على مدار أكثر من عقد، تقاذفت الأزمة الليبية أمواج المبادرات والمسارات السياسية التي قادتها الأمم المتحدة في محاولة لإنهاء حالة الانقسام السياسي والعسكري، غير أن هذه الجهود لم تثمر حلولًا ملموسة، بل انتهت، بحسب متابعين، إلى طريق مسدود. ومع استمرار حالة التشظي، يجد الليبيون أنفسهم عالقين بين مساعي دولية لحلحلة الأزمة، وصراعات داخلية تعيق أي تقدم نحو الاستقرار.

من الصخيرات إلى جنيف

منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، شهدت ليبيا مبادرات أممية متتالية، إلا أن المشهد ظل يراوح مكانه وسط صراعات يغذيها انتشار الجماعات المسلحة وتباين الولاءات السياسية.

بدأت أولى الخطوات الجادة لحل الأزمة مع توقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب في نوفمبر 2015، بجهود المبعوث الأممي الأسبق برناردينو ليون. ورغم توقيع الاتفاق، غادر ليون منصبه وسط جدل حول مخرجاته، ليتولى خلفه مارتن كوبلر المهمة، حيث سعى إلى تفعيل الاتفاق من خلال تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، واستحداث المجلس الأعلى للدولة كمؤسسة برلمانية ثانية.

في عام 2020، تولت ستيفاني وليامز قيادة المسار الأممي في ليبيا، حيث أشرفت على ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، الذي أسفر عن اختيار محمد المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيسًا لحكومة الوحدة الوطنية. وكان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر 2021، إلا أن هذه الخطوة أُلغيت، مما أعاد المشهد إلى مربع الصفر.

اللجنة الاستشارية.. محاولة جديدة

في فبراير الجاري، أعلنت بعثة الأمم المتحدة عن تشكيل لجنة استشارية مكونة من 20 شخصية ليبية، في خطوة أثارت الجدل حول شرعيتها وفاعليتها.

يرى عضو مجلس النواب علي الصول أن تشكيل اللجنة يمثل تجاوزًا لصلاحيات البعثة الأممية، معتبرًا أنها محاولة لفرض أجندات سياسية على الليبيين بدلًا من دعم التوافق الوطني.

من جانبه، وصف المحلل السياسي محمد الهنقاري اللجنة بأنها “تضم شخصيات ضعيفة وموالية للطغاة”، مشيرًا إلى أنها قد تعمق الأزمة بدلًا من حلها.

طرف جديد للأزمة

أعرب مجلس الدولة عن استغرابه من تشكيل اللجنة دون تشاور مع الأجسام الشرعية في البلاد، معتبرًا أن غياب المعايير الواضحة لاختيار أعضائها قد يزيد الانقسامات ويقوض فرص التوصل إلى توافق وطني حقيقي.

لم تقتصر الانتقادات على الجهات الرسمية، بل امتدت إلى شخصيات سياسية وإعلامية، حيث رأى حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية الأسبق، أن اللجنة تفتقر إلى الكفاءة والحياد، مطالبًا بإثبات فاعليتها قبل الحكم عليها.

أما المستشار السياسي صلاح البكوش، فقد انتقد ما وصفه بضعف الثقل المهني والسياسي لأعضاء اللجنة، معتبرًا أنها تعكس “افتقار المجتمع الدولي للإرادة السياسية الحقيقية لحل الأزمة الليبية”.

في ظل انسداد الأفق السياسي، طرح البعض بدائل أخرى للخروج من الأزمة، حيث دعا السفير الليبي الأسبق لدى أوكرانيا، عادل عيسى، إلى استفتاء شعبي لتحديد المسار الانتخابي، معتبرًا أن هذا هو الحل الأمثل لتجاوز التعقيدات السياسية الراهنة.

المصدر: صحيفة الساعة 24

إقرأ أيضاً:

وكالات أممية تحذّر: مؤشرات الغذاء في قطاع غزة تتجاوز عتبات المجاعة

وكالات أممية تحذّر: مؤشرات الغذاء في قطاع غزة تتجاوز عتبات المجاعة

مقالات مشابهة

  • سفراء أهل البيت السياسي على طاولة الإطار.. تحرك لـحذف واستحداث
  • محاضرة هندسية في حمص تناقش أحدث حلول إعادة تأهيل جسر الرستن
  • من المنزل إلى السفارة.. قائمة أهل البيت السياسي تُعيد الجدل المزمن في العراق
  • نائب: لا ثقة بالانتخابات بوجود المال السياسي
  • وكالات أممية تحذّر: مؤشرات الغذاء في قطاع غزة تتجاوز عتبات المجاعة
  • دارسة: الجسم يستعيد الوزن المفقود بعد أسابيع من وقف أدوية التنحيف
  • من زجاجة إلى قارب.. مبادرات شعبية لإيصال المساعدات إلى غزة (شاهد)
  • المنفي يلتقي وفداً من اتحادات وأحزاب ونقابات لبحث مبادرات كسر الجمود السياسي
  • عاجل | العيسوي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في مأدبا
  • أبو العينين: حزب الجبهة الوطنية يتبنى رؤية متكاملة تتماشى مع مبادرات الرئيس السيسي