تحذير ما قبل الانفجار الشعبي
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
لم يكن البيان الصادر عن البنك المركزي اليمني في عدن مجرد تحذير مالي من خطورة الوضع الاقتصادي، بل حمل في طياته إدانة صريحة لسلطة “المجلس الرئاسي” متهما إياها بالفشل والفساد في إدارة الموارد المالية، وغياب أي خطوات فاعلة لمعالجة الأزمة.
تتجلى أبرز مظاهر الفشل والفساد للسلطة، التي تستمد مشروعيتها فقط من الاعتراف الدولي، في عدم توجيه الإيرادات بشكل صحيح، وغياب الرقابة، واستمرار تحصيل الموارد في قنوات خارج سيطرة البنك المركزي، مما أدى إلى تعميق الأزمة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
لم يعد بإمكان السلطة تبرير الانهيار بتوقف صادرات النفط، خاصة بعدما أكد البنك تقديمه مقترحات لمعالجة الأزمة وتقليل آثارها على الرواتب والخدمات الأساسية، لكنها قوبلت بالتجاهل، ما أدى إلى مزيد من التدهور الاقتصادي.
علاوة على ذلك، لم تتخذ السلطة أي إجراءات حقيقية للاستفادة من الموارد السيادية المتاحة، بل تركتها عرضة للهدر، في وقت كان يمكن فيه التخفيف من حدة الأزمة عبر تعزيز الإيرادات المحلية، وهذا يكشف عن غياب رؤية اقتصادية واضحة.
واحدة من أخطر القضايا التي كشفها البيان، هي أن الإيرادات الحكومية لا تُحوَّل إلى الحساب العام في البنك المركزي، بل تُجمع في أوعية مالية غير رسمية أو حسابات خاصة، ما يشير إلى انتشار الفساد المالي وغياب الرقابة الحكومية، ولذلك شدد البنك على ضرورة وقف هذه الممارسات غير القانونية، وإلزام الجهات الحكومية بتوريد جميع الإيرادات إلى البنك المركزي لضمان توزيعها وفق الأولويات الوطنية.
لم يكتفِ البنك بالإشارة إلى تحصيل الإيرادات خارج إطار الدولة، بل أكد أن الموارد المتاحة لم تُستخدم وفق الأولويات الصحيحة، فقد أدى غياب التخطيط المالي إلى فوضى في الإنفاق العام وانهيار الخدمات الأساسية.
هذا البيان يضيف دليلا آخر على الفساد بعد تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والذي لم تنشر منه السلطة سوى جزءا بسيطا، كما يؤكد أن الفساد هو المشكلة الرئيسية وليس قلة الموارد رغم أن الأخيرة مشكلة أيضا.
ومما ينبغي الإشارة إليه في بيان البنك هو حديثه عن قضية في غاية الخطورة، وهي الغياب شبه الكامل للمسؤولين عن معالجة الأزمة الاقتصادية، ما يعكس ضعف الإرادة السياسية ووجود صراعات داخلية تعّطل اتخاذ قرارات حاسمة.
في ظل هذا المشهد القاتم، يتصاعد السخط الشعبي مع استمرار التدهور الاقتصادي وغياب أي تحرك جاد من السلطة لمعالجة الأزمة.
المؤسف في هذا السياق هو ضعف الدور الفاعل للنقابات المهنية والعمالية، التي تقتصر أنشطتها على حدود غير مؤثرة، والأسوأ من ذلك، أن الأحزاب، وخصوصا تلك التي كانت في صف المعارضة وانضمت إلى ثورة 11 فبراير 2011 بذريعة محاربة الفساد والفشل، عملت على تدجين الرأي العام، مما يكشف أن هدفها لم يكن الإصلاح والتغيير، بل الحصول على نصيب أكبر من السلطة.
إذا استمر الوضع على هذا النحو، وهو المرجح، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار العملة وارتفاع معدلات الفقر والتضخم، وربما تصاعد موجة الغضب الشعبي، مما قد يعيد رسم موازين القوى في المشهد السياسي اليمني.
بيان البنك المركزي ليس مجرد تحذير، بل هو اختبار حقيقي للسلطة: إما اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد، أو مواجهة تداعيات قد تكون كارثية على المستويين السياسي والاقتصادي.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةذهب غالي جدا...
نعم يؤثر...
ان لله وان اليه راجعون...
اخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
اشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيين
كشف فتح الطرقات بين مناطق اليمن المحررة وغير المحررة مؤخرا، زيف ادعاءات الحوثيون الذين ظلوا يغلقون هذه الشراين الإنسانية تحت ذرائع عسكرية واهية.
ومع فتح معبر الضالع الرابط بين عدن وصنعاء الأيام الماضية بمبادرة من المجلس الانتقالي الجنوبي، اتجهت الأنظار صوب أكثر من 17 طريقا حيويا في 7 محافظات لازال الحوثيون يغلقونها عمدا وشاهدة على سياسة حصار ممنجهة.
تبرز من بين هذه الشرايين المقطوعة، الطريق الدولي الجراحي - حيس والخط الساحلي في الحديدة وطرقات تعز المحاصرة وطرق أبين - البيضاء عبره ثره والحلحل وطرق شبوة - البيضاء وطريق لحج - تعز وهذا الأخير تجري مفاوضات من أجل فتحه.
وتغلق مليشيات الحوثي هذه الطرقات الداخلية، أما بدعوى قربها من خطوط التماس الملتهبة، أو كأداة لمنع خصومها من الوصول إلى مناطق استراتيجية في استغلال واضح لمعاناة المدنيين.
وكانت مليشيات الحوثي فتحت في يونيو/ حزيران 2024, معبر يتيم إلى مدينة تعز المحاصرة للمرة الأولى منذ 9 أعوام في خطوة أعتبرت "رفعا جزئيا للحصار" وطريقا آخر إلى مأرب بالإضافة لفتح طريق مريس بالضالع مؤخرا وهي خطوات وإن كانت "إيجابية" فإنها لا ترقى لحجم المأساة ولا تعكس صدق النوايا، وفقا لمراقبين.
> ترحيب شعبي
حظي إعادة فتح الطريق الرابط بين الضالع و إب وصنعاء بجهود حثيثة للسلطات المحلية في الضالع، بترحيب حكومي وشعبي وسياسي باعتبار أن حرية التنقل حق أساسي لكل يمني.
وبحسب فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بمحافظة إب فقد "استمر الحوثيون في انتهاك حق التنقل لليمنيين بإغلاق الطرق وفق سياسة انتقامية ممنهجة، ما زاد من معاناة المواطنين، وعرقل التواصل بين المحافظات، وحرم الناس من حقهم في التنقل بأمان وسهولة".
من جهته، رحب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، بإعادة فتح طريق الضالع، وهو طريق رئيسي يربط مناطق محورية بين عدن وصنعاء، حيث ظل مغلقاً منذ عام 2018 نتيجة النزاع المستمر.
وأكد أن "إعادة فتح الطريق تمثل انفراجة عملية من شأنها أن تُخفف معاناة عدد كبير من اليمنيين من خلال تقليص وقت السفر وتحسين حركة التنقل ونقل البضائع على مستوى البلاد".
وتعليقا على فتح طريق مريس، أكد مدير الإعلام والعلاقات العامة في قعطبة بمحافظة الضالع علي عميران أن الخطوة "لاقت ارتياح كبير من المواطنين ومثلت بداية لمرحلة جديدة من التعاون والتواصل بين مناطق اليمن".
وأكد عميران لـ"نيوزيمن" أن "طريق عدن الضالع صنعاء من جهة مريس أصبح سالكًا بشكل آمن أمام قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية وحركة تنقل المواطنين والمركبات":
وحول أهمية فتح الطريق، يرى المسؤول الإعلامي أنها "تمثل خطوة استراتيجية هامة بعد 7 سنوات من الاغلاق، حيث ستسهم في تخفيف معاناة آلاف المواطنين، الذين اضطروا خلال الفترات الماضية إلى استخدام طرق جبلية وعرة سيرًا على الأقدام أو عبر مسارات طويلة من خلال التنقل عبر محافظات اخرى ما كان يتسبب في أعباء مالية مرهقة ويستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى وجهاتهم".
وتُعتبر إعادة فتح الطريق نقطة تحول هامة في تحسين الحياة اليومية للمواطنين، حيث سيساعد على تسهيل حركة الأفراد والبضائع، وتنشيط التجارة، ودعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، في ظل الأوضاع الصعبة التي شهدتها اليمن، وفقا لعميران.
> تعنت حوثي رغم المناشدات
وكان آخر هذه المناشدات، مبادرة قدمها منتدى تهامة الدولي للثقافة والسلام والحقوق والحريات في مناطق الانقلابيين، لمحافظ الحديدة التابع للحوثيين عبدالله عطيفي لفتح طريق الجراحي - حيس - الساحل - الخوخة جنوبي المحافظة.
وأكد المنتدى في مبادرته أهمية فتح الطرقات في تعزيز الترابط المجتمعي ولما تمثله شبكة الطرق من شريان حياك تربط يين أبناء الوطن الواحد، وتعزز التواصل والتكافل الاجتماعي، وتسهم في تقوية العلاقات المجتمعية والقبلية.
وكان نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح تقدم بمبادرات عديدة لفتح طرقات الحديدة - تعز لكن مليشيات الحوثي ردت برفضها رغم أنها خطوة إنسانية لتخفيف معاناة المواطنين، وخصوصا المرضى وكبار السن والطلاب والنازحين.
في جبهة ثره بمحافظة أبين، حيث تتداخل الجغرافيا بالنسيج القبلي، أبدت المقاومة الجنوبية انفتاحها لأي توجيهات عليا لفتح الطريق الاستراتيجي والذي يعتبر شريان حياة لمحافظتي البيضاء وأبين خصوصاً وأن المناطق التي تقع في الحدود تعتبر من قبيلة واحدة وهي قبيلة العواذل التي تقطن مديرية مكيراس ولودر.
وأكد قائد المقاومة الجنوبية في جبهة ثره طه حسين أن الطريق من قبل المقاومة مفتوح منذ 3 أعوام "ولكن للأسف لم نلمس أي تجاوب فعلي من مليشيات الحوثي التي ترفض نزع الألغام من كافة الأماكن لضمان سلامة المواطنين وترفض السماح للمدنيين بالرجوع منازلهم وعدم وضع حواجز لجباية الأموال".
ويرى مرقبون أن فتح الطرقات خطوة إنسانية واقتصادية من شأنها أن تساهم في "بناء الثقة" وتتطلب "تشديدات أمنية لمنع تسلل عناصر الحوثيين للمناطق المحررة وضرورة بناء قاعدة بيانات مشتركة ومكافحة استغلالها في الابتزاز المالي، لتكون بحق جسور للسلام لا معابر للاستغلال.