المملكة تشارك في الدورة 19 من “بينالي البندقية” للعمارة
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
أعلنَت هيئة فنون العمارة والتصميم عن اختيار مكتب “سين معماريون” (سارة العيسى ونجود السديري) لتمثيل المملكة عبر الجناح الوطني السعودي، في الدورة الـ 19 لمعرض العمارة الدولي “بينالي البندقية ” الذي سيقام في الفترة 10 مايو حتى 23 نوفمبر 2025 .
وسيحتضن الجناح الوطني معرض مكتب “سين معماريون” بعنوان “مدرسة أم سليم.
وانطلقت مبادرة “مختبر أم سليم” خلال عام 2021م بهدف دراسة التغيُّرات التي طرأت على العمارة التقليدية النجدية وسط مدينة الرياض، ويستقي المختبر سرديته من التوثيق البصري، والشفهي، والتجريبي، سعيًا للوصول إلى تحليلاتٍ جديدة لبيئةٍ عمرانية تَستمدُّ رؤيتها من قراءة الدروس المكتسبة من الماضي.
أخبار قد تهمك جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق مبادرة “الرؤية الابتكارية” 4 فبراير 2025 - 10:36 مساءً محافظ “منشآت” يدشّن مكتب تسهيل الأعمال بغرفة تبوك ويلتقي رواد الأعمال في المنطقة 4 فبراير 2025 - 10:18 مساءًويهدف المعرض إلى إثراء المشهد المعماري الحديث في المملكة، وتشكيل رابطٍ بين تجارب الأجيال المتعاقبة التي تنهل من أساليب معرفية متعددة، وتعتمد على ممارَسات ومنهجيات مستنِدةً إلى البحث العلمي، الذي من شأنه أن يُعِين على مواجهة التحديات المتعلقة بالتغيُّر المناخي، وشحّ الموارد الطبيعية.
وينطلق المعرض من الإرث المعماري العريق لمدينة الرياض، وما يتعلق به من موضوعات البيئة والهوية والتحوُّلات الحضرية، ويسعى إلى دراسة السُّبل التي يُمكن من خلالها أن تتعامل المؤسسات التعليمية مع التحديات الطارئة لعالمٍ سريع التطور، سواءً ارتبط ذلك بالمملكة أو خارجها.
ويُنظّم الجناح السعودي إلى جانب المعرض برنامجًا متكاملًا من الأنشطة التجريبية المعمارية، والجلسات الحوارية إسهامًا في تحفيز دراسة مفاهيم تطوير المشهد المعماري في المنطقة عمومًا، والانفتاح على آفاق التعاون الدولي لرسم معالم المستقبل, كما يتم بالتزامن مع هذا البرنامج إعدادُ كتابٍ لتوثيق الخلاصات، ومُخرجات الفعاليات، والاستفادة منها بعد انتهاء فترة بينالي البندقية للعمارة.
وقالت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم الدكتورة سُميّة السليمان: “إن معرض “مدرسة أم سليم.. نحو مفهومٍ معماري مترابط” يجسد التزامَنا بالنهج المعاصر في العمارة، الذي يُكرِّم تراثنا ويعيننا في الوقت نفسه على مواجهة التحديات العالمية، ويُشكّل تسليط الضوء على جيلٍ جديد من المصممين الصاعدين على الساحة الدولية مصدرَ إلهام ضمن محاولة التوصُّل لحلولٍ في مجال التنمية الحضرية المستدامة محليًا وعالميًا.
من جانبهما، أكّدت المعماريتان ومؤسِّسَتا مكتب “سين معماريون”، سارة العيسى، ونجود السديري أن مختبر أم سليم يُمثِّل فرصةً لجمع مختلف الممارَسات الفنية والبحثية في المجالين المعماري والحضري، ونؤمن بأهمية الحوار المشترك، والتفكير التعاوني، والروح الجماعية التي يتم من خلالها بذل الجهود لربط الأفراد والممارِسين والطلاب والمفكرين والصُّناع من أجل إيجاد مناقشاتٍ شاملة تتيح النظر في القضايا من زوايا مختلفة.
بدورها بينت القيِّمة الفنية لمعرض الجناح الوطني السعودي، بياتريس ليانزا، أن هذه المشارَكة تُجسِّد أصوات الجيل الناشئ في المملكة، الذي يُعيد تشكيل الممارَسات المعمارية، بحيث يعكس “مختبر أم سليم” نقطةَ تحوُّلٍ نحو التعاون في تشكيل مستقبل المشهد الحضري، والتصورات البيئية والاجتماعية، مشيرة إلى أن المعرض يهدف إلى تشكيل مبادرةٍ علمية تربوية بديلة، متجذرةٍ في المعارف المحلية، وتسعى في الوقت نفسه لشقِّ مساراتٍ جديدة للدور الذي يمكن للعمارة أن تؤديه.
ويستقبل الجناحُ الوطني السعودي بعد يومي 8 و9 مايو المقبل المخصصين للصحافة وأصحاب الدعوات، زوّارَ بينالي البندقية للعمارة 2025 خلال الفترة من 10 مايو إلى 23 نوفمبر في منطقة الأرسنالي التاريخية، وذلك في ثامن مشاركةٍ للمملكة في المعارض الدولية للعمارة والفنون التي تُنظِّمها مؤسسة بينالي البندقية، وسيتحوّل الجناح إلى وجهةٍ لكافة المواهب من مختلف مناطق المملكة، بحيث يفتح أبوابه ليكون منصة خاصة بالمؤثرين الثقافيين للانخراط في البحث والتعاون بمجالي الفن والعمارة.
وتقود هيئة فنون العمارة والتصميم المشارَكة السعودية عبر الجناح الوطني، وتسعى من خلالها إلى دعم وتشجيع المعماريين والمصممين السعوديين عبر الاستثمار في مبادراتٍ وبرامج تعليمية ترفُد المواهب بما تحتاجه، وتُحفِّز الفكر الإبداعي، وذلك لرسم صورة متكاملة تتجلى فيها الثقافة السعودية الغنية والمتنوعة، كما تعكس المشارَكة حرص الهيئة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي باعتباره أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: بينالي البندقية رؤية المملكة 2030 بینالی البندقیة الجناح الوطنی الذی ی
إقرأ أيضاً:
من نشوة القصف إلى فخ الاستنزاف.. كيف وقعت “إسرائيل” في فخ الحرب التي أرادتها؟
في كتاباته المتعددة، كثيرًا ما حذر نعوم تشومسكي من غواية “القوة” حين تُمارَس بمعزل عن العقلانية السياسية، ومن السرديات الإمبريالية التي تُخفي الحقائق خلف لغة “الردع” و”الدفاع عن الذات”، “إسرائيل”، التي أفاقت على نشوة ضربة خاطفة ضد إيران، سرعان ما بدأت تدفع ثمن إيمانها بأن بإمكانها فرض توازنات الشرق الأوسط عبر هجوم مباغت على دولة إقليمية بحجم إيران، لكن الواقع، كما هو الحال دائمًا في منطق القوة، معقد ومفتوح على انهيارات غير محسوبة.
الهروب من غزة نحو سماء طهران
في بداية الأمر، بدا الهجوم “الإسرائيلي” على المنشآت الإيرانية وكأنه ضربة ناجحة: اغتيالات نوعية، ضربات على البنية التحتية النووية والعسكرية، وتحقيق ما وصفته وسائل الإعلام العبرية بـ”إنجازات لا تُضاهى”، لكن خلف هذا الإطار الإعلامي، تكمن أزمة أعمق: “إسرائيل” تهرب من مأزق غزة إلى معركة أخطر وأعقد مع طهران. والضربات لم تكن فقط ضد المنشآت، بل كانت في جوهرها محاولة لإعادة ضبط معادلة الردع بعد سلسلة من الهزائم الرمزية والاستراتيجية، بدءًا من 7 أكتوبر، مرورًا بالحرب الطويلة والمفتوحة في غزة، وصولًا إلى الخوف من تصاعد جبهة الشمال مع حزب الله.
النشوة كقناع للإنكار
في التحليل النفسي للسلطة، تمثّل النشوة الجماعية لحظة إنكار جماعية. الإعلام العبري، وحتى بعض المعارضين، انخرطوا في التهليل للضربة، وكأنها تعويض جماعي عن الإهانة الوطنية في 7 أكتوبر. لكن فإن “الاحتفال بالقوة لا يُلغي الحاجة إلى مساءلتها”. ما جرى لم يكن انتصارًا بل انزلاق محسوب إلى منطقة الخطر. والفرق بين الحكمة والجنون، أن الأولى تفكر في اليوم التالي، بينما الثانية تتلذذ بلحظة التأثير الفوري.
الفشل في فهم إيران
منذ عقود، تسوّق “إسرائيل” أن إيران “نظام شيطاني” يمكن تفكيكه عبر ضربة ذكية واحدة. وهذا بالضبط ما يُحذّر منه تشومسكي عند الحديث عن “التسطيح الاستشراقي” للعقل الغربي تجاه خصومه، إيران ليست دولة عشوائية، إنها منظومة معقدة ببنية عسكرية وعقائدية واقتصادية متداخلة، وتملك أدوات الرد في الإقليم، وأهم من كل ذلك: ذاكرة حرب طويلة. التجربة الإيرانية مع العراق (1980–1988) لا تزال تلهم العقيدة العسكرية الإيرانية. والشيعة، كما كتب يوسي ميلمان، “يتقنون فن المعاناة”.
الرد الإيراني لم يتأخر فقط لأن القيادة مشوشة، بل لأنه كان يحتاج إلى تأنٍّ استراتيجي، وإلى قرار محسوب بعدم جعل الرد مجرد فعل عاطفي. وعندما أتى الرد، كان بمستوى يجعل النشوة “الإسرائيلية” تبدو استهزاء بالتاريخ والجغرافيا معًا.
أمريكا ليست هنا
من أخطر ما اكتشفته “إسرائيل” هذه المرة، أن الولايات المتحدة –ولو بقيادة ترامب الحليف المعلن– ليست بالضرورة على استعداد لخوض معركة واسعة لأجل “إسرائيل”. وزير الخارجية ماركو روبيو كان واضحًا في نأي واشنطن بنفسها عن الهجوم، وهو موقف يعكس تحولًا عميقًا في المزاج الأمريكي الذي بدأ يتبرم من كلفة التحالف مع “إسرائيل”، لا سيما مع اتساع المعارضة للحرب في غزة، والصدام مع القوى الدولية الأخرى (كالصين وروسيا) حول سياسات الهيمنة.
ترامب قد يهلل للهجوم، لكنه لا يريد أن يُجر إلى مستنقع حرب طويلة في لحظة انتخابية حرجة. وهذا ما يعرفه الإيرانيون جيدًا، لذا يُصعّدون بثقة محسوبة. أما “إسرائيل”، فقد فوجئت بأن “الغطاء الأمريكي” الذي طالما اعتُبر ضمانة للجنون الاستراتيجي، بات مثقوبًا هذه المرة.
الحرب على النظام أم على البرنامج النووي؟
بين خطاب نتنياهو الذي توعّد برؤية طائرات “إسرائيلية” فوق طهران، وتصريحات مسؤولي الجيش بأن الهدف هو تدمير البرنامج النووي، ثمة فجوة سردية خطيرة. إذا كانت “إسرائيل” تريد تغيير النظام، فإنها تكرر خطيئة الأمريكيين في العراق: وهم استبدال النظام دون رؤية للبديل. أما إذا كان الهدف فقط وقف التخصيب، فإن الهجوم لم ينجح في تدمير منشأة فوردو، ولم يوقف البرنامج، بل ربما سرّعه.
ومن هنا يأتي خطر الحرب الاستنزافية. فإيران، التي تعي أنها لن تُهزم في ضربة واحدة، قد تُطيل أمد المواجهة، وتجعل منها حربًا متعددة الجبهات والأدوات: صواريخ على تل أبيب، هجمات سيبرانية، اشتباكات في مضيق هرمز، وتصعيد عبر حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي.
إسرائيل تواجه نفسها
بعد الهجوم، انهالت الانتقادات من الداخل، فجأة صار نتنياهو في مواجهة مجتمع يكتشف هشاشته: الدفاعات الجوية فشلت، والحكومة لم تهيّئ الناس، وبدأ القادة العسكريون يحذرون من حرب طويلة، فيما المعلقون يتحدثون عن “فخ نصبته إسرائيل لنفسها”. وكأن الحرب، التي أرادها نتنياهو لتكون مخرجًا من ورطة غزة، تحوّلت إلى ورطة أشد وأخطر.
في كل هذا، يبدو أن “إسرائيل” لم تُجرِ الحساب الأساسي الذي تحدث عنه تشومسكي مرارًا: حين تبني قراراتك على وهم التفوق التكنولوجي وتغفل عن التعقيد التاريخي والسياسي والثقافي لخصمك، فأنت تصنع كارثتك بنفسك.
من غزة إلى طهران: لا خطوط رجعة
إن الفكرة القائلة بأن “إسرائيل” يمكنها أن “تُعيد ضبط النظام الإقليمي” عبر القوة، هي في جوهرها استمرار لسردية استعمارية قديمة، وهي أن “الشرق لا يفهم إلا لغة القوة”. هذه السردية لا تزال تحكم العقل “الإسرائيلي”، الذي لم يتعلّم من تجاربه في لبنان ولا في غزة، وها هو الآن يكررها على نطاق أوسع وأخطر.
لكن الفارق أن طهران ليست غزة. والمقاومة هنا ليست فقط صواريخ، بل منظومة ممتدة جغرافيًا وعقائديًا. “إسرائيل” لا تواجه إيران وحدها، بل منظومة ممتدة من العراق إلى اليمن، ومن لبنان إلى سوريا. وهذا ما يجعل هذه المواجهة قابلة لأن تنفلت من السيطرة في أي لحظة.
في الحروب، لا تنتصر النشوة
كما قال ناحوم بارنيع: “الحروب تبدأ بالنشوة… ثم تستمر”. “إسرائيل” في هذه اللحظة ليست في موقع المُسيطر، بل المُرتبك. فالهجوم الذي أريد له أن يُعيد الهيبة، كشف العجز. والضربة التي أريد لها أن توقف المشروع النووي، قد تُسرّعه.
إن لم تُدرك “إسرائيل” هذا الواقع بسرعة، وتقبل بخيار سياسي عاقل، فإنها تقود نفسها إلى مواجهة قد تكون الأعنف في تاريخها. وحينها، سيكون الثمن ليس فقط إخفاقًا استراتيجيًا، بل تصدعً داخلي طويل الأمد، وسقوطًا نهائيًا لوهم “الجيش الذي لا يُقهر”.
“الحروب لا تُخاض لإرضاء الغرور، بل لحماية الناس… وإذا كانت النشوة هي المعيار، فالنتيجة دائمًا كارثة.”
كاتب صحفي فلسطيني