الرباط - تصاعدت حالات الإصابة بمرض الحصبة في المغرب، بصورة ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة، وصلت في بعض المناطق لدرجة "التفشي"، بحسب سبوتنيك.

ووفقا لأطباء متخصصين، فإن تفشي مرض الحصبة في عدد من المدن، في الأشهر الأخيرة، وارتفاع حالات الوفيات والإصابات يعود لإهمال التطعيم ومكافحة المرض بصورة مسبقة.

وقبل أيام، أطلق المغرب حملة لتلقيح الأطفال في المدارس ضد مرض الحصبة المعروف محليا باسم "بوحمرون"، وذلك بعد تصاعد حالات الإصابة به في الشهور الأخيرة.

وشرعت المدارس مباشرة بعد العطلة المدرسية في فحص الدفاتر الصحية للأطفال للتأكد من حصولهم على التلقيح.

في الإطار أيضا، عممت وزارتا التربية الوطنية والتعليم بالمغرب، مذكرة على مديري مؤسسات التعليم ومديريات الصحة من أجل تنظيم عملية مراقبة واستكمال التلقيح في المدارس.

أرقام صادمة

وسجل عدد 7633 إصابة لدى الأشخاص الذين أعمارهم ما بين 18 شهرا و11 سنة، و6429 حالة لدى الأشخاص ما بين 12 و36 سنة، و2028 حالة لدى من تجاوزت أعمارهم 37 سنة، و1893 حالة لدى رضع أقل من 9 أشهر، و1693 لدى من هم بين 9 شهور و17 شهرا، وفق صحيفة "هسبريس".

كما تضمنت الأرقام 42 % أطفال أقل من 5 سنوات، و24 % لدى أشخاص تفوق أعمارهم 37 سنة، و15 % ما بين 18 و36 سنة، و12 % ما بين 5 و11 سنة، و7 % ما بين 12 و17 سنة، وفق بيانات رسمية.

تفسير طبي

يقول الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية بالمغرب، لـ"سبوتنيك"، أن "تفشي وانفجار عدة حالات إصابة بالحصبة "بوحمرون"، في الآونة الأخيرة، مع وفيات بين الأطفال المصابين، يرتبط بانخفاض معدلات التلقيح لدى الأطفال وانخفاض مستوى الترصد الوبائي لهذه الأمراض".

ويوضح الطبيب المغربي أن "الحصبة مرض فيروسي خطير، أصاب أكثر من 10 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم في عام 2023 (20% أكثر من عام 2022)، وقتل أكثر من مئة ألف شخص معظمهم من الرضع والأطفال دون سن الخامسة".

ووفقا للطبيب المغربي، عانى آخرون، الذين نجوا من المرض، من مضاعفات خطيرة وعواقب مدى الحياة، منها فقدان البصر والتهاب الدماغ، على سبيل المثال لا الحصر.

أهمية اللقاح

ويرى الحمضي أن "الطفل غير الملقح (صفر جرعة) أو غير الملقح بشكل كامل (جرعة واحدة بدلا من جرعتين) معرض لخطر الإصابة بالمرض وكذلك مضاعفاته، كما يعاني السكان الذين تقل تغطيتهم عن 95% من التطعيم ضد الحصبة من تفشي المرض على شكل وباء وفاشيات بشكل مستمر ودوري".

وأشار الطبيب إلى أنه "لا توجد منطقة في المغرب، تصل حاليا إلى التغطية الضرورية بنسبة 95%، في حين أن المعدلات في بعض المناطق أقل بكثير من هذا الرقم، بالإضافة للتراخي في التطعيم وضعف الترصد الوبائي لأمراض الطفولة".

ولفت إلى أن "منطقة بني ملال - خنيفرة تأثرت في بداية عام 2023، وكذلك منطقة سوس ماسة، في سبتمبر (أيلول) 2023، ومؤخرا منطقة طنجة تطوان الحسيمة".

شروط لازمة

وأشار الطبيب المغربي إلى أن "هناك بعض الشروط الضرورية اللازمة لحماية الأطفال من الحصبة، ومنها التحليل المتعمق لأسباب هذا التراخي، والتزام الأسر تلقيح أطفالهم، وبرامج استدراك التلقيح بالنسبة لمن لم يتم تلقيحهم بشكل جيد، وتعبئة خدمات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وتعبئة جميع المهنيين الصحيين واستئناف المراقبة الوبائية على الشكل الأفضل المناسب من قبل الوزارة".

كيف ينتقل مرض الحصبة؟ يعد مرض الحصبة من الأمراض شديدة العدوى، حيث يمكن للطفل المريض أن يلوث 16 إلى 20 شخصا آخر من حوله عن طريق التنفس أو السعال أو العطس، وبشكل غير مباشر عن طريق اليدين والأسطح الملوثة بالفيروس.

الأعراض

تتمثل الأعراض في الحمى وسيلان الأنف واحمرار العينين والسعال والتهيج ثم طفح جلدي أحمر في جميع أنحاء الجسم.

التطعيم: جرعة واحدة في عمر 9 أشهر وجرعة ثانية بعد بضعة أشهر.

وشدد الطبيب المغربي الحمضي، على أن "التطعيم آمن وفعال، وأنه أفضل طريقة لتجنب تفشي العدوى والمرض وتجنب أوبئة الحصبة، حيث أنقذ التطعيم ضد الحصبة وحده حياة 56 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بين عامي 2000 و2021".

وتابع: "الفئات الأكثر تعرضا للأشكال الخطيرة والمميتة للمرض، هم الأطفال دون سن 5 سنوات، البالغون فوق سن 30، النساء الحوامل، الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، الأشخاص الذين يعانون من أمراض تضعف جهاز المناعة".

وأكد الحمضي أن "تفشي حالات الحصبة مؤخرا مرتبط بانخفاض التلقيح في المناطق المعنية وتراخي المراقبة الوبائية لأمراض الأطفال، كما أكدته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية".

مخاطر أكبر

في الإطار، قالت الطبيبة المغربية آمال بورقية، اختصاصية تصفية الدم والكلى، إن "المرض من الأمراض الخطيرة الذي ينتشر بسرعة بين الأطفال".

وأضافت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن "الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض، خاصة في ظل عدم الاهتمام بالتلقيح".

ولفتت إلى الكثير من الأعراض تظهر على المصابين بدرجات مختلفة، خاصة أن التجمعات تعد من مسببات انتشار العدوى بشكل كبير، من خلال العطس أو السعال.

وتوضح الطبيبة المغربية أن "خطورة المرض تكون مضاعفة حين يصاب بها الأشخاص، الذين لم يتلقوا اللقاح في الصغر، بالإضافة إلى أن ضعاف المناعة يتأثرون بشكل أكبر بالأعراض".

ولفتت إلى أن "الوزارة تتحرك بشكل كبير في الوقت الراهن، من خلال عزل الأطفال والأشخاص المصابين وعدم ذهابهم للمدرسة، من خلال البقاء في المنزل".

وشددت على ضرورة وصول التلقيح إلى المناطق النائية، وضرورة التوعية بالأعراض من أجل عدم انتشار المرض بصورة أكبر.

وأشارت إلى أن "الأهالي أيضا يجب عليهم ملاحظة الأعراض وعدم ترك أطفالهم في الفترة الحالية وسط التجمعات، وعدم ذهاب المصابين إلى المدارس".

ووفقا لمحمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب، فإن "أعلى عدد من حالات الإصابة بـ"بوحمرون" سجلت في جهة طنجة، تطوان، الحسيمة، ثم جهة فاس مكناس، إلى جانب منطقتي الرباط والقنيطرة، وبدرجة أقل الدار البيضاء- سطات، وبعض الأقاليم في جهة مراكش- آسفي".

وأفاد المسؤول المغربي، في ندوة صحفية نظمها المرصد الوطني لحقوق الطفل، أن "حالات إصابة في الفئة العمرية بين 9 أشهر و17 شهرا، وحتى بين الأشخاص البالغين 30 عاما فأكثر، لكن الغالبية العظمى من الحالات تركزت في الفئة العمرية بين 18 شهرا و12 عاما، وكذلك في الفئة العمرية بين 12 و36 عاما".

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: مرض الحصبة ما بین إلى أن

إقرأ أيضاً:

أطفال الصيف بين مطرقة الحاجة وسندان الإهمال

بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

مع بداية كل صيف، تتكرر المشاهد ذاتها في شوارع المدن والأسواق العراقية أطفال يبيعون المناديل، ينظفون الزجاج، أو يعملون في الورش والطرقات تحت شمس لاهبة قد تتجاوز حرارتها الخمسين درجة مئوية. ليست هذه مجرد صور عابرة، بل هي دلائل صارخة على أزمة متجذرة عنوانها “عمالة الأطفال”، التي تتفاقم مع انتهاء العام الدراسي ودخول العطلة الصيفية.
في العراق، لا تقتصر عمالة الأطفال على كونها مخالفة للقانون أو انتهاكاً لحقوق الطفولة، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية مقلقة، تتداخل فيها عوامل الفقر، ضعف الوعي، غياب الرقابة، وتراجع الخدمات الاجتماعية. ومع تزايد معدلات الفقر والبطالة بين الأسر العراقية، تُدفع أعداد متزايدة من الأطفال إلى سوق العمل في سن مبكرة، لا لشيء إلا للمساهمة في إعالة أسرهم، ولو على حساب صحتهم ومستقبلهم.
يواجه هؤلاء الأطفال، الذين يفترض أن يكونوا في الملاعب أو بين صفحات الكتب، مخاطر جسدية ونفسية جمة. فالتعرض للشمس الحارقة، والأعمال الشاقة، والمعاملة القاسية، كلها عوامل تؤدي إلى إنهاكهم جسدياً وتعريضهم لحوادث خطيرة. كما أنهم معرضون للاستغلال من قبل أرباب العمل أو حتى المتحرشين، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية فعلية.
هنا يبرز دور الأسرة أولاً، كخط الدفاع الأول في حماية الطفل. فعلى الأهل أن يدركوا أن إرسال الطفل للعمل ليس حلاً للفقر، بل مدخلاً لدائرة أوسع من الحرمان والجهل. التعليم، رغم ظروفه الصعبة، يبقى طوق النجاة الوحيد لهؤلاء الأطفال نحو مستقبل أفضل. كما أن على الأسر المطالبة بحقوقها في دعم اجتماعي حقيقي يوفر لها الحد الأدنى من الكرامة، دون الحاجة إلى التضحية بأطفالها.
أما الحكومة، فعليها أن تتوقف عن التغاضي، وأن تتعامل مع هذه الظاهرة بوصفها قضية أمن اجتماعي وإنساني. المطلوب ليس فقط قوانين تُحظر عمالة الأطفال – فهذه موجودة أصلاً – بل تطبيق صارم لها، ومتابعة ميدانية، وتوفير بدائل حقيقية من خلال برامج صيفية تعليمية وترفيهية تحمي الأطفال وتشغل أوقات فراغهم بشكل مفيد. كذلك يجب دعم العائلات الفقيرة بمساعدات مالية مشروطة بعدم تشغيل أطفالها، كما تفعل بعض الدول في برامج الحماية الاجتماعية .
إن صيف الأطفال يجب أن يكون موسماً للراحة، للعب، للنمو، وليس ساحة عمل ومعاناة. ولعل الوقت قد حان لوقفة وطنية شاملة، تشارك فيها الدولة، الأسرة، ومنظمات المجتمع المدني، لإعادة رسم خارطة الطفولة في العراق، وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع في الشوارع.

ختاما كل طفل يُجبر على العمل اليوم، هو مستقبل مهدور غداً.

انوار داود الخفاجي

مقالات مشابهة

  • عشرات الجرحى من الأطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال لمدينة غزة
  • تكررت بين الشباب.. سبب توقف عضلة القلب بشكل مفاجئ وطرق الوقاية
  • منها الحصبة وجدري الماء..إليكم أمراض خطيرة تحمي اللقاحات منها
  • الحصبة تقترب من إسبانيا.. تحذيرات صحية وتوصيات عاجلة بالتلقيح
  • الصحة العالمية: حالات حرجة بين أطفال
  • عاجل.. الحكومة تنفي تفشي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن
  • باحثة بوزارة الزراعة تحذر: الألوان الصناعية تهدد صحة أطفالك
  • يونيسف: “إسرائيل” تقصف أطفال غزة بشكل يومي
  • أطفال الصيف بين مطرقة الحاجة وسندان الإهمال
  • بينها 5 وفيات.. تسجيل 835 حالة إصابة بالحصبة في تعز منذ مطلع العام الجاري