يمانيون:
2025-12-15@05:51:36 GMT

أين وصل الصراع بين ترامب والدولة العميقة؟

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

أين وصل الصراع بين ترامب والدولة العميقة؟

يمانيون../
أولاً؛ مصطلح الدولة العميقة:

كثر الحديث عن مصطلح الدولة العميقة في السنوات الأخيرة، وعلى الأخص منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الأولى بين عامي 2016-2020 بعد أن تعهد علناً بمحاربة “الدولة العميقة”، واستخدم لأجل ذلك تعبير “تجفيف المستنقع”، غير أن هذا المصطلح له جذور تاريخية في مناطق ودول عدة في العالم ولا يقتصر على الولايات المتحدة.

يمكن اختصار مضمون المصطلح على العموم على النحو الآتي: إنه تعبير عن تيار يشمل مجموعة من الموظفين والشخصيات البيروقراطية المتغلغلة داخل دوائر القرار ورسم السياسات، بحيث تتمكن من السيطرة على القرارات المهمة والإستراتيجية في الدولة بغض النظر عن الجهة السياسية والحزبية الحاكمة، وتوجيه تلك القرارات والسياسات بما يخدم مصالحها ورؤيتها. وفي الولايات المتحدة فإن هذه الطبقة تمكنت لعقود من التغلغل والسيطرة وبسط النفوذ داخل أهم مؤسسات القرار الامريكي كالاستخبارات والخارجية و”البنتاغون” والكونغرس وأهم شركات ومؤسسات الإعلام وشركات السلاح والنفط والتكنولوجيا العابرة وغيرها.

ثانياً؛ الجولة الأولى من الصراع:

تمكنت الدولة العميقة من تقييد سياسات ترامب في ولايته الأولى قبل أن تنقلب عليه بشكل كامل وتسقطه في انتخابات العام 2020، واستخدمت لذلك أدوات وأساليب عديدة عملت من خلالها على شيطنته وإحداث اضطرابات داخلية وخارجية لعرقلة توجهاته منذ مقتل فلويد وصولاً لانتشار كورونا، وقضايا اللقاحات، والترويج لقضايا المناخ والطاقات البديلة، وانتهاءً بالتلاعب بالانتخابات واقتحام “الكابيتول”.

وطوال تلك الفترة كان المحرك الرئيسي للصراع قائماً على إصرار ترامب على نقل الولايات المتحدة من العولمة إلى الوطنية وما يعنيه ذلك من تجفيف لمصادر قوة الدولة العميقة التي تعتمد نهجاً يقوم على العولمة والشركات العابرة بما فيها شركات النفط والسلاح، وما ينعكس عنها من حروب تجارية واقتصادية وعسكرية وطاقوية على الصعيد العالمي.

ثالثاً؛ فترة حكم بايدن:

حاولت الدولة العميقة عبر إدارة بايدن لملمة الشظايا الترامبية طوال أربع سنوات على الصعيدين الداخلي والخارجي، وعملت على ترسيخ نفوذها ورسم سياسات داخلية وخارجية تمكنها من الغوص بعيدًا في إستراتيجيات لا يمكن الخروج منها لاحقاً بما يمنع عودة عقارب الساعة للوراء، وكان من أهم إستراتيجياتها على الصعيد الخارجي الحرب الهجينة على روسيا انطلاقاً من أوكرانيا، وحرب الإبادة على غزة بواسطة “إسرائيل” لتغيير الشرق الأوسط، وعلى الصعيد الداخلي كان الهجوم الشرس على ترامب ووضع العراقيل لمنع ترشحه للانتخابات الرئاسية، ومن ثم محاولات مكثفة لمحاكمته في مئات القضايا الجنائية، ثم محاولات عدة لاغتياله خلال حملته الانتخابية، بالإضافة إلى تحريك ملفات عدة كالهجرة غير الشرعية وقضايا الشذوذ الجنسي والإجهاض وغيرها. وبعد فشلها في إسقاطه بالانتخابات الرئاسية عملت الدولة العميقة عبر إدارة بايدن على تكثيف الجهود لتوريثه العديد من الصراعات والملفات الداخلية والخارجية المتفجرة في محاولة لوضع العراقيل في وجهه خلال ولايته الرئاسية وتفخيخها ما أمكن لتفشيله وتشتيت جهوده في مواجهتها.

رابعاً؛ عودة ترامب و الجولة الجديدة:

لم يكن ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية وتمكنه من الفوز بها، والسيطرة على مفاصل القرار في مجلسي النواب والشيوخ، وكذلك في المحكمة الاتحادية العليا تعبيراً عن قوته ونفوذه الشخصي، فالرجل بات يمثل تيارًا واسعاً داخل الولايات المتحدة ونجح إلى حد بعيد في تمرير سردية “الدولة العميقة وخطرها” بين الجمهور الأميركي طوال سنوات، واستخدم خلالها تكتيكاً هجومياً على الصعيد الإعلامي لكسر هيبة مؤسسات حكومية وغير حكومية كانت تعتبر لوقت قريب ذات رمزية كييرة بالنسبة للشارع والمواطن الأميركي أو هكذا جرى تصويرها لعقود، وكمثال على ذلك شاهدنا هجومه العنيف على الشرطة الفيدرالية FBI، والاستخبارات الأميركية CIA، وعلى القضاة، وعلى قنوات إعلامية مشهورة مثل CNN، ووزارة العدل، وعلى وزارة الصحة، وعلى بعض شركات التكنولوجيا الرقمية، وغيرها.

خامساً؛ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والضربة الموجعة للدولة العميقة:

لا شك أن ترامب العائد للبيت الأبيض بات يدرك عوامل ومفاصل قوة الدولة العميقة وأجهزتها على عكس ولايته الأولى، ونظرًا لسيطرة حزبه الجمهوري على مفاصل القرار الأمريكي، إلى جانب تحالفاته مع أحد أهم رجال الأعمال “إليون ماسك”، ومع اللوبي اليهودي في واشنطن، فإن ترامب بات يمتلك هامشاً واسعاً لتوجيه ضربات موجعة للدولة العميقة، ابتدأها بالانسحاب من معاهدة المناخ ومن منظمة الصحة العالمية، وأوقف دعم الأونروا، وفرض الرسوم الجمركية على خصوم وحلفاء واشنطن، وأوقف برامج المساعدات الخارجية، وكل ما له علاقة بالعولمة والنهج الليبرالي، غير أن الضربة الموجعة الأكثر أهمية وتأثيراً تمثلت بتطويع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID التي تمثل واحدة من أخطر الأذرع التي استخدمتها الدولة العميقة لتمرير إستراتيجياتها على الصعيدين الخارجي والداخلي، وبهذا يكون ترامب قد اتخذ قراراً بنقل صراعه مع الدولة العميقة إلى مستوى خطير لا يمكن التنبؤ بعواقبه على اعتبار أن قراره بتصفية الوكالة يشكل أول محاولة حقيقية لهدم أسس الدولة العميقة وقطع أذرعها.

وفي هذا الإطار شنّ إيلون ماسك، المستشار الرئيس للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هجوماً على “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، “USAID”، عبر سلسلة منشورات على حسابه في منصة “إكس”، ووصف ماسك الوكالة بـ”المنظّمة الإجرامية والشريرة”، معتبراً أنّ الوقت قد حان لموتها، وفي منشور آخر، وجّه ماسك تساؤلاً إلى الأميركيين، قال فيه إنّ “USAID، عبر استخدامها ضرائبكم، موّلت أبحاث أسلحة بيولوجية، بينها كوفيد-19 الذي قتل الملايين من الناس، كما اتهم إدارة جو بايدن باستخدام الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بوصفها سلاحاً عبر استغلالها قضايا الإجهاض، وأيديولوجية الهوية، التنوّع والإنصاف والإدماج العالمي، وتغّير المناخ العالمي، والحاجة الدائمة إلى المساعدات الخارجية، ودعم الأونروا، ووصفها بالمنظمة الإرهابية العالمية الأضخم في التاريخ، فيما قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إنّ إدارة ترامب جعلت USAID هدفاً رئيساً في حملتها لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية؛ في وقت تشير تقارير متعددة إلى أنّ ترامب يحاول إغلاق الوكالة، بوصفها كياناً مستقلاً، ونقل عملياتها لتكون تحت إشراف وزارة الخارجية.

من الواضح أن ترامب عاجل ومنذ توليه لمهامه بتوجيه الضربات القاسية للدولة العميقة، كأنه لا يريد إعطاءها الفرصة للتحرك ضده كما حصل في ولايته السابقة، فالرجل كما هو واضح صاحب مشروع وطني بعيدًا عن العولمة، ولا يريد لمشروعه أن يتعرض لانتكاسة، ويبدو أنه اختار المواجهة منذ اليوم الأول، فهل ينجح في تمرير إستراتيجيته أم أن الدولة العميقة ستكون قادرة على إزاحته؟ لا شك بأن الانقسام العمودي والأفقي داخل الولايات المتحكة بدأ ينحو منحى خطيرًا، وبات يمثل سببًا ونتيجة في آن معاً، لصراعات النخب السياسية التي لم تعد تحرم أي نوع من السلاح في المواجهة، فكيف سينتهي الصراع بين تلك النخب، أو بالأحرى كيف سينتهي الأمر بالولايات المتحدة في ظل هذا الصراع العميق؟

* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري ـ محمود الأسعد

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الوکالة الأمیرکیة للتنمیة الدولیة الولایات المتحدة الدولة العمیقة على الصعید

إقرأ أيضاً:

وزراء 8 دول عربية وإسلامية يدينون اقتحام مقر الأونروا .. ويؤكدون: دور الوكالة لا بديل عنه في حماية الفلسطينيين

أكد وزراء خارجية مصر، والأردن، والإمارات، وإندونيسيا، وباكستان، وتركيا، والسعودية، وقطر، على الدور الذي لا غنى عنه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين ورعاية شؤونهم.

وقالوا إنه على مدار عقود، قامت الأونروا بتنفيذ ولاية فريدة من نوعها أوكلها لها المجتمع الدولي، تُعنى بحماية اللاجئين وتقديم خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والمساعدة الطارئة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٣٠٢ لعام ١٩٤٩. 

وأكدت: ويعكس اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار تجديد ولاية الأونروا لمدة 3 سنوات إضافية، الثقة الدولية في الدور الحيوي الذي تؤديه الوكالة واستمرارية عملياتها.

ويدين الوزراء اقتحام القوات الإسرائيلية لمقر وكالة الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، لما يمثله هذا الاعتداء من انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرمة مقار الأمم المتحدة، وهو ما يعد تصعيداً غير مقبول، ويخالف الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٥، الذي ينص بوضوح على التزام إسرائيل كقوة احتلال بعدم عرقلة عمليات الأونروا، بل على العكس من ذلك، تسهيلها.

وواصلت: على ضوء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، يؤكد الوزراء على الدور الأساسي الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية عبر شبكة مراكز التوزيع التابعة لها، بما يضمن وصول الغذاء والمواد الإغاثية والمستلزمات الأساسية إلى مستحقيها بعدالة وكفاءة، وبما يتسق مع قرار مجلس الأمن رقم ٢٨٠٣. 

واستطردت: كما تُعد مدارس الأونروا ومرافقها الصحية شريان حياة لمجتمع اللاجئين في غزة، حيث تواصل دعم التعليم وتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية رغم الظروف شديدة الصعوبة، وهو ما يدعم تنفيذ خطة الرئيس "ترامب" على الأرض وتمكين الفلسطينيين من البقاء على أرضهم وبناء وطنهم.

كما أكد الوزراء أن دور الأونروا غير قابل للاستبدال، إذ لا توجد أي جهة أخرى تمتلك البنية التحتية والخبرة والانتشار الميداني اللازم لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، أو لضمان استمرارية تقديم الخدمات على النطاق المطلوب، وأي إضعاف لقدرة الوكالة سيترتب عليه تداعيات إنسانية واجتماعية وسياسية خطيرة على مستوى المنطقة بأسرها.

 ودعا الوزراء، المجتمع الدولي إلى ضمان توفير التمويل الكافي والمستدام لها، ومنحها المساحة السياسية والعملياتية اللازمة لمواصلة عملها الحيوي في كافة مناطق عملياتها الخمسة.

وشددت على أن دعم الأونروا يمثل ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار وصون الكرامة الإنسانية وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضيتهم وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤.

طباعة شارك وزراء خارجية مصر الإمارات إندونيسيا باكستان المملكة الأردنية قطر

مقالات مشابهة

  • أرحلوا حالًا… الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيين
  • سوريا.. تفاصيل تتكشف عن هجوم تدمر والقوات الأميركية تعزز انتشارها
  • سقوط هجليج
  • اتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة والمكسيك لتقاسم المياه بعد تهديد ترامب
  • أرحلوا حالًا... الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيين
  • ضغوط لحسم الصراع مع إسرائيل وحصر السلاح
  • وزراء 8 دول عربية وإسلامية يدينون اقتحام مقر الأونروا .. ويؤكدون: دور الوكالة لا بديل عنه في حماية الفلسطينيين
  • مادورو يتهم الولايات المتحدة بـالقرصنة.. وترامب يعلن قرب بدء مكافحة تهريب المخدرات برًا
  • دونالد ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لمنع الولايات الأميركية من تطبيق لوائحها الخاصة بالذكاء الاصطناعي
  • الولايات المتحدة تعتزم تفتيش حسابات التواصل الاجتماعي للراغبين بدخولها