القدس المحتلة – بعد يومين ستوقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كافة خدماتها وأنشطتها في مدينة القدس المحتلة وإخلاء كافة المباني التابعة لها، وذلك امتثالا لقانونين صادق عليهما الكنيست الإسرائيلي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويحظر القانون الأول نشاط الوكالة داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية" بما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، في حين يحظر القانون الثاني أي اتصال مع هذه الوكالة الدولية.

وسيتأثر بشكل مباشر من الإغلاق أكثر من 100 ألف لاجئ مقدسي مُدرجون في سجلات الوكالة الأممية، ويتلقى هؤلاء خدمات أساسية إغاثية إما تعليمية وإما صحية وإما اجتماعية وإما تلك المتعلقة بالصحة النفسية إما القروض الشخصية.

وللتعرف على هذه الخدمات والوجود التاريخي لوكالة الأونروا في القدس، والخطر الذي يشكله إنهاء عملها في المدينة المحتلة، حاورت الجزيرة نت سامي مشعشع الخبير في شؤون المنظمات الدولية والإعلام، والناطق الرسمي السابق باسم الوكالة، وتاليا نص الحوار:

مشعشع: السطر الأخير في تاريخ الأونروا لم يكتب بعد وما زال هناك متسع للتحرك (الجزيرة)  ما أهمية وجود وبقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)؟ إعلان

هناك ارتباط عضوي وتاريخي بين الأونروا واللاجئ الفلسطيني، فبالإضافة لدورها المحوري الإغاثي والخدماتي، نجحت الوكالة في لملمة شتات الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، وأعادت اللحمة للمشتتين في الأرض.

تشبث اللاجئون في المخيمات وخارجها بالوكالة رغم بعد ملاحظاتهم ومآخذهم عليها لأنهم ينظرون إليها في البعد الرمزي وارتباطها بحق العودة المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة رقم 302.

ما العمليات التي تديرها الأونروا من مقرها في حي الشيخ جرّاح بالقدس؟

دور مقر الوكالة في القدس محوري وأساسي وسياسي، فبعد أيام من احتلال شرقي القدس عام 1967 تم توقيع اتفاقية لازمة بين دولة الاحتلال والأونروا سميت باتفاقية "كوماي-مكليمور"، وحُدد من خلالها دور ومهام الأونروا ورُسِخت امتيازاتها وحصانتها الدبلوماسية.

هذا مكّنها من العمل في القدس، ويعتبر المقر أيضا نقطة ارتكاز لعمل الأونروا في الضفة الغربية وإدارة الخدمات التي تقدم للاجئين في 19 مخيما، وبعد سنوات أصبح يضم مكتب المفوض العام للأونروا وبعض المكاتب الرئيسية التي تنسق عمل الوكالة في الشرق الأوسط، وهذه الرمزية مهمة.

ولأن الوكالة تنطلق بعملياتها من منطقة تعتبر محتلة وفق القانون الدولي، فإن ذلك أثار حفيظة الإسرائيليين، فمن جهة هم أرادوا استمرار عملها لأنها تحمل عنهم "همّ" تقديم الخدمات، رغم أن الدولة المحتلة هي من يجب أن تقدمها لكنها من هذا المنطلق سمحت للوكالة بالتحرك.

ومن جهة أخرى، وجود الأونروا كان يذكر إسرائيل دائما بأنها دولة محتلة، وهي التي تقول دائما إن القدس عاصمة موحدة بشطريها لإسرائيل رغم وجود مخيم للاجئين الفلسطينيين داخل حدود بلدية القدس وهو مخيم شعفاط، وبالتالي لا يمكن فصل محاولات إنهاء وجود الوكالة عن هذه الأسباب.

من يستفيد من خدمات الوكالة في القدس؟ إعلان

مقر الشيخ جراح يشرف على تقديم خدمات أساسية لأكثر من 850 ألف لاجئ في الضفة الغربية وأكثر من 100 ألف لاجئ في القدس، وهذه الخدمات تعليمية واجتماعية وصحية وقروض صغيرة وغيرها.

خدمات الأونروا متنوعة في القدس وتتركز بالأساس في مخيم شعفاط وهو الوحيد الواقع ضمن حدود المدينة التي رسمتها إسرائيل، ولهذا السبب هناك محاولات جادة لتجريد هذا المخيم من صفته كمخيم وسكانه من صفة لاجئين.

يتلقى التعليم في مدارس وكالة الأونروا بالقدس 1100 طالب وطالبة، وأكبر هذه المدارس مدرستان، إحداهما للذكور والأخرى للإناث في مخيم شعفاط.

ومن أهم المقرات التابعة للأونروا في القدس ما تعرف بعيادة "الزاوية" التي تقدم الخدمات الصحية للاجئين، بالإضافة للمقدسيين الذين لا يملكون الحق في التأمين الصحي بالقدس لأسباب مختلفة، وستغلق هذه العيادة أبوابها مع نهاية يناير/كانون الثاني الجاري.

وهناك أيضا محاولات قديمة ومستمرة لطرد الوكالة من معهد التدريب المهني في قلنديا، وهو مركز ملاصق لمخيم قلنديا، وتكمن أهميته في مساحته الكبيرة وإطلالته على مطار القدس الدولي.

وتخطط إسرائيل لبناء حي استيطاني على أرض المطار التاريخي ثم التوسع على أرض المعهد المهني بعد طرد الوكالة من المكان.

الأونروا تقدم خدمات صحية وتعليمية واجتماعية لنحو 100 ألف لاجئ في القدس (الجزيرة) لماذا تلاحَق الأونروا؟ وما انعكاسات إغلاق مكتبها في القدس على خدماتها بالضفة وغزة؟

هي سلسلة متكاملة ومحاولات الكيان الإسرائيلي إضعاف الوكالة وتشتيت مواردها المالية وشيطنتها واتهامها بأنها تحرض على العنف والإرهاب وأن موظفيها ضالعون في أعمال إرهابية، كل ذلك سلسلة متواصلة من أجل إنهاء وجود الأونروا.

الهدف الأول في حرب الإبادة على غزة كان القضاء على المقاومة، والثاني غير المعلن والأساسي بالنسبة لهم هو شيطنة الوكالة ومنعها من العمل في قطاع غزة وضمان أن لا يكون لها دور في إعادة إعمار القطاع كمدخل للقضاء على حق العودة.

إعلان

كان لهم نجاحات في بداية الحرب حيث منعوا الوكالة من العمل في شمال غزة، ولاحقا انسحبت الكثير من الدول من دعم الوكالة بسبب الهجمة الكبيرة وخاصة أميركا والسويد، بينما تراجع دعم دول أخرى مثل هولندا وسويسرا، وبالتالي فإن الضائقة المالية الكبيرة التي تعيشها الأونروا اليوم تحد من قدرتها على العمل الآن في مرحلة إعادة إعمار غزة.

وما يزيد الطين بلّة إقصاء الوكالة وطردها من القدس، وهذه الخطوة لن تكون نهاية الحكاية لأن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تُدحرج عملية إنهاء الوكالة في الضفة الغربية عبر خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للضم، وسيكون هناك عمل مضطرب، وكلما ازدادت عملية الضم، تأثر عمل الوكالة لأن معظم عملياتها تتركز في مناطق "ب" و"ج".

الهدف الآخر لشيطنة الوكالة وإضعافها هو ما صرح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا بضرورة ترحيل الفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، وهناك دور كبير ونية للكيان وأعوانه وداعميه وشركائه للتأكيد ليس فقط على إضعاف الوكالة وإنهائها، بل التحفيز على التهجير والترحيل القسري والطوعي وصولا لمرحلة توطين من بقي من اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن، ولدفع الكفاءات الشابة للرحيل إلى دول أوروبية وغيرها.

إغلاق مكاتب الأونروا في القدس يؤثر على خدماتها في الضفة الغربية وقطاع غزة (الأوروبية) كيف ستؤدي الأونروا مهامها بعد الإغلاق؟ وهل من خطط بديلة لاستمرارها في أداء دورها؟

للأسف الشديد أداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في ملف فلسطين وملف الأونروا كان هزيلا مترددا شاحبا وضعيفا ومهلهلا إن جاز التعبير، وأداء المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني لم يخرج من دائرة الشجب والإدانة.

ناشدناهم منذ أكثر من 15 شهرا ضرورة البدء بخطة عملية فعالة على الأرض لردع الجانب الإسرائيلي عن إنهاء دور الوكالة وحق العودة، لكن هناك غياب لخطة واضحة من قبل الأمم المتحدة، وهناك انقسام فلسطيني حاد يمنع أن يتكاتف الفلسطيني رغم انقسامه السياسي لكي تتبلور سياسة للرد على هذا الموضوع شعبيا وفصائليا، ويؤسفني أننا نحن الفلسطينيين لم نقدم ولو خطة واحدة لوقف نزيف الأونروا ومواجهة مخطط إنهاء وجودها.

إعلان

كان بإمكان الأمين العام أن يُفعّل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تعطيه صلاحية دعوة مجلس الأمن بكامل هيئته لاجتماع طارئ، والطلب منهم فرض عقوبات رادعة على دولة عضو في الأمم المتحدة كإسرائيل لتُجبرَ على إيقاف إجراءات إنهاء عمل الوكالة، وهذا لم يتم بسبب اعتبارات سياسية ومالية منعته من القيام بدوره، وهذا هو لب الغضب عليه ولب المأساة التي نعيشها.

وطالبنا رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة والأمين العام بدعوة الدول الأعضاء في الجمعية لتجميد عضوية إسرائيل أو إعلانها دولة مارقة إذا سارت في مسار إنهاء الوكالة، وهذا أيضا لم يتم للأسف الشديد.

لا الدول العربية ولا الإسلامية ولا جامعة الدول العربية ولا فلسطين بكافة أطيافها استطاعوا أن يقدموا خطة عملية واضحة لإنقاذ الوكالة، وبعد أيام سنرى ترجمات هذا الشلل على الأرض بنجاح الجانب الإسرائيلي في طرد الأونروا.

الأونروا تستعد لوقف عملياتها بالقدس بعد الحظر الإسرائيلي: تستعد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إغلاق مقرها في القدس مع دخول الحظر الإسرائيلي على الوكالة حيز التنفيذ يوم الخميس. https://t.co/LoQZeWq5GT

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 28, 2025

لماذا يبدي سكان مخيمات القدس خاصة قلقهم من إغلاق الوكالة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن مخيم قلنديا يقع داخل حدود محافظة القدس وفق التصنيف الفلسطيني، بالإضافة لمخيم شعفاط؟

لأن أفقر الفقراء في فلسطين وأفقر الفقراء في القدس هم اللاجئون، وأعداد كبيرة منهم يعيشون دون خط الفقر، وأعداد أخرى نصنفها ضمن حالات العسر الشديد، وهم يعيشون دون خط الفقر المدقع حسب التصنيفات الدولية.

وبالتالي هناك اعتماد كبير على خدمات الوكالة التعليمية والصحية والاجتماعية والإغاثية، وحتى برنامج القروض مهم للشباب من اللاجئين ليتمكنوا من البدء بمشاريع تخصهم.

إعلان

غياب هذا الدور ومرور الوكالة بأزمة مالية خانقة خطيرة جدا لن تمكنها حتى من الإيفاء بالحد الأدنى من خدماتها لكل اللاجئين في كل مناطق عملياتها، وطردها الآن من القدس يشل عملها ويحد من قدرتها على الوصول إليهم مباشرة.

قلق اللاجئين مشروع، بالإضافة للقلق الناتج عن إمكانية مساومتهم ما بين هوية القدس الإسرائيلية الزرقاء والبقاء في سجلات الأونروا، وهذا واقع مر في ظل غياب أي دور فلسطيني ودولي يحافظ على حقهم كلاجئين ويحصنهم من أجل مطالبتهم بحق العودة.

مستوطنون إسرائيليون يحاصرون مكتب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في #القدس للمطالبة بإغلاقه#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/cWqkybK0sQ

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 21, 2024

بوصفك مقدسيا عمل في الأونروا لمدة ثلاثة عقود، كيف تشعر اليوم والوكالة توشك على إغلاق أبوابها في القدس قسرا؟

أشعر بمرارة وأنا لا أقصد أن أعيب على زملائي الذين ما زالوا على رأس عملهم، ولكن أتحدث عن المفوض العام والإدارة العليا التي كنت جزءا منها على مدى أكثر من 30 عاما.

في الماضي مهما اشتدت المخاطر على الوكالة والتحديات، كان هناك دائما حراك مضاد.. أنا أدرك الضغوط التي يرزخ تحتها المفوض الحالي وأنه يعمل مع جهاز ومنظومة أمم متحدة محكومة وضعيفة، ولكن أداء الأونروا خلال حرب الإبادة كان دون المستوى وكانت هناك أخطاء جسيمة، أولاها الانسحاب المتسرع من شمال غزة مما كشف النازحين في مراكز الإيواء وعرضهم للمخاطر واستشهد كثير منهم.

بالإضافة لضعف الوكالة في الرد على تهميشها وشيطنتها والهجوم عليها، ودائما كان هناك لجوء للدبلوماسية في الوقت الذي كانت فيه حاجة لوقوف صارم ومتفاعل مع التحديات والرد عليها بالقسطاس نفسه.

أشعر بالمرارة أيضا وأنا أرى عيادة الزاوية تغلق أبوابها خاصة أنني كنت أحد المرضى الذين يترددون عليها لسنوات طويلة، ومن الصعب عليّ المرور أمام مقر الرئاسة التاريخي في الشيخ جراح برمزيته وجغرافيته ومكانته وأدرك أنه سيغلق بعد ساعات، وأن أرى الوكالة بدورها ومكانتها تطرد طردا من القدس في الوقت الذي تعيش فيه أزمة وجودية في غزة ومناطق عملياتها الأخرى.

إعلان

السطر الأخير في تاريخ الأونروا لم يكتب بعد، وما زال هناك متسع للتحرك ولتسجيل موقف، ولكن هناك غياب لخطط فلسطينية واضحة جامعة وخطة أممية يشتركان من خلالها في تثبيت الأونروا وحق العودة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة الوکالة فی مخیم شعفاط أونروا فی فی القدس ألف لاجئ عمل فی

إقرأ أيضاً:

ثلث اللاجئين السوريين في الأردن يتطلعون للعودة

عمّان- يشكل الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي عوامل حاسمة في تحديد خيارات اللاجئين السوريين في العودة إلى ديارهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. وبالرغم من التحديات الجمة التي تنتظرهم، فإن نتائج تقرير استطلاعي أردني أظهرت أن 35% من المقيمين منهم في الأردن يرغبون في الرجوع.

وأشار التقرير الصادر عن مرصد الحماية الاجتماعية التابع لجمعية "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (مستقلة) -أمس الأحد- إلى أن الأردن استقبل منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري، منهم 557 ألفا و783 مسجلون رسميا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى مارس/آذار 2025.

ومع سقوط نظام بشار، قامت أعداد من اللاجئين بالعودة الطوعية، حيث سجلت المفوضية عودة 55 ألفا و732 لاجئا بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2025، منهم 84% كانوا يقيمون في المناطق الحضرية.

أسباب

وبينما يُنظر إلى سقوط نظام بشار باعتبار ذلك أحد أبرز العوامل المحفزة لعودة اللاجئين السوريين، إلا أن دوافع اللجوء لم تكن محصورة فقط بوجوده حيث تنقسم إلى سياسية أو عسكرية أمنية، أو نتيجة لانهيار الأوضاع الاقتصادية.

إعلان

وبخصوص موعد العودة المتوقع لمن يرغب منهم، فقد أظهر التقرير ذاته أن 54% يفضلون العودة خلال 6 أشهر، وينتظر بعضهم انتهاء العام الدراسي أو الحصول على تصريح عمل. وفي المقابل، يفضل 22.3% العودة خلال السنوات الثلاث المقبلة، لضمان استقرار الأوضاع في سوريا أو لترتيب أمورهم المالية والقانونية قبل العودة، بينما يخطط 2.6% فقط للعودة خلال السنوات الخمس القادمة.

أما بالنسبة إلى أسباب الرجوع، فقد أشار 15.7% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن عودة الأقارب هي الدافع الرئيسي، بينما اعتبر 13.61% أن ارتفاع كلفة تصاريح العمل في الأردن هو السبب، في حين أدى نقص فرص العمل في المملكة إلى تفكير 8.78% في العودة، بينما رأى 8.37% أن امتلاكهم منازل في سوريا يشجعهم على ذلك.

ومن بين الأسباب الأخرى، اعتبر 7.57% من المستطلعة آراؤهم أن التهديدات الأمنية قد انتهت، بينما رأى 6.76% أن توقف المساعدات دفعهم إلى هذا القرار، وأشار 3.86% إلى أن وجود عمل في سوريا يجعل العودة أسهل، بينما تأثر 2.9% بالوضع القانوني غير المستقر في الأردن، كما رأى 2.74% أن الوضع الأمني في سوريا قد تحسن، بينما اعتبر 1.77% أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية أفضل مما هي عليه في عمّان.

وتعددت أسباب تأخير العودة بحسب جمعية "تمكين" حيث أشار 18% من المشاركين إلى الحاجة لتوفير مبلغ مالي كافٍ لبدء حياة جديدة في سوريا. بينما ذكر 15% أن انتهاء الالتزامات المالية شرط أساسي للعودة، كذلك اعتبر 13% أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في دمشق تشكل عائقا، بينما رأى 10% أن استقرار الأوضاع الأمنية عامل حاسم.

لاجئون سوريون بمخيم الزعتري قرب مدينة المفرق الأردنية على الحدود مع سوريا (رويترز) تفاوت

تكشف البيانات عن تفاوت في رغبة العودة بين الجنسين، ويظهر الذكور ميلا أكبر نحو العودة مقارنة بالإناث. فبينما تشكل الإناث 30.5% من العينة (379 أنثى) فإن 80% منهن (303 إناث) لا يرغبن في العودة مقابل 20% (76 أنثى) أعربن عن رغبتهن في ذلك.

إعلان

أما لدى الذكور الذين يمثلون 69.5% من العينة (863 فردا) فإن 68.7% (593 فردا) لا يرغبون في العودة، بينما عبر 31.3% منهم (270 فردا) عن رغبتهم في الرجوع.

ووفقا للتقرير نفسه، فإن المقيمين خارج المخيمات أكثر ميلا للرغبة في العودة بنسبة 28.5% مقارنة بالمقيمين فيها بنسبة 23.2%، ويشير إلى أن 97% من اللاجئين يمتلكون بطاقة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (1207 أفراد) بينما لا يمتلكها 3% فقط.

وتكشف البيانات أن 70% من اللاجئين لا يتلقون أية مساعدات، بينما يحصل 30% على مساعدات معظمها نقدية، كما يعاني 69% من عجز في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والصحة، وأظهر الاستطلاع أن 88% من اللاجئين السوريين بالأردن لا يقيمون في مخيمات.

وأوصى التقرير بتقديم حوافز مالية ودعم لوجستي للاجئين السوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم، وتوفير مساعدات مخصصة للأسر التي تعاني عجزا في الدخل، وحث المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته المالية لدعم اللاجئين والدول المضيفة.

كما طالب بإنشاء برامج مشتركة بين الأردن والمنظمات الدولية لتسهيل العودة الطوعية عند استقرار الأوضاع في سوريا، وإجراء دراسات دورية لرصد تغير آراء اللاجئين حول العودة، خصوصا مع تطور الأوضاع في دمشق.

الخبير زوانة: عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم مرتبطة بإعادة الإعمار (الجزيرة) عامل الاستقرار

من جانبه، علق الخبير الاقتصادي زيان زوانة على تقرير جمعية "تمكين" بالتأكيد على أن كلمة السر في عودة اللاجئين السوريين بالأردن إلى ديارهم هي "الاستقرار بمفهومه الشامل" موضحا للجزيرة نت أن إعادة الإعمار في سوريا ستجذب العمالة السورية في المملكة ولبنان وتركيا، لكن إذا تأخر الإعمار فلن تكون هناك عودة بالصورة التي يتوقعها الجميع.

وأضاف أن الغالبيّة العظمى من اللاجئين السوريين لن يعودوا قريبا وبشكل دائم، مشيرا إلى أنه على الأغلب سيكون هناك دخول مؤقت من قبل بعضهم للتأكد من الأوضاع ببلادهم، ومن استقرار الأمور الأمنية.

إعلان

وبيّن أن الأردن كان قد التزم دائما بأن عودة السوريين لأراضيهم لن تكون إلا طوعية، مما يعني أن على الحكومة أن تقدم لمن يرغب بذلك كافة التسهيلات الممكنة التي تضمن لهم ذلك.

من ناحيته، أكد لاجئ سوري يقيم بمدينة الزرقاء الأردنية -فضل عدم الكشف عن اسمه- أنهم في السنوات الأخيرة، شهدوا تراجعا في المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة من المفوضية الأممية للاجئين السوريين بالأردن، إما بانخفاض قيمتها أو تقليص أعداد المستفيدين منها و"مع ذلك يعيش السوريون في الأردن ظروفا معيشية واجتماعية أفضل من أقرانهم في دول الجوار الأخرى".

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن هناك خشية حقيقية من نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين المقيمين بالأردن من اتخاذ قرار العودة إلى الوطن في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية غير مستقرة بعد، بالإضافة لحجم الدمار الكبير بالمدن والقرى السورية. وقال "هذا يعني أن العودة بمثابة مغامرة لا تحمد عقباها".

ويُعتبر الأردن ملاذا آمنا للاجئين السوريين منذ اندلاع الحرب في بلادهم عام 2011، حتى بات يُعد ثالث دولة على مستوى العالم من حيث عدد اللاجئين السوريين لديها، والثاني عالميا من حيث عدد اللاجئين مقارنة بعدد السكان الكلي.

مقالات مشابهة

  • مشاهرة للجزيرة نت: لأول مرة أسمع كلمة بابا من أطفال نُطفي المهربة
  • 72% من اللاجئين السوريين في الأردن لا يخططون للعودة
  • ثلث اللاجئين السوريين في الأردن يتطلعون للعودة
  • صندوق النقد يختتم زيارته لمصر| تقدم في المراجعة الخامسة.. وخبير يؤكد انعكاسات إيجابية على الاقتصاد والاستثمار
  • خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو
  • خبير غوغل للجزيرة نت: فيو 3 وإماجن 4 لن تقتل الإبداع بل ستزيد المبدعين
  • وزير الطوارئ السوري يكشف للجزيرة نت تفاصيل خطة إزالة الألغام
  • عيد دخول المسيح أرض مصر.. البابا تواضروس يشرح محطاته ويتأمل في جوانبه
  • تفاصيل مجزرة المساعدات يرويها غزيون للجزيرة نت
  • الاحتلال يقتحم مخيمي قلنديا وشعفاط بالقدس