نجحت الإمارات في ترسيخ مكانتها دولة جاذبة للابتكار والإبداع والاكتشافات العلمية، بتوفيرها بيئة ملائمة لرعاية المواهب واحتضان مشاريعها وابتكاراتها واختراعاتها من حول العالم.

وأكد الدكتور عاطف عوض عبدالله، الأستاذ المشارك في كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، أن "تسارع العولمة الاقتصادية دفع الإمارات، خلال العقود الماضية، إلى تكثيف جهودها لجذب المواهب من مختلف أنحاء العالم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

ووضعت الدولة سياسات وقوانين تدعم بناء المؤسسات الحكومية والخاصة، كما شجعت القوى العاملة الماهرة على القدوم إليها عبر منح مزايا مثل الإقامة الذهبية".
مراكز الابتكار

وأشار د. عبدالله، عبر 24، إلى أن الدولة أنشأت في عام 2014 مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، الذي أطلق عدة مشاريع لتعزيز ثقافة الابتكار. وفي عام 2015، أعلنت الإمارات شهر فبراير "شهر الابتكار"، ما يعكس اهتمام القيادة بتعزيز الابتكار وريادة الأعمال. كما استضافت دبي قمة الابتكار العالمي عام 2016، لتكون منصة لعرض المشاريع البحثية، ودراسة دور الابتكار في الاقتصاد المعرفي. وفي نوفمبر 2015، أقرّت الدولة، السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والتي تضمنت 100 مبادرة وطنية بميزانية تجاوزت 300 مليار درهم حتى عام 2021.


تنويع الاقتصاد

وأكد د. عبدالله أن التكنولوجيا تلعب دوراً محورياً في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، خصوصاً في ظل توجه الدولة لتنويع الاقتصاد وتقليل التأثيرات البيئية للأنشطة الاقتصادية. ووفقًا للاستراتيجية الوطنية للمئة عام المقبلة، أصبح قطاع الابتكار والتكنولوجيا ركيزة أساسية، حيث ساهم القطاع غير النفطي بنسبة 74% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024.


مركز عالمي

وقال مدير إدارة الاتصال الاستراتيجي والتسويق، مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار جمعة الحاج: "تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية للابتكار، بفضل توفر بيئة داعمة تجمع بين البحث العلمي، والتكنولوجيا المتقدمة، وريادة الأعمال".
ولفت إلى أن مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار لعب دوراً محورياً في تمكين المواهب، من خلال مرافقه المتطورة، وبرامجه الداعمة للشركات الناشئة، وشراكاته مع كبرى المؤسسات العالمية للمساهمة بتقديم نموذج رائد يعزز الابتكار ويسهم في صياغة مستقبل أكثر استدامة وذكاء، لترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للبحث والتطوير.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات

إقرأ أيضاً:

الدولة المبدعة «إعادة تعريف دور الحكومة في الابتكار»

ترجمة: أحمد القرملاوي

«يمكن للحكومات أن تقوم بدور محوريّ ومؤثر في تحفيز الابتكار، بل وأن تعمل على خلق أسواق جديدة بدلًا من الاكتفاء بإجراء إصلاحات حين يصيب الفشل آليات السوق»

«بدلًا من تركيز التمويل في مسار واحد، ينبغي للمؤسسات العامة أن تعتمد استراتيجية استثمارية متنوعة تعزز المرونة والابتكار»

ي التصوُّر التقليدي المتعارف عليه في عِلم الاقتصاد، يُنظَر إلى الحكومات باعتبارها محدودةً من حيث القدرة على تحفيز الابتكار، وأن الدولة يجب أن تحصر دورها الاقتصادي في أضيق حدودٍ ممكنة، فلا تتدخل إلا في الحالات التي تشهد فشلًا ملحوظًا في آليات السوق. غير أن هذا التصور يبتعد كثيرًا عن الحقيقة.

في الواقع، يمكن للحكومات أن تقوم بدور محوريّ ومؤثر في تحفيز الابتكار، بل وأن تعمل على خلق أسواق جديدة بدلًا من الاكتفاء بإجراء إصلاحات حين يصيب الفشل آليات السوق. إن المنادين بحَصْر دور الحكومة في الاقتصاد لأضيق حد ممكن، يرون أن حالات الفشل تلك ليست مبررًا كافيًا للتدخل الحكومي، إلا فيما يتعلق بتمويل مشروعات البنية الأساسية والبحث العلمي. غير أن نظرية «التدخل المحدود» المزعومة هذه لا تقدِّم تفسيرًا منطقيًّا لتدَفُّق بلايين الدولارات من الحكومة لتمويل الأبحاث التطبيقية، وكذا لتمويل الشركات الناشئة في مراحل تأسيسها المبكرة. كما يشير الواقع لمراكز الابتكار الأكثر شهرة في العالم، والتي قامت الدولة بتأسيسها دور «ريادة الأعمال»، بدايةً من وضع الرؤية الأساسية ووصولًا لتوفير التمويل اللازم لإنشاء مجالات اقتصادية جديدة ومبتكرة، من تكنولوجيا المعلومات إلى التكنولوجيا الحيوية والنانوتكنولوجي والتكنولوجيا الخضراء.

ثمة مثال في وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث فعلت الدولة دور «المستثمر الاستراتيجي» عبر شبكةٍ لا مركزية من المؤسسات العامة، تضم وكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة (The Defense Advanced Research Projects Agency)، ووكالة ناسا لعلوم الفضاء (NASA)، وبرنامج دعم الأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة (Small Business Innovation Research Program)، ومؤسسة العلوم الوطنية (National Science Foundation).

وتُقدَّر الاستثمارات الحكومية في هذه المجالات بمبالغ مهولة، ليس فقط في تكنولوجيا المعلومات، إذ شهِدت مجالات أخرى مثل الطاقة وعلوم الحياة ضخَّ أموال طائلة. ومثال على ذلك ما استثمرتْه المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة (NIH) عام 2011، وقُدِّر آنذاك بـ 31 مليار دولار خُصِّصَت للصرف على الأبحاث في مجال الطب الحيوي. ووِفقًا لما صرَّحَت به مارسيا أنجِل البروفيسور في كلية الطب بجامعة هارفرد، فقد ساهم هذا التمويل بدور حاسم في تطوير عدد من الأدوية الجديدة التي شكَّلَت ثورةً طبية خلال العقود الأخيرة. وبالمثل، فقد ثَبُتَ أن التمويل الممنوح عَبْرَ البرنامج الحكومي لدعم الأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة (SBIR) كان بشهادة بعض الشركات الأمريكية الأكثر ابتكارية هو التمويل الأهم والأكثر فاعلية من رؤوس الأموال الاستثمارية الخاصة.

ثمة حالات شبيهة خارج الولايات المتحدة، منها الصندوق الحكومي «سيترا» الذي أسسته حكومة فنلندا لتمويل المشروعات الابتكارية، والذي ساهم في تمويل شركة «نوكيا» في بداياتها. وفي الصين، يقدِّم بنك التنمية الحكومي مليارات الدولارات في صورة قروض لعدد من أبرز الشركات في مجال التقنية والابتكار، مثل «هواوي» و«ينغلي سولار».

مثل هذه النماذج من الاستثمارات العامة يقوم بدور أساسي وفعَّال في تأسيس أسواق جديدة ورسم خريطتها. لو أخذنا الهاتف الذكي باعتباره مثالًا سنجد أن الاستثمارات الحكومية لعبت دورًا مركزيًّا للغاية في تطوير أغلب التقنيات التي جعلت الآيفون هاتفًا «ذكيًّا» على النحو الذي نعرفه اليوم؛ تقنيات مثل الإنترنت، ونظام تحديد المواقع (GPS)، والشاشات التي تعمل باللمس (Touchscreens)، وتقنيات التعرُّف على الصوت التي تُشكل الأساس التقني لتطبيق «سيري». وبالمثل سنجد أن المؤسسات العامة هي مَن تقود التحوُّل نحو التكنولوجيا الخضراء في العديد من البلدان.

وبإدراك أهمية الدور الذي تمثله استثمارات الدولة في تحفيز النمو والابتكار سنرى ضرورةَ إعادة النظر في الفهم التقليدي لطبيعة التدخل الحكومي في الاقتصاد. فبدلًا من التركيز فقط على تمويل صناعات وتقنيات بعَينها؛ فإنه يجدُر بالمؤسسات العامة أن تقوم بدور المستثمر الذي يراهن على «محفظة» متنوعة من الخيارات الاستثمارية. ومثلها مثل أي مستثمر آخر؛ لن تنجح الدولة في استثماراتها على طول الخط، بل إن الفشل هو الفرضية الأكثر احتمالًا في حقيقة الأمر؛ نظرًا لكون المؤسسات الحكومية غالبًا ما تغامر بالاستثمار في مجالات لا تتوافر فيها المعلومات بدرجةٍ كافية، لا سيما في المجالات التي ترفض رؤوس الأموال الخاصة أن تدخل فيها. وحتى تُحسن القيام بهذا الدور يَلزَم المؤسسات العامة أن تتوافر لها القدرة على المغامرة، مع إمكانية التعلُّم عن طريق التجربة والخطأ.

وبما أن الخطأ جزءٌ لا مفرَّ منه من لُعبة الابتكار، وبما أن الحكومة لها دور أساسي في مجال الابتكار؛ فلا بد للمجتمع أن يتحلَّى بقدر من التسامح مع «الفشل الحكومي». غير أن الواقع يشير لما يحدث في حالات الفشل الحكومي؛ حيث تتعالى الأصوات الناقدة، وتثير ردَّ فعلٍ سلبيًّا تجاه الحكومة، أما في حالة النجاح فإن الصمت يسود كأنّ لم يكن.

ثمة مثال على تلك الظاهرة؛ حين أُعلِن إفلاس شركة الطاقة الشمسية الأمريكية سوليندرا، وكانت قد تلقَّت قروضًا مضمونة من الحكومة بقيمة 500 مليون دولار، ما أثار اعتراضات حزبية واسعة. فيما لم يتوقَّف إلا القليلون أمام حقيقة أن الحكومة منحتْ «تِسلا» نفس المبلغ تقريبًا حتى تُطوِّر سيارتها «تِسلا إس»، المنتَج الذي اعتُبِر نموذجًا للإمكانيات الابتكارية التي يستطيع وادي السيليكون أن يبرهن عليها.

هنا يُطرح السؤال: ما الذي يُمكن أن يحمل الرأي العام على تقبُّل فشل الحكومة في المجالات الابتكارية؟

تستطيع شركات القطاع الخاص أن تُعوِّض خسائرها الناتجة عن استثماراتها الفاشلة بما تجنيه من أرباح الاستثمارات الناجحة، أما البرامج الحكومية فيندُر أن توضَع بغرض تحقيق العوائد المادية التي تمكِّن الحكومة من تعويض خسائرها السابقة. وعلى الرغم من احتجاج البعض بأن عائد الحكومات ينتج عن الضرائب؛ فإن النظام الضريبي الحالي لا يعمل بالكفاءة اللازمة، ليس فقط لكونه مليئًا بالثغرات، بل بسبب تخفيض نِسَب الضرائب مقارنةً بما كانت عليه. فحين تأسست «ناسا» كان المعدل الأعلى للضرائب يتخطى حاجز الـ90%. وبالمثل تراجعت ضرائب الأرباح الرأسمالية بأكثر من 50% منذ عقد الثمانينيات.

ولأجل تعزيز التأييد الشعبي لاستثمار الدولة في مجالات الابتكار -التي تتسم بهامش أعلى من المخاطرة-؛ قد يحتاج المشرِّع لإيجاد طريقة يحصل بها دافعو الضرائب على عوائد مباشرة من هذا الاستثمار عن طريق إعادة توجيه الأرباح لصندوق عمومي لدعم الابتكار يهدف إلى تمويل الموجة التالية من التقنيات المبتكرة. أما في الحالات التي تُوَجَّه فيها استثمارات الدولة لتمويل أبحاث أساسية؛ فإن الفوائد التي تعود على الصناعات والقطاعات الاقتصادية المختلفة عادةً ما تمثل مُكتسبات تكفي لإرضاء دافعي الضرائب. لكن تبقى ثمة حالات أخرى تستدعي التفكير في حوافز بديلة؛ كأن يُخصَّص جزء من الأرباح التي تتحقق نتيجة استثمار الحكومة الأمريكية في «تِسلا» لمنح دافعي الضرائب أسهمًا في الشركة أو نسبةً من أرباحها، وتخصيص جزء آخر لتعويض الخسائر التي ترتَّبت على استثمار الحكومة الفاشل في سوليندرا. من الممكن أيضًا ربط سداد القروض الحكومية بالأرباح الناتجة عن استثماراتها الناجحة، كما هو الحال مع القروض المخصصة للطلبة. كما يُمكن أن يوضَعَ سقف لأسعار الأدوية التي تُبتكر بتمويل من المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة (NIH)، بحيث لا يتكبَّد دافعو الضرائب الثمنَ مرتين.

خلاصة القول أنه من الواضح تمامًا أن المنهج الحالي يُعاني من خلل جسيم؛ حيث «تُعمَّم» المخاطر فتُلقى على عاتق الدولة، فيما «تُخصَّص» الأرباح لصالح مُستثمري القطاع الخاص، ما لا يضر فقط بفرص الابتكار المستقبلية، بل يُضعف من قدرة الحكومة على إقناع العامة بدورها الفعال في تمويل الابتكار. إن الاعتراف بالدور الذي قامت به الدولة في قيادة الابتكار –والذي يجب أن يستمر– هو ما يمكننا من طرح السؤال الأهم: ما هي الاستثمارات الحكومية الرياديَّة الجديدة التي من شأنها أن تدفع عجلة النمو الاقتصادي مستقبَلًا؟

ماريانا مازوكاتو، أستاذة اقتصاديات الابتكار في كلية الاقتصاد بكلية لندن الجامعية، و المدير المؤسس لمعهد الابتكار والغرض العام، التابع لكلية لندن الجامعية

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب.. تناول السمك مرة في الأسبوع
  • تعزيز الشراكات لتصدير الابتكار: عبد العزيز مستاوي يؤكد أهمية تأجير براءات الاختراع في دعم الاقتصاد الأخضر
  • «الشارقة للنشر».. أفضل بيئة عمل للعام الثاني على التوالي
  • «الشارقة للنشر» أفضل بيئة عمل
  • الإمارات تعزز التعاون في ريادة الأعمال والتكنولوجيا خلال فيفا تك 2025 بفرنسا
  • الدولة المبدعة «إعادة تعريف دور الحكومة في الابتكار»
  • ترامب يطالب نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة.. لهذه الأسباب
  • الشارقة تسجّل أول حضور عربي في “أسبوع الابتكار الرقمي” بإسبانيا
  • أستاذ اقتصاد : استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية يجذب المستثمرين لمصر
  • وزير المالية التركي: تجاوزنا أصعب التحديات الاقتصادية!