اليابان – يدرس العلماء بشكل متزايد تأثير مشروبات، مثل القهوة والشاي على وظائف الدماغ، ولا سيما على المخاطر المرتبطة بالخرف لدى كبار السن.

وفي هذا السياق، أظهرت دراسة يابانية حديثة نتائج مثيرة تتعلق باستهلاك الشاي الأخضر والقهوة وتأثيراتهما المحتملة على صحة الدماغ.

وعلى الرغم من أن القهوة تتمتع بفوائد صحية عدة مثبتة علميا، إلا أن الدراسة الحديثة كشفت أن الشاي الأخضر يتفوق عليها في مساعدة كبار السن على تقليل خطر الإصابة بالخرف.

ووجد الباحثون أن هناك “ارتباطا كبيرا” بين استهلاك كميات أكبر من الشاي الأخضر وانخفاض آفات المادة البيضاء في الدماغ، وهي مرتبطة بمرض الخرف الوعائي ومرض ألزهايمر.

وحللت الدراسة التي نشرتها مجلة NPJ Science of Food، بيانات نحو 10 آلاف ياباني مسن شاركوا في دراسة رصدية مستمرة حول الخرف.

وخضع المشاركون لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي وملأوا استبيانات حول عاداتهم الغذائية.

وأشار الباحثون إلى أن ارتفاع ضغط الدم يعد “أهم عامل خطر” للإصابة بهذه الآفات، وقد أظهرت دراسات سابقة أن الشاي الأخضر يساعد في خفض ضغط الدم.

وبالإضافة إلى ذلك، يحتوي الشاي الأخضر على كمية أقل من الكافيين مقارنة بالقهوة، ما قد يساهم أيضا في تقليل الآثار السلبية على ضغط الدم، وبالتالي، قد يكون له تأثير أكثر إيجابية على صحة الدماغ.

ومن ناحية أخرى، وجدت دراسة منفصلة حديثة أن شرب القهوة في الصباح قد يكون له فوائد صحية أكبر مقارنة بشربها على مدار اليوم، بما في ذلك تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة.

ويصنع الشاي الأخضر من أوراق وبراعم نبات “كاميليا سينينسيس”، ويحتوي على مضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن، بالإضافة إلى الكافيين. ويحتوي كوب الشاي الأخضر عادة على 25-45 ملغ من الكافيين. أما القهوة، التي تصنع من بذور نباتات البن المختلفة، فتحتوي أيضا على مضادات الأكسدة، وقد تصل كمية الكافيين فيها إلى نحو 100 ملغ لكل كوب، حسب طريقة التحضير.

وأكد الباحثون أن الدراسة لها بعض القيود، منها أنها ركزت فقط على استهلاك الشاي الأخضر والقهوة كمشروبات. كما لم تتوفر معلومات حول طريقة تحضير الشاي الأخضر، مما قد يؤدي إلى اختلافات في محتوى المواد الفعالة.

وأضاف الباحثون أن الدراسة اقتصرت على عادات الشرب لدى اليابانيين، وبالتالي لا يمكن تعميم نتائجها على دول أخرى.

وخلصت الدراسة إلى أن زيادة استهلاك الشاي الأخضر يرتبط بانخفاض آفات المادة البيضاء في الدماغ. ونظرا لأن هذه الآفات ترتبط بشكل وثيق بالخرف الوعائي ومرض ألزهايمر، تشير النتائج إلى أن شرب الشاي الأخضر، خاصة ثلاث أكواب أو أكثر يوميا، قد يساعد في الوقاية من الخرف. ومع ذلك، أكد الباحثون على الحاجة إلى مزيد من الدراسات الطولية والأبحاث الأساسية لتأكيد هذه النتائج.

المصدر: إندبندنت

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الشای الأخضر

إقرأ أيضاً:

ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة.. أيهما كلفته أكبر؟ (1)

لطالما شكَّل هذا السؤال نقطة خلاف بين طرفين، الطرف الأول يرى أن مفاهيم مثل المقاومة والتحرر من الاستعمار والكرامة والعدالة والتصدي للظلم، لم تكن يوما محل نزاع شعبي، بل كانت مسلّمات إنسانية متفقا عليها تستحق النضال والتضحية والاستبسال من أجلها حتى الموت. كانت تلك القيم حاضرة في الأدب والسينما، ورموزها يحظون بالاحترام العام.

لكن هذا الوضع تغيّر، لم تعد تلك القيم تحظى بالتأييد ذاته، بل صار الداعمون لها قِلّة، وأحيانا موضع استهجان. تصاعدت الفردانية، وصارت حياة الفرد ورغباته فوق كل قيمة (الفريق الثاني)، حتى لو تعارض ذلك مع مفاهيم وقيم إنسانية نبيلة وأصيلة مثل التضحية في سبيل الدفاع عن الأوطان والأعراض.

أصبحت الحياة والعيش غاية بحد ذاتها، سواء بكرامة أو دونها. جاء هذا التحوّل تحت هيمنة الليبرالية على الإعلام، الذي صاغ وعيا عالميا جديدا.

في هذا المقال، نحاول الإجابة على السؤال المطروح من خلال استعراض تجارب تاريخية في الاستعمار والتحرر، وتحليل المسارات والنتائج التي انتهت إليها، لنصل إلى خلاصات مدعومة بوقائع.

أولا: تجارب النضال.. من الرفض شعبي إلى التبني

أ- حكومة فيشي.. العار الذي لم يُمحَ إلا بالمقاومة

كان الاحتلال النازي لفرنسا عام 1940 صدمة لم تخطر ببال الفرنسيين، الذين لم يتصوروا أنهم سيذوقون مرارة الاحتلال، بعد تاريخهم الاستعماري الطويل. تشكلت حكومة فيشي بقيادة "فيليب بيتان"، أحد القادة العسكريين الفرنسيين في الحرب العالمية الأولى، وجرى تقسيم فرنسا بين منطقة تحت الاحتلال المباشر، وأخرى تديرها حكومة موالية للنازيين من مدينة فيشي.

هذه الحكومة نشأت برغبة قطاعات من الفرنسيين، خصوصا الطبقات الوسطى والعسكرية، التي فضّلت السلامة على الصراع، حيث رأت أن الاستسلام الكامل للألمان والانخراط معهم في خططه ومشاريعهم، هو الضامن الوحيد للحياة والاستقرار.

في البداية لم تُقابل هذه الخطوة بمقاومة تُذكر، بل ساد الخوف والرغبة في تجنّب المصير المجهول. بل من المفارقات، أن حكومة فيشي وافقت على تحمل الفرنسيين نفقات احتلال بلدهم وتمويل الجيش الألماني.

رغم هذا الخضوع الكامل، شهدت حقبة حكومة فيشي تدهورا شاملا على جميع الأصعدة، ففقدت فرنسا قوتها العاملة التي تشرذمت ما بين سجناء في معسكرات النازيين، وآخرين أُجبروا على العمل القسري لصالح الألمان. كما انهارت الأحوال المعيشية والصحية، واشتُهر في تلك الفترة تعاون العديد من الفرنسيات مع الاحتلال، ليصبح ذلك الأمر إلى اليوم، وصمة عار مُذِلَّة لا يرغب الفرنسيون في تذكرها أو التحدث عنها.

فقدت فرنسا بريقها وهيبتها التي بنتها على مر تاريخها الاستعماري الطويل، وانطفأ بريقها الذي بقي مشرقا لقرون، وذلك في أقل من عامين فقط من استسلامها.

عندها بدأت نواة المقاومة في التشكل، في البداية كانت محدودة، مرفوضة جماهيريا، وتعرضت لقمع شديد من السلطات الألمانية وحكومة فيشي. لم يتردد النازيون في ارتكاب مجازر شاملة بحق قرى كاملة لمجرد الاشتباه في علاقتها بالمقاومة، حتى وإن لم تكن تلك القرى منخرطة بشكل مباشر في أنشطة ضد الاحتلال، مثل مذبحة "أورادور سور غلان" التي أُبيد فيها سكان القرية كلهم، ثلثهم من الأطفال، وذلك بسبب عمليات المقــاومة الفرنسية التي كانت تستهدف القوات النازية في محيط القرية. ويُقدَّر عدد الفرنسيين الذين قتلهم النازيون خلال 3 سنوات فقط تحت سلطة حكومة فيشي وفقا لبعض المصادر والمراجع بحوالي 300 ألف فرنسي.

مع مرور الوقت، بدأت المقاومة تحظى بدعم شعبي متزايد بفضل إصرارها على الاستقلال، وتلقت دعم الحلفاء، ولعبت دورا حاسما في إنزال نورماندي، الذي مهد لتحرير فرنسا.

الدرس هنا، أن الاستسلام لا يحمي من البطش ولا يمنح كرامة، ولو خضعت المقاومة لصوت الغالبية المستسلمة منذ البداية، لما كانت الأمة الفرنسية موجودة اليوم، ولكان الفرنسيون اليوم ألمانا من الدرجة الثانية ولكن بلكنة فرنسية، وبهوية مشوهة لا ألمانية خالصة ولا فرنسية نقية، يعتنقون أفكارا ليست أفكارهم، ويعيشون وسط مجتمعات وأعراف لا ينتمون إليها.

ب- ثورة التحرير الجزائرية.. من الرفض الشعبي إلى المليون شهيد

بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، وواجه الجزائريون منذ لحظاته الأولى قمعا ممنهجا يهدف إلى طمس هويتهم، فأُغلقت المساجد، واستُبدلت العربية بالفرنسية، وانتشر الفقر، وسُلبت الأراضي.

امتلأت السجون بالمعتقلين الذين تعرضوا لأبشع ألوان التعذيب، وارتكب الفرنسيون مذابح بحق الجزائريين، نفذوا خلالها إعدامات جماعية بحق قادة ونشطاء الثورات، بل نقلوا 18 ألف جمجمة من رؤوس هؤلاء الثوار إلى متحف "الإنسان" في باريس بين عامي 1880 و1881 لتعرض بين التحف المعروضة، ولا تزال فرنسا تحتفظ بها حتى اليوم.

كما فُرض التجنيد الإجباري، وزُج بمئات الآلاف من الجزائريين للقتال في الحربين العالميتين، ووقعت مجازر 8 أيار/ مايو 1945، حين قتلت القوات الفرنسية أكثر من 45 ألف متظاهر جزائري خرجوا سلميا للمطالبة بالاستقلال.

كل هذا مهّد لإعلان جبهة التحرير الوطني الجزائرية الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954. ورغم أن الظروف الإقليمية حينها كانت مهيأة، إذ استقلت ليبيا 1951 وأُعلنت الجمهورية المصرية واندلعت الثورة التونسية 1952، إلا أن المقاومة واجهت في البداية رفضا شعبيا مدفوعا بالخوف من بطش الاستعمار أو انهيار الأوضاع الاقتصادية، خاصة من الطبقات العاملة في المدن الكبرى التي كانت تعتمد على وظائفها في الإدارة الاستعمارية.

لكن الفاعلية الديناميكية للمقاومة تمكنت من تغيير المواقف، وأقنعت الناس بأنهم لم يعد لديهم خيار آخر سوى الانخراط مع المقاومة فعلا واحتضانا، فكان الاستقلال خير ختام لأعظم تضحيات.

نجحت ثورة التحرير الجزائرية وحدها دون غيرها من التجارب، في الترويج لذلك النموذج الفريد، الذي أثبت أن قيمة الحرية تستحق أن يدفع في مقابلها تلك الكلفة الباهظة، مليون ونصف شهيد خلال نضال استمر 7 سنوات كاملة، قدمت فيه الأمة الجزائرية تقريبا نحو 14 في المئة من عدد سكانها في ذلك الوقت شهداء على طريق التحرير، وبمعدل أكثر من 200 ألف شهيد سنويا.

هكذا اختارت فرنسا والجزائر درب المقاومة، فسجل التاريخ باسميهما فصولا من الكرامة رغم الكُلفة الباهظة على طريق التحرير.

لكن هناك آخرين، آثروا سلوك مسارات أخرى غير المواجهة والصدام، أقرب للسلامة وأقل في الكلفة والخسائر، فهل جنوا الثمار ذاتها؟ وهل كانت مآلاتها النهائية مُرضية؟

في المقال القادم، نستعرض تجارب أخرى اختارت عكس الاتجاه ونناقش نتائجها ومآلاتها.

مقالات مشابهة

  • مخزون الهيدروجين في الأرض يكفي لتوفير الطاقة لمدة 170 ألف عام
  • دواء يساعد على النوم وقد يحمي من ألزهايمر.. كيف يعمل؟
  • احذرها .. هذه الأطعمة تسرع الإصابة بأمراض الذاكرة
  • لشيخوخة صحية.. اجعلي القهوة رفيقتك وتجنبي مشروبات الكولا
  • مبادرات متعددة من "الثروة الزراعية والسمكية" لتقليل الفاقد من الغذاء
  • ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة.. أيهما كلفته أكبر؟ (1)
  • أيهما أفضل للشراء .. هاتفا Vivo X200s أو iPhone 16 Pro
  • علاج تجريبي يبطئ نمو أحد أشرس أنواع سرطان الدماغ عدوانية
  • 4 مشروبات لتعزيز صحة الكبد.. فما هي؟
  • نظامان غذائيان ينقصان الوزن ويخفضان ضغط الدم