في اليوم الثامن من العيد الثقافي لمصر، معرض القاهرة الدولي للكتاب الدورة 56، شهدت قاعة «الصالون الثقافي»، ندوة بعنوان «أيام عربية… ثقافتنا في ليبيا والجزائر»، حيث تتمتع ليبيا، والجزائر، بعلاقات طويلة، وجمعت بينهما روابط متعددة تعززت عبر الزمن، خاصة خلال فترات الاحتلال، ومراحل الكفاح من أجل الاستقلال، ولم تكن مصر بعيدة عن هذه العلاقات، فقد دعمت الحركات التحررية في البلدين، وكان لمثقفيها وأدبائها دورًا محوريًا في إثراء الفكر العربي.

افتتح خالد زغلول، اللقاء، بالتعريف بالضيوف، وكان من بينهم الصحفي الليبي ووزير الثقافة الأسبق، علي الجابر، رئيس جمعية الناشرين ورئيس تحرير إحدى الصحف الليبية البارزة، حيث بدأ الكاتب الصحفي الليبي، جمعة الفاخري، حديثه، بالتأكيد على قوة العلاقات بين ليبيا والجزائر ومصر، مشيدًا بالحضارة المصرية التي تُمثل مصدر إلهام دائم.

جانب من الندوة

وقال الفاخري: إن مصر ليست مجرد بلد، بل هي ذاكرة الأمة العربية، تقف دائمًا في وجه التحديات، كما قال الله تعالى، -اهبطوا مصر-، ولا يزال هذا الهبوط مستمرًا، يحمل معه الغيث والشعر والجمال، مصر التي نحبها كما تحبنا، هي العمق التاريخي والحضاري والإنساني لعالمنا العربي، وتحدث كذلك عن العلاقة الوثيقة بين ليبيا والجزائر، خاصة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، مشيرًا إلى دور المرأة الليبية في دعم الثورة الجزائرية، حيث كان النساء يتبرعن بذهبهن لدعم الثوار، واستشهد بشهادة المناضل الجزائري، أحمد بن بلة، الذي أكد أن الليبيين قد فتحوا بيوتهم وقلوبهم لدعم الثورة الجزائرية، وكانوا يجمعون التبرعات لمساندة المجاهدين، حتى إن بعض الشباب الليبيين قدموا حياتهم من أجل الجزائر، مثل مصطفى أبو المعيل، الذي قُتل أثناء محاولته تهريب الأسلحة للثوار.

كما أوضح الفاخري، أن الفنان والمثقف الليبي لا يجيد تقديم نفسه ورعاية مواهبه، وأن النقد العربي ظلم الإبداع العربي، فلولا أن مبدعين، مثل: إبراهيم الكوني، محمد إبراهيم الفقيه، غادروا ليبيا، لما عرفهم أحد، ولما تُرجمت أعمالهم، وأشاد بالدور الذي تقوم به الجامعات المصرية لاهتمامها بالإبداع الليبي، مؤكدًا أن النقد عملية صحية ومهمة لأي إبداع.

تناول علي الجابر، أسباب تأخر ازدهار الثقافة الليبية، مشيرًا إلى أن ليبيا، المحاطة بدول كبرى، كانت دائمًا هدفًا للاستعمار، مما أدى إلى تأثرها بثقافات وافدة، وأضعف تطورها في بعض الفترات، وأوضح أن الاستعمار الإيطالي لم يترك تأثيرًا واسعًا كما فعل الاستعمار الفرنسي في الجزائر، حيث إن قلة من الليبيين يتحدثون الإيطالية اليوم، بعكس الجزائر التي تأثرت بشكل كبير، وأن الزخم الثقافي الليبي يواجه أزمة، حيث إن المبدعين غالبًا ما يخجلون من تسويق أنفسهم، لكن مع تطور وسائل الإعلام الحديثة بدأ الاهتمام يتزايد، بما في ذلك الأدب والموسيقى والفلكلور، وأشار إلى أن هناك كتابان صدرا مؤخرًا، أحدهما عن الثورة الجزائرية من وجهة نظر ليبية، والآخر عن القصة القصيرة الليبية.

اقرأ أيضاًمناقشة «في حضرة التاريخ والمؤرخين» للدكتور أحمد زكريا الشلق بمعرض الكتاب

من الفراعنة إلى نجيب محفوظ.. «ميلانا فوكوفيتش» تروي حكاية عشقها لمصر بمعرض الكتاب

معرض الكتاب يناقش «دور العلم والتكنولوجيا في تطور علاج الأورام»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر ليبيا الجزائر معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب الدورة 56 لیبیا والجزائر

إقرأ أيضاً:

باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي

حاول الإعلامي باسم يوسف، تقديم توضيح لما وصفها "الصورة غير الدقيقة" التي تُرسم عن دول عدة حول العالم، ولا سيما في المنطقة العربية، وذلك في أعقاب زيارته الأخيرة إلى ليبيا، تلبية لدعوة "أيام طرابلس الإعلامية".

وتوقف عند دلالات استمرار تلقي الصور الترفيهية والإعلامية الجاهزة، خصوصا تلك المنتجة في الولايات المتحدة الأمريكية، وما يترتب عليها من استمرار مآس إنسانية، من بينها إبادة الفلسطينيين في غزة على يد دولة الاحتلال، دون ردود فعل من دول تحمي قدسية أرواحهم بوصفهم بشرا.

وأوضح موقع “هسبريس” أن باسم يوسف، الإعلامي المصري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، يعد صاحب أبرز برنامج ساخر في العالم العربي هو “البرنامج”، وأحد الوجوه المؤثرة اليوم في الكوميديا السياسية الساخرة والنقاش الإعلامي باللغة الإنجليزية.



ونقل عنه قوله إن أول كلمة سمعها من كثيرين في محيطه عندما أخبرهم بنيته زيارة ليبيا كانت: “لم!؟”، مضيفا: “لا ألوم الناس على ذلك، بعد أخبار الصراعات والنزاعات والعواجل غير الجيدة في الغالب، لكن عندما وصلت إلى هنا أحسست بإحساس الغباء الذي كنت أحس به عند حديث الأجانب عن دولنا، كما أحسست بالتقصير لأني لا أعرف عن ليبيا الكثير”.

وخلال مداخلته في فعاليات “أيام طرابلس الإعلامية”، أقر باسم يوسف بأنه بمجرد وصوله إلى العاصمة الليبية، ومشاهدته أضواء المدينة وازدحام السيارات والبنايات الشاهقة والحياة اليومية العادية، شعر بالخجل من نفسه ومن جهله، وفق تعبيره.



وتابع: “دفعتني هذه التجربة إلى التفكير في معلومات وانطباعات تصلنا عن العالم، ولا علاقة لها بالواقع، وهو ما يبلغ درجة أن لا معلومات لي عن جارة لبلدي، وهو جهل الأجانب نفسه الذي نحس به لما يزوروننا في مصر أو الجزائر أو المغرب”.

وأبدى "الكوميدي" السياسي باسم يوسف تصالحا مع الوصف القدحي الذي يطلقه عليه منتقدوه ومعارضوه بـ“الأراجوز”، بل تبناه، قائلا: “أنا كوميديان ترك الطب ليضحك الناس، فوجدت نفسي في معمعة أكبر مني عربيا وغربيا”.

وتطرق إلى ما يردده البعض بشأن الحاجة إلى حضور العلماء والدبلوماسيين والسياسيين والأطباء في مثل هذه المناسبات، منبها إلى أن “صورتنا كعرب ومسلمين عند الآخرين غير جيدة، وهي لا تتشكل عبر الأكاديميين والدكاترة، بل عبر وسائل الإعلام؛ والكوميديين والناس غير الجادين”.

وأضاف أن الغرب “لا يعرفنا غالبا عبر الكتب والمراجع، بل إن كل المعلومات المغلوطة عنا قادمة من الإعلام والترفيه والأفلام التي نعتبرها تفاهة”.

وقدم يوسف مثالا بما ترسخ في الغرب بسبب المخرج ستيفن سبيلبرغ الذي “صوّر اليهود يبنون الأهرام، وبسبب فيلم من ساعتين صار هذا تاريخا رسميا في عقول الناس، رغم أن علماء الآثار يعرفون أن بناء الأهرام يسبق وجود اليهود في مصر بقرون”. واعتبر أن الأمر نفسه ينطبق على صورة الإيرانيين في الولايات المتحدة، بفعل “مسلسلات وأفلام تزرع صورة نمطية”.

وأوضح أن النتيجة لا تتعلق بالصورة فقط، بل بحياة الناس، قائلا إن “ما حدث في فلسطين هو حصيلة بروباغاندا (دعاية) ممنهجة منذ سنين، وما استطاعت القيام به إسرائيل هو نتيجة غسيل دماغ طويل، صنفنا أشرارا ولو دافعنا عن أرضنا، وبأننا نستحق أن يُقتل أبناؤنا داخل منازلنا”.

واستشهد بنموذج سابق، قائلا: “في أفلام الويسترن شجعنا رعاة البقر ضد أصحاب الأرض الهنود الحمر، وأحببنا ممثلا عنصريا مثل جون وين، بسبب البروباغاندا الممررة عبر التسلية”.



وأعرب باسم يوسف عن أسفه لاستمرار النظرة القاصرة للإعلام والفن في العالم العربي باعتبارهما “تسلية فارغة” يُنظر إليها بـ“تعالٍ وكره”، بينما “في الخارج يوجد فن الإسفاف، والفن الجيد، والذي بينهما، ويشكل عقول المجتمعات”.

وتابع: “بعد اهتزاز صورة إسرائيل أُعلنت في كان مسلسلات وأفلام ووثائقيات بمئات الملايين لسرد ‘سبعة أكتوبر’ من وجهة نظرهم وتعويض خسائرهم فعلا”. وأضاف أن عمليات شراء منصات مثل “تيكتوك”، و“براماونت”، و“إتش بي أو”، و“وورنر برادرز” لا تتعلق بالتسلية، بل بـ“السيطرة على ملايين البشر”.

وسرد يوسف مفارقات يصفها بأنه يعيشها كمصري أصبح أمريكيا أيضا، قائلا: “نحن عرب المهجر رأينا الأمور من الداخل، ونعيش واقعا صعبا، فنحن نعيش في بلاد تستحل دماءنا في بلداننا التي تركناها، وهو ما يتم بأموال ضرائبنا، ونحس بعجزنا، وترسيخ صورة سلبية عنا”.

وأضاف أن هذا الواقع يمتد حتى داخل العالم العربي عبر استخدام منصات مثل “غوغل” و“أمازون” و“آبل”، التي وصفها بأنها “متواطئة بالكامل مع إسرائيل”.

وخلال مداخلته في “أيام طرابلس الإعلامية”، خلص يوسف إلى أن “كل هذا التخوف والتوجس من ليبيا يأتي من الجهاز المستطيل (الهاتف)… والعدسة المشروخة عمدا، التي صورت الدولة فيلم رعب، بدل تقديمها بلدا له مشاكله”.

وتابع: “وأقول هذا بعد 12 ساعة من قدومي لطرابلس، جعلتني خلال وقت قليل أخجل من نفسي، مع ما وجدته من كرم وحب وذوق، كفيل بإعادتي مرة ومرات”.

وختم بالتأكيد على أن “التفاؤل والأمل لا يعنيان أن نغفل عن المحاولات المستمرة للسيطرة على الإعلام والعقول، بل ينبغي الاستثمار في الجذب والتركيز لأن السنوات القادمة صعبة”، مضيفا: “سنستمر في الوضع نفسه إذا واصلنا انتظار الآخرين ليصوّرونا أخيارا أم أشرارا أم أمواتا أحياء أم هنودا حمرا، وإذا جعلنا كل دورنا هو البحث عن كيف نبدو في عيون الآخرين”.

مقالات مشابهة

  • باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي
  • تاريخ العلاقات الصينية اليابانية.. عقود من التوتر والتعاون
  • مصر وإسبانيا تبحثان تفعيل الحوار الاقتصادي وعقد منتدى أعمال مشترك في 2026
  • مجمع البحوث يعلن إصدار جديد بمعرض الكتاب"دليل السالك إلى مالك الممالك"
  • "نداء أهل القبلة: دعوة مشتركة لوحدة المسلمين".. في ندوةٍ لحكماء المسلمين بمعرض العراق الدولي للكتاب
  • رئيس الاتحاد الليبي للرياضات الجوية، لؤي الجطيلي يُنتخب نائبًا لرئيس الاتحاد العربي
  • المستشار الثقافي الروسي يناقش العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر وروسيا على الهواء
  • هيئة الكتاب تصدر جزءًا جديدًا من «تاريخ الدول والملوك» لابن الفرات ضمن سلسلة التراث الحضاري
  • فؤاد هنو يلتقي سفير اليونان: العلاقات الثقافية بين البلدين نموذج مُلهم للتواصل الحضاري
  • التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية