تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في وقت تتأرجح فيه هدنة غزة بين الأمل والتحديات، يثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العديد من التساؤلات حول دور إدارته في تحقيق الاستقرار في المنطقة، فمن خلال مواقف وأفكار تتناقض مع تطلعات الفلسطينيين، يعزز ترامب سياسة لا تظهر أي نية حقيقية للتوصل إلى حل عادل للصراع، فما هي تداعيات هذا الموقف على مستقبل التهدئة؟ وهل ستظل آمال الفلسطينيين في تحقيق تسوية عادلة قائمة، أم أن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ستعرقل أي محاولة للسلام؟

وفي سياق الإجابة على هذه التسالات، يرى الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع القضية الفلسطينية خلال فترته الرئاسية الأولى بين عامي 2016 و2020 لم يكن يهدف إلى تقديم حلول، بل أدى إلى تعقيد الأوضاع بشكل أكبر، فقد أقدم على خطوات غير مسبوقة، مثل اتخاذ قرار بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة اعتُبرت اعترافًا رسميًا بالمدينة عاصمة لإسرائيل، كما اتخذ قرارات أثرت بشكل مباشر على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، من خلال تقليص الدعم المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ما زاد من معاناة الفئات الأكثر تأثرًا بالصراع.

رؤية غير واضحة للقضية

وقال الرقب في حديث خاص خاصة لـ “البوابة نيوز” إن ترامب لم يطرح رؤية واضحة لحل القضية الفلسطينية، بل اكتفى بطرح أفكار مثل تقسيم الضفة الغربية إلى تجمعات سكانية منفصلة يتم ربطها ببنية تحتية محدودة، تاركًا للفلسطينيين حرية إطلاق ما يشاؤون من تسميات على هذا الوضع، في إشارة إلى عدم الاعتراف بحقهم في دولة ذات سيادة، وهو ما جعل الكثيرين يشككون في إمكانية أن يحمل معه خلال فترة رئاسية ثانية أي مبادرات حقيقية لإنهاء الصراع.

ويضيف الرقب أن ترامب، خلال فترة حكمه المقبلة، لن يقدم أي حلول جذرية للقضية الفلسطينية، بل من المرجح أن تمر السنوات الأربع القادمة دون أي تطورات استثنائية في هذا الملف، خاصة أنه لم يظهر خلال ولايته السابقة أي نوايا للتقدم باتجاه حل الدولتين، كما أن المشهد السياسي في إسرائيل يسيطر عليه تيار يميني متشدد يرفض بشكل مطلق جميع الطروحات السياسية، سواء تلك التي تتعلق بإقامة دولتين أو حتى فكرة دولة واحدة مشتركة.

أيديولوجية صهيونية.. وموقف عربي رافض

وبحسب الرقب، فإن ترامب، رغم عدم تعرضه لأي ضغوط انتخابية مستقبلية، لا يزال أسيرًا لنظرته الأيديولوجية الداعمة لإسرائيل، فمواقفه وتصريحاته تعكس إيمانه الراسخ بضرورة وجود كيان صهيوني قوي، وهو ما يجعله غير مستعد لتقديم أي تنازلات لصالح الفلسطينيين، فتارة يلمّح إلى إمكانية نقلهم إلى مناطق بعيدة مثل إندونيسيا، وتارة أخرى يتحدث عن إخراج سكان غزة إلى دول مجاورة مثل مصر أو الأردن، إلا أن مثل هذه الطروحات تبدو أقرب إلى محاولات لإثارة الجدل الإعلامي أكثر من كونها خططًا قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

ويؤكد الدكتور أيمن الرقب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرك تمامًا أن الفلسطينيين لن يتخلوا عن أرضهم، كما أن الدول العربية ترفض بشكل قاطع أي محاولات لفرض حلول تقوم على تهجيرهم، فهناك موقف عربي واضح، تقوده كل من مصر والمملكة العربية السعودية، يتمثل في التشديد على ضرورة إيجاد تسوية عادلة تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بالاستقرار ضمن المنطقة، وأي محاولات لتجاوز هذا الطرح لن يكون لها أي تأثير حقيقي على أرض الواقع.

حل الدولتين في عهد ترامب

في هذا السياق، يشير الرقب خلال ححديثه لـ البوابة نيوز"، إلى تصريحات مايك هاكابي، السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل، الذي عبّر في مقابلاته مع وسائل الإعلام العبرية عن موقف واضح مفاده أن ترامب لا يدعم حل الدولتين، حيث يرى أنه قد يؤدي إلى تصاعد عمليات المقاومة ضد إسرائيل، كما أن خيار الدولة الواحدة، من وجهة نظرهم، يشكل تهديدًا وجوديًا على الكيان المحتل. ولذلك، فإن الإدارة الأمريكية الحالية، وكذلك الحكومة الإسرائيلية، لا تملك أي رؤية فعلية لحل النزاع الفلسطيني، ما يجعل أي تقدم في هذا الملف أمرًا مستبعدًا في المستقبل القريب.

ترامب في كواليس الهدنة

يرى الدكتور أيمن الرقب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق وهدد بأن الأوضاع في المنطقة قد تشهد تصعيدًا خطيرًا ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، كان يسعى إلى ترسيخ صورة مفادها أنه نجح في فرض تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2735، الذي أتاح الوصول إلى حالة التهدئة الحالية، وضمن هذا السياق، أرسل مبعوثه الخاص إلى المنطقة، ستيف ويتكوف، لممارسة ضغوط مكثفة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك لضمان توقيعه على الاتفاق، خاصة بعدما تبين أن حركة حماس أبدت استعدادها للموافقة عليه. وبحسب الرقب، فإن قبول نتنياهو بهذا الاتفاق جاء على مضض، نتيجة للضغوط القوية التي تعرض لها من الإدارة الأمريكية.

دعم إسرائيل رغم التهدئة

وفي الوقت ذاته، يعمل ترامب على طمأنة حكومة الاحتلال الإسرائيلي والتيار اليميني الداعم لها، عبر إطلاق تصريحات تؤكد التزامه المستمر بدعم إسرائيل في أي مواجهة مستقبلية، سواء كان ذلك ضد حزب الله، أو حركة حماس، أو أي طرف آخر قد يشكل تهديدًا لمصالحها، غير أن الرقب يشير إلى أن مجمل المواقف الأمريكية لا تعكس وجود رؤية جديدة أو حلول فعلية يمكن أن تسهم في إحراز تقدم في مسار القضية الفلسطينية، وهو ما يعزز القناعة بأن الإدارة الأمريكية الحالية لا تحمل في جعبتها أي مبادرات جادة لدفع عملية السلام نحو الأمام.

ترامب يبدأ ولايته بحملة عدائية ضد الفلسطينيين

ووفقًا للرقب استهل الرئيس الأمريكي ولايته الجديدة بمواقف تعكس عداءً واضحًا للفلسطينيين وشعوب المنطقة، وذلك من خلال تشكيل فريق حكومي يضم عددًا كبيرًا من الشخصيات ذات التوجهات الصهيونية، كما ألغى القرار الذي أصدرته إدارة جو بايدن، والذي كان يمنع المستوطنين المتورطين في اعتداءات على الفلسطينيين من دخول الأراضي الأمريكية، وهو ما اعتُبر بمنزلة توفير غطاء وحماية للمستوطنين وللانتهاكات التي يرتكبونها بحق الفلسطينيين.

إضافة إلى ذلك، أعاد ترامب العمل بقراراته السابقة التي اتخذها خلال فترته الرئاسية الأولى، حيث قرر وقف جميع المساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مستأنفًا بذلك قراره الصادر عام 2018. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أوقف كذلك كافة المساعدات الخارجية التي كانت تقدمها الولايات المتحدة، ما أدى إلى قطع التمويل الذي كانت تتلقاه السلطة الفلسطينية بشكل كامل، الأمر الذي يزيد من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة ترامب حل الدولتين القضية الفلسطينية الرئیس الأمریکی دونالد ترامب حل الدولتین وهو ما

إقرأ أيضاً:

وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين

رفضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين مؤتمر الأمم المتحدة الذي شارك فيه عدد كبير من الدول للعمل على تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، ووصفته بأنه "خدعة دعائية".

الرئيس الفلسطيني يثمن دعوة الرئيس السيسي لترامب من أجل وقف الحرب في غزةمصر وكندا تبحثان تعزيز العلاقات ودعم جهود وقف إطلاق النار في غزة

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، في بيان: "هذه خدعة دعائية تأتي في خضم جهود دبلوماسية دقيقة لإنهاء الصراع وبعيدًا عن تعزيز السلام، سيُطيل المؤتمر أمد الحرب، ويُشجع حماس، ويُكافئ عرقلتها، ويُقوض الجهود الحقيقية لتحقيق السلام".

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 عضوًا، في سبتمبر من العام الماضي عقد هذا المؤتمر في عام 2025. 

وقد أُجّل المؤتمر، الذي استضافته فرنسا والسعودية، في يونيو بعد هجوم إسرائيلي على إيران.

مصر وباكستان تؤكدان تعزيز التعاون ودعم القضية الفلسطينيةمصر تواصل دعمها الأمني للفلسطينيين: تدريب قوات السلطة لتمهيد إقامة الدولة المستقلة

في كلمته أمام المؤتمر، حث وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، جميع الدول على دعم هدف المؤتمر المتمثل في وضع خارطة طريق تحدد معالم الدولة الفلسطينية مع ضمان أمن إسرائيل.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته الافتتاحية: "يجب أن نضمن ألا يصبح هذا المؤتمر مجرد خطاب حسن النية".

وأضاف: "يمكنه، بل يجب، أن يكون نقطة تحول حاسمة - نقطة تُحفّز تقدمًا لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق طموحنا المشترك في حل الدولتين القابل للتطبيق".

مصر تؤكد دعمها لفلسطين وتحذر من المساس بأمنها المائيوزير خارجية فرنسا: اعترافنا بالدولة الفلسطينية سيحدث رسميا في سبتمبر المقبل

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أمام المؤتمر: "يجب أن نعمل على إيجاد السبل والوسائل للانتقال من نهاية الحرب في غزة إلى نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تُهدد فيه هذه الحرب استقرار وأمن المنطقة بأسرها".

طباعة شارك الولايات المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة حل الدولتين وزارة الخارجية الأمريكية وزير الخارجية الفرنسي

مقالات مشابهة

  • ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • أمريكا والصين على استعداد لتمديد هدنة الرسوم الجمركية
  • عماد الدين حسين: مصر تقف سدا منيعا ضد مخطط تهجير الفلسطينيين
  • محمود مسلم بمؤتمر الجبهة الوطنية: مصر أوقفت مخطط التهجير.. ومن أخطأ سيدفع الحساب
  • وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين
  • هدنة جديدة تلوح في الأفق.. واشنطن وبكين تقتربان من صفقة تجارية كبرى
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • هدنة تحت النار.. والمساعدات تكشف زيف الاحتلال
  • عماد الدين حسين: مصر تدعم الفلسطينيين انطلاقًا من مصلحتها الوطنية وترفض التهجير