سودانايل:
2025-06-24@12:58:30 GMT

في جدل المعونة الأمريكية

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

منذ أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده المسبق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية «المعونة الأميركية» فأصدر في أيامه الأولى في المكتب البيضاوي قراراً بتجميد عملها لثلاثة أشهر، والجدل لم يتوقف حول أسباب القرار وانعكاساته على سياسة أميركا في العالم. ويشتد الجدل بعد قراره بإبعاد الموظفين الكبار، وتعيين وزير الخارجية مديراً مكلفاً لها، والأخبار تتزايد عن أن قراراً سيصدر بتصفيتها.



نشأت الوكالة الأميركية للتعاون الدولي في سبتمبر (أيلول)1961 بقرار من الرئيس الأميركي جون كيندي. وكانت لقرار إنشاء الوكالة علاقة مباشرة بأجواء الحرب الباردة، حيث انتقل الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لمرحلة استخدام القوة الناعمة بدلاً من المواجهة المسلحة. كانت الصين والاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الشرقي تقدم مساعدات متنوعة لدول العالم الثالث، وكان لا بد للولايات المتحدة أن تستخدم المدخل ذاته لتحقق به منافع عدة، تقدم مساعدات إغاثية وتنموية وفنية للدول المحتاجة، وتقاوم المد السوفياتي، وتضمن لنفسها نفوذاً كبيراً وسط دول العالم. ولفترة طويلة كانت الوكالة الأميركية هي رأس حربة النفوذ الأميركي في العالم كله، حيث انتشرت مكاتبها في نحو 100 دولة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ودول أوروبا الشرقية، ووصلت ميزانيتها لنحو 50 مليار دولار في العالم مما جعلها أكبر مؤسسات العون في العالم. وتمثل ميزانيتها نصف ميزانية المساعدات الخارجية الأميركية لدول العالم. وتتنوع برامج الوكالة بين المساعدات الغذائية الطارئة إلى مكافحة الفقر، وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدعم الصحي وبرامج التطعيم، والمساعدات الفنية لبرامج البيئة، ودعم منظمات الأمم المتحدة. ما هي أسباب إغلاق الوكالة...؟

هناك بالتأكيد أسباب معلنة وأخرى غير معلنة. السبب الأساسي الذي قدمه الرئيس دونالد ترمب كان أن هناك أموالاً كثيرة يتم هدرها عبر الوكالة في المساعدات الخارجية، بينما هناك احتياج لهذه الأموال لصرفها في البرامج الداخلية، وهذا بالتأكيد جزء من برنامجه الداعي لتقليل مساهمات أميركا المالية في القضايا العالمية، بما في ذلك في المؤسسات التي تجمعه مع حلفائه، مثل حلف شمال الأطلسي «الناتو». كما حملت تصريحاته وتصريحات إيلون ماسك الذي عينه وزيراً للكفاءة الحكومية اتهامات للوكالة بأنها تقع تحت قبضة يسار متطرف، وأن من يديرونها «حفنة أشرار» وإن كان المأخذ الأساسي للجمهوريين المتطرفين أن الوكالة تعمل على نشر الأجندة الليبرالية في العالم، وأن هذا ليس من أولويات واشنطن. كما ظل الصراع يدور لسنين طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين حول وضع الوكالة، حيث يريد الديمقراطيون أن يعطوها قدراً من الاستقلالية، بينما يرغب الجمهوريون في إخضاعها بشكل مباشر للإدارة الحكومية، بخاصة وزارة الخارجية.

تأثير تجميد عمل الوكالة، وربما تمهيداً لتصفيتها أو إغلاقها، امتد مباشرة لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، مثل بعثات حفظ السلام، وبرامج دعم اللاجئين والنازحين، وبرامج التحصين ومكافحة الأمراض، ودعم برامج الدمقرطة وحقوق الإنسان، هذا إلى جانب الوقف الفوري والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة دعم اللاجئين والنازحين الفلسطينيين «أونروا».

ومن المتوقع أيضاً الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ووقف دعم برامج البيئة والمناخ ومكافحة الفقر. كما سيتأثر برنامج الغذاء العالمي، «اليونيسيف»، والمفوضية السامية للاجئين. التقارير الموثقة تقول إن أكثر الدول المتضررة هي دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي كانت قد استقبلت في العام الماضي 6.3 مليار دولار لمكافحة الفقر، بما في ذلك عيادات توفير الأدوية المجانية لمرضى الإيدز.

وفي أميركا اللاتينية تعتبر دول المكسيك، كولومبيا، كوستاريكا، غواتيمالا أكبر المتضررين، بخاصة برامج توطين المهاجرين. بعض المؤيدين لقرار ترمب لم ينطلقوا من منطلقاته ذاتها، بل فعلوا ذلك لأنهم يظنون أن القرار يضعف الناشطين السياسيين والمدنيين، وبالتالي يحقق فرصة للتيارات الأخرى والنظم الديكتاتورية لتتحرك بشكل أكبر، بينما هلل البعض للقرار باعتباره سيوقف التدخل الأميركي «الإمبريالي» في الشؤون الداخلية للدول. لكن المؤكد أن أكثر المتضررين هم الفقراء واللاجئون والنازحون وضحايا المجاعات وفشل الحكومات الفاسدة في العالم الثالث.

كل الاحتمالات الآن واردة، منها تقليل ميزانية المعونة الأميركية وترشيد برامجها ووقفها عن بعض الدول، مع إخضاعها لسلطة وزارة الخارجية، وهذا أخف الأضرار، بينما هناك احتمال تصفيتها بالكامل وحصر برامج المساعدات الخارجية في يد وزارة الخارجية، وهنا ستحدث أضرار كبيرة لم يتم حسابها حتى الآن.

noradin@msn.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

بعد الضربة الإيرانية على قاعدة عُديد الأمريكية.. هل كان هناك تنسيق بين إيران وواشنطن؟

مع استمرار وتسارع التطورات في الشرق الأوسط، ورفع سقف التصعيد بين إسرائيل وإيران، ودخول واشنطن على خط المواجهة وهجومها على طهران، أمسى العالم في قلق شديد اليوم نتيجة الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر، وقاعدة عين الأسد في العراق، فكيف سيكون الرد الأمريكي على إيران؟ وإن تم تصعيد الأمر إلى أكثر من ذلك وأغلقت إيران مضيق هرمز فكيف سيتطور الوضع؟

هل هناك تنسيق مسبق بين إيران وواشنطن؟

تعليقا على ذلك، أكد النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل، أن هجوم إيران على قاعدة العديد الجوية الأمريكية يعد رسالة رمزية تعبر عن توازن الردع، لافتا إلى أن إيران جعلت من القواعد العسكرية الأمريكية أهدافا لتنتقم، ولكن في الوضع الطبيعي سيرفع ذلك من التوتر وسيزيده.

وأضاف النائب تيسير مطر، أن الضربة الإيرانية على قاعدة العديد الأمريكية في قطر لم تكن قوية بما فيه الكفاية وتعتبر محدودة جدا، وربما يدل ذلك على وجود تنسيق مسبق بين إيران وبعض الدول لإتمام هذه الضربة.

النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل

وتابع: ولكن لا يمكن تناسي تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الرد سيكون قاسيا في حال قصف إيران للقواعد الأمريكية بدول الخليج.

وأشار «مطر»: «وفي نهاية الأمر أعتقد أن الهجوم الإيران على قاعدة العديد الأمريكي يعد رسالة قوية من إيران لإسرائيل، تهدف من خلالها إلى إثبات قوتها في الرد وتنفيذ تهديداتها»، متابعا: «ولكن أرى أن هذه تعد رسالة لن تؤدى إلى التهدئة».

كيف ستكون ردود الفعل العالمية بعد إغلاق مضيق هرمز؟

وكشف عن ردود الأفعال الدولية المتوقعة على إغلاق إيران لمضيق هرمز، مشيرا إلى أن الرد الدولي والعسكري المحتمل على هذا الفعل، سيكون تدخل الولايات المتحدة وحلفاؤها بقواتهم البحرية «الأسطول الخامس وغيرها» لفتح المضيق بالقوة إذا لزم الأمر.

وأشار إلى أنه يتوقع تصعيدا عسكريا محتملا واسع النطاق، لافتا إلى أن خطوة كهذه قد تجعل البحرية الأوروبية تشارك مع الولايات المتحدة.

وأشار «مطر» إلى أن قرار كهذا سيُعتبر «انتحاراً اقتصادياً»، بخلاف الانعكاسات إقليمية وعالمية وزيادة التوترات قد تؤدي إلى تصعيد شامل بين إيران والغرب، وربما انخراط قوى إقليمية أخرى.

وأضاف أن هذا القرار له تأثيرات سلبيه في كثير من المجالات منها ارتفاع سعر الطاقة والبترول، ورسوم التأمين والشحن سترتفع، مما ينعكس على أسعار السلع والنقل عالميا.

كما أكد أن إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران يعد خطوة رمزية وتعبيراً عن التصعيد، لافتا إلى أن القرار النهائي يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيران.

وأوضح أن الحكومة الإيرانية تحوّل إغلاق المضيق إلى ورقة ضغط استراتيجي لكنها تخاطر بضرب صادراتها النفطية التي تعتمد على المضيق.

مواجهة إسرائيل وإيران

الهجوم الأمريكي على إيران

وصباح أمس الأحد، استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية، المفاعلات النووية الثلاثة الكبار في إيران، مفاعل «نطنز و«أصفهان»، ومركز التخصيب النووي في «فوردو».

تفصيلا، تم الهجوم باستخدام 125 طائرة تنوعت بين طائرات مقاتلة، طائرات خداع، طائرات مرافقة، طائرات تزويد بالوقود الجوي، وتم إلقاء نحو 12 قنبلة من طراز«GBU-57» التي تزن الواحدة منها حوالي 14 طن، والخارقة للتحصينات، على منشأة فوردو، بالإضافة إلى استهداف الغواصات الأمريكية منشأتي نطنز وأصفهان، بـ 30 صاروخا بعيد المدى من نوع «توماهوك».

وكتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد تنفيذ الهجوم بدقائق، على منصة «تروث سوشيال»، أن الطائرات الحربية الأميركية نفّذت هجوما ناجحا للغاية على منشآت إيران النووية الثلاثة فوردو ونطنز وأصفهان.

وأضاف أن الطائرات الحربية باتت خارج المجال الجوي الإيراني، وأنها آمنة في طريق العودة بعد أن ألقت حمولة كبيرة من القنابل على فوردو.

وأشار إلى أنه لا يوجد قوة عسكرية بالعالم تستطيع فعل ما قامت به القوات الأميركية، معلناً أنه: "حان وقت السلام".

وفي مؤتمر صحفي أمس الأحد، قال ترامب إن بلاده حرمت إيران من القنبلة النووية، مضيفا: «أنها حققنا أمس نجاحا عسكريا باهرا في إيران»، مشيرا إلى أن «إيران قتلت وأضرت بآلاف الأمريكيين واستولت على سفارتنا بطهران في عهد إدارة الرئيس كارتر».

بداية الهجمات الإسرائيلية على طهران

وشنت إسرائيل هجمات واسعة النطاق في 13 يونيو 2025، استهدفت فيها المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، واستخدمت الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، وأسفرت وقتها عن مقتل عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، لترد إيران في نفس الليلة، وتطلق وابلا من الصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية، وخلال الأيام الماضية استهدفت مواقع في حيفا وتل أبيب ومناطق سكنية.

استهداف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

وهاجمت إيران أجهزة الاستخبارات التابعة للاحتلال الإسرائيلي «المخابرات العسكرية والموساد»، في يوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو 2025.

وذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية، بأن مصادر دفاعية إيرانية أكدت مقتل عدد كبير من الضباط والقادة الكبار في هذه الأجهزة.

تفصيلا، نفذت قوات الجو - فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوما صاروخيا على مراكز أمنية واستخباراتية في شمال تل أبيب باستخدام صاروخ متطوّر جديد، استهدفت خلال هذا الهجوم مركزين استخباريين رئيسيين هما، «أمان» «الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية» و«الموساد» «جهاز العمليات والتجسس الخارجي».

استهداف مبنى Gav-Yam 4

وفي يوم الجمعة 20 يونيو 2025، استهدفت إيران مبنى Gav-Yam 4، وهو مركز تقني ضخم يقدّم خدمات تجسس وذكاء اصطناعي لصالح الجيش الإسرائيلي، ويعمل فيه موظفون تابعون لشركات عالمية مثل مايكروسوفت وIBM، وضباط تقنيون تابعون لوحدات الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي، وفي هذا المبنى يتم تدريب عناصر الاستخبارات الإسرائيلية على استخدام الطيارات المسيرة، وبه مكاتب مرتبطة بأعمال التجسس التابعة لوحدات الجيش والأمن الداخلي الإسرائيلي.

وفي نفس المنطقة التي يتواجد فيها المبنى، والتي استهدفتها إيران بصاروخ يحمل حوالي 300 كيلو متفجرات، هناك أيضا مجمع استخبارات عسكري ضخم تابع للجيش الإسرائيلي، يضم وحدة «أوفك» التكنولوجية التابعة لسلاح الجو، ومراكز تكنولوجيا سيبرانية أخرى، وقيادة منطقة الجنوب العسكرية بالكامل.

إيران تتسبب في دمار هائل بإسرائيل

وفي السبت الماضي، شنت إسرائيل غارات جوية انتقامية مركزة على العمق الإيراني، استهدفت مدن: «أصفهان- شيراز - قم - سمنان»، وتسببت في دمار هائل في هذه الأماكن.

وفي التفاصيل، شنت حوالي 15 طائرة إسرائيلية هجوما قويا على نفق ضخم يقع غرب إيران كان يتم فيه تخزين صواريخ، وهناك 50 طائرة أخرى قصفت أصفهان واستهدفت المباني المدنية ومواقع الدفاع الجوي والمنشآت النووية، وفقا لـ وكالة Associated Press وReuters.

فقدت إيران في هذه الضربات حوالي 44 منصة صواريخ، ومنذ بداية الحرب إلى الآن سقط أكثر من 639 شهيد مدني، منهم العالم النووي الإيراني، إيثار طبطبائي، الذي اغتالته إسرائيل وزوجته بطائرة مسيرة أثناء الغارات، وفقا لـ وكالة مهر الإيرانية.

وردت إيران على هذا الاعتداء بقوة، وأطلقت رشقة صاروخية جديدة استهدفت خلالها تل أبيب وهولون ومناطق أخرى، وتأتي هذه الإصابات نتيجة استنزاف ذخيرة الدفاع الجوي للاحتلال.

اقرأ أيضاًخبير لـ «الأسبوع»: إغلاق إيران مضيق هرمز سيخلق أزمة عالمية كبيرة

قبل الغلق الإيراني.. ماذا تعرف عن مضيق هرمز وتجارة النفط العالمية؟

إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز إذا شاركت واشنطن في هجمات إسرائيل

مقالات مشابهة

  • بعد الضربة الإيرانية على قاعدة عُديد الأمريكية.. هل كان هناك تنسيق بين إيران وواشنطن؟
  • الخارجية الأمريكية تصدر تنبيها عاجلا لمواطنيها في جميع أنحاء العالم
  • استمرار مجازر الاحتلال ضد المجوّعين على أعتاب مراكز توزيع الأغذية الأميركية
  • نزيف دماء مجوعي غزة مستمر على أعتاب مراكز توزيع الأغذية الأميركية
  • عراقجي: على المجتمع الدولی إدانة العدوان الأمیرکی فورا
  • روبيو: العالم بات أكثر أمانا بعد الضربة الأميركية على إيران
  • وزير الخارجية الإيراني: علينا الرد أولا على الضربات الأمريكية حتى نعود للمسار الدبلوماسي
  • الوكالة الذرية الدولية تعقد اجتماعًا طارئًا بعد الضربات الأميركية على إيران
  • الخارجية الإيرانية: الصمت أمام العدوان الأمريكي يعرض العالم لخطر شامل
  • أول تعليق من نتنياهو على القصف الأميركي لمواقع إيران النووية