الخبير والباحث الأكاديمي الدكتور يوسف جبار لـ«علوم وتكنولوجيا»:الذكاء الاصطناعي هو مفتاح تحسين جودة التعليم الجامعي في اليمن رغم التحديات
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
في ظل التحول الرقمي المتسارع، أصبح الذكاء الاصطناعي من العوامل المحورية في تطوير التعليم العالي، خاصة في الجامعات اليمنية.. وفي هذا السياق، يبرز بحث الخبير الأكاديمي يوسف جبار بعنوان «توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي بالجامعات اليمنية في ضوء التجارب العالمية»، الذي فاز بجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي لعام 1445هـ – 2023م.
حوار/ هاشم السريحي
ما الذي دفعك لاختيار هذا الموضوع لإجراء دراستك؟ وهل هناك عوامل خاصة بالواقع اليمني جعلته ذا أهمية خاصة؟
أساس فكرة الدراسة هو بحث بعنوان “توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي بالجامعات اليمنية في ضوء التجارب العالمية”، والذي فاز بجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي لعام 1445هـ – 2023م.
دوافع البحث تنبع من التحولات السريعة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، ومنها التعليم، حيث أصبح جزءًا لا يتجزأ من المنظومة التعليمية عالميًا، لم يعد توظيفه في التعليم مجرد خيار، بل بات ضرورة لمواكبة الثورة الرقمية، سد الفجوة التقنية، وتحسين جودة التعليم العالي، خاصة في ظل العجز الذي تعاني منه المؤسسات التقليدية في التعامل مع الانفجار المعرفي، وقد أثبتت الدراسات أن عدم توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم قد يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للمؤسسات الأكاديمية عالميًا.
وتتوقع الدراسات أن يصل حجم السوق العالمية للذكاء الاصطناعي في التعليم إلى 25.7 مليار دولار بحلول عام 2030م، ما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا المجال، كما أكدت اليونسكو في مؤتمرها الدولي في بكين 2019م على أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز الذكاء البشري وتحقيق التنمية المستدامة.
أما في اليمن، فقد شهدت الجامعات، سواء الحكومية أو الأهلية، اهتمامًا متزايدًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال المؤتمرات العلمية، ورش العمل، وفتح برامج أكاديمية متخصصة، كما برز تنافس بين الجامعات في توظيف هذه التقنيات إداريًا وتعليميًا، ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات وتحديات تحتاج إلى دراسة دقيقة لفهم واقع التوظيف الحالي وتعزيز جوانب القوة ومعالجة نقاط الضعف بهدف تحسين جودة التعليم العالي ومواكبة التطورات العالمية.
ما هي أبرز الفجوات أو القضايا التي لاحظتها في توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي قبل بدء الدراسة؟
أدت جائحة كوفيد-19 إلى إغلاق المؤسسات التعليمية عالميًا، بما في ذلك اليمن، مما استدعى التحول الرقمي لضمان استمرارية التعليم، ورغم أن الجائحة كانت تحديًا، فقد شكلت أيضًا فرصة استثنائية لتسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم، حيث تم تحقيق ما كان مخططًا لعقد كامل خلال عام واحد فقط.
في اليمن، تفاقمت التحديات بسبب الأوضاع السياسية والأزمة الاقتصادية، لكن المؤسسات التعليمية لم تتوقف، بل سعت إلى توظيف التعليم عن بُعد والاستفادة من تجارب مماثلة، ومن خلال عملي ضمن فريق مبادرات التحول الرقمي خلال الجائحة، لاحظت عدة فجوات تعيق توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي، أبرزها: نقص البنية التحتية التقنية، قلة الكوادر المدربة، غياب سياسات واضحة، وضعف التمويل لتطوير التكنولوجيا الرقمية.
كيف ترى انعكاس هذه الدراسة على تطوير التعليم العالي في اليمن على المدى القريب والبعيد؟
قد تسهم هذه الدراسة والدراسات في هذا المجال في تطوير التعليم العالي باليمن ومواكبة التطورات العلمية والمعرفية والتكنولوجية من خلال تحديد الأولويات ومعرفة التحديات والفرص والإمكانيات المتاحة، والتشجيع على الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في مؤسسات التعليم العالي، وعلى المدى القريب قد تساعد الدراسة في تحسين جودة التعليم العالي في اليمن وتعزيز الكفاءة والفاعلية، وعلى المدى البعيد قد تسهم الدراسة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية باليمن ومواكبتها للثورات الرقمية.
أشارت دراستك إلى أن درجة توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي كانت بمستوى منخفض.. برأيك، ما الأسباب الرئيسية لذلك؟
يعود انخفاض توظيف أعضاء هيئة التدريس في الجامعات اليمنية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم والتعلم والبحث العلمي إلى عدة عوامل رئيسية، تشمل الجوانب المالية، المادية، التعليمية، والأمنية، ومن أبرز هذه العوامل: التدهور الاقتصادي وانقطاع المرتبات لسنوات، غياب الحوافز المادية والمعنوية لتعزيز التنافس الأكاديمي، محدودية التمويل المخصص لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي، وقلة الكوادر البشرية المؤهلة في هذا المجال.
كما يواجه توظيف الذكاء الاصطناعي تحديات أخرى، منها تقادم المناهج الدراسية وصعوبة تكاملها مع هذه التطبيقات، ضعف البنية التحتية التقنية، وعدم توفر برامج تدريبية كافية تواكب التطورات الحديثة، وإلى جانب ذلك، هناك قلة وعي بين أعضاء هيئة التدريس والطلبة بأهمية الذكاء الاصطناعي في التعليم، وضعف البرامج التدريبية المستمرة التي تهدف إلى تحديث مهارات الأكاديميين في استخدام التقنيات الرقمية.
توجد أيضًا مخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي داخل القاعات الدراسية، حيث يرى بعض أعضاء هيئة التدريس والقيادات الأكاديمية أنه قد يشتت انتباه الطلبة ويؤدي إلى هدر الوقت والجهد، كما تتعلق بعض التحديات بالجوانب الأمنية والأخلاقية، مثل القلق بشأن الخصوصية، خاصة لدى الطالبات، والخوف من أن يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل دور أعضاء هيئة التدريس أو استبدالهم مستقبلاً.
ما أبرز التحديات التي تعيق دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي؟، وهل تعتقد أن هناك أولويات يجب العمل عليها أولاً؟
رغم التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، لا تزال مؤسسات التعليم العالي تواجه تحديات جوهرية تعيق دمجه بفعالية في العملية التعليمية، ومن أبرز هذه التحديات التزايد المستمر في إنتاج تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعدد استخداماتها، وافتتاح تخصصات جديدة تستقطب أعدادًا متزايدة من الطلبة، في ظل غياب سياسات واضحة لتنظيم توظيف هذه التقنيات في التعليم العالي.
كما تمثل مقاومة التغيير من قبل بعض القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس والطلبة، وارتفاع نسبة البطالة الناتجة عن ظهور وظائف جديدة تلائم المستقبل، تحديات أخرى تزيد من تعقيد المشهد التعليمي، وإلى جانب ذلك، يثير الذكاء الاصطناعي مخاوف تتعلق بـأنسنة الآلة وتأثيرها السلبي على السلوك البشري، فضلًا عن غياب الضوابط القانونية لتنظيم ورقابة استخدامه في المؤسسات الأكاديمية.
ويعتمد معظم قطاع التعليم العالي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف الجوانب الأكاديمية والإدارية، إلا أن ذلك يطرح إشكالات أخلاقية متعلقة بخصوصية البيانات، أمن المعلومات، وإدارة الوصول إلى الأنظمة الرقمية.
هذه التحديات تفرض على أنظمة التعليم العالي مسؤولية كبيرة في إعداد الكوادر البشرية المؤهلة بمهارات تتماشى مع ثورة الذكاء الاصطناعي، ورفع جودة العملية التعليمية من خلال تسخير هذه التقنيات لتحسين نواتج التعلم وتزويد الطلبة بالمهارات الرقمية المطلوبة لمستقبل أكثر تطورًا، وبالتالي، فإن مواجهة هذه التحديات لم تعد خيارًا، بل ضرورة لضمان مواكبة التحولات المتسارعة في المشهد التعليمي العالمي.
كيف يمكن التغلب على مقاومة التغيير التي تواجهها بعض الجهات الأكاديمية تجاه استخدام التقنيات الحديثة؟
يمكن التغلب على مقاومة التغيير في توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي من خلال تعزيز الوعي بفوائده عبر برامج تثقيفية وندوات علمية ودورات تدريبية، مع تشجيع المشاركة الفعالة فيها، كما يعد رفع المخصصات المالية، وتقديم الحوافز لأعضاء هيئة التدريس المستخدمين للتقنيات الحديثة، وإعادة تصميم برامج تدريبهم لتواكب متطلبات العصر الرقمي، خطوات ضرورية لدعم التحول الرقمي.
إضافة إلى ذلك، من المهم تبني سياسات توعوية تشجع على استخدام تقنيات التعليم الحديثة، ووضع أطر أخلاقية وتنظيمية تضمن عدالة وشمولية التعليم، وتعزز مبدأ التعلم مدى الحياة.
قدمت توصيات مهمة في دراستك، مثل تطوير برامج تدريبية وزيادة الوعي. ما الخطوة الأولى التي تنصح الجامعات اليمنية بالبدء بها؟
تتمثل الخطوة الأولى التي يتم البدء فها من خلال إعداد استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وتوفير ميثاق أخلاقي لمستخدمي الذكاء الاصطناعي مع فرض حد أدنى من المعايير الأخلاقية حتى يلتزم بها المستخدمون، بالإضافة إلى تطوير السياسات والتشريعات لسد الفجوات الرقمية التي ستظهر مع اندماج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، وإنشاء مراكز متخصصة للذكاء الاصطناعي في الجامعات اليمنية لإعداد الكفاءات المتخصصة في هذا المجال، بما في ذلك يكون من مهام تلك المراكز تدريب وتأهيل أعضاء هيئة التدريس والطلبة على التعامل السليم مع هذه التطبيقات والاستفادة القصوى من استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة، وتطوير برامج تدريبية لتعزيز القدرات التقنية لأعضاء هيئة التدريس، وتقديم برامج تثقيفية لزيادة الوعي حول فوائد وأهمية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي.
كيف يمكن للجامعات، في ظل الموارد المحدودة، تطبيق حلول مبتكرة لتجاوز العوائق المالية والتقنية؟
يمكن للجامعات اليمنية تطبيق العديد من الحلول المبتكرة لتجاوز العوائق المالية والتقنية، من أهمها: التدريب والتأهيل للكوادر من البشرية من خلال التعلم الذاتي والتدريب المستمر لضمان تقبلهم واندماجهم في التقنيات الرقمية بسلاسة، وإنشاء منصات رقمية موحدة لمؤسسات التعليم، تكون مهمتها إلى جانب التدريب والتعليم القيام أيضًا بالتوعية، بالإضافة إلى تحويل المعاملات الإدارية التقليدية بالأوراق إلى النظام الإلكتروني، بالإضافة إلى التعاون مع الشركات التقنية والهيئات الحكومية لتحقيق التكامل والاستفادة من الموارد المشتركة، تبادل الخبرات مع الجامعات المحلية والدولية للاستفادة من التجارب الناجحة، الاستفادة من التكنولوجيا المفتوحة المصدر لتحقيق التكلفة الفعالة، تطوير برامج تدريبية متعددة الأوجه لتعزيز القدرات التقنية، تشجيع البحث العلمي والابتكار لتحقيق الحلول المبتكرة، الاستفادة من التمويل البديل مثل: المنح والتمويل الخاص، بناء وتطوير شراكات مع القطاع الخاص لتحقيق الدعم المالي والتقني.
برأيك، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الجهات الحكومية والخاصة في دعم توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي؟
يمكن أن تلعب الجهات الحكومية والخاصة دورًا حاسمًا في دعم توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي باليمن من خلال الآتي: توفير التمويل اللازم لتحقيق التطوير التكنولوجي، تطوير السياسات والتشريعات اللازمة لتحقيق التكامل والتنظيم، وإعادة النظر في المناهج والمقررات الجامعية وتطويرها بما يتوافق مع المتغيرات المستحدثة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ودعم البحث العلمي والابتكار للاستثمار في هذا المجال، وتقديم الدعم التقني والتدريبي اللازم، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتبادل الخبرات بين مؤسسات التعليم العالي المحلية والعالمية والاستفادة من التجارب والمبادرات الرائدة والناجحة في هذا المجال.
هل هناك تجارب دولية ناجحة استلهمت منها أفكارًا أو استراتيجيات أثناء إعدادك للدراسة؟
نعم، استلهمت الرؤية المقترحة للدراسة من تجارب دولية رائدة وناجحة، مثل: جامعة ستانفورد الأمريكية وتجربتها في دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي باستخدام الروبوتات بهدف حل الصعوبات التعليمية، ودعم الطلاب والمعلمين في مختلف التخصصات الأكاديمية، وكذلك تجربة معهد جامعة جنوب كاليفورنيا للتقنيات الإبداعية لإنتاج بيئات وتطبيقات افتراضية ذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي والألعاب ثلاثية الأبعاد والرسوم المتحركة الحاسوبية؛ لتطوير شخصيات افتراضية أصلية وتفاعلات واقعية، ويتكون النموذج من: المدرب الافتراضي، والواقع المعزز، والمعلم الذكي في برنامج التعلم عن بعد، تجربة جامعة سنترال فلوريدا من خلال استخدام برنامج تقنيات الواقع المعزز القائم على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تجربة جامعة سنغافورة الوطنية في تحقيق التكامل بين الذكاء الاصطناعي والتعليم، وغيرها من التجارب الرائدة.
ويمكن القول إن تمكين الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي من خلال أنظمته وتطبيقاته ليس كتقنيات التعليم السابقة، فهو ليس ممارسات لتقنيات تعليم فردية، بل مبادرات وسياسات تُطلِّقها الدولة وتُشرِّف عليها وزارات التعليم.. ومنذ بداية القرن العشرين بادرت مجموعة من الدول بصياغة إستراتيجياتها الوطنية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ومن تلك الدول (اليابان، كندا، كوريا الجنوبية، سنغافورة، الصين، فنلندا، الهند، أستراليا، بريطانيا، الإمارات العربية المتحدة، قطر، السعودية، وغيرها)، وتبعها الكثير من الدول حتى اليوم، وما زالت الدول الأخرى في طريقها إلى ذلك؛ متى ما استدركت هذا الخطر وهذه التحديات التي ستواجهها.
هل يمكن أن تسلط الضوء على كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين التواصل بين الجامعات وسوق العمل؟
يمكن للجامعات الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين التواصل مع سوق العمل من خلال: تهيئة وبناء الكوادر البشرية المؤهَّلة بالمهارات اللازمة لثورة الذكاء الاصطناعي، وتوظيف أنظمتها وتقنياتها في تحسين نواتج التعلم من خلال إكساب الطلبة المهارات المستقبلية القائمة على التطور الرقمي والمعرفي، واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل سوق العمل وتحديد الاحتياجات من العمالة الماهرة، وتحديد الاحتياجات التدريبية من خلال تطوير برامج تدريبية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى التنبؤ بالمهن المستقبلية للطلبة بعد تخرجهم من الجامعة، وتطوير أدوات تواصل متقدمة لتحسين التفاعل بين الجامعات وسوق العمل.
وفي هذا الصدد على سبيل المثال أطلقت الحكومة اليابانية مبادرتين لتعزيز مهارات الذكاء الاصطناعي بين الطلبة؛ بهدف إعدادهم لسوق العمل الرقمي والحياة المستقبلية لجميع الطلاب، وفي الولايات المتحدة يتم تقديم الموارد والمنح لمؤسسات ومنظمات معينة للبحث وتطوير منصات تعليمية مخصصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتي تتمتع بإمكانيات كبيرة لتعزيز الأداء الأكاديمي، من خلال تعميق المشاركة المعرفية للطلبة في تأدية أعماله ومهامه والقيام بتصحيحها من أجل تحسين الأداء في المستقبل، والحد من عدم المساواة التعليمية من خلال مساعدة الطلبة المحرومين وإكسابهم لمهارات المستقبلية القائمة على التطور الرقمي.
في ظل التوجه العالمي نحو الذكاء الاصطناعي، كيف يمكن للجامعات اليمنية مواكبة هذا التوجه لتعزيز تنافسيتها؟
في ظل هذا التطور المعرفي والتكنولوجي يتحتم على الجامعات اليمنية إعادة التفكير في هندسة علاقتها المستقبلية لمواكبة احتياجات العصر، ومتطلبات التوجه العالمي نحو الذكاء الاصطناعي من خلال الاستثمار في البيئة التحتية التقنية الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير برامج تدريبية تخصصية متقدمة في هذا المجال، وتحقيق التكامل مع الجامعات المحلية والعربية والدولية؛ حيث أن الجامعات اليمنية أمامها سجلاً واسعًا من الإمكانيات والتحديات التي تفتح آفاقا وفرصة لتبني توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم الجامعي، وأكبر فرصة يمكن الاستفادة منها هي الأزمات التي تمر بها اليمن، حيث أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقدم حلول جديدة ومبتكرة لمشكلات التعليم وتحدياته، كما يمكن الاستفادة من تجربة أزمة جائحة كورونا (كوفيد- 19) كفرصة استثنائية وأحد المنطلقات الأساسية، مع ضرورة وضع رؤية وخطة مدروسة تكون واضحة المعالم نحو تحول المؤسسات التعليمية إلى الذكاء الاصطناعي، ويكون تطبيق ذلك بالتدرج وبخطوات منظمة ومرحلية.
كلمة أخيرة تود توجيهها للطلاب وأعضاء هيئة التدريس حول أهمية هذا التحول التكنولوجي في التعليم؟
أصبح التحول الرقمي في التعليم بمختلف تقنياته ومستحدثاته، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، أمراً لا مفر منه، وضرورة حتمية في عصر التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وذلك لمواكبة التطور السريع، وهو ما فرض على أعضاء هيئة التدريس أدواراً ومسؤوليات جديدة استلزمت ضرورة إعادة النظر في برامج التعليم؛ من حيث تعديل اللوائح والسياسات وتطوير المقررات الدراسية لكي تتلاءم مع اتجاهات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وإن الاستفادة الكاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التعليمية، ستسهم بشكل كبير في تحسين جودة التعليم، مما يمهد الطريق للطلبة نحو مستقبل تعليمي أكثر ابتكاراً وتطوراً… ويجب أن يكون توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم أولوية قصوى لمؤسسات التعليم، وابتكار حلول للمعوقات والتحديات التي تواجهه، وتحسين الميزات التي يقدمها للحصول على أفضل نتيجة ممكنة، ويمكن التغلب على التحديات التي تعيق تطبيقه من خلال تحليل الدراسات السابقة والبحوث لتجارب ومبادرات الدول الرائدة في هذا المجال، والاستفادة منها بما يتلاءم مع البيئة اليمنية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
توقيع 42 اتفاقية تعاون بين مصر وفرنسا.. حصاد وزارة التعليم العالي للتعاون الدولي في العام المالي 2024 _ 2025
حصاد وزارة التعليم العالي للتعاون الدولي في العام المالي:
• دعم جسور التعاون مع القارة الأوروبية
• إطلاق برنامج عمل أفق أوروبا 2025
• التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية بريما
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن تعزيز الشراكات الدولية يمثل ركيزة أساسية في دعم عدد من مبادئ الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وفي مقدمتها مبدأ التواصل من خلال توطيد العلاقات بين المؤسسات التعليمية الوطنية ونظيرتها الدولية، إلى جانب دعم مبدأ المرجعية الدولية عبر تبادل الخبرات الأكاديمية والبحثية مع مختلف دول العالم، بما يسهم في الارتقاء بمستوى الخدمة التعليمية بالجامعات وفقًا للمعايير العالمية.
وأوضح الوزير أن الجامعات المصرية بذلت خلال العام الجاري جهودًا كبيرة لتعزيز تعاونها الدولي، وفتح آفاق جديدة للتواصل مع دول تمتلك خبرات متميزة في مجال التعليم العالي، وخاصة في مجال التعليم التكنولوجي، إلى جانب مد جسور التعاون مع الدول العربية والإفريقية، بما يعزز الدور الإقليمي والدولي لمصر.
وقد شهدت الوزارة خلال العام المالي (2024 _ 2025) تكثيفًا واسعًا للتعاون الدولي، عبر شراكات استراتيجية مع العديد من الدول والمؤسسات والمنظمات العالمية، مما يعكس الثقة الدولية في مكانة مصر الأكاديمية والبحثية.
ففي إطار التعاون المصري الفرنسي، أُقيم ملتقى الجامعات المصرية الفرنسية بجامعة القاهرة، بحضور وزيري التعليم العالي من البلدين، على هامش زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر، وشهد الملتقى توقيع 42 بروتوكول تعاون بين الجامعات المصرية ونظيرتها الفرنسية، لتقديم 70 برنامجًا أكاديميًا، مع التركيز على قضايا الابتكار والذكاء الاصطناعي وتغير المناخ، دعمًا للتنمية المستدامة، خاصة في إفريقيا والدول الفرنكوفونية.
وفيما يخص التعاون المصري الأوروبي، استقبل الوزير السفيرة أنجلينا أيخهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، حيث تم بحث تعزيز التعاون في البرامج الدراسية البينية والتبادل الطلابي والمنح الدراسية، خاصة في برامج التعاون المشتركة، حيث تم إطلاق برنامج عمل "هورايزون أوروبا 2025"؛ بهدف دعم البحث في مجالي المياه والغذاء المستدام، وتطوير القدرات البحثية وريادة الأعمال، كما شهد الجانبان توقيعًا بالأحرف الأولى لمد اتفاقية "بريما"، بميزانية إجمالية للمبادرة تصل إلى 494 مليون يورو، استفادت منها مصر بـ17 مليون يورو لـ90 مشروعًا.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة إيست لندن البريطانية، وجامعة إيست كابيتال "تحت التأسيس"، بهدف إنشاء مجمع تعليمي متكامل، يوفر برامج تلبي احتياجات سوق العمل المستقبلية، ويسهم في بناء جسور البحث العلمي بين مصر وبريطانيا.
كما التقى الوزير بالسفير الألماني يورجن شولتس، لدعم التعاون بين مصر وألمانيا في التعليم التكنولوجي، وتبادل الخبرات والبرامج التدريبية، إلى جانب التعاون في مجالات علاج الأورام والخدمات الطبية الجامعية.
وفي إطار العلاقات مع دول شرق المتوسط، بحث الوزير مع سفيرة قبرص بالقاهرة، سبل تعزيز التعاون الأكاديمي في مجالات الطاقة الجديدة والزراعة والمياه والتغير المناخي، بالإضافة إلى التبادل الطلابي والمشروعات البحثية المشتركة.
والتقى الوزير بالسيد أكسل وابنهورست سفير أستراليا بالقاهرة، واستعرض حجم التوسع الكبير في منظومة التعليم العالي المصرية، وفرص عقد لقاءات مشتركة بين رؤساء الجامعات المصرية والأسترالية لفتح آفاق جديدة لشراكات أكاديمية ومشاريع بحثية بين الجانبين، خاصة في مجالات العلوم الأساسية والرياضة والفيزياء.
والتقى الدكتور أيمن عاشور بالدكتورة آبي توشيكو وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا اليابانية؛ لبحث تعزيز التعاون المتبادل بين البلدين في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي عبر العديد من المشروعات، وبناء قدرات الكوادر البشرية المصرية، بما يسهم في تعزيز الابتكار وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، فيما أشارت الوزيرة اليابانية إلى أهمية شراكة بلادها مع مصر كبوابة للقارة الإفريقية، ونقل الخبرة اليابانية من خلالها لكل دول القارة.
وأكد الوزير خلال مشاركته بحفل ختام عام الشراكة المصرية الصينية، أن قوة الشراكة بين مصر والصين قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وتمتد عبر مشروعات اقتصادية كثيرة في الطاقة والصناعة، لافتًا إلى تطلع مصر لاستكشاف آفاق جديدة بين البلدين في مجالات التكنولوجيا الخضراء، والابتكار، والاقتصاد الرقمي، وتعزيز التعاون في مجال التنمية البشرية.
كما ترأس الوزير اجتماعًا بين مسئولي جامعة الإسكندرية وجامعة فيرجينيا تك الأمريكية، وتناول الاجتماع التعاون القائم بين الجانبين في برامج الهندسة والعلوم التقنية، مؤكدًا اهتمام الوزارة بمتابعة التطورات في مجالات التكنولوجيا الحديثة، وتوفير فرص للطلاب المصريين للحصول على خبرات عالمية في هذا القطاع الحيوي، والتركيز على البحث العلمي التطبيقي الذي يخدم رؤية مصر للتنمية المستدامة.
وفي سياق دعم العلاقات الإفريقية، استقبل الدكتور أيمن عاشور السيد مباي محمد وزير خارجية جزر القمر، مؤكدًا حرص مصر على تعزيز التعاون المشترك، وبحث آليات المنح الدراسية، وسبل تنفيذ مشروعات بحثية في الموضوعات العلمية ذات الاهتمام المشترك.
وعلى الصعيد العربي، شارك الدكتور أيمن عاشور في قمة "كيو إس للتعليم العالي: الشرق الأوسط 2025" والمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية بدولة الكويت، مؤكدًا ريادة مصر إقليميًا في التعليم العالي، واستعرض خلال مشاركته تطورات بنك المعرفة المصري كنموذج للتميز المعرفي، مشيرًا إلى إدراج 19 جامعة مصرية في تصنيفات كيو إس لعام 2025، خلال الكلمة الختامية التي ألقاها، كما التقى الوزير بنظيره الكويتي الدكتور نادر الجلال، لبحث سبل تعميق التعاون الاستراتيجي الثنائي.
واستمرارًا لدعم التكامل العربي، استقبل الوزير الأمير عبدالعزيز بن طلال، رئيس مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة؛ لبحث آفاق التعاون الأكاديمي المشترك، وتوقيع اتفاقيات بين الجامعة والجامعات المصرية، في إطار التوسع العربي المشترك في التعليم والتدريب، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للمعرفة والثقافة.
كما شهد هذا العام، تعاونًا مع الروتاري الدولي، حيث استقبل الوزير السيدة ستيفاني أورشيك، رئيسة الروتاري الدولي، وتم بحث تنفيذ مشروعات تنموية وصحية في المناطق الأكثر احتياجًا، وتقديم منح دراسية ومبادرات بيئية ومجتمعية بالتنسيق مع المستشفيات الجامعية، ضمن إطار المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية".