عبد الرحمن رشاد: الالتزام باللغة العربية وقضايا الوطن أساس العمل الإعلامي
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
أكد عبد الرحمن رشاد، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، أن العمل في المجال الإعلامي يتطلب التزامًا تامًا باللغة العربية، باعتبارها الوعاء الذي يحمل الفكر والإبداع، مشيرًا إلى أن الحفاظ عليها يُعد أمرًا بالغ الأهمية في الإعلام.
وأضاف رشاد، خلال لقائه في برنامج صباحنا مصري المذاع عبر قناة المصرية، أن من أهم المبادئ التي تعلمها خلال مسيرته المهنية هو الالتزام بالقضايا الوطنية والعربية والدفاع عنها، موضحًا أن الإذاعة المصرية كانت دائمًا سبّاقة في تبنّي ودعم هذه القضايا.
وأشار إلى أن الإذاعة المصرية، منذ نشأتها، حمل مؤسسوها والمبدعون العاملون بها قضايا الوطن في عقولهم ووجدانهم، مؤكدًا أن هذا الالتزام استمر عبر الأجيال المتعاقبة.
واختتم رشاد حديثه بالتأكيد على أن الإعلام المصري ما زال محافظًا على التزامه بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنه شدد على ضرورة الالتزام باللغة العربية وأدائها الصحيح في المحتوى الإعلامي، باعتبارها الركيزة الأساسية لنقل الرسالة الإعلامية بوضوح ودقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإذاعة اللغة العربية الإذاعة المصرية عبد الرحمن رشاد العمل الإعلامي المزيد
إقرأ أيضاً:
«تصفية استعمار العقل»
إنه «ذاك الإيروكو (من أنواع الأشجار الضخمة التي تنبت فـي القارة الإفريقية) العظيم والقوي فـي الكتابة الإفريقية، رمز مقاومة العبودية، والفساد، والمستبدين الأفارقة»، وها هو «ينضمّ إلى أسلافه». هذا ما كتبه الشاعر النيجيري أوغاغا إيفوودو إثر رحيل الكاتب الكيني الكبير نغوجي وا ثيونغو، (يوم 28 مايو المنصرم، فـي الولايات المتحدة الأمريكية عن عمر يناهز السابعة والثمانين عاما). وإن دلّ هذا الكلام على شيء فهو يدل على ذاك الحزن الساطع الذي لفّ مختلف أنحاء العالم الناطق باللغة الإنجليزية (يكفـي أن نقرأ بعض ما جاء فـي صحف تلك البلدان) عقب رحيل وا ثيونغو.
لكن وعلى الرغم من هذه «الصدمة» التي أحدثها الرحيل إلا أن نسبة كبيرة من القراء والمتعاطين فـي الشأن الثقافـي لم يتفاجأوا بتلك التغطية الإعلامية العابرة والتقريبية التي قدمتها وسائل الإعلام الفرنسية التي تعاطت مع الحدث بطريقة متحفظة وبشكل كبير. قد لا يكون ذلك غريبا فـيما لو عرفنا أن المؤسسات الثقافـية هناك (وسائل الإعلام، وعالم النشر، والمهرجانات، والهيئات العامة) قامت بكلّ ما يمكن لها أن تقوم به، منذ أربعين عاما، لضمان تجاهل الجمهور الناطق بالفرنسية بهذا الرجل كما بعمله. زد على ذلك، أن هناك اليوم ما يدفع إلى ذلك بشكل أكبر: قيام بعض البلدان الإفريقية بـ«طرد» وإنهاء كل ما يمت بصلة إلى فرنسا، رافضة ما أسمته الاستعمار الجديد والبحث عن سبل لقيام حكم وطني حقيقي (لنأخذ مثالا على ذلك ما يقوم به إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو الجديد).
فـي واقع الأمر، ومثلما قال أحد مترجمي وا ثيونغو إلى الفرنسية، جان بيير أوربان، فـي مقابلة صحفـية جميلة أجريت معه، يوم وفاة الكاتب (بثها الموقع الإلكتروني لإذاعة فرنسا الدولية): «إن نشر أي عمل من أعمال نغوجي وا ثيونغو باللغة الفرنسية يمثل تحديًا كبيرًا». إذ من الجدير بالذكر أنه على الرغم من مكانة الكاتب الراحل المزدوجة كمفكر فـي مجال «تصفـية الاستعمار» وككاتب أدبي، له العديد من الروايات والمسرحيات والمجموعات القصصية، تمّت الإشادة به باعتباره مرشحا دائما لجائزة نوبل منذ أكثر من عشر سنوات، فإن أي دار نشر كبيرة، هناك، لم ترغب أبدًا فـي الشروع فـي هذه المغامرة، على الرغم من أن عمله يستحق أن ينشر فـي مجموعات رئيسية لما يعرف بالأعمال الكاملة. ومع ذلك، فمن غير المبالغة أن نقول إننا بعيدون كل البعد عن الحقيقة، نظراً لأن جزءاً كبيراً من أعماله الرئيسية لم تتم ترجمتها ببساطة، وأن العديد من الأعمال الأخرى (القليلة) نفدت طبعتها أو على الأقل تستحق ترجمة جديدة.
لقد قرأ معظم الناطقين بالفرنسية الذين يعرفون نغوجي وا ثيونغو مقالته التي كتبها عام 1986 تحت عنوان «تصفـية استعمار العقل»، وهي لم تترجم وتنشر إلا فـي عام 2011 تحت عنوان «إزالة استعمار الروح»، بينما على سبيل المثال أيضا، تُرجمت إلى العربية عام 1987 وقد نقلها الشاعر العراقي الراحل سعدي يوسف وصدرت فـي كتاب عن «مؤسسة الأبحاث العربية»؛ وهي تقع فـي أربعة فصول تُركز بشكل رئيسي على مسألة اللغة التي يُمكن أو ينبغي أن يُكتب بها الأدب الإفريقي الأصيل، كذلك يُوضح فـيها نغوجي تحوله ككاتب، أي تخليه عن الكتابة باللغة الإنجليزية لصالح لغته المحلية الكيكويو، مثلما يتحدث عن الوضع الأيديولوجي العام الذي يجعل اللغات الأوروبية أدواتٍ مُتناقضة فـي أحسن الأحوال، وفـي أسوأها لغات استعمارية جديدة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن هذا الكتاب أساسي، وهو مدرج بحق فـي المنهج الدراسي لجميع الصفوف التمهيدية حول نظرية ما بعد الاستعمار كما جميع الدورات الدراسية فـي الأدب الإفريقي، إذ يتم الاستشهاد به كثيرا مثلما يُناقش بشكل واسع، حتى خارج نطاق الدراسات الأدبية. (تزامن اكتشافه فـي فرنسا، بعد خمسة وعشرين عامًا من نشره، مع اهتمامٍ ناشئ بنظرية ما بعد الاستعمار) فإنه يشبه إلى حدّ ما الشجرة التي تخفـي الغابة. فـي الواقع، تساعدنا هذه المقالة على فهم ليس فقط لماذا اعتبر نغوجي أن أي عمل مكتوب باللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو البرتغالية من قبل كاتب إفريقي يقع تحت عنوان «الأدب الإفريقي -الأوروبي»، ولكن أيضًا نقطة التحول بالنسبة إلى الكاتب الكيني نفسه: إذ إنه بعد أن قدّم مسرحية بلغته الأم، عام 1977 ليتمكن من مخاطبة الفلاحين والعمال، وجد نفسه فـي السجن وصودرت كتبه. فـي زنزانته، كتب روايته الأولى باللغة الكيكويو (على ورق التواليت، كما تقول الحكاية)، لأنه أدرك أنه طالما كتب باللغة الإنجليزية، فلن يتمكن عمله من زعزعة السلطة الاستبدادية لدانيال أراب موي (الرئيس الكيني الأسبق، وأحد دكتاتوريي إفريقيا).
لقد جاء الأمر بمثابة نقطة تحول، إذ أصبح وا ثيونغو، بحلول نهاية سبعينيات القرن العشرين، وبعد خمسة عشر عامًا فقط من مسرحيته الأولى، «الناسك الأسود»، التي كتبها وعُرضت عام 1963 فـي احتفاءات الاحتفال باستقلال أوغندا كاتبًا إفريقيًا رائدًا، وفـي جعبته ما لا يقل عن اثني عشر كتابًا باللغة الإنجليزية، أصبح الكثير منها كلاسيكيات الأدب الأنجلوفوني فـي القرن العشرين. وفـي هذا السياق، اعتبر العديد من النقاد أن نشره ثلاثة كتب باللغة الكيكويو فـي أوائل الثمانينيات، والتي أعقبها كتاب «تصفـية استعمار العقل»، بمثابة شكل من أشكال التخريب الذاتي. فـي حين أنه، ومن خلال إلقاء المزيد من المحاضرات، ولكن أيضًا من خلال التأكد من أنه يترجم نفسه إلى الإنجليزية، نجح نغوجي (الذي تخلى عن اسمه الاستعماري، جيمس نغوجي، فـي أوائل السبعينيات) فـي الحفاظ على رهانه: باستثناء المجلدات الثلاثة التي جاءت عن ذكريات طفولته، إذ إنه كتبها مباشرة باللغة الإنجليزية وقد نُشرت بين عامي 2010 و2016، أما باقي أعماله فقد كتبها فقط بلغة الكيكويو، بينما استمر فـي تأكيد نفسه كواحد من عمالقة الأدب العالمي.