أتباع ديانة قديمة ووثنية في إندونيسيا يشكون من التمييز
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
يقول اتباع سوندا ويويتان التي كانت تُمارَس في إندونيسيا قبل ظهور الإسلام والمسيحية بفترة طويلة، إنهم ضحايا سياسات حكومية غير عادلة ومواقف تمييزية.
يتذكّر سوبراتا (81 عاماً)، أحد أتباع عقيدة وثنية قديمة في مقاطعة إندونيسية معروفة بتعصبها الديني، التمييز الذي تعرّض له مدى عقود.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس يقول سوبراتا الذي يحمل اسماً واحداً على غرار الكثير من الإندونيسيين "أنا مواطن في هذا البلد لكنني منبوذ على أرضي".
وتصدح صنوج غاميلان، وهي فرقة موسيقية تقليدية، في قريته سيغوغور الواقعة على مسافة نحو مئتي كيلومتر شرق جاكرتا والتي تستعد للاحتفال بـ"سيرين تاون"، وهو مهرجان سنوي للحصاد كان محظوراً حتى نهاية عهد سوهارتو في العام 1999.
يؤدي سوبراتا طقوس سوندا ويويتان، وهو نظام المعتقدات الخاص بما كان يُعرف بسوندا واستحال راهناً جاوة الغربية، المقاطعة الأكثر سكانا في إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة.
ويقول اتباع سوندا ويويتان التي كانت تُمارَس في إندونيسيا قبل ظهور الإسلام والمسيحية بفترة طويلة، إنهم ضحايا سياسات حكومية غير عادلة ومواقف تمييزية.
ويدعو بعض أتباع سوندا ويويتان إلى ربط الأديان الأخرى بطقوسهم المقدسة ويعملون مع منظمات غير حكومية وأخرى دينية على أمل الاعتراف بعقيدتهم.
وقبل ممارسة ما يسمى بطقوس "بيستا دودونغ" التي يُقال إنها تحمي المحاصيل من الحشرات والطفيليات، يشعل رجال يرتدون ملابس سوداء النار وهم يرددون تعاويذ، فيما تغني نساء وهنّ يرتدين قمصان "كيباياس" البيضاء التقليدية، أناشيد بلغة سوندا.
يكرّم أتباع سوندا ويويتان ذهنية أسلافهم وقوة الطبيعة، ويُنظَر إليهم على أنهم ملحدون وكفرة.
"الإيمان بالله القدير"ويشير سوبراتا إلى أنه حُرم من ترقيات قبل تقاعده من وظيفته في القطاع العام، بسبب معتقداته. ويقول "إنّ الله جعلني مؤمناً بسوندا ويويتان، لكن بعدما ولدت لم أُعامل مثل الآخرين. وهذا مؤلم طبعاً".
وتسمح إندونيسيا باعتناق ست ديانات رئيسية، مع العلم أنّ البلاد تضم مئات الديانات المحلية.
لكن حتى العام 2017، كان يتعيّن على أكثر من 10 ملايين شخص من أتباع طوائف السكان الأصليين شطب خانة "الدين" من بطاقة هوياتهم. ومذاك، سمحت لهم المحكمة الدستورية الإندونيسية بإضافة عبارة "الإيمان بالله القدير".
وكان من الصعب تالياً على أتباع سوندا ويويتان ممارسة حقوقهم سواء لناحية تجديد رخص القيادة الخاصة بهم أو التقدم لوظائف معينة. ولم تتبدّد مختلف العوائق البيروقراطية بعد.
ويقول إيرا إندراوردانا، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة بادجادجاران وأحد اتباع سوندا ويويتان، لوكالة فرانس برس "نواصل مواجهة مقالات تنطوي على تمييز" ما زالت تُنشَر.
ويتردد البعض في تجديد بطاقات هوياتهم. ويتساءل المدافع عن حقوق أتباع سوندا ويويتان ديوي كانتي سيتيانينغسيه "نحن جميعاً مختلفون، فلم ينبغي أن نتوحّد ضمن مصطلح واحد؟".
"محرومون من الوضع القانوني"وبما أنّ دينهم غير مُعترف به، لا يمكن لأتباع سوندا ويويتان تسجيل زيجاتهم بشكل قانوني. ويضيف سيتيانينغسيه أنّ "أبناءهم لا يتمتعون بوضع قانوني، ويُعتَبرون أطفالاً غير شرعيين".
واتخذت السلطات المحلية إجراءات لإغلاق مقابرهم بحجة عدم حيازتهم تصاريح. ومع ذلك، تنفي الحكومة ألا يكون المجتمع يتمتع بالحقوق نفسها التي يستفيد منها أتباع الديانات الأخرى.
ويقول سجامسول هادي، وهو مسؤول كبير في وزارة التعليم والثقافة والبحوث والتكنولوجيا، إنّ "الوزارة غير قادرة على توفير خدمة مماثلة لعدد كبير من الأديان، ولهذا السبب قررنا استخدام مصطلح عالمي".
ويعزل بعض أتباع سوندا ويويتان الذين ينتمون إلى قبيلة بادوي، أنفسهم نسبياً عن العالم الحديث.
ومطلع الستينات، كان هذا المجتمع يضم حوالى 15 ألف فرد، بحسب سيتيانينغسيه. أما راهناً، فمن الصعب تحديد عددهم لأنّ كثرا منهم يخفون إيمانهم الحقيقي.
وكان رستو بوانا، وهو طالب يبلغ 20 عاماً، يقول إنه كاثوليكي عندما كان طفلاً لأن والديه كانا يخشيان تعرضه للتنمر. وعندما اكتشف أستاذه في الدراسات الدينية الحقيقة، قال له إنّ سوندا ويويتان "ليست ديانة".
أما خانة الديانة في بطاقة هويته، فمشطوبة.
ويقول "أرغب في إزالة خانة الدين من على بطاقات الهوية، لانّ الديانة مسألة خاصة، وإيمان الناس حق ينبغي احترامه".
ويرى عالم الأنثروبولوجيا إندراوردانا أنّ "إندونيسيا عليها قبول الاختلافات إذا رغبت في أن تعتبر منارة للتنوع".
المصادر الإضافية • وكالات
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ما سرّ تزايد عدد الأمريكيين الذين يغيرون دياناتهم؟ الإسلام الديانة الأولى عالميا بحلول 2070 شاهد: احتجاجات في بنغلاديش بعد وفاة زعيم إسلامي بارز مسجون دول إسلامية ثقافة إندونيسيا حقوق الأقليات ديانةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دول إسلامية ثقافة إندونيسيا ديانة إسبانيا كرة القدم روسيا الصين رياضة السعودية سوريا محمد بن سلمان سفينة قتل كوارث طبيعية إسبانيا كرة القدم روسيا الصين رياضة السعودية فی إندونیسیا
إقرأ أيضاً:
أوجلان والكلمة التي أنهت حربا
آخر تحديث: 12 يوليوز 2025 - 7:24 صبقلم: فاروق يوسف تخلى حزب العمال الكردستاني عن خيار الكفاح المسلح معلنا نزع سلاحه. فهل يعني ذلك اعترافا بالهزيمة؟كان عبدالله أوجلان زعيم الحزب واضحا في كلامه. الاستمرار في ذلك الخيار يعني المشي في طريق مسدودة.لقد سبق للزعيم الكردي الذي تم اعتقاله عام 1999 في سياق صفقة سياسية مبتذلة على المستوى الأخلاقي أن دعا غير مرة من سجنه إلى طي صفحة الحرب.كان من الصعب على الحزب الذي تأسس عام 1984 أن يطوي تلك الصفحة التي انطلق منها من غير أن تتغير المعادلات السياسية في تركيا. تلك المعادلات المتحجرة التي كانت قائمة على عدم الاعتراف بوجود الأكراد جزءا من التركيبة الوطنية في تركيا.
لقد أنهى أوجلان الحرب بكلمة. غير أن تلك الكلمة ما كان لها أن تكون بذلك التأثير لولا أن الواقع السياسي التركي قد قدّم لها كل أسباب القوة قاوم الأكراد تحجّر العقل السياسي التركي بطريقة تعبّر عن معرفة عميقة بتعثر إمكانية الحوار تحت مظلة وطنية جامعة. فبغض النظر عن نوع النظام الحاكم في أنقرة، دينيا كان أم مدنيا فإن الاعتراف بحقوق الأكراد القومية كان خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، حتى أن تركيا لم تكن تعترف بوجود الأكراد قومية مستقلة وكانت تسمّيهم بأتراك الجبل.
وعلى الرغم من أن الحرب على الساحة الكردية قد كلفت تركيا خسائر بشرية ومادية هائلة فإن دولة أتاتورك كانت مستعدة لخرق القانون الدولي واحتلال أجزاء من سوريا والعراق من أجل مطاردة المتمردين الأكراد.كان خيار السلم على الأراضي التركية التي يقيم فيها الأكراد مُستبعدا حتى بعد اعتقال أوجلان. ذلك لأن حزب العمال وقد وجد له حاضنة في شمال العراق كان يأبى أن ينضم إلى زعيمه في معتقله ويستسلم. وإذا ما كان حزب العمال قد استفاد من الاستقلال النسبي للإقليم الكردي في شمال العراق فإنه استفاد أيضا من الظرف الإقليمي المضطرب بحيث كانت تركيا حائرة في أن تحارب على أيّ جبهة، في سوريا أم في العراق أم في الداخل التركي.ولا يخفى على تركيا وهي الضليعة بمؤامرات الناتو التي هي جزء منه ما تخطط له الولايات المتحدة وهي تعمل على تأثيث وجودها في المنطقة بأسلوب استعماري جديد. كل تفكير بتركيا قوية يبدو ساذجا في ظل استضعافها محليا من خلال المسألة الكردية. ولأن تركيا بدت عاجزة عن حل مشكلة محلية فقد بات الحل الدولي قريبا. فعلى الرغم من أن تركيا كانت حاضرة في المعالجة الدولية للمسألة السورية فإن ذلك لم يضمن لها انحياز الجانب الأميركي.يملك الأكراد اليوم تمثيلا قويا في الحياة السياسية التركية. ذلك ما يعني أن تركيا قد تغيّرت. ولأن تركيا قد تغيّرت فقد آن للأكراد أن يتغيّروا.من المهم أن أنبه هنا إلى أن أكراد تركيا على الرغم مما عانوه من تهميش وعزل وازدراء إلا أنهم لم يطالبوا إلا بحقوقهم المدنية وهي حقوق المواطنة المتوازنة والسوية من المؤكد أن أكراد حزب العمال لم يتخلوا عن خيار الكفاح المسلح إلا بعد أن ضمنوا أن هناك حياة وطنية عادلة في انتظارهم.
من المهم أن أنبه هنا إلى أن أكراد تركيا على الرغم مما عانوه من تهميش وعزل وازدراء إلا أنهم لم يطالبوا إلا بحقوقهم المدنية وهي حقوق المواطنة المتوازنة والسوية. وكما يبدو فإن تركيا تغيرت عبر الزمن. لذلك صار على الأكراد أن يتغيّروا ويغيّروا نهجهم وطريقتهم في التلويح بمطالبهم. والأهم من ذلك أن مبدأ الكفاح المسلح لم يعد مقنعا للكثير منهم، أولئك الذين انخرطوا في الحياة السياسية التركية من خلال الأحزاب التي صار لها صوت في الشارع. كان عبدالله أوجلان حكيما ورجلا مسؤولا حين صارح شعبه بأهمية الاستجابة لتلك التغيّرات والتفاعل معها بطريقة إيجابية. فالمهم بالنسبة إليه وإلى شعبه أن يكون الهدف الذي اختاروا من أجله اللجوء إلى الكفاح المسلح قد تحقق أو في طريقه إلى أن يكون واقعا وليس الكفاح المسلح هدفا في حد ذاته. هنا تكمن واحدة من أهم صفات الزعيم العاقل. ليس من المعلوم حتى الآن ما هي الصفقة التي تخلّى حزب العمال بموجبها عن سلاحه منهيا الحرب التي أضرّت بالأكراد مثلما أضرّت بتركيا.لكن اللافت هنا أن رجلا لا يزال قيد الاعتقال منذ أكثر من ربع قرن كان قادرا على أن يقول كلمة النهاية. وهو ما يعني أن الطرفين، الكردي والتركي، يثقان بذلك الرجل الذي وهب شعبه الجزء الأكبر من عمره.لقد أنهى أوجلان الحرب بكلمة. غير أن تلك الكلمة ما كان لها أن تكون بذلك التأثير لولا أن الواقع السياسي التركي قد قدّم لها كل أسباب القوة.