محمد بن أنور البلوشي
هل توقفت يومًا وفكرت حقًا في الاستثمار؟ هل تأملت فكرة أن تدع أموالك تعمل من أجلك بدلًا من أن تقضي حياتك كلها في العمل لها؟ لقد عملت لعشرين عامًا أو أكثر، واجتهدت كل يوم لتكسب قوت يومك، لكن أليس الوقت قد حان لتجعل المال الذي كسبته يعمل من أجلك؟
عندما أطرح هذه الأسئلة على نفسي، لا يسعني إلا أن أتعجب من السبب الذي يجعل الكثيرين لا يتخذون هذه الخطوة الحاسمة.

وعندما أتحدث إلى الآخرين، أجد أن الرد الأكثر شيوعًا هو: "ليس لدي المال للاستثمار". لكن هذا الجواب يفتح الباب لمزيد من التساؤلات: لماذا ليس لديهم المال بعد عشرين عامًا أو أكثر من العمل؟ أين ذهبت تلك الأموال؟ ومن أخذها؟ ولماذا لا يزالون عالقين في هذا النمط؟
لنتوقف لحظة ونتأمل: نحن نقضي جزءًا كبيرًا من حياتنا في العمل من أجل المال. لكن إذا لم يعد المال ليعمل من أجلنا، فهل كان الأمر يستحق كل هذا العناء؟ هل هذه صفقة عادلة؟ تخيل أنك تعمل لصديق لا يبادلك الجهد يومًا، ستبدأ بالتساؤل عن قيمة هذه العلاقة، أليس كذلك؟ فلماذا لا نسأل أنفسنا نفس السؤال عن علاقتنا مع المال؟
لنجعل الأمر شخصيًا. تخيل أنك تجلس في نهاية الشهر تنظر إلى كشف حسابك البنكي. ماذا ترى؟ مدفوعات الإيجار أو الرهن العقاري، فواتير الخدمات، مشتريات البقالة، وربما نفقات ترفيهية. ثم، ربما، مبلغ صغير مدخر. لكن كم من هذا المال ينمو بالفعل لصالحك؟ إذا كانت إجابتك "ليس كثيرًا"، فأنت لست وحدك. الكثيرون في نفس الموقف.
لكن الخبر السار هو أن هذا النمط لا يجب أن يستمر، يمكنك كسره. وأفضل وقت للبدء هو الآن، سواء كان ذلك من راتبك الأول أو من أول دفعة تقاعدية، لم يفت الأوان أبدًا لبدء رحلة أموالك لتعمل من أجلك.
هذا ليس مجرد قرار عملي؛ إنه تحول في التفكير، عندما تقرر الاستثمار، فأنت تتبنى مفهوم الإشباع المؤجل. أنت تقول: "سأضع هذا المال ليعمل الآن حتى يقدم لي عوائد أكبر في المستقبل." إنها رحلة من عقلية الندرة إلى عقلية الوفرة، ومن مجرد مستهلك إلى باني للثروة.
تأمل بعض الشخصيات الأكثر نجاحًا في التاريخ. وارن بافيت، الذي يُعرف بـ "عراف أوماها"، بدأ الاستثمار عندما كان طفلًا، واليوم تجني أمواله مليارات سنويًا. وروبرت كيوساكي، مؤلف كتاب "الأب الغني والأب الفقير"، يركز على أهمية الاستثمار في الأصول التي تدر دخلًا. حتى أوبرا وينفري، التي بدأت من بدايات متواضعة، استثمرت بذكاء لتنمية ثروتها. هؤلاء الأشخاص لم يعملوا فقط لجني المال، بل فهموا قوة جعل أموالهم تعمل من أجلهم.
يُخطئ كثير من الناس لأنهم يقعون في فخ "التضخم في نمط الحياة". فعندما تزداد دخولهم، تزداد نفقاتهم كذلك. يغيرون سياراتهم، ينتقلون إلى منازل أكبر، أو ينغمسون في الكماليات التي طالما رغبوا بها، لكنهم ينسون تخصيص جزء من دخلهم للاستثمار، وهناك من يخافون من المخاطرة، سوق الأسهم، والصناديق المشتركة، وحتى العقارات قد تبدو مخيفة إذا لم تفهمها، لكن الحقيقة هي أن التعلم والبدء بمبالغ صغيرة يمكن أن يخفف من هذه المخاوف.
ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة أن الاستثمار يتطلب مبالغ طائلة من المال، لكن هذا مجرد وهم، مع ظهور الأسهم الجزئية، ومستشاري الروبوت، وصناديق المؤشرات منخفضة التكلفة، يمكن لأي شخص أن يبدأ الاستثمار بمبالغ صغيرة مثل بضع ريالات أو دولارات، المفتاح هو الاستمرارية، وليس المبلغ الذي تبدأ به.
إذن، ما الذي يمنعك من البدء؟ خصص نسبة صغيرة من دخلك كل شهر، فكر في الأمر على أنه دفع لمستقبلك. افتح حساب استثمار، واستكشف خيارات مثل الأسهم، أو الصناديق المشتركة، أو العقارات إذا كنت تجدها مناسبة. الفكرة هي أن تضع أموالك في أصول تنمو بمرور الوقت وتولد دخلاً سلبيًا.
ولا تنسَ قوة الفائدة المركبة التي وصفها ألبرت أينشتاين بأنها "العجيبة الثامنة في العالم". عندما تستثمر، فإن أموالك تحقق عوائد، وهذه العوائد تحقق بدورها عوائد، بمرور الوقت، يؤدي ذلك إلى نمو كبير، حتى المساهمات الصغيرة المنتظمة يمكن أن تؤدي إلى ثروة كبيرة.
فكر في جهود حياتك – المعرفة التي اكتسبتها، المهارات التي صقلتها، والسنوات التي كرستها للعمل، هل كانت فقط لصاحب العمل؟ هل كان راتبك للبنوك والفواتير؟ ماذا تبقى لك ولمستقبلك؟
أنت تستحق أكثر من ذلك، دع أموالك تعكس العمل الشاق الذي بذلته على مر السنين، دعها تنمو، تتضاعف، وفي النهاية تمنحك الحرية لتعيش حياتك بشروطك الخاصة.
الخيار بين يديك: هل ستستمر في العمل فقط من أجل المال، أم ستبدأ في جعل المال يعمل من أجلك؟ قد تبدو الخطوة الأولى صعبة، ولكن تذكر أن كل رحلة عظيمة تبدأ بخطوة واحدة. هل أنت مستعد لخطوتك؟
 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هآرتس: واشنطن تعمل على بلورة رؤية لـ "غزة موحّدة" تُدار من قبل سكانها

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة الأميركية تكثّف ضغوطها على الوسطاء لدفع حركة حماس إلى القبول بخيار نزع السلاح، لكنها في الوقت ذاته تستعد لإعلان “مجلس السلام” والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حتى دون الحصول على موافقة الحركة.

وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن تعمل على بلورة رؤية لـ غزة موحّدة تُدار من قبل سكانها، وهي رسالة نقلها مؤخرًا أرييه لايتستون، المبعوث الأميركي المكلّف بتنفيذ خطة ترامب، خلال لقاءات مع عدد من الدبلوماسيين الغربيين.

ويتواجد لايتستون بشكل شبه دائم في إسرائيل، حيث يجري اتصالات مع السلطات الإسرائيلية ومع الشركاء الدوليين لواشنطن. ويصف مطّلعون على نشاطه دوره بأنه المحرّك الرئيسي للقرارات والتفاهمات التي ينفّذها مركز التنسيق الأميركي في كريات غات.

اقرأ أيضا/ ترامب: نعمل بجدية بالغة على قضية غـزة

ووفق الصحيفة، تتعارض رسائل لايتستون مع التصريحات الأخيرة لرئيس الأركان الإسرائيلي إيال زمير، الذي اعتبر أن “الخط الأصفر” الذي يفصل المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل عن تلك الخاضعة لحماس يمثّل حدودًا جديدة داخل القطاع.

وفي السياق نفسه، تؤكد الولايات المتحدة أنها تسعى للانتقال السريع إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، ولا يُتوقع — بحسب هآرتس — أن تعارض إسرائيل هذا التوجّه.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية الكابينيت يصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية واشنطن تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض والنفايات بقطاع غزة وتحمل التكلفة إسرائيل توافق على مطلب أميركي بتحمّل تكاليف إزالة الدمار في غزة الأكثر قراءة إصابات في قصف مدفعية الاحتلال بيت لاهيا شمال قطاع غزة إصابتان خلال اقتحام الاحتلال مخيم الجلزون شمال البيرة رابط بث مباشر قرعة كأس العالم 2026 – قرعة مونديال 2026 مباشر الآن الجيش الإسرائيلي يعلن استكمال عمليّة "خمسة أحجار" شمال الضفة الغربية عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • لو معاك شهادة بقيمة 300 ألف جنيه.. اعرف حكم الزكاة على أموالك
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • هآرتس: واشنطن تعمل على بلورة رؤية لـ "غزة موحّدة" تُدار من قبل سكانها
  • أوهام الازدهار العالمي.. تفكيك أسباب الفقر في عالمٍ يزداد غنى .. كتاب جديد
  • اختتام ورشة العمل حول الاستثمار في قطاع التعدين رؤية جديدة
  • نائبة وزيرة التضامن تشهد فعاليات الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس مؤسسة منارة للتنمية والتدريب
  • نائبة وزيرة التضامن: المجتمع المدني شريك للحكومة فى التنمية والعمل
  • عاجل| الأردن وإندونيسيا يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكات الاستثمارية
  • جلسة «رأس المال العائلي» تستكشف فرص الاستثمار والشراكات
  • بدر: تمكين المرأة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ودعم الازدهار