يبدو أن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» لم يساعده أحد من أسطول الخبراء المحيطين به والمتخصصين فى تاريخ الشرق الأوسط من القراءة الصحيحة لتاريخ مصر جيداً، فجاءت تصريحاته بشأن تهجير نحو 1.5 مليون فلسطينى من غزة إلى سيناء والأردن، نوع من الغشاوة السياسية، فالحقيقة الثابتة تاريخيا تقول: عندما تسقط بغداد ودمشق فهذا يعنى ان نهايتهم على أبواب مصر.
لذلك كان من الطبيعى أن يتلقى «ترامب» هذه العبارة الناجزة من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والتى تتكون من خمس كلمات لا سادس لهم: «تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر»،
فلطالما كانت ضربات مصر موجعة ومدهشة لعدوها الصهيونى، فبعد ثلاث سنوات فقط من نكسة 1967، يطرح الفنان عبدالسلام الشريف، أحد رواد الفن التشكيلى فى مصر، فكرة إقامة معرض دولى للكتاب على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة فى تلك الفترة، فتنتفض عقول مصر ومثقفيها وناشريها، وتدعو العالم بأسره إلى أقامة أول معرض دولى للكتاب على أراضيها والأول فى الوطن العربى أجمع، فى إعلان واضح وصريح أنها قوة ثقافية لا يستهان بها، وكنز بشرى لا يخضع لأحد.
إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب جاء ضربة قوية للعزل الثقافى الذى فرضته إسرائيل، وكان بمثابة أول هزيمة ساحقة لها، فمع تدفق الناشرين العالميين والإقبال الكبير من دور النشر على المشاركة، ثبتت القاهرة مكانتها كعاصمة ثقافية عالمية، الأمر الذى زاد من عزيمة المصريين فى مواجهة التحديات على كل الأصعدة، الثقافية والسياسية.
ووفقاً للباحث محمد سيد ريان صاحب كتاب «حكاية أول معرض دولى للكتاب»، أن الدورة الأولى كانت حدثاً ثقافياً فريداً من نوعه، فى رد عملى على الغطرسة الصهيونية بشتى ميادين القتال.
ظلت إسرائيل تتساءل بدهشة: كيف يكون ذلك؟ لقد هزمناهم، ودمرنا بنيتهم التحتية وطائراتهم، واحتللنا أرضهم، ورغم كل ذلك، نجدهم ينظمون حدثا ثقافيا مهما لأول مرة فى تاريخهم.. كيف استطاعوا جمع دور النشر العالمية وجعلها تشارك فى هذا الحدث الكبير؟ كيف تمكنوا من تحويل الهزيمة إلى قوة، والإعاقة إلى انطلاق، ليكونوا فى هذا الموضع من الريادة الثقافية؟
دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب كانت بمثابة صفعات متتالية على وجهة الكيان الصهيونى، حيث قدم عشرات الباحثين المصريين والعرب كتب، دراسات بحثية، روايات أدبية، ودواوين شعر مستفيضة من خلال دور النشر المصرية والعربية وحتى الترجمات عن لغات أجنبية مشاركة فى المعرض تتناول وتفند العقلية الصهيونية وبداية نشأتها وسياسة إسرائيل فى المنطقة العربية وأطماعها.
وهو ما جعل الكيان الصهيونى يمنع المشاركين فى المعرض فى دورته الأولى عام 1969، من نشر كتبهم وأتاحتها فى إسرائيل.
على المستوى السياسى ووفقاً لاتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل استطاعت الأخيرة أن تخترق العزل الاجتماعى والنفسى الذى يحيط بسفيرها فى القاهرة، ففى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 1981، توجه السفير الإسرائيلى فى القاهرة «إلياهو بن اليسار» إلى السراى رقم 7 التى يقع فيها جناح توكيل «إدكو إنترناشيونال» الذى تعرض من خلاله الكتب الإسرائيلية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب الثالث عشر « يناير 1981»، حسب توثيق «شهدى عطية» لهذا الحدث فى صفحته على موقع «فيسبوك»، مضيفاً: «كان ذلك الجناح يتلاصق مع جناح «الفتى العربى» الفلسطينى والذى يرفع علم فلسطين على كل شبر من واجهته الملاصقة للجناح الإسرائيلى، ما دعا مسئول الأمن فى السفارة الإسرائيلية إلى محاولة تغطية العلم الفلسطينى بلافتات تحمل طوابع بريد إسرائيلية، أثناء قيام السفير الإسرائيلى بافتتاح الجناح أمام عدسات التليفزيون الإسرائيلى.
كان المعرض فى أرض المعارض بالجزيرة، وكان الشاعر صلاح عبدالصبور هو رئيسه باعتباره رئيساً للهيئة المصرية العامة للكتاب، وحسب «عطية»: «كان أول تجربة واقعية لقياس رد فعل الشعب المصرى للتطبيع مع إسرائيل، ومنذ اللحظة الأولى بدأت المواجهة»، ويشير إلى أن حضور السفير الإسرائيلى استفز الجمهور، فاندفعت فتاة لتنتزع اللافتات الإسرائيلية، وهنا سقطت اللافتة فوق رأس السفير الإسرائيلى الذى هرول فى ذعر خارج أرض المعرض، وتم إنزال العلم الإسرائيلى بالقوة، وتحولت ساحة المعرض منذ اللحظات الأولى لحرب إعلامية ضد إسرائيل، وتوالت البيانات من حزب التجمع والعمل والأحرار، ودعت البيانات إلى المطالبة برفع العلم الفلسطينى على جميع دور العرض، ووقع على البيانات لطفى وأكد «نائب رئيس حزب التجمع»، وفؤاد نصحى عن حزب العمل، وكامل زهيرى، نقيب الصحفيين، وأحمد نبيل الهلالى، عن مجلس نقابة المحامين، وعبدالعظيم مناف، وسمير فريد، وغيرهم.
فشلت محاولة التطبيع الثقافى هذه المرة، وتكررت مرة ثانية وأخيرة أثناء حكم مبارك فى يناير 1985، حيث خصص القائمون على المعرض جناحاً خاصاً لإسرائيل، واحتج الكثير من المثقفين على اشتراك إسرائيل فى المعرض، وقال فؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد آنذاك، فى هذا الصدد: كيف تسمح الحكومة المصرية باشتراك إسرائيل التى تنشر كتبها الكاذبة وتقف أمام مصالح الدول العربية؟ وطالب «سراج الدين» الحكومة المصرية بنشر صور توضح المذابح التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
مشاركون في معرض صحة الفم والأسنان: المعرض فرصة لتسليط الضوء على المستجدات العلاجية
المستجدات العلاجية معرض صحة الفم والأسنان 2025-07-27BOUTHINA BOUTHINAسابق دخول صهريجين من المحروقات إلى السويداء انظر ايضاً مشاركون بمعرض صحة الفم والأسنان بدمشق: المعرض فرصة لتسليط الضوء على المستجدات العلاجيةدمشق-سانا شكل معرض ومؤتمر صحة الفم والأسنان 2025 “Dental Health” فرصةً للاختصاصيين
آخر الأخبار 2025-07-27دخول صهريجين من المحروقات إلى السويداء 2025-07-27انطلاق فعاليات ملتقى الكتّاب السوريين في المكتبة الوطنية بدمشق بمشاركة نخبة من المبدعين 2025-07-27مشاركون بمعرض صحة الفم والأسنان بدمشق: المعرض فرصة لتسليط الضوء على المستجدات العلاجية 2025-07-27مباحثات سورية أردنية للتعاون الاقتصادي والاستثماري 2025-07-27مسؤول أممي: على إسرائيل إنهاء وجودها بالأرض الفلسطينية المحتلة 2025-07-27الطيران المدني: نعمل على إعادة تموضع سوريا كفاعل محوري في حركة الطيران الإقليمي والدولي 2025-07-27نجوم الحلقات يضيئون ملاعب حماة… رياضة تُهذب وسلوك يتألق 2025-07-27بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وإنقاذ المتضورين جوعاً 2025-07-27رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد لـ سانا: تم خلال اللقاء مع السيد الرئيس أحمد الشرع أمس، إطلاعه على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، بعد الجولات واللقاءات التي قامت بها اللجنة مع شرائح المجتمع السوري وفعالياته 2025-07-27مشروع العودة الكريمة يصل حمص بـ19 عائلة وافدة من القصير قادمة من إدلب
صور من سورية منوعات اختفاء غامض لعشرات الطواويس من فندق تاريخي في كاليفورنيا 2025-07-27 أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |