وداعا سعيد الحلاو
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
ياسر بن حمود العلوي
ببالغ الحزن والأسى ودعت ولاية صورعبدالله بن صالح العريمي (سعيد الحلاو)، وهو أحد رموزها ورجالها الكرام فجر يوم الجمعة بتاريخ ٨ شعبان 1446هجريا يوافقه ٧ فبراير 2025 ميلادي.
عرف هذا الرجل الطيب بحسن الخلق، والتواضع، والإحسان، والسماحة. شهدت جنازته حضور جموع غفيرة وامتلأ مسجد التاحي لأداء صلاة الميت وشارك في تشييع جثمانه المواطنون والمقيمون وهذا إن دل فإنما يدل على محبة الناس له وكسب قلوبهم.
منذ طفولتنا عندما نزوره في بيته الكائن في منطقة الشرية وهو يحيي جميع صلواته في مسجد التاحي من صلاة الفجر إلى صلاة العشاء، ويصطحب معه أولاده طلال ومحمد وخالد ومحمود وعبد العزيز، وفي المسجد له احترامه وتقديره من الصغير والكبير، وقد لمست ذلك الشعور عندما يرحبون به ويتبادلون معه الحديث.
يقول تعالى في كتابه العزيز ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ [طه 132] لم يعرف البعض بأن المرحوم كان وكيلا لمسجد التاحي إلا بعد وفاته، وكان مهتم بشؤون المسجد وخدمته. سعيد العريمي وتجارة الحلوىاشتهر سعيد بصناعة الحلوى فهو أشهر صانع حلوى بولاية صور، حتى وصلت شهرته إلى دول الخليج. هذه الشهرة لم تأت إلا بالصدق وحسن المعاملة، فكان سمحا في البيع، وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى "وكان المرحوم يشرف بنفسه على إعداد الحلوى ويضع المكونات ويختار الأجود والأفضل ، فالتاجر الصادق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ونسأل الله أن يكون منهم يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء 69]
وفي طفولتنا كنا ندخل معه في مصنعه الصغير ونشاهده عندما يصنع الحلوى من البداية إلى النهاية، وكان يشعل الحطب، ونحس بحرارة النار الملتهبة ولا نستطيع تحمل الحرارة، رغم ذلك يقف خالي شامخا وصابرا، يقوم بتحريك (الملاس) لساعات ، ويضع المكونات في القدر من سمن وسكر ومكسرات وغيرها ، وبعد الانتهاء يقوم بتوزيع الحلوى لنا من يده الكريمة ، وتفوح رائحة الحلوى الطيبة في أزقة حارة الشرية .
نرى سعيدا وهو يمارس مهنته وفي ملامح وجهه التعب والجهد، ويتصبب العرق من جبينه، فهذه المهنة هي قوت عيشه ورزقه، ويعيل أسرته وأولاده وأرحامه من خيرها. فهو خير مثال يحتذى به في الصبر والكفاح من أجل لقمة العيش الكريم، وبالعمل تغفر الذنوب وتكفر السيئات. يقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
" من أمسى كالا من عمله أمسى مغفورا له "
سعيد وعلاقته بالناسإن علاقة سعيد بالناس علاقة محبة وتواصل بالبر والإحسان
يشهد له القاصي والداني بالفضيلة وكريم الخصال وحسن المعاملة والأخلاق الحميدة، التي طبعت عليه سجيته.
ها هو سعيد يصحو مبكرا عند الفجر ملبيا النداء ويعود عقب الصلاة ويجهز (الفوالة والضيافة للديوانية) حيث يتوافد أهل الحارة لتناول التمر وشرب القهوة، وهذه العادة دأب عليها من الفجر إلى العشاء رغم بساطة العيش، ولكن كما يقال في الأمثال: " الجود بالموجود " و " الوسع وسع القلوب ".
انتقل سعيد صاحب الوجه السعيد إلى جوار ربه تاركا وراءه سيرة معطرة بالإيمان وذكرى خالدة في قلوب الناس.
سيفتقد الناس ابتسامتك ومحياك وترحيبك بهم وخطواتك إلى مسجد التاحي بصحبة أبنائك. فهذا الطريق لا يمكن أن تمر في وقت أي صلاة إلا وتراه هو وأولاده يقصدون المسجد أو عائدون إلى البيت بعد أداء الصلاة وسيبقى هذا المشهد راسخا في ذاكرتنا.
رحل سعيد من الدنيا جسدا، ولكنه حيٌّ بين الناس وسوف يُحيون ذكره وسيرته الحسنة.
ما مات من زرع الفضائل في الورى بل عاش عمرا ثانيا تحت الثرى
نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته إنه سميع قريب مجيب الدعاء. قال عز من قائل ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل 97]
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الخروج من المنزل على جنابة؟.. الإفتاء تجيب
أكدت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أنه لا حرج شرعًا في خروج المسلم من بيته وهو على جنابة عند الحاجة، موضحة أن الأفضل والأكمل أن يكون المؤمن دائمًا على طهارة.
واستدلت أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، بحديث نبوي شريف، روي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، قال فيه: "لقيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في أحد الطرق، فانصرفت عنه"، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم بلطف: "أين كنت يا أبا هر؟"، فأجابه: "كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس".
وأوضحت أمينة الفتوى في دار الإفتاء، أن الحديث فيه دلالة واضحة على جواز خروج الجُنب من منزله وقضاء حوائجه والاختلاط بالناس، طالما لم يكن ذلك إلى موضع صلاة أو أداء عبادة تحتاج إلى الطهارة.
حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام النفل.. الإفتاء تجيب
هل يجوز صيام شهر المحرم بالكامل؟.. الإفتاء تجيب
أخاف من الموت فكيف آخذ حذري منه؟ الإفتاء تجيب
العمل والسعي لطلب الرزق.. الإفتاء توضح مفهوم العبادة في الإسلام
هل تجوز الإنابة في صلاة الاستخارة؟ وما كيفيتها؟ .. الإفتاء توضح
هل يجوز قضاء صلاة العشاء الفائتة في الصباح .. دار الإفتاء توضح
وأضافت أمينة الفتوى في دار الإفتاء، أن الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن "الجنب ليس نجسًا في ذاته، وإنما عليه أن يغتسل متى أراد أداء العبادات التي يشترط لها الطهارة، كالصلاة أو الطواف أو مس المصحف"، مشيرة إلى أن الصحابة والتابعين فهموا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمر فيه توسعة ورحمة.
وتابعت أمينة الفتوى في دار الإفتاء "الإنسان إذا اضطُر للخروج من بيته على جنابة بسبب ظرف طارئ أو أمر مهم، فلا إثم عليه، لكن الأكمل والأفضل أن يبادر إلى الاغتسال كلما تيسر له، لأن الطهارة من سمات المؤمن، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحب أن يكون على طهارة في جميع أحواله".
حكم الخروج من المنزل قبل الاغتسال من الجنابةوكان رد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول ما حكم الخروج من البيت على حال الجنابة؟ وهل هذا يجوز أو أنه لا بد من الاغتسال قبل الخروج؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.
وتابعت: فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا، ويجوز له الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه، وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أن الجنب ليس بنجس.
فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وأشارت إلى أن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ قال العلامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" (166، ط. دار الحديث، القاهرة): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويمكن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات، ويقال: إن الأكل على الجنابة يورث الفقر] اهـ.
وأوضحت أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ قال العلامة الشبراملسي الأقهري في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 209، 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
وتابعت: فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها؛ قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (1/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم] اهـ.
وبناءً على ذلك: فلا حرج من خروج الجنب من بيته وهو على حالة الجنابة، ولا إثم عليه في ذلك، وإن كانت المسارعة إلى الطهارة أولى؛ لأن غسل الجنابة لا يجب على الفور، ولا يكون الجنب آثمًا بتأخيره لغسل الجنابة، ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها.