تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ26،  اليوم، محاضرة مميزة مع المخرج الكاميروني جان ماري تينو، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة.

تناولت المحاضرة دور السينما في نقد الواقع الإفريقي بعد الاستعمار، وأهمية التعليم في مواجهة مخلفات الماضي الاستعماري.

السينما كوسيلة لمقاومة الاستعمار
بدأت الندوة التي أدارها خودريجو بروم، المنتج ومبرمج الأفلام، بتوجيه الشكر للحضور والقائمين على المهرجان، معبرًا عن سعادته بتكريم تينو في الإسماعيلية، ثم استعرض المخرج الكاميروني مسيرته التي بدأت بالصحافة في الثمانينيات والتسعينيات قبل أن يتحول إلى الإخراج السينمائي، حيث استخدم السينما كأداة بصرية فعالة لنقل الواقع الإفريقي، خاصة في ظل انتشار الأمية في بعض المناطق.

أشار تينو إلى أن السينما ليست مجرد فن، بل "مدرسة ليلية" نتعلم فيها، موضحًا أن الأفلام الإفريقية لم تكن مجرد وسيلة للترفيه، بل لعبت دورًا رئيسيًا في مناهضة الاستعمار وتعزيز الهوية الثقافية الإفريقية. وأكد أن التعليم هو السلاح الحقيقي لمحاربة الاستعمار، مضيفًا: "لو أننا ما زلنا موجودين اليوم، فهذا يعني أن هناك شيئًا أصيلًا بداخلنا، أكبر وأهم من الاستعمار، وهو الطاقة والمعرفة".


خلال الحوار، طرح خودريجو بروم تساؤلًا حول التناقض في مسيرة تينو، إذ بدأ كصحفي خضع للرقابة، ثم تحول إلى السينما التي تعد أداة سياسية وتواجه الرقابة أيضًا. في إجابته، أوضح المخرج أن السينما الإفريقية قبل التحرر كانت خاضعة لقوانين تمنع السكان الأصليين من صناعة الأفلام، حيث فرضت القوى الاستعمارية خطابًا معينًا. لكن بعد الستينيات، حاول المخرجون الأفارقة تفكيك الصورة النمطية التي فرضها الاستعمار وإعادة تشكيل الهوية الإفريقية عبر الشاشة.

كما ناقش المتحدثان إشكالية التمويل في السينما الإفريقية، حيث أشار تينو إلى أن "أوروبا هي الممول الأساسي لأفلام إفريقيا"، وهو ما يثير التساؤلات حول استقلالية الخطاب السينمائي الإفريقي.


وعن إمكانية وجود سينما غير سياسية، أكد تينو بحسم: "أنا لا أرى ذلك، فحتى أفلام هوليوود مشبعة بالسياسة"، مشيرًا أن صناعة الأفلام ليست محايدة، بل تتأثر بمن يمولها ويدعمها.

وأضاف: "كيف يمكن أن نتحرر إذا لم تكن الدولة هي من تمول السينما؟ طبيعي أن الجهة الممولة تفرض خطابها"، مما يؤكد رؤيته بأن استقلال السينما لا يتحقق إلا من خلال دعم محلي يضمن حرية التعبير والرؤية المستقلة.


يُذكر أن جان ماري تينو وُلد في الكاميرون ثم انتقل إلى فرنسا لاستكمال دراسته السينمائية، حيث أخرج أول أفلامه بعنوان "شباط"، واهتم بتناول قضايا العرق والثقافة في أعماله.

عُرضت أفلامه في مهرجانات كبرى مثل تورنتو، وهو يعمل في السينما منذ أكثر من 35 عامًا، حيث يُعرف بأسلوبه النقدي العميق تجاه التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري في إفريقيا.

 

اختُتمت المحاضرة بتفاعل واسع من الحضور، الذين أشادوا برؤية تينو العميقة لدور السينما في تشكيل الوعي، ومساهمته في تعزيز الهوية الإفريقية عبر الشاشة. 
وأكد أن "السينما ليست مجرد أداة للعرض، بل هي نافذة نحو الحقيقة وسلاح في معركة التحرر الفكري".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأفلام التسجيلية الإسماعيلية الهوية الثقافية

إقرأ أيضاً:

التضليل أداة التفاوض

 

 

محمد بن رامس الرواس

في المشهد السياسي الراهن؛ حيث تُراوح حرب غزة مكانها بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، تكشف جولات المفاوضات المتعثرة عن ملامح عميقة للسيكولوجية الإسرائيلية في التعامل مع المقاومة وعلى رأسها حماس وباقي الفصائل الفلسطينية، فبينما ترفع إسرائيل شعارات استعادة الأسرى، والرضوخ للضغوط الدولية بالذهاب للمفاوضات، إلّا أن الوقائع تثبت أن سلوكها التفاوضي ينبني على سيكولوجية تظليل ممنهج أكثر منه على رغبة حقيقية في الوصول إلى حلول وهذا الأمر يمكن التنبؤ به ضمن.

تاريخ طويل من التضليل والتكتيك المؤقت الذي كانت ولا تزال إسرائيل تتبعه ولم يكن هذه أول مرة تستخدم فيها إسرائيل أسلوب المراوغة والتضليل؛ فمنذ «أوسلو» وحتى «صفقة شاليط» وصولًا إلى الصفقة الأخيرة مع حماس في أبريل العام 2025، أثبتت إسرائيل أنها تتقن فنون المماطلة، وتُجيد إيهام الطرف الآخر بقرب الاتفاق ثم تلتف على المطالب الجوهرية عند اللحظة الحاسمة وفي مفاوضاتها مع حماس اليوم لا تختلف الأدوات بل تتجدد بأقنعة جديدة وتدير الوقت باستراتيجية تعتمد فيها إسرائيل على سيكولوجية استنزاف الزمن؛ فكلما اقتربت الجولة التفاوضية من لحظة قرار تفتعل تسريبات إعلامية أو اشتراطات مفاجئة لتعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر، هذا التكتيك يهدف الى أمران الأول إنهاك الطرف المقابل نفسيًا وسياسيًا وهذا الأمر لم ولن يحصل لأن فصائل المقاومة متمسكون بحبل الصمود والأرض، والأمر الثاني كسب الوقت لتنفيذ أهداف عسكرية ميدانية لكنها دائما ما تفشل في ذلك في الميدان عند تلاحم القوات، وثالثهما التأثير على الرأي العام الدولي لإظهار نفسها كطرف مرن وهذا الامر انكشف للمجتمع الدولي وسقطت أقنعة اسرائيل جميعها وتعرت تماما شرقًا وغربًا وباتت ادواتها مكشوفه وآخرها موضوع ادخال المساعدات الى غزة.

لطالما كانت دولة الكيان الإسرائيلي تحاول أن تخترق وتتلاعب بالمجتمع الدولي عبر لغة مزدوجة

ففي الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن التهدئة، لا تتوقف عن ضرب البنية الإنسانية في غزة، وفي الوقت الذي ترسل فيه الوسطاء إلى القاهرة والدوحة، تواصل حملات التشكيك في مصداقية المقاومة، محاولة بث الفرقة بين أطرافها، وهذه السياسة تنبع من سيكولوجية التذاكي السياسي حيث يُستخدم التفاوض كأداة قتال لا كوسيلة سلام، لكن فهم المقاومة الفلسطينية لطبيعة هذه السيكولوجية الاسرائيلية يدركه قادة المقاومة ويدركون أن إسرائيل تفاوض بعقلية المحتل فالمحتل لا يرى في الطرف المقابل الا عدو يجب تفكيكه و استنزافه، ومن هنا ترفض حماس وباقي فصائل المقاومة فصل المسار التفاوضي عن الميدان وتصر على ربط أي وقف إطلاق نار بوقف العدوان ورفع الحصار والإفراج الكامل عن الأسرى لا مجرد تبادل محدود وصفقة جزئية.

ختامًا.. إن السيكولوجية الإسرائيلية ليست عشوائية؛ بل تقوم على دراسات وتحليلات نفسية لردود الفعل، وهي تفترض أن المدى الزمني الطويل والتضليل المتكرر قد يؤديان إلى كسر عزيمة المقاومة الفلسطينية وتشويش رؤيتها، لكنها تغفل أن الشعب الفلسطيني الذي لم تنكسر روحه وارداته رغم الحصار والمجازر، قد بات أكثر وعيًا وأكثر ثباتًا في وجه تكتيكات التفاوض المُضلِّلة، وفي ظل هذا المشهد فإن المعركة التفاوضية لا تقل شراسة عن المعركة العسكرية؛ بل لعلها اليوم هي الميدان الأهم؛ حيث تختبر الإرادات وتُعرّى النوايا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • السينما المغربية تسطع في مهرجان كان السينمائي الدولي
  • اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة تجدد دعمها للشعب الصحراوي
  • رئيس مهرجان السينما الأسبق: الفن المتروك دون ضوابط يغذي الفوضى الفكرية
  • الممنوعون من الروز ماري.. وهذه الأضرار تصيب الأصحاء بسبب خطأ واحد
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • إندونيسيا الخيار الباقي أمام أمريكا للتحرر من هيمنة الصين على صناعة المعادن الأساسية
  • السينما وعلم النفس علاقة لا تنتهي
  • تنظيم التصحيح: الوحدة اليمنية توّجت نضالات وكفاحات شعب بأسره في مواجهة الاستعمار والتشطير
  • "جمعية السينما" تُبرز كنوز السلطنة في "يوم التنوع الثقافي العُماني" بـ"إكسبو اليابان"
  • التضليل أداة التفاوض