صحيفة الاتحاد:
2025-06-04@11:36:48 GMT

«مهرجان الحصن».. رمز الأصالة وصون الموروث

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

لكبيرة التونسي (أبوظبي) 

وسط حضور جماهيري واسع، اختتمت أمس فعاليات «مهرجان الحصن» السنوي، الذي نظّمته دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي على مدار 16 يوماً في قلب العاصمة أبوظبي، وشهد المهرجان في دورته التاسعة مجموعة فريدة من المنصات الثقافية الحيّة والعروض والاستعراضات الفنية والموسيقية، كما حفل بالعديد من الأنشطة الثقافية والتراثية الأصيلة، مستقطباً آلاف الزوار من المواطنين والمقيمين، والسياح من مختلف الأعمار.

 

أجواء آسرة
حرص «مهرجان الحصن»، الذي نُظم تحت شعار «تعبير حي عن ثقافة أبوظبي» على ترسيخ القيم والعادات والتقاليد المجتمعية عند الأجيال، ونجح في الاستحواذ على اهتمام الكبار والصغار من مختلف الجنسيات، ضمن انسجام تام، حيث بات عرساً ثقافياً وتراثياً وفنياً، يستقطب الزوار من مختلف مناطق الدولة، وخارجها للاستمتاع بأجوائه الآسرة والغنية بعناصر التراث والمشاهد المسرحية، والاستعراضات التقليدية والحرف التراثية، ضمن لوحات فنية تعكس شغف الزوار بالتراث، وارتباطهم بالموروث، وترصد مدى الإقبال عليه بنهم ورغبة في التعلم والمعرفة. 
الفخر بالتراث
المتجول في «مهرجان الحصن» يدرك جيَّداً مدى ارتباط الأجيال واعتزازهم وفخرهم بتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة، فنراهم ينخرطون يومياً في مختلف الفعاليات والأنشطة والورش التعليمية، وما يزخر به من فعاليات متنوعة تعكس ثراء الموروث الإماراتي الأصيل، ويعتبر المهرجان بساحاته الغنية بالمشاهد التراثية الثرية بالمعارف الثقافية مدرسة مفتوحة لترسيخ التراث في نفوس الأطفال، حيث وضع بين أيديهم التراث ضمن قالب تشويقي تفاعلي، ليعزز فيهم هذا الفخر منذ طفولتهم الأولى ضمن بيئة تخاطب الحواس، من روائح وعطور وحرف وموسيقى، وسواها من العناصر التي تشكل وعي الأطفال، ومعرفتهم منذ نعومة أظافرهم. 
مسرح مفتوح
وحرص الآباء على مرافقة أبنائهم وهم بكامل زينتهم التراثية إلى ساحة المهرجان، مما يعزز الهوية الوطنية، حيث احتفى المهرجان بالتراث والحرف التقليدية والأنشطة الفنية والإبداعية عبر مجموعة فريدة من الفعاليات، سعياً إلى تلبية تطلّعات جميع زواره على اختلاف ذائقتهم، وأمتعهم بتجاربه المُلهمة في موقع الحصن، الشاهد الحي على قصة أبوظبي وماضيها العريق، ومسيرتها الحضارية، وذلك عبر مجموعة كبيرة من الفعاليات التثقيفية والترفيهية والمسرحيات الملهمة التي تعزز القيم وترسخ العادات والتقاليد، وتعكس جانباً من تاريخ أبوظبي ضمن قالب إبداعي.
رمز للأصالة
ونجح المهرجان في ترسيخ الفخر بالهوية والتعريف بجوهرها من قلب الحصن الذي يقف شامخاً، ويعتبر رمزاً للأصالة والهوية والتراث الوطني، وتتجاوز أهداف المهرجان تعزيز الشغف باستكشاف التراث الإماراتي الأصيل، وجعله جزءاً من حياة أبنائه بطرق فنية، مع مساهمته في تسليط الضوء على أسلوب حياة أجيال من الإماراتيين وتقاليدهم وإنجازاتهم وكفاحهم في سبيل بناء الدولة العصرية، حيث تحوّلت ساحة المهرجان إلى منصة ثقافية ينهل منها الأطفال مختلف المعارف المتعلقة بالموروث العريق وممارسته ضمن الورش التعليمية والحرف اليدوية، ليكونوا جزءاً من هذا الحدث الثقافي والتراثي الرائع. 
أفكار إبداعية
رحلة آسرة استحضرت طقوس الماضي، وألهمت الأجيال ضمن أجواء رائعة، بدءاً من الأسواق وورشات عمل الأطفال، إلى الاستمتاع بالأطعمة والمشروبات والعروض التراثية والموسيقية والفنية ومختلف الأنشطة، التي تمكّن الصغار من التقاء الإبل والتعرف على أهميتها والتقاليد والتعابير المرتبطة بها وعلاقتها الوثيقة بسكّان البادية، كما شاركوا في الممارسات الاجتماعية التقليدية عبر مسرحية «سند السنع» التي تعزز القيم المجتمعية، إلى الحصن وتجربة سوق الصوغ الوفير بالأزياء والمجوهرات التي تتزين بها المرأة الإماراتية، ولأن الحرف ذاكرة الماضي وملهمة الأجيال، عاش الصغار تجربة خاصة من خلال مشاهدة الحرفيين التقليديين وهم يبدعون مجموعة من الحرف التراثية، حيث مارس الأطفال بعض هذه الحرف، وأبدعوا قطعاً بأنفسهم، كما استمتعوا ضمن «بيت الحرفيين» بتجربة «سوق الطيب»، وتعرفوا على صناعة العطور وما يرتبط بها من صور اجتماعية، وعبر «بطولة القهوة العربية» اضطلعوا على جانب من العادات المرتبطة بها وبقيم الكرم والحفاوة التي يتميز بها المجتمع الإماراتي. 
البيئة الصحراوية
وفرت البيئة الصحراوية للزوار، استكشاف مفرداتها والتعرف إلى كائناتها وجذور الثقافة الإماراتية من خلال القصص التفاعلية والعروض التوضيحية، ومشاهدة الحيوانات التي ساعدت الإماراتي القديم في مواجهة هذه البيئة القاسية، ومن هذه الحيوانات «السلوقي» الذي كان يرافق الرجال في الصيد ويجمع الطرائد، حيث تعرف الزوار على الأساليب التقليدية لتدريب السلوقي واستخدامه في الصيد، وأنواعه وطريقة تدريبه وتربيته.
وفي مشهد تفاعلي، سمح للصغار بالتقاط الصور مع السلوقي وتجريب الإمساك به واللعب معه، كما تواجد الماعز الذي يحتل مكانة مهمة في الحياة القديمة، من خلال الاستفادة منه ابتداءً من الحليب، إلى اللحم والصوف، حيث شكّل الماعز مصدراً مهماً لهذا المورد الذي دخل في صناعة العديد من الأدوات والألبسة التي ساعدت الإنسان على تحمل البيئة القاسية، خاصة خلال برودة فصل الشتاء.

 جواز سفر وخريطة 
عبر أفكاره الإبداعية، خصص «مهرجان الحصن» مساحة خاصة للأطفال، لاستكشاف التراث الثقافي من خلال أنشطة تفاعلية متنوعة، تضمنت جلسات سرد القصص وورش صناعة أساور السدو وأواني الفخار، وكانت الرحلة تبدأ بحصول الأطفال على جواز سفر وخريطة ينطلقون بهما بحثاً عن إحدى عشرة مُهمة موزعة في أرجاء الحصن، ويشترط استكمال خمس مهام منها لاستكشاف التراث وختم طوابع كل منها، ليحصل المشاركون على جائزة تتألف من مجموعة كتيبات تحتفي بأوجه مختلفة من تراث الإمارات الثقافي. 

أخبار ذات صلة الإيطالية إليسا تتوج بلقب «طواف الإمارات» للمرة الثانية سابالينكا تخرج من «دائرة الأحزان»!

شهد «مهرجان الحصن»، هذا العام، عدداً كبيراً من ورش العمل الفنية والحرفية في مختلف مناطقه الحيوية، التي استفاد منها الصغار والكبار، فهذه الورش الفنية التثقيفية المعززة، تميزت بأنشطة وتقنيات وأفكار إبداعية سمحت للعائلات بإعادة تجربتها بسهولة في المنزل، كما مثّلت تجارب ثقافية معرفية أتاحت قضاء وقت ممتع لكل أفراد العائلة على اختلاف أعمارهم، مع إضفاء روح المرح والمتعة على الجميع.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أبوظبي التراث مهرجان الحصن مهرجان الحصن من خلال

إقرأ أيضاً:

صون الأصالة في وجه التحديات

 

 

 

 

محمد بن رامس الرواس

 

يشهد المجتمع الدولي اليوم وتيرة متسارعة من المتغيرات التي تطال كافة جوانب الحياة وأولها زعزعة الثوابت الدينية والثوابت الوطنية، وثانيها زعزعة سلوكيات الفطرة السليمة وذلك من خلال استخدام التطور التكنولوجي الهائلة بكافة وسائله وتقنياته.

وفي خضم هذه المتغيرات، حَريٌّ بنا أن نقف بجانب سلطنتنا الحبيبة عُمان لتظل شامخة بثوابتها الراسخة ومبادئها الأصيلة التي تشكل الدرع الحصين في مواجهة التحديات المستجدة على الفطرة والقيم الإيمانية والسلوكية، لا سيما تلك المتعلقة بالانحرافات السلوكية والشبهات الفكرية.

إن المجتمع العُماني مجتمع متجذر في قّيمه الإسلامية والعربية الأصيلة لكن شأنه اليوم شأن بقية المجتمعات الأصيلة يواجه التحديات التي تفرضها العولمة والانفتاح على ثقافات العالم المتنوعة بخيرها وشرها، وهذه التحديات قد تتسلل وتتمثل أحيانًا في شكل انحرافات سلوكية لا تتوافق مع الأعراف وتقاليدنا المجتمعية أو قد تظهر في هيئة شبهات فكرية تحاول المساس بأسس عقيدتنا السمحة وفطرتنا السليمة.

ومن ذلك انتشار الأفكار الدخيلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التي تتطلب يقظة وحصانة فكرية للحفاظ على هوية المجتمع وقّيمه النبيلة. وعلى سبيل المثال نشهد اليوم انتشارًا واسعًا للمعلومات المضللة والشائعات المغرضة عبر المنصات الرقمية التي تهدف أحيانًا إلى زعزعة الثقة أو نشر الارتباك بالمجتمع في لضرب جذوره الراسخة، لذلك أصبح التثبُّت من الأخبار عبر الرجوع إلى المؤسسات الدينية والرسمية والمعرفية والمجتمعية ضرورة لما تمثله هذه الجهات من مصادر موثوقة ضد هذه الشبهات.

كما إن تبني بعض الشباب أنماط حياة وعادات مستوردة لا تتوافق مع الهوية العُمانية الأصيلة يمثل تحديًا حقيقيًا لزعزعة الهوية الوطنية؛ إلا أن التمسك بالعادات الوطنية والاجتماعية التي تُبرز التراث العُماني وتُعزز الانتماء هي ركيزة أساسية للحفاظ على تميزنا الثقافي بالمجتمع الدولي.

تتمثل الثوابت العُمانية في قيم التسامح والاعتدال، واحترام الآخر والاعتزاز بالتاريخ والتراث العريق، وهذه الثوابت ليست مجرد شعارات؛ بل هي نتاج عقود قرون من التراكم المعرفي والتجربة الإنسانية صقلتها حكمة القيادات الرشيدة التي سعت دائمًا إلى تعزيز اللحمة الوطنية وصون النسيج الاجتماعي الواعي.

إنَّ الأسرة العُمانية سليمة الفطرة بهويتها الوطنية تُعد نواة راسخة تمارس دورًا حيويًا في غرس هذه القّيم والثوابت في نفوس الأجيال الشابة وتحصينهم ضد أي محاولات للتشويه أو التفكيك، كما إن التصدي للانحرافات السلوكية والشبهات الفكرية يتطلب منهجية شاملة تبدأ بتعزيز الوازع الديني والأخلاقي، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية في بناء الوعي الفكري، وتزويد الشباب بالأدوات اللازمة للتمييز بين الغث والسمين، كما يتوجب على المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة أن تلعب دورًا بنَّاءً في نشر المحتوى الهادف الذي يعزز القّيم الإيجابية بالمجتمع ومحارب الأفكار الهدامة الضالة.

وختامًا.. إنَّ كل فكر شاذ يُشوِّه الفطرة وكل شبهة ضالة تطعن في الإيمان وكل سلوك منحرف يفكك الأسرة ويفتت اللحمة المجتمعية، هو تهديد لوجودنا وهويتنا، لذلك تظل ثوابتنا العُمانية هي المنارة التي تهدينا في زمن المتغيرات، وهي الحصن المنيع الذي يحمينا من كل ما يمكن أن يمس أصالتنا ويشوه فطرتنا، والتمسك بهذه الثوابت ليس خيارًا؛ بل هو ضرورة حتمية لضمان مستقبل مزدهر لأجيال قادمة تتمسك بهويتها وتعتز بقيمها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رئيس الأوبرا يشيد باختيار وزير الثقافة للمايسترو تامر غنيم مديرا للدورة 33 من مهرجان الموسيقى العربية
  • صون الأصالة في وجه التحديات
  • تفاصيل إطلاق أكبر مهرجان للسياحة والتسوق في صعيد مصر بسوهاج
  • مهرجان سباق دلما التاريخي.. نجاح «8 نجوم»
  • مهرجان روتردام للفيلم العربي يختتم دورته الـ25 بتكريم ليلي علوي وإعلان الجوائز
  • هبطة العيد في إبراء .. حيث يتحول السوق إلى مهرجان من الأصالة والحياة
  • مهرجان القومي للمسرح المصري يطرح البوستر الرسمي لدورته الـ 18
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • اختتام مهرجان دلما التاريخي وسط إشادة واسعة من الزوار
  • يوجين جريبو.. الفرنسي الذي فتح أبواب الكرنك للعالم