو 170 منشأة ومخيمًا يمكنهم أن يتجهوا نحو السياحة البيئية بعد تقنين بدعم من وزارة السياحة والحكومة، ويكون هناك مقصد مختلف للسياحة البيئية.

طباعة شارك جنوب سيناء مؤسس السياحة البيئة مصر أفضل من أوربا

مقالات مشابهة

  • رائد العيد : الـلايك أصبح الأفيون الرقمي للإنسان المعاصر
  • الأرصاد تحذر: استمرار الأجواء شديدة الحرارة والرطوبة العالية الأيام المقبلة
  • رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم
  • «صندوق خليفة» يطلق برنامج «رائد أعمال المستقبل»
  • المبتكرات العمانيات.. من الفكرة إلى الإنجاز
  • ديفيد في طريقه إلى يوفنتوس
  • رسميا .. جهاز PS5 Pro في طريقه للحصول على ترقية رقمية كبيرة خلال عام 2026
  • «الإمارات للبيئة» تدعم الاقتصاد الدائري بحوار رائد عن تثمين النفايات
  • هاتف رائد بسعر منافس.. إليك أهم مواصفات Nothing Phone (3)
  • الهويدي: الهلال في طريقه للنهائي وفلاته ينتقد التحكيم أمام السيتي.. فيديو