في عصر التكنولوجيا، لم نعد بحاجة إلى حفظ أرقام الهواتف، أو تذكر الطرق، أو حتى البحث العميق عن المعلومات، فكل شيء متاح بضغطة زر.. ولكن هل هذا يعني أن ذاكرتنا تضعف؟..
يشتكي البعض من "فقدان الذاكرة الرقمي"، حيث أصبحنا نعتمد على هواتفنا ومحركات البحث بدلاً من عقولنا.
ومع ظهور الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، يتزايد القلق من أننا نصبح أقل قدرة على التفكير والتذكر.

فهل الإنترنت يجعلنا أقل ذكاءً؟ أم أنه يعيد تشكيل طريقة عمل ذاكرتنا؟.

اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يحجز مساحة واسعة في قطاع التعليم

 تستعرض أحدث الدراسات العلمية تأثير التكنولوجيا على الذاكرة، وكيف يمكننا استخدام الإنترنت والذكاء الاصطناعي بذكاء من دون أن نفقد قدراتنا المعرفية. وفق مجلة "Nature".

 الإنترنت.. والذاكرة
 أطلقت شركة برمجيات مصطلح "فقدان الذاكرة الرقمي" لوصف نسيان المعلومات لأن أجهزتنا تحفظ المعلومات بدلاً منا. حيث يشتكي بعض الناس من أن الإنترنت يضعف ذاكرتهم.

وتؤكد دراسة في علم الذاكرة بجامعة هارفارد:أن "هناك الكثير من التحذيرات بشأن فقدان الذاكرة الرقمي، لكن الادعاءات بأن الانترنت يجعلنا أغبياء هي مبالغات"..فالذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، يذهب إلى أبعد من مجرد البحث في جوجل..وتؤكد باحثة من جامعة ديوك: أن"هذه التكنولوجيا ليست مجرد محرك بحث، بل هي شيء جديد تماماً"..وقد تجعلنا الدردشة مع الذكاء الاصطناعي أكثر كسلًا معرفياً، وربما تزرع في أذهاننا ذكريات كاذبة.

اقرأ أيضاً.."أوبن إي آي" ترفض عرض استحواذ من ماسك

هل نعتمد على الإنترنت بدلاً  عن ذاكرتنا؟
 عالمة نفس أوضحت أن الأشخاص الذين يُطرح عليهم سؤال صعب يفكرون تلقائيًا في الإنترنت، كما لو كانوا مستعدين للبحث عنه. حتى أن بعضهم كان يتذكر اسم المجلد الذي حفظ فيه المعلومات أكثر من المعلومة نفسها.وفق مجلة "Nature".

أخبار ذات صلة الذكاء الاصطناعي يحجز مساحة واسعة في قطاع التعليم رئيس كولومبيا وقادة قطاع الذكاء الاصطناعي يؤكدون التأثير القوي للقطاع على مستقبل المجتمعات

لكن محاولات تكرار نتائج الدراسة لم تكن ناجحة دائمًا، مما جعل بعض الباحثين يشككون في قوة هذا التأثير. ومع ذلك، يعتقدون أن الأمر منطقياً، مشيرين إلى مفهوم "الذاكرة التفاعلية"حيث نوزع عبء التذكر على الآخرين، سواء كان ذلك شريكا في الحياة أو الإنترنت.

 أظهرت دراسة أن الأشخاص الذين استخدموا GPS لتوجيههم كانوا أقل قدرة على تذكر الطرق مقارنة بمن قادوها من دون مساعدة. بل إن دراسة أخرى أظهرت أن الإفراط في استخدام GPS قد يؤدي إلى تدهور أسرع في الذاكرة المكانية.

ووجدت بعض الدراسات أن التقاط الصور قد يقلل من تذكر التفاصيل عن الأشياء التي تم تصويرها، لأننا نعتمد على الكاميرا بدلًا من أدمغتنا لتوثيق اللحظة.

هل نعتمد أكثر على الذكاء الاصطناعي بدلاً عن عقولنا؟
تشير دراسة إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون جوجل للإجابة عن الأسئلة يشعرون بثقة زائدة في معرفتهم، وكأنهم يعرفون الإجابة بأنفسهم والآن، مع استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملخصات بحث جاهزة، قد يصبح هذا التأثير أقوى. ويمكننا استخدام التكنولوجيا بذكاء، لكي نعيد توزيع المعرفة بين عقولنا وأجهزتنا، ونتجنب تأثيراتها السلبية.

في النهاية، لا يمكن إنكار أن الإنترنت والذكاء الاصطناعي يعيدان تشكيل طريقة تعاملنا مع المعلومات.  وأصبحنا نعتمد أكثر على التكنولوجيا لتذكر التفاصيل والبحث عن المعرفة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن ذاكرتنا تضعف، بل ربما تتكيف مع عصر جديد من التخزين الرقمي والتفكير الإبداعي.فالتوازن هو المفتاح في استخدام الذكاء الاصطناعي والإنترنت كأدوات تعزز قدراتنا المعرفية.

لمياء الصديق(أبوظبي)

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذاكرة والنسيان الذكاء الاصطناعي الذاكرة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف

مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.

باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.

كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.

تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.

أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»

خدمة «بروجيكت سنديكيت»

مقالات مشابهة

  • شركات التكنولوجيا الكبرى تتجاوز التوقعات رغم ارتفاع الرسوم الجمركية وتكاليف الذكاء الاصطناعي
  • طفرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. 1.87مليار عائدات في أشهر
  • شعبة الاقتصاد الرقمي وإيتيدا تطلقان دورة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • هيئة مكافحة الاحتكار الإيطالية تحقق مع ميتا بشأن دمج الذكاء الاصطناعي في واتساب
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • الصين تعزز استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة الذكية
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • تطبيق “بت شات” قاتل “واتساب” يصل رسميا للهواتف
  • هواوي كلاود تقود التحول الرقمي في شمال افريقيا عبر حلول الذكاء الاصطناعي الشامل