عربي21:
2025-06-03@17:30:01 GMT

الرئيس ترامب وحالة الإسهال السياسية

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

الحديث عن الزعامات في الغرب لا يعني الحديث عن أشخاصهم بقدر ما يعنى الحديث عن المؤسسات التي يديرونها، فالمؤسسات تمثل الحقيقة القومية الثابتة في أغلب الظروف، بينما الرئيس يمثل الصورة الدبلوماسية، ويمكن أن نلخص الفرق بين الحقيقة القومية وبين الصورة الدبلوماسية في الأمور التالية:

أولا: الرؤساء في الغرب ليسوا كرؤسائنا، فهم يُختارون بإرادة شعوبهم ولا يرثون شعوبا، ومن ثم فالشعب هناك هو السيد وهم وكلاء عنه ومسؤولون أمامه في إدارة الحياة فترة محددة، أما بعض رؤسائنا -أطال الله أعمارهم- فهم يملكون البلاد والعباد ويستطيعون تغيير كل شيء، بما في ذلك أسماء المدن والميادين والشوارع والمناخ والفصول الأربعة لتكون بأسمائهم وأسماء أبنائهم وعائلاتهم، بينما أنظمة الحكم في الغرب تقوم على مؤسسات، وموقع الرئيس هناك هو المعبر عن توجه المؤسسة بثوابتها ومصالحها وامتداداتها، والفرق بين رئيس ورئيس هو الفرق في التعبير عن الموقف وليس في تغيير الثوابت القومية.



ثانيا: أسلوب الوريث الجديد في البيت الأبيض لا يختلف كثيرا عما كان يقوم به أسلافه في الولايات المتحدة أو في القارة الأوروبية، فمواقف أبناء العم سام تجاهنا لم تتغير، وإن تغير التعبير عنها.

الاختلاف في التعبير عن الموقف وليس في الموقف ذاته، ولذلك نخلص إلى أن الفروق بينهم ليست إلا كالفرق بين الكوكاكولا والبيبسي كولا، والأمل أو المبالغة في قربهم منا أو بعدهم عنا، أو تغيير المواقف المبدئية للمؤسسات التي يديرونها، إنما هو نوع من الوهم المريح الذي تستطيبه خواطر بعضنا العابرة للقارات نحو أبناء العم سام
فمرة يكون التعبير شديد الأدب، رفيع الذوق، مصحوبا بالتواضع، كما فعل أوباما مع بعض كبار السن من زعمائنا، ومرة يكون التعبير بعيون ناعسة الطرف ومصافحة ناعمة الملمس دافئة الأحضان. وأحيانا يكون التعبير كقذف الحصى، أو كسعال "عجوز مصدور"، أو كسواد ليل الشتاء وبرودته كحالة "جورج بوش " و"جون كيري" ومن قبلهما المأسوف على شبابها الست "كوندوليزا بنت رايس" بطلعتها البهية. فالاختلاف في التعبير عن الموقف وليس في الموقف ذاته، ولذلك نخلص إلى أن الفروق بينهم ليست إلا كالفرق بين الكوكاكولا والبيبسي كولا، والأمل أو المبالغة في قربهم منا أو بعدهم عنا، أو تغيير المواقف المبدئية للمؤسسات التي يديرونها، إنما هو نوع من الوهم المريح الذي تستطيبه خواطر بعضنا العابرة للقارات نحو أبناء العم سام.

ثالثا: أن كلا من الرئيسين السابق واللاحق كان مدهشا، بايدن كان مدهشا إلى حد الصدمة في الغيبوبة، لكن جهات في المؤسسات الصلبة كانت تدير حركته وتمسك بزمام الأمور، بينما الرجل اللاحق ترامب مدهش أيضا إلى حد الصدمة لدرجة أنك تشعر أن الرجل مصاب بإسهال في تصريحاته وتصرفاته وسلوكياته كلها، ليس في منطقتنا وحدها، وإنما مع كل شعوب العالم، والدنيا كلها تسمع وترى باندهاش وتتعجب من مستوى البازار السياسي الذي تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية في طرح الرؤية للعلاقات بين الدول، وخلق المشكلات واقتراح الحلول.

النجاح الساحق الذي حققه "دونالد ترامب" ليس إلا اعتذارا وردّ اعتبار لخطيئة الديمقراطية التي جاءت من قبل برجل أشبه ما يكون بثعبان أسرف في الشرب من دماء فريسته؛ ففقد وعيه وضاعت بوصلته واختل توازنه فـ"جو بايدين" وفريقه كانوا شركاء مباشرين في الإبادة الجماعية التي حدثت في غزة، وهم يشكلون مجموع الفاعل بالشراكة في تدمير كل مظاهر الحياة بما فيها البشر والشجر والحجر، بينما خليفته يبحث الآن في تصفية القضية برمتها وتفريغ الأرض من أصحابها. فالغاية بين السابق واللاحق واحدة، والأول قطع نصف المسافة، واللاحق يستكمل السير في ذات الطريق وبنفس الأدوات، والآليات والوسائل هي هي:

فحينا تكون بإطلاق يد الجاني (أو الوكيل المعتمد "نتنياهو) في القتل والتدمير وإمداده بأشد وأكثر أدوات القتل فتكا ودموية وبأسلحة محظورة دوليا، وحينا آخر بالتهجير القسري وتفريغ الأرض من سكانها. وهذا الفعل جريمة في عرف القانون الدولي تسمى "جريمة تطهير عرقي"، وهي في نظر الفلسطينيين إعادة تدوير للنكبة الأولي، بأسماء أخرى، وربما بشراكة واتفاق مع بعض دول الجوار.

رابعا: أن الصورة المنقولة حية في عملية تبادل الأسرى عبر شاشات العالم كله كانت قاهرة ومذلة لغطرسة العدو وقيادته، وكانت محملة بالكثير من الرسائل الكبيرة والعظيمة، وأثارت الكثير من التساؤلات والنقاشات والمقارنات الحرة، وعكست بشكل دقيق حجم الفروق والسنوات الضوئية بين مبادئ وأخلاقيات وشرف رجال المقاومة في عهودهم ووعودهم وتعاملهم مع الأسرى الإسرائيليين، وبعضهم جنود في جيش العدو، والبعض الآخر جاء محتلا لأرض ليست له، ومغتصبا لدار غيره، وسارقا لحدائق وبيّارات لها أصحابها من آلاف السنين. ومع ذلك حظي هؤلاء الأسرى بأرقى أنواع التعامل الإنساني وتمتعوا برعاية وبحماية من نيران جنود جيشهم هم، بينما رأى العالم الصورة في الجانب الآخر نقلتها صورة الأسرى الفلسطينيين الشرفاء وهم يخرجون من سجون العدو؛ بعد معاناة أشبه ما تكون بمعاناة أهل الجحيم ودون مراعاة لأدني حقوق الإنسانية.

هنا ترى الدنيا كلها بما فيها سكان الأرض المحتلة البعد الأخلاقي والفروق الإنسانية حين تظهر في أعلى تجلياتها شرفا في الخصومة، وعدلا في الحكم، ورعاية لآدمية البشر ولو كان عدوا، بصرف النظر عن كل الفروق والاعتبارات في القوة والتفوق التقني.

في مفهوم سمسار العقارات الهارب من إنسانيته أن الأوطان يمكن أن تباع في مزاد علني داخل أسواق الخردة، وأن الزعيم السياسي يمكن أن يستفيد في التعامل مع دول العالم بطريقة البلطجي الفتوة مع بعض صبيانه.

وأحسب أن بعض ما طرح على لسان ترامب من عملية تهجير لسكان غزة رغم ما فيه من خيال جامح -أشبه ما يكون بخيال اللص الظريف في روايات أرسين لوبين- كان بمثابة بالون اختبار مفيدة، صحيح أنها فاضحة حد الوقاحة لكنها تمثل طوق نجاة لنتنياهو من خصومه السياسيين في الداخل وما ينتظره من محاكمات في قضايا فساد.

ثم إنها ستغطي كثيرا من الفشل والإحساس بالهزيمة وفقدان المصداقية أمام ما ظهرت به فصائل المقاومة من تنظيم وبراعة ودقة وقدرة على السيطرة والتحكم، والتحامها بالحاضنة الشعبية لها وظهور رجالها وكأنهم ما دخلوا حربا ولا تعرضوا لحصار على مدى 14 شهرا، ولك أن تتصور حجم الشعور بالفشل والإحساس بالهزيمة، وفقدان المصداقية لكل القيادات في إسرائيل وفي مقدمتهم نتنياهو أمام شعبهم وشعوب العالم كله.

لله ثم للتاريخ

بعيدا عن سيطرة فكرة المؤامرة على العقل العربي، والتي تشكل هاجسا ودافعا لتأويل كل حدث، نؤكد أنه لا مؤامرة، لأن المؤامرة لا تكون إلا في خفاء، والخفاء منطقة ضبابية يسود فيها الشك، بينما ما يحدث في غزة إنما هو في الحقيقة والواقع عدوان سافر يحدث في العلن، وكما يقولون في المثل العربي "على عينك يا تاجر"، وهو مثل يضرب للممارسات الفاجرة التي يمارسها أصحابها بوقاحة وفي غير خجل أو تستر، ودون اعتبار لنظر الآخرين.

القنوات الفضائية الإسرائيلية ذاتها تدعي وعلى لسان بعض المسؤولين في الموساد أن البيانات التي صدرت بخصوص تهجير أهل غزة والشعارات المزيفة وتظاهرات بعض الأفراد المدبرة عند دول الجوار؛ ليست إلا لقطة ساذجة ورسالة خداع مفهومة ومتفق عليها، وأنها تمت بالاتفاق معهم. هكذا يدعي إعلام العدو.

الغريب أن هذا الادعاء يقابل بحالة من الصمت، ولم يصدر بيان واحد من جهة مسؤولة يكذبه. حالة السكون هذه ليست ثباتا لمبادئ أو إصرارا على موقف، وإنما هي حالة جمود تشبه الإغماء أو الغيبوبة لشخص فقد الذاكرة.

على الضفة الأخرى لا بد أن نتذكر أن هناك من ينتظر هزيمة غزة برجالها ومقاومتها ليعلن حالة الوفاة ويطالب بميراثه من أمة مقسمة ومنهوبة ومحروبة؛ نهبها العم سام وأبناؤه واقتسموا خيراتها وثرواتها ولعبوا بها.

الوريث الجديد القادم منذ أيام قليلة "ترامب" لا يرى في أمتنا شعوبا تستحق أن تحترم، ولا يرى فيها أنظمة يُحسب لها حساب، وإنما ينظر إليها على أنها عجوز أصابها الكبر ولها ذرية ضعفاء لا يملكون غير المال ولا يحسنون التصرف فيه، ولذلك يجب أن يكونوا دائما تحت الوصاية، ويمكنه أن ينتقل من مرحلة اللعب بهم إلى مرحلة اللعب فيهم.

الأدوات المستخدمة من جهة الكبار في اللعب معنا أو اللعب بنا أو حتى اللعب فينا والتي ساعدت العدو على تحقيق أغلب وأهم أهدافه؛ فهي كثيرة ومتنوعة وجاهزة لأداء المطلوب والقيام بما يلزم
أما الأدوات المستخدمة من جهة الكبار في اللعب معنا أو اللعب بنا أو حتى اللعب فينا والتي ساعدت العدو على تحقيق أغلب وأهم أهدافه؛ فهي كثيرة ومتنوعة وجاهزة لأداء المطلوب والقيام بما يلزم.

بعض هذه الأدوات خارجية تملكها الدول الكبرى وهي تحت يدها وفي قبضتها، ويمثلها معاهد أبحاث تُعنى بالدراسات الاستشراقية والسياسية الاستراتيجية الخاصة بالشرق الأوسط، وهي معاهد تابعة لمراكز القرار وممولة من الجهات السيادية. أدوات أخرى داخلية تشتريها الدول الكبرى من داخل بلادنا وعمق أراضينا، ولديها جرائد ومجلات وقنوات فضائية يملكها الكبار أو يستأجرونها.

أما العاملون في تلك الأدوات الداخلية فهم من المؤلفة جيوبهم، ويشكلون كتائب ثقافية تتكون من صحفيين وروائيين وفنانين وممثلين ومطربين وشعراء وأدباء، وجميعهم يمثلون الذراع الثقافي الذي يمهد الأرض لمشروعات الكبار ويُخدِّم على توجهاتهم.

مرحلة" اللعب فينا" مشروع ضخم يقوم الكبار على رعايته ويعملون بدأب ونفس طويل لخلق وإيجاد فرص التفتيت للمكون الأساسي والمركزي الجامع للأمة وهو "الإسلام". مرحلة اللعب فينا هي أخطر المراحل وأشدها فتكا بما تبقي للأمة من قدرات ومقدرات، وعناصر للمقاومة، والرجولة، والرفض.

القراءة الخاطئة للمشهد الآن من المستويات السياسية في مراكز القرار العربي إن سمحت للوريث الجديد في البيت الأبيض أن يلعب فينا ستفضي حتما إلى كوارث على مجموع الأمة أوطانا ومواطنين وليست كارثة واحدة، لأنها باستخفافها أو باستجابتها لمطالب السيد ترامب تمارس عملية انتحار ذاتي حين تقدم لعدوها الرصاصة الأخيرة ليطلقها على ما تبقى في الأمة من رجولة وعزة وكرامة..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة الفلسطينيين المقاومة العربي امريكا فلسطين مقاومة غزة عرب مقالات مقالات مقالات رياضة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التعبیر عن العم سام

إقرأ أيضاً:

تهديدات الرئيس المشاط تثير الذعر في كيان العدو.. اليمن يعيد صياغة معادلة الردع في الشرق الأوسط

يمانيون – تحليل

في لحظة سياسية وعسكرية بالغة التعقيد، أطلق الرئيس مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى ، تصريحًا هادئًا في نبرة، صادمًا في مضمونه، أعاد رسم خارطة التهديد الاستراتيجي لكيان العدو الصهيوني، حين أعلن أن اليمن سيتعامل مع الطائرات المعادية التابعة للاحتلال الإسرائيلي بما يحفظ السلامة العامة للملاحة الجوية والبحرية، لكنه نصح شركات الطيران الدولية بتجنّب الأجواء والمسارات التي يستخدمها العدو للاعتداء على اليمن. لم تكن مجرد توصية فنية، بل رسالة حربية شاملة تُقرأ بأكثر من لغة، وعلى أكثر من جبهة.

هذه التهديدات المباشرة من صنعاء، والتي جاءت بعد سلسلة من الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، أربكت حسابات العدو الصهيوني وأطلقت موجة من التصريحات المحمومة في الصحافة العبرية والغربية، كشفت عن حجم التهديد الذي تمثله اليمن بالنسبة لـ”إسرائيل”، ليس فقط من زاوية عسكرية، بل من منظور جيوسياسي يتجاوز ساحة الصراع المحدود إلى مشهد إقليمي جديد يتشكل على أنقاض مشروع الهيمنة الأمريكية – الصهيونية.

اليمن .. جبهة بزاوية 360 درجة
في تصريح لافت نُشر في صحيفة “غلوبس” العبرية، قال عقيد في الدفاع الجوي الصهيوني إن اليمن “فتح جبهة تهديد بزاوية 360 درجة”، في تعبير يكشف عن إدراك مؤسسات العدو لحجم التطور النوعي في القدرات اليمنية، سواء من حيث التقنيات أو جرأة التوظيف العملياتي لها.

وأوضح الضابط أن القبة الحديدية تواجه صعوبة كبيرة في اعتراض المسيّرات اليمنية المنخفضة الطيران، مشيرًا إلى أن الاعتماد على المنظومات المحلية بات ضرورة، بسبب الكلفة الباهظة لصواريخ الاعتراض الأمريكية.

وتُظهر المقارنة الرقمية أن صاروخ “باتريوت PAC-3” يكلف بين 6 إلى 13 مليون دولار، بينما تكلف المسيّرة اليمنية أقل من ذلك بأضعاف مضاعفة، ما يعني أن استراتيجية الردع اليمنية نجحت في استنزاف العدو ماديًا قبل أن تُربكه عسكريًا.

المعضلة الدفاعية للعدو.. كهرباء وإلكترونات في مهب الضربات
الأخطر في التصريح العبري هو اعترافه بأن الهجمات اليمنية على مطار اللد (بن غوريون) لم تجد أمامها “دفاعًا محكمًا”، وأن نظام الحماية ليس سوى “كهرباء وإلكترونات”، في تعبير عن هشاشة البنية الدفاعية رغم الدعاية الغربية حول التطور التقني العسكري الصهيوني.

اللافت أن هذا الاعتراف لم يأتِ من محللين أو خصوم، بل من قلب المؤسسة العسكرية الصهيونية، التي أكدت أنها “تتعلم من الهجمات اليمنية” لتحسين أدائها. هذا الاعتراف يُعد أوليًا بتوصيف اليمن كساحة حقيقية لإنتاج وتبادل المعلومات والتكنولوجيا، الأمر الذي يعكس عُمق التحوّل الاستراتيجي في موقع صنعاء من مجرد ساحة “صراع هامشي” إلى مركز إشعاع عسكري ومعلوماتي في قلب المعادلة الإقليمية.

بوليتيكو: تراجع الأولوية الإسرائيلية في استراتيجية واشنطن
وفي السياق ذاته، كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن خفايا اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة واليمن، مشيرة إلى أن الاتفاق لم يشمل وقف الهجمات اليمنية على كيان العدو، وهو ما عُدّ تحوّلًا جوهريًا في سياسة واشنطن التقليدية القائمة على “الدفاع المطلق عن أمن إسرائيل”.

ونقلت المجلة عن مسؤولين أمريكيين أن “إسرائيل ليست بمنأى عن سياسة أمريكا أولاً”، وأن أنصار الله لم يكونوا ليوقفوا ضرباتهم حتى لو نصّ الاتفاق على ذلك، في إشارة إلى عمق القناعة الأمريكية بعجز الردع العسكري أمام اليمن، وضرورة اللجوء إلى تسويات سياسية شاملة.

بل إن المجلة نقلت امتعاض منظمات صهيونية بارزة من هذا التوجه، معتبرة أن تجاهل أمن “كيان الاحتلال” في الاتفاق يمثل “سابقة خطيرة”، ويكشف عن تصدّع في التحالف التقليدي بين واشنطن وتل أبيب.

التلغراف البريطانية: فشل ثلاثيني أمام اليمن
من جهتها، أوردت صحيفة التلغراف البريطانية تقريرًا موسعًا تناول ما وصفته بـ”فشل أمريكي بريطاني ثلاثيني أمام اليمن”، مشيرة إلى أن عدد الصواريخ التي أُطلقت في البحر الأحمر خلال الأشهر الـ18 الأخيرة يفوق ما أُطلق خلال 30 عامًا ماضية، ما يعكس حجم الاستنزاف الذي ألحقته صنعاء بالأساطيل الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن حاملات الطائرات البريطانية باتت مهددة فعليًا، وأن عبورها لمضيق باب المندب يعني دخولها منطقة حرب فعلية، خصوصًا مع تزايد خطر الصواريخ اليمنية التي باتت تستهدف الطائرات من طراز إف-35 وحتى الدرونات الحديثة.

وتضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من مليار دولار خلال فترة وجيزة في محاولة لتحييد التهديد اليمني، دون أن تتمكن من ضمان الأمن الملاحي أو حماية سفنها. بل وصل الأمر إلى إسقاط طائرات مسيرة أمريكية متقدمة من نوع MQ-9 Reaper، وحوادث مؤسفة لطائرات حربية أمريكية على متن حاملات الطائرات، ما يُظهر أن ميزان الخسائر لم يعد يميل لصالح واشنطن.

 اليمن يعيد صياغة مفهوم الأمن القومي العربي
ليست المسألة محصورة في مسيّرة هنا أو صاروخ هناك. بل تتعدى ذلك إلى إعادة تعريف مفهوم “الأمن القومي العربي” عبر نموذج يمني غير تقليدي، جمع بين العقيدة والميدان، وبين الإرادة والتكنولوجيا، وبين الجغرافيا والإستراتيجية.

إن الرئيس المشاط، في تهديداته المدروسة، لم يخاطب فقط كيان العدو، بل وجّه رسائل مزدوجة إلى واشنطن ولندن، مفادها أن أمن العدو لم يعد بيدهم، وأن القرار اليمني بات مستقلًا بدرجة غير مسبوقة.

والأهم أن صنعاء لم تعد تقف على الهامش، بل باتت في قلب القرار الاستراتيجي الإقليمي، تُشارك في تحديد مصير الصراع مع الكيان الصهيوني، بل وتُفرض على القوى العظمى كطرف لا يمكن تجاهله أو تجاوزه.

خاتمة
القلق الإسرائيلي المتزايد، والإرباك الأمريكي البريطاني، والردع اليمني المتصاعد، كلها مؤشرات على مشهد استراتيجي جديد يتشكل على وقع صواريخ صنعاء ومسيراتها. في هذا المشهد، لم تعد “إسرائيل” تمتلك حرية المبادرة، ولم تعد واشنطن قادرة على ضمان أمنها، ولم تعد القوى الغربية تملك رفاهية المغامرة.

لقد ولّى زمن التفرد الصهيوني، وبدأ عصر التوازن من خاصرة اليمن، حيث ترتفع راية المقاومة، لا كتكتيك ميداني، بل كخيار استراتيجي شامل يعيد الاعتبار للأمة ويعيد توجيه البوصلة نحو فلسطين، ويضع صنعاء في قلب المعركة الكبرى: معركة التحرر من المشروع الصهيوأمريكي.

مقالات مشابهة

  • حضرموت الجامع يحذر من تصاعد حملات التضييق على الاعلام وحرية التعبير في المحافظة  
  • 5 نصائح للوقاية من الإسهال خلال فترة الحج
  • آيفون 17 قد يخسر هذه الميزة الجديدة بينما باقي الهواتف تستفيد منها
  • الرئيس المشاط يحذر: الشركات المستثمرة في كيان العدو على شفير الخطر.. والمغادرة الفورية ضرورة لا خيار
  • الرئيس المشاط: على جميع الشركات المستثمرة في كيان العدو الصهيوني أخذ تحذيرنا على محمل الجد
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • بوليتيكو: “إسرائيل تشعر بالخطر بعد صمت واشنطن حيال الصواريخ اليمنية”
  • الحوثيون : سنسقط طائرات الاحتلال الإسرائيلي التي تقصف بلادنا 
  • تهديدات الرئيس المشاط تثير الذعر في كيان العدو.. اليمن يعيد صياغة معادلة الردع في الشرق الأوسط
  • 3 علامات مهمة تشير لتسنين الأطفال