ترامب يهدد دول بريكس
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
واشنطن - رويترز
حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس الدول الأعضاء في مجموعة بريكس من استبدال الدولار كعملة احتياطية مكررا تهديده السابق بفرض رسوم جمركية بنسبة مئة بالمئة الذي أطلقه بعد أسابيع من فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني.
وقال ترامب في بيان على موقع تروث سوشيال مطابق تقريبا لبيان نشره في 30 نوفمبر تشرين الثاني "سنطلب التزاما من هذه الدول المعادية على ما يبدو بألا تطلق عملة جديدة لمجموعة بريكس، ولا تدعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأمريكي العظيم، وإلا فإنها ستواجه رسوما جمركية بنسبة 100 بالمئة".
وقالت روسيا في ذلك الوقت إن أي محاولة أمريكية لإجبار الدول على استخدام الدولار ستؤدي إلى نتائج عكسية.
وتضم بريكس كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وضمت المجموعة مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات إلى عضويتها في عام 2023، كما أصبحت إندونيسيا عضوا في وقت سابق من هذا الشهر.
ولا تملك بريكس عملة مشتركة، لكن المناقشات طويلة الأمد بشأن هذا الأمر اكتسبت بعض الزخم بعد أن فرض الغرب عقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال ترامب "لا توجد فرصة لأن تحل مجموعة بريكس محل الدولار الأمريكي في التجارة الدولية أو في أي مكان آخر، وأي دولة تحاول ذلك يجب أن تقول مرحبا بالرسوم الجمركية، وداعا لأمريكا!".
ووجه ترامب تحذيره لمجموعة بريكس في وقت تترقب فيه كندا والمكسيك قراره بشأن تعهده بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على البلدين اعتبارا من أول فبراير شباط.
ويدرس ترامب استخدام الرسوم الجمركية أداة لحمل المكسيك وكندا على المساعدة في وقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، وخاصة مادة الفنتانيل القاتلة، وكذلك المهاجرين الذين يعبرون بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة.
وقد تعززت هيمنة الدولار في الآونة الأخيرة مستفيدا من قوة الاقتصاد الأمريكي والسياسة النقدية الأكثر صرامة والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة.
وأظهرت دراسة أجراها مركز جيو إيكونوميكس التابع للمجلس الأطلسي في العام الماضي أن الدولار لا يزال العملة الاحتياطية الأساسية في العالم مشيرة إلى اليورو ودول بريكس لم تتمكن من الحد من الاعتماد العالمي على العملة الأمريكية.
وقد صاغ جيم أونيل كبير خبراء الاقتصاد في جولدمان ساكس مصطلح بريك، الذي لم يشمل جنوب أفريقيا في البداية، عام 2001 في ورقة بحثية أبرزت إمكانات النمو في البرازيل وروسيا والهند والصين.
وتأسس التكتل كمنتدى غير رسمي في عام 2009 لتوفير منصة لأعضائه في وجه النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون. وكانت جنوب أفريقيا المستفيد الأول من توسع المجموعة في عام 2010 عندما تحول اسمها إلى بريكس.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رغم تعافي الجنيه أمام الدولار.. لماذا يشكو المصريون من الغلاء؟
لأكثر من شهر ونصف يتخذ الجنيه المصري مسار صعود لافت مقابل العملات الأجنبية، في مفارقة غير مقنعة لبعض الخبراء، لكنه لم يقابلها انعكاس على واقع الأسعار بأكبر بلد عربي سكانا، ولم يلمس أكثر من 107 ملايين نسمة تحسنا بأحوالهم المعيشية، ويشكو البعض من تراجع القوة الشرائية للعملة المحلية.
وفي 25 حزيران/ يونيو الماضي، كسر الدولار حاجز الـ50 جنيها لأول مرة هذا العام، قبل أن يبدأ مساره الهبوطي، لينخفض في 2 تموز/ يوليو الماضي سعر الدولار إلى 49.29 جنيه بالبنك المركزي.
ليبلغ الجنيه أعلى مستوياته هذا العام في 22 تموز/ يوليو الماضي، مسجلا 49.02 جنيه، ليتراجع مجددا سعر الدولار بمتوسط 20 قرشا بأسبوع واحد ويستقر حول مستويات 48.39 جنيه نهاية الشهر الماضي، ليواصل ذات معدلاته مسجلا 48.48 جنيه، الأحد.
"بلا سبب مقبول"
حالة الجنيه، تلك دفعت الأكاديمية المصرية الدكتورة علياء المهدي، للقول إن حالة الصعود التي يعيشها الجنيه مقابل الدولار "ليس لها سبب موضوعي مقبول".
وأوضحت في منشور عبر موقع "فيسبوك"، أن "صادرات مصر لم تزد، ولم ينخفض عجز الميزان التجاري، ولا التزامات مصر تجاه الخارج"، مشيرة إلى "أعباء مديونية ضخمة سنويا"، وألمحت إلى أن "وصول رؤوس الأموال الساخنة 41 مليار دولار، أمر مقلق مع احتمالات خروجها بأي لحظة".
ويعزي مراقبون ومحللون الوضع الحالي للعملة المصرية لعدة عوامل منها الحضور المتواصل من المستثمرين الأجانب (المال الساخن) في أدوات الدين المصرية (شراء أذون الخزانة)، وزيادة النشاط السياحي وخاصة الخليجي في البلاد بفصل الصيف، إلى جانب تراجع الدولار عالميا.
وقفزت إيرادات مصر السياحية 22 بالمئة بالنصف الأول من العام الجاري إلى 8 مليارات دولار، بحسب تصريح لوزير السياحة شريف فتحي، الشهر الماضي.
وبحسب بيانات البنك المركزي، بلغت استثمارات الأجانب بأذون الخزانة 38 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف في آذار/ مارس 2023، فيما يقدر خبراء قيمة المال الساخن في أدوات الدين المصرية حاليا، بنحو 40 مليار دولار.
"خسارة محتملة"
ويرجح محللون أن يكون تحسن أداء الجنيه مقابل الدولار والعملات الأخرى لفترة مؤقتة، متوقعين أن يعود بعدها تراجع العملة المحلية بالربع الأخير من العام الجاري، ملمحين إلى احتمال تخارج الأموال الساخنة حال تراجع أسعار الفائدة، وهي الرؤية التي تبناها العضو المنتدب لشركة "ألفا" لإدارة الاستثمارات المالية محمد حسن.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، دفع خروج الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة بفعل فرض الرسوم الجمركية الأمريكية إلى تعرض الجنيه لخسارة كبيرة حيث بلغ أدنى مستوى تاريخي له عند 51.73 جنيه أمام الدولار.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، حذر الخبير الاقتصادي هاني توفيق، من الاعتماد على الأموال الساخنة، التي بلغت نحو 40 مليار دولار، كوسيلة لدعم الجنيه، مطالبا بـ"جذب الاستثمار الأجنبي المباشر"، ومبينا أنه "الطريق الأمثل لخلق فرص العمل، وتعزيز التصدير، وزيادة الإيرادات، وتقليل المديونية".
وتعاني مصادر مصر الدولارية من التراجع الشديد مع تراجع دخل قناة السويس 61 بالمئة العام الماضي لتسجل 3.99 مليار دولار، وخلال الربع الأول من العام، سجلت الصادرات غير البترولية 9.86 مليار دولار، وبلغت تحويلات العاملين بالخارج 9.42 مليار دولار، تليها السياحة بـ3.81 مليار دولار، ثم صافي الاستثمار الأجنبي بنحو 3.77 مليار دولار، والصادرات البترولية 1.18 مليار دولار، وقناة السويس 0.83 مليار دولار.
"خيبة أمل"
وأعرب مصريون، عن آمالهم في أن يكون تحسن الجنيه ولو بشكل مؤقت فرصة لتحسن أسعار السلع وخاصة مع بداية العام الدراسي الجديد الشهر المقبل، مؤكدين أنهم لم يشعروا بأي تحسن في أسواق الملابس والأطعمة.
وتوضح (أم عمر)، و(أم أحمد)، وهما من بيت واحد قررتا الانتقال من محافظة الشرقية والذهاب إلى سوق العتبة والموسكي بوسط القاهرة، بحثا عن أسعار ملابس مدرسية أرخص لـ4 أولاد وبنتين في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي.
في حديثيهما لـ"عربي21"، أعربتا عن صدمتيهما من الأسعار، ومن عدم تمكنهما من شراء كل ما أرادتا من ملابس، وأدوات كتابية، مشيرتين إلى أن كل واحدة منهما تحملت أكثر من 150 جنيها تكلفة المواصلات فقط، أضيفت على تكلفة الملابس، مع وجبة من الفول والطعمية تعدت 50 جنيها.
ومع إخبارهما بأن معدل التضخم عن الشهر الماضي منخفض عن الشهر الذي سبقه، وأن هذا يعني تراجع الأسعار، أكدتا أن "أي حديث عن أسعار مخفضة هو ضحك على الناس"، موضحتين أننا "قبل سنوات كنا نفكر كيف سنوفر المال لجهاز البنات وتوفير سكن لزواج الأبناء، لكن حاليا لا نفكر إلا في توفير الطعام والدواء ومصروفات الدراسة والدروس الخصوصية التي بدأت قبل أيام".
"ارتفاعات بقرار حكومي"
والأحد، كشف بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، (حكومي) عن تموز/ يوليو الماضي، ارتفاع أسعار إيجارات المساكن على أساس سنوي بنسبة 12.9 بالمئة، وارتفاع المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 20.4 بالمئة، والرعاية الصحية بنسبة 37.7 بالمئة، والنقل والمواصلات 34.8 بالمئة، والتعليم 10 بالمئة.
ووسط توقعات خبراء بارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات والطعام والدواء أيلول/ سبتمبر المقبل، من المقرر زيادة أسعار الكهرباء في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، فيما تشهد تكلفة النقل والمواصلات الخاصة ارتفاعات متواصلة مع زيادة أسعار الوقود السابقة 11 نيسان/ أبريل الماضي، مما أثر على تكلفة خدمات النقل الداخلية.
وسجلت أسعار الحديد ارتفاعا بنهاية تموز/ يوليو الماضي، ووصل سعر الطن بين 39 ألف و41 ألف جنيه، مما يُنذر بارتفاعات جديدة في تكاليف البناء، خاصة مع ما شهدته أسعار الأسمنت من تذبذب، بتراوح سعر الطن بين 3.450 و3.926 جنيها نهاية تموز/ يوليو.
وبينما شهد القطاع الخاص غير النفطي تحسنا نسبيا في تموز/ يوليو الماضي، إلا أنه سجل تسارعا في ضغوط أسعار مستلزمات الإنتاج، بارتفاع أسعار بعض السلع الرئيسية، ما انعكس على أسعار الإنتاج التي ارتفعت للشهر الثالث على التوالي.
والشهر الجاري، رفعت وزارة الصحة أسعار خدمات مستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان، لترتفع تكلفة إقامة المريض بين 150 و550 جنيها يوميا دون مصاريف الخدمات الطبية، ووصل سعر الكشف على ذوي الإعاقة 200 جنيه، ما يزيد عزوف الفقراء عن تلقي العلاج في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
وبنسبة 300 بالمئة وخلال النصف الأول من العام الجاري ارتفعت أسعار أدوية الأمراض المزمنة منها أدوية السكري، والقلب وضغط الدم والكوليسترول، والربو، والتهاب المفاصل، وعلاج السرطان الكيميائي والإشعاعي والهرموني.
"الحكومة وتضليل الشعب"
خبيرة التخطيط الاستراتيجي، والتسويق الدولي سالي صلاح، ترى أن الحكومة توهم الشعب بنزول الدولار، وأن "هناك مخطط لبقاء المستثمرين الأجانب بأدوات الدين، بالحصول على الجنيه بـ48 جنيه بعد أن اشتروه بـ50 جنيها وتحقيق مكسب 2 جنيه لكل دولار، مع فائدة مرتفعة (24.5 بالمئة)".
وبيّنت عبر "فيسبوك"، أن "تقوية الجنيه تعني تحسين القوة الشرائية وانخفاض أسعار السلع"، مؤكدة أنه "طالما الأسعار مرتفعة فهناك تضليل للشعب"، متوقعة حدوث ارتفاع جديد بـ"أسعار الكهرباء والمحروقات والطعام والدواء في أيلول/ سبتمبر المقبل"، ملمحة إلى أن "التجار يقومون حاليا بتخزين الكثير من السلع لبيعها بسعر أعلى".
وأشارت إلى "وجود فجوة تمويلية ضخمة أكثر من 40 مليار دولار"، معتبرة أن وعود الحكومة بنزول الأسعار "مسرحية هزلية"، قائلة إن "نزول التضخم صوري، والأسعار تزيد، والركود مستهدف حتى لا يشتري الناس".
"غياب التوازن ومعدلات الفقر"
وفي مقابل ضعف القوة الشرائية للجنيه التي يشكو منها المصريون كشفت ورقة بحثية للباحث حسن بربري، أكدت غياب التوازن بين الحد الأدنى للأجور (7 آلاف جنيه) وخط الفقر الفعلي، وبينت أن الأجور الحالية لا تكفي لتأمين حياة كريمة، راصدة معاناة العمال وصعوبة مواجهة موجات الغلاء، والتدهور الحاد في الإنفاق الغذائي والصحي والتعليمي.
وبينما ترفض السلطات المصرية الإفصاح عن نسب الفقر بالبلاد إلا أنه وفي حزيران/ يونيو الماضي، كشفت مختارات من بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول الدخل والإنفاق والاستهلاك عن (2021-2022) أن نسبة الفقر بلغت 34 بالمئة، بزيادة 4.3 بالمئة عن (2019-2020)، في حين تشير تقديرات غير رسمية إلى أن نسبة الفقراء أكثر من 60 بالمئة.
وفي إجابته على سؤال "عربي21"، متى يشعر المواطن بتحسن سعر صرف الجنيه؟، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب: "شعور المواطن ببعض التحسن أو التعافي الاقتصادي وانعكاس ذلك على مستوى المعيشة يحتاج إلى تراجع الأسعار وبشكل حقيقي وليس بشكل وهمي".
وأوضح أنه "عندما نقول إن المواد الغذائية والحبوب ارتفعت بنسبة 20 بالمئة في النصف الأول من العام، ثم تبدأ في التراجع بنسبة 10 بالمئة، فهذا لا يعتبر تراجعا ولا تحسنا، بل على العكس يعتبر زيادة لا يستطيع المواطن تحملها".
ولفت إلى جانب ثاني، قائلا: "يتخيل البعض أن لدينا سعر صرف، وهذا غير صحيح، فارتفاع الدولار وانخفاضه بالبنوك مدار بشكل كبير"، مبينا أنه "يوجد سوق لسعر الصرف عندما يحصل المواطن من الجهاز المصرفي وشركات الصرافة المرخصة على بعض احتياجاته من الدولار والعملات الصعبة".
ويرى أن "هذا معناه عدم وجود سوق لسعر الصرف في مصر، وأنها مجرد قرارات إدارية من البنك المركزي برفع أو خفض سعر الدولار، نتيجة لسياسات أو رؤية البنك، لكن لا علاقة لها بسعر الفائدة ولا معدل التضخم ولا المؤشرات النقدية، لذا الحديث عن تراجع الأسعار لمجرد انخفاض الدولار غير موجود لأنه انخفاض وهمي".
"مرتبطة بالإنتاج لا الدولار"
ويعتقد الخبير المصري أن "المواطن يشعر بما نسميه تحسن إلى حد ما مع تحقيق معدل نمو على الأقل يتراوح ما بين 7 إلى 9 بالمئة، ولا بد أن يكون نمو حقيقي وفي ظل معدل تضخم أحادي -أقل من 10 بالمئة- عندها يكون هناك عرض للوظائف، وزيادة في الدخول، والإنتاج، وسرعة دوران رأس المال، وتحقيق أرباح، عندها يحدث انتعاش ينعكس أثره على المواطن".
ولفت إلى جزء مهم من المشكلة الاقتصادية وفق رؤيته، وهو "ارتفاع التكاليف مع عدم القدرة على بيع وحدات أكثر، فلو أنك تبيع عدد أكبر ولديك مستهلكين قادرين على الشراء بشكل أكبر سوف تنخفض الأسعار، لأنه كلما زادت الوحدات المباعة كلما زاد هامش الربح، ومن هنا يمكن للتاجر البيع بأسعار معقولة ويحقق أرباحا ويصبح المنتج في متناول المستهلك".
واستدرك بقوله: "لكن طالما ترفع الدولة أسعار الغاز، والكهرباء، والمواصلات، والضرائب، والخدمات، والرسوم، لن يكون هناك تراجع بباقي الأسعار، لأن الاقتصاد وحدة متكاملة ما يحدث فيه يؤثر في الباقي، ولو هبط الدولار إلى 20 جنيها مقابل الجنيه فلن يشعر المواطن بفرق الأسعار، فالمسألة في أغلبها غير مرتبطة بالدولار بقدر ارتباطها بحركة الإنتاج".