أوقات رمضانية مُصمَّمة بعناية
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
سعيد الشنفري **
لطالما كان الإفطار أكثر من مجرد وجبة، فهو لحظة تجمع الناس، وتمنحهم فرصة للتأمل والتواصل. ولكن على مر السنين، شهدنا تحولًا ملحوظًا في الطريقة التي تنظر بها الشركات إلى هذه المناسبة. لم يعد الأمر يقتصر على حجز طاولة في مطعم أو تخصيص مساحة من باب التقليد، بل باتت الشركات تسعى إلى تجربة أكثر عمقًا، تجربة تعكس هويتها وقيمها.
هذا التحول لا يتعلق فقط بما يُقدَّم على المائدة، بل يشمل التجربة بأكملها. اليوم، لم تعد الشركات تركز على الجوانب اللوجستية فحسب، بل تولي اهتمامًا كبيرًا للأثر للترابط العاطفي والاجتماعي لهذه التجمعات. لم يعد الهدف مجرد استضافة إفطار جماعي، بل بات التركيز على خلق أجواء دافئة ومريحة حيث تنساب الأحاديث بسلاسة، ويشعر الجميع بتميز اللحظة. لهذا، يتجه عدد متزايد من الشركات نحو تنظيم إفطارات مُصممة بعناية، تعكس شخصيتها الفريدة سواء من خلال قوائم طعام معدّة خصيصًا، أو لمسات تحمل بصمة العلامة التجارية، أو تصميمات مدروسة للمكان، أو حتى اختيار مواقع تعزز من التجربة بدلاً من مجرد استضافتها.
ومن غير المفاجئ أن تحظى الأماكن الخارجية بشعبية متزايدة، خاصة مع عودة رمضان إلى الأشهر ذات الطقس المعتدل في عُمان، هناك سحر خاص في الإفطار تحت السماء وفي الهواء الطلق؛ حيث يتغير الإحساس بالمكان والزمن.
لقد لمستُ ذلك بنفسي، كيف يمكن لتغيير بسيط في الموقع أن يشجع الناس على التمهل، والاستمتاع باللحظة بكل تفاصيلها. هذا ما نقدمه هذا العام في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض من خلال "ليالي العرفان"، وهي تجربة إفطار خارجية تهدف إلى جمع الناس في أجواء دافئة وترحيبية، حيث تمتزج روح الشهر الكريم بجمال الطبيعة.
لكن الأمر لا يقتصر على قطاع الشركات فحسب، بل يشمل أيضًا تغيّر عادات الزائرين أنفسهم. فقد أظهرت دراسة حديثة أن سكان المنطقة أصبحوا يبحثون عن تجارب طعام أكثر تفاعلية ومجتمعية، أماكن تُشجِّع على الحوار وتمنحهم فرصة للخروج من روتين الحياة المتسارع، هذا التوجه ينعكس في نهج الشركات عند تنظيم إفطاراتها؛ حيث أصبح التركيز على تعزيز التواصل بين الأفراد بدلاً من مجرد استضافة تجمع رسمي، ففي نهاية المطاف، لم يكن الإفطار يومًا مجرد وجبة، بل هو مناسبة تجمعنا بمن نحب.
ومع استمرار تطور الطريقة التي تحتفل بها الأوساط المؤسسية بشهر رمضان، تبقى هناك حقيقة واحدة لا تتغير: أهمية الاجتماع بنية صادقة. ولعل هذا التحول يعكس جوهر ما يجعل الإفطار الرمضاني تجربة لا تُنسى. فعندما نُخصِّص الوقت لصناعة لحظات ذات معنى، فإنها لا تمر مرور الكرام؛ بل تبقى محفورة في ذاكرتنا دائمًا.
** الرئيس التنفيذي لمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
النصر لنا لا للظَلَمة
علیٰ مدیٰ إسبوعين كاملين منذ وصولي إلیٰ مطار بورتسودان توقفت فيهما عن الكتابة عدا مقال يتيم وسمتُه ب(ثمَّ شَقَّتْ هدأةَ الليل رُصاصة) إكتفيتُ بالقراءة والإستماع والإستمتاع بصحبة الأهل والأحباب والأصحاب، وجُبْتُ بلادي من الشرق إلیٰ الشمال إلی الوسط، ورأيتُ بأم عينی، الحياةَ وهي تسير سيرها العادي، وقد إكتنفت الناس روح التحدي والإصرار علی هزيمة مليشيا آل دقلو الإرهابية، هزيمة ساحقة ماحقة لا تُبقي منهم باقية، هم ومن وَالاهُم، من العملاء ومن بغايا دويلة البغي والشر والعدوان.
من المُلاحَظ إن مفردات ثقافة التحدي والقوة قد انداحت في جميع الأوساط، فتجد منها العبارات المكتوبة علی السيارات، جيشٌ واحد، شعبٌ واحد، أمن ياجِن، براٶون يارسول الله، مورال فوق، تدوين عشوائي، وجوووه ليك، وفَتِك ومَتِك وجَغِم، شرك أم زريدو، كسح ومسح، جيبو حي، قول باااع، لقيت المعاملة كيف،كل ذلك تراه بين كل لحظة وأخریٰ وأنت مسافر علی الطرق القومية التي إزدحمت بمختلف أنواع السيارات وفي الإرتكازات المنتشرة علی مسافات محسوبة، ومناطق حاكمة لا تستطيع السيارات تفاديها أو تجاوزها، وعلم السودان بمختلف المقاسات يعلو المباني والسيارات، ويزين صدور من يرتدون الميري من جنود ومستنفرين أو قوات مشتركة، فعلمت كيف ينهض شعبنا من تحت الرُكام والرماد، وكيف يغسل ليل الأسیٰ بنور الفجر الذی يلوح من كل مكان.
كل الذي يُقال عن سوء الأوضاع بعد الحرب، لا يعدو أن يكون مجرد تشاٶم المتشاٸمين، أو إشفاق المشفقين، أو إرجاف المرجفين، أو دعايات المغرضين، لكن بالمقابل تجد تفاٶل المتفاٸلين، وقناعات المٶمنين بأن الله لا يضيع أجر الصابرين وإنما يُوَفَّیٰ الصابرون أجرهم بغير حساب، وتجد إيمان الوطنيين بالسودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون .
وجاء قرار تعيين السيد الدكتور كامل إدريس رٸيساً لمجلس الوزراء، ثم قرار إلغاء إشراف السادة أعضاء مجلس السيادة علی الوزارات، دليلاً علی خطوات التعافي من أوزار الحرب كما جاء تعيين الفريق الركن آدم هارون إدريس، مفوضاً عامَّاً لمفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وهو من أبرز رجال القيادة والسيطرة والذی أبلیٰ بلاءً حسناً فی حرب الكرامة وقدَّم فلذة كبده شهيداً فی ساحات الفداء، إذاً فان تعيينه فی هذا الموقع يشير بقوة إلیٰ إنكسار قوة مليشيا آل دقلو الارهابية وأُفول شمسها، وإلَّا لما كان للقيادة أن تكلف الفريق الركن آدم هارون بأی مهام خارج غرف القيادة والسيطرة.
ونحن نریٰ قادة المليشيا يتساقطون كما الذُباب علی اللبن، بعد ما حَسِبوا إن الجيش مجرد لبسة ميري ودبابير بلا عِلِم، وأن الحرب مجرد (جَاغَتْ) وأن حديد البوكسي هدف!! وإن السُلاح الأمريكي سيحسم المعارك، حتی صدقت فيهم تلك الطُرفة التي تقول: بأن إمرأة عجوز كانت تبحث عن قبر أحد أقاربها وسط شواهد المقابر فمر بها شاب يعتمر طاقية حمراء، فطلبت منه المرأة أن يقرأ لها الإسم المكتوب علی شاهد أحد القبور، فقال لها الشاب أنا مابعرف القراية، فقالت له المرأة بی طاقيتك السمحة دی وما بتعرف تقرأ !! فما كان من الشاب إلا واْن خلع الطاقية ووضعها علی رأس المرأة، وقال لها (خلاص أقرِی إنتی!!)
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمِنعة لشعبنا المقاتل
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب