صحيفة التغيير السودانية:
2025-08-01@13:24:44 GMT

في جدل المعونة الأميركية

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

في جدل المعونة الأميركية

في جدل المعونة الأميركية

فيصل محمد صالح

منذ أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده المسبق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية «المعونة الأميركية» فأصدر في أيامه الأولى في المكتب البيضاوي قراراً بتجميد عملها لثلاثة أشهر، والجدل لم يتوقف حول أسباب القرار وانعكاساته على سياسة أميركا في العالم. ويشتد الجدل بعد قراره بإبعاد الموظفين الكبار، وتعيين وزير الخارجية مديراً مكلفاً لها، والأخبار تتزايد عن أن قراراً سيصدر بتصفيتها.

نشأت الوكالة الأميركية للتعاون الدولي في سبتمبر (أيلول) 1961 بقرار من الرئيس الأميركي جون كيندي. وكانت لقرار إنشاء الوكالة علاقة مباشرة بأجواء الحرب الباردة، حيث انتقل الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لمرحلة استخدام القوة الناعمة بدلاً من المواجهة المسلحة. كانت الصين والاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الشرقي تقدم مساعدات متنوعة لدول العالم الثالث، وكان لا بد للولايات المتحدة أن تستخدم المدخل ذاته لتحقق به منافع عدة، تقدم مساعدات إغاثية وتنموية وفنية للدول المحتاجة، وتقاوم المد السوفياتي، وتضمن لنفسها نفوذاً كبيراً وسط دول العالم.

ولفترة طويلة كانت الوكالة الأميركية هي رأس حربة النفوذ الأميركي في العالم كله، حيث انتشرت مكاتبها في نحو 100 دولة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ودول أوروبا الشرقية، ووصلت ميزانيتها لنحو 50 مليار دولار في العام مما جعلها أكبر مؤسسات العون في العالم. وتمثل ميزانيتها نصف ميزانية المساعدات الخارجية الأميركية لدول العالم. وتتنوع برامج الوكالة بين المساعدات الغذائية الطارئة إلى مكافحة الفقر، وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدعم الصحي وبرامج التطعيم، والمساعدات الفنية لبرامج البيئة، ودعم منظمات الأمم المتحدة. ما هي أسباب إغلاق الوكالة…؟

هناك بالتأكيد أسباب معلنة وأخرى غير معلنة. السبب الأساسي الذي قدمه الرئيس دونالد ترمب كان أن هناك أموالاً كثيرة يتم هدرها عبر الوكالة في المساعدات الخارجية، بينما هناك احتياج لهذه الأموال لصرفها في البرامج الداخلية، وهذا بالتأكيد جزء من برنامجه الداعي لتقليل مساهمات أميركا المالية في القضايا العالمية، بما في ذلك في المؤسسات التي تجمعه مع حلفائه، مثل حلف شمال الأطلسي «الناتو». كما حملت تصريحاته وتصريحات إيلون ماسك الذي عينه وزيراً للكفاءة الحكومية اتهامات للوكالة بأنها تقع تحت قبضة يسار متطرف، وأن من يديرونها «حفنة أشرار» وإن كان المأخذ الأساسي للجمهوريين المتطرفين أن الوكالة تعمل على نشر الأجندة الليبرالية في العالم، وأن هذا ليس من أولويات واشنطن. كما ظل الصراع يدور لسنين طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول وضع الوكالة، حيث يريد الديمقراطيون أن يعطوها قدراً من الاستقلالية، بينما يرغب الجمهوريون في إخضاعها بشكل مباشر للإدارة الحكومية، بخاصة وزارة الخارجية.

تأثير تجميد عمل الوكالة، وربما تمهيداً لتصفيتها أو إغلاقها، امتد مباشرة لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، مثل بعثات حفظ السلام، وبرامج دعم اللاجئين والنازحين، وبرامج التحصين ومكافحة الأمراض، ودعم برامج الدمقرطة وحقوق الإنسان، هذا إلى جانب الوقف الفوري والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة دعم اللاجئين والنازحين الفلسطينيين «أونروا».

ومن المتوقع أيضاً الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ووقف دعم برامج البيئة والمناخ ومكافحة الفقر. كما سيتأثر برنامج الغذاء العالمي، «اليونيسيف»، والمفوضية السامية للاجئين. التقارير الموثقة تقول إن أكثر الدول المتضررة هي دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي كانت قد استقبلت في العام الماضي 6.3 مليار دولار لمكافحة الفقر، بما في ذلك عيادات توفير الأدوية المجانية لمرضى الإيدز.

وفي أميركا اللاتينية تعتبر دول المكسيك، كولومبيا، كوستاريكا، غواتيمالا أكبر المتضررين، بخاصة برامج توطين المهاجرين. بعض المؤيدين لقرار ترمب لم ينطلقوا من منطلقاته ذاتها، بل فعلوا ذلك لأنهم يظنون أن القرار يضعف الناشطين السياسيين والمدنيين، وبالتالي يحقق فرصة للتيارات الأخرى والنظم الديكتاتورية لتتحرك بشكل أكبر، بينما هلل البعض للقرار باعتباره سيوقف التدخل الأميركي «الإمبريالي» في الشؤون الداخلية للدول. لكن المؤكد أن أكثر المتضررين هم الفقراء واللاجئون والنازحون وضحايا المجاعات وفشل الحكومات الفاسدة في العالم الثالث.

كل الاحتمالات الآن واردة، منها تقليل ميزانية المعونة الأميركية وترشيد برامجها ووقفها عن بعض الدول، مع إخضاعها لسلطة وزارة الخارجية، وهذا أخف الأضرار، بينما هناك احتمال تصفيتها بالكامل وحصر برامج المساعدات الخارجية في يد وزارة الخارجية، وهنا ستحدث أضرار كبيرة لم يتم حسابها حتى الآن.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومالسودان الشرق الأوسط الصين ايلون ماسك جون كيندي دونالد ترمب فيصل محمد صالح وكالة المعونة الأمريكية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان الشرق الأوسط الصين ايلون ماسك جون كيندي دونالد ترمب فيصل محمد صالح فی العالم

إقرأ أيضاً:

بـ10 حقائق.. «الخارجية» ترد على الادعاءات حول معبر رفح ونفاذ المساعدات لغزة

قدّمت وزارة الخارجية عشرة ردود حاسمة على الادعاءات التي وُجّهت ضد مصر بشأن دعمها لقطاع غزة، مؤكدة أن هذه الاتهامات «باطلة ومغلوطة» وتستهدف النيل من الدور التاريخي والإنساني الذي تقوم به القاهرة في نصرة الشعب الفلسطيني.

وشددت «الخارجية» على أن مصر لم تتوانَ عن تقديم الدعم السياسي والإغاثي، وتحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن إعاقة دخول المساعدات.

الادعاء: مصر أخفقت في تقديم المساعدات لقطاع غزة

الحقيقة: تضليل متعمد

- وفرت مصر 70% من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي دخلت غزة منذ بداية الحرب.

- نظمت مصر مؤتمراً وزارياً دولياً حول الاستجابة الإنسانية في غزة في ديسمبر 2024 بمشاركة أكثر من 100 وفد لدعم الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني.

- استقبلت مصر المئات من المصابين والمرضى الفلسطينيين في المستشفيات المصرية.

- اعدت مصر خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة، وحشدت بنجاح لدعمها من الغالبية العظمى من الدول وتعتزم تنظيم مؤتمراً دولياً لحشد التمويل اللازم لتنفيذها.

- تسبب الحصار الإسرائيلي الكامل على غزة في عدم نفاذ المساعدات بما يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية في القطاع.

الادعاء: معبر رفح هو معبر من طرف واحد تتحكم فيه مصر

الحقيقة: ادعاء مزيف

- يتكون المعبر من بوابة على الجانب المصري وبوابة أخرى على الجانب الفلسطيني من المعبر، ويفصل بينهما طريق.

- اجتياز البوابة الواقعة على الجانب المصري لا يعد اجتيازا للحدود بين الجانبين ولا يوفر نفاذاً لقطاع غزة، وأن النفاذ لقطاع غزة يتطلب عبور المسافة الفاصلة بين البوابتين والدخول من البوابة الفلسطينية لنفاذ الشاحنات والأفراد، وهو ما يتعذر تحقيقه منذ احتلال الجيش الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر ومنعه نفاذ الأفراد والشاحنات بصورة كاملة، بالإضافة الى استهداف الجانب الفلسطيني من المعبر عسكريا أكثر من مرة.

الادعاء: مصر أغلقت معبر رفح

الحقيقة: ادعاء باطل

- لم يتم إغلاق المعبر من الجانب المصري منذ بدء الحرب الغاشمة على غزة.

- بوابة معبر رفح من الجانب المصري مفتوحة، إلا أن إغلاق البوابة الفلسطينية يحول دون دخول المساعدات (لا توجد إمكانية للنفاذ لداخل غزة إلا من البوابة الفلسطينية).

- رغم أن معبر رفح مخصص لعبور الأفراد فقط وليس الشاحنات، تمكنت مصر من إدخال آلاف الشاحنات من خلاله منذ بدء الحرب للإسراع في تقديم المساعدات.

الادعاء: مصر تشارك في حصار قطاع غزة

الحقيقة: كذب متعمد

جيش الاحتلال الاسرائيلي هو الذي يحاصر قطاع غزة بالكامل أرضا وبحرا وجوا، ويسيطر على جميع المنافذ المؤدية للقطاع.

الادعاء: معبر رفح هو المنفذ الوحيد لقطاع غزة

الحقيقة: غير صحيح

- يوجد عدد من المعابر الأخرى في غزة مثل معبر كرم أبو سالم ومعبر إيرز ومعبر صوفا ومعبر ناحال عوز ومعبر كارني ومعبر كيسوفيم وتسيطر اسرائيل على جميع هذة المعابر بالكامل.

- تعرقل إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) دخول اي مساعدات انسانية من خلال جميع المعابر التي تسيطر عليها، بما فيها الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

- الأجدى بمن يدعي مسئولية مصر عما يحدث في قطاع غزة أن يطالب بالضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر التي تسيطر عليها.

الادعاء: مصر تمنع التضامن الشعبي مع غزة

الحقيقة: ادعاء باطل

- قامت مصر بتنظيم وتسهيل زيارات العديد من المواطنين ومسئولي المنظمات الإنسانية إلى معبر رفح والعريش، وكبار المسئولين الدوليين مثل سكرتير عام الأمم المتحدة، والرئيس الفرنسي ماكرون، والذي ساهمت زيارته في تشکیل قرار فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى تنظيم زيارات لوزراء الخارجية الأجانب وكبار المسئولين، وممثلى المجتمع المدني.

- هناك قواعد وضوابط لإجراء الزيارات التضامنية إلى تلك المناطق الحدودية وفقاً للمعطيات على الأرض، لقربها من منطقة حرب، والحاجة لاتخاذ إجراءات خاصة لتأمين وحماية المشاركين في أي مسيرات أو زيارات إليها.

الادعاء: مصر تقاعست عن نصرة القضية الفلسطينية

الحقيقة: افتراء وكذب متعمد

- لا توجد دولة في العالم قدمت جهوداً أو تضحيات للقضية الفلسطينية مثلما قدمت الدولة المصرية لا مزايدة على مصر.

- مصر تلعب دوراً رئيسياً كوسيط في مفاوضات صعبة ومعقدة لوقف إطلاق النار، ونجحت جهودها في تحقيق ذلك في 19 يناير 2025، الا أن إسرائيل تقاعست عن الوفاء بالتزاماتها.

- استضافت مصر قمة القاهرة للسلام في أكتوبر 2023 واستضافت القمة العربية الطارئة في مارس 2025 وأعدت خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة ساهمت في وقف مخططات التهجير، كما اضطلعت بدور قيادي في تنسيق العمل العربي والإسلامي والدولي بشأن القضية الفلسطينية.

الادعاء: التظاهرات أمام السفارات المصرية تدعم القضية الفلسطينية

الحقيقة: على العكس تماما

- التظاهر أمام السفارات المصرية يجحف بالدور المصري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية والتضحيات التي قدمتها مصر منذ النكبة، ويصب تماماً في مصلحة الاحتلال الاسرائيلي ويقدم له هدية مجانية.

- يساهم ذلك في تشتيت الرأي العام الدولي والعربي عن المسئول الحقيقي عن الكارثة الإنسانية في القطاع، وتخفيف الضغوط الدولية المتصاعدة خلال الفترة الأخيرة للتوقف عن الانتهاكات الاسرائيلية السافرة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني ويتسبب في تحويل الانتباه عن الجرائم التي يعاني منها الشعب الفلسطيني واستهداف مصر باعتبارها الركيزة الأساسية الصامدة والمدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يلحق ضراراً بالغاً بالكفاح الفلسطيني لنيل استقلاله ويخلق فرقة بين الشعوب العربية، بما يصب في صالح إسرائيل.

الادعاء: مصر غير حريصة على إيقاف المجاعة في غزة

الحقيقة: إدعاء غير منطقي

- إدخال المساعدات الإنسانية ليس فقط واجب أخلاقي وإنساني وقانوني، وإنما يصب في تحقيق المصلحة الوطنية من خلال تثبيت الشعب الفلسطيني وضمان صموده على أرضه ومنع تهجيره والحيلولة دون تنفيذ سيناريوهات الوطن البديل" من خلال الضغط على السكان بالتجويع الإفراغ الأرض.

- إدخال أكبر قدر من المساعدات يشكل أولوية رئيسية بالنسبة لمصر لأسباب اخلاقية وإنسانية في المقام الأول، وأيضا لضمان وقف مخططات التهجير والمحاولات الإسرائيلية لتصفية القضية من خلال دفع الشعب الفلسطيني لترك أرضه.

الادعاء: انتقاد الدور المصري يستهدف رفع المعاناة عن غزة

الحقيقة: هناك محاولات متعمدة للتشويه والتشكيك في الدور المصري بصورة ممنهجة، وتعمد لتزييف الحقائق بهدف تقويض الدور المصري وإحباط الشعوب العربية، وإحداث انقسامات بينها، وإضعاف الصمود الفلسطيني.

اقرأ أيضاًوزير الخارجية يشارك في جلسة حوارية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن

وزير الخارجية يؤكد على أهمية إيجاد أفق سياسي يفضي إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة

وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد «أمريكا أولًا للسياسات»

مقالات مشابهة

  • الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ درع أميركا الداخلي لمواجهة الأزمات
  • تحديد أسعار سكنات عدل 3 وموعد دفع الشطر الأوّل.. الوكالة تحذر 
  • البريد الأردني وصندوق المعونة الوطنية يوقعان اتفاقية تعاون في مجالات التدريب والتشغيل. 
  • بـ10 حقائق.. «الخارجية» ترد على الادعاءات حول معبر رفح ونفاذ المساعدات لغزة
  • إيران تستنكر العقوبات الأميركية الجديدة على أسطول شمخاني وتعتبرها جريمة ضد الإنسانية
  • كيرلي يغيب عن التصفيات الأميركية وبطولة العالم
  • ألبانيزي تشكو العقوبات الأميركية المفروضة عليها وتصفها بالمدمرة
  • تايوان تنفي منع رئيسها من زيارة الولايات المتحدة الأميركية
  • نرفض التهجير.. الخارجية: مصر تقوم بدور محوري لإدخال المساعدات لغزة
  • وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية البرتغال