ما حكم التأمين على الحياة؟.. الأدلة على إباحته من الكتاب والسنة
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الشرع في التأمين على الحياة؟ وما مدى توافقه مع أحكام الشريعة الإسلامية الغَرَّاء؟
حكم التأمين على الحياةوقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن التأمين على الحياة أمرٌ جائزٌ شرعًا، وهو في جملته تكاتُفٌ وتكافُلٌ وتعاوُنٌ على البِر والإيثار، وجارٍ على أصول مكارم الأخلاق التي تتلاقى معانيها ومقاصدها معَ ما وردت به الشريعة الإسلامية من مواقف وتوجيهات تَجلَّى فيها روح التعاون والمواساة عند توقع الخطر والتماس طرق الوقاية منه.
وحثَّ الشرعُ الشريفُ المسلمين على التراحمِ والترابطِ والتعاون فيما بينهم، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» متفق عليه مِن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، إلى غير ذلك مِن النصوص الواردة في هذا الباب، و"فائدة التعاون: تيسير العمل، وتوفير المصالح، وإظهار الاتحاد والتَّنَاصُر حتى يُصبح ذلك خُلُقًا للأُمَّة"، كما قال شيخ الإسلام الطاهر بن عَاشُور في "التحرير والتنوير" (6/ 88، ط. الدار التونسية).
ووقد وضعَ الشرعُ للناسِ نظامًا اجتماعيًّا قويمًا، يُسهِمُ في سدِّ حوائجِ المحتاجين وتفريجِ كرباتهم، فأوجبَ الزكاة مثلًا وجعلَهَا مِن أركانِ الدِّين، وحثَّ على الصدقات وبيَّن أنها مِن أعظمِ أبوابِ الخيرِ وأفضل صور التكافل والتعاون.
ومن صور التكافل والتعاون في عصرنا الحاضر: ما يُعرف بـ"التأمين"، وهو عبارةٌ عن "عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغًا من المال، أو إيرادًا مرتبًا، أو أي عِوَضٍ ماليٍّ آخر، في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المُبَيَّن بالعقد، وذلك في نظير قسطٍ أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن"، كما عَرَّفَتْهُ المادة (747) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.
أدلة التأمين على الحياةوذكرت دار الإفتاء أن التأمين على الحياة بهذا الوصف عقدٌ جائزٌ شرعًا بعموم الأدلة الشرعية من الكتاب والسُّنة:
أمَّا الكتاب فقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وكلمة "العقود" عامةٌ تشمل كلَّ عقد، ومنها عقد التأمين على الحياة وغيره، ومن المقرر أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم.
وأوضحت أن هذا الأصل هو ما يتوافق مع مقاصد الشرع الشريف مِن تحقيق مصالح العباد والتيسير عليهم ورفع الحرج عنهم، ولا فرق بين كون هذه العقود موروثةً منصوصًا عليها، كالبيع والشراء والإجارة وغيرها، أو كونها مستحدَثَةً لم تتناولها النصوص بالذكر والتفصيل على جهة الخصوص كما في عقد التأمين، ما دامت تلك العقود خالية من الضرر والغرر، وتُحقق مصالح أطرافها.
وأمَّا السُّنة: فقد روي عن عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّمْرِيِّ قال: شهدتُ خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمِنًى، وكان فيما خَطَب: «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والدارقطني والبيهقي في "السنن".
فجَعَل سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم طريقَ حِلِّ المال أن تسمح به نفسُ باذِلِهِ من خلال التراضي، والتأمين يتراضى فيه الطرفان على أخذ مالٍ بطريقٍ مخصوصٍ لا غرر فيه ولا ضرر، فيكون حلالًا.
وجرى العرف على التعامل بهذا النوع من العقود، وكما هو مقرر أن العرف معتبرٌ شرعًا ومصدر من مصادر التشريع، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، ولما ورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء حكم التأمين على الحياة التأمين على الحياة أحكام الشريعة المزيد التأمین على الحیاة دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
كيف أتغلب على الشكوك في الدين؟.. أمين الفتوى يجيب
أجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول كيفية التغلب على الأفكار والوساوس التي تشكك الإنسان في دينه.
وأوضح أمين الفتوى خلال لقاء تلفزيوني اليوم، أن أول وأهم خطوة هي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، مصحوبة بكثرة ذكر الله سبحانه وتعالى، وترديد عبارة "لا إله إلا الله"، حيث إن تكرار هذا الذكر يعد ضمانًا للثبات على دين الله وعدم التزعزع عن صحيح العقيدة.
وأضاف الشيخ أحمد وسام أن على الإنسان عدم الانشغال كثيرًا بالعقليات الوسواسية، بل ينبغي شغل النفس بأنشطة مفيدة، سواء كانت مشاغل دنيوية مباحة أو رياضة أو أي انشغالات إيجابية، لأنها تساعد على إخراج الإنسان من دائرة التفكير السلبي والوساوس التي تحاول التشكيك في الدين
ودعا بأن يرفع الله عن المسلمين هذه الشكوك والوساوس، سواء كانت من الشيطان أو من النفس الأمارة بالسوء، وأن يمنّ على الجميع بالعافية والعفو.
كيف ننجو من نزغ الشيطان عند الغضب
قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن علم النفس يصف حالة الغضب الشديد بأنها فقد جزئي للوعي؛ حيث يفقد الإنسان جزءًا من إدراكه، ويحدث نقص واضطراب في التصرف والسلوك، ويختل إرسال الإشارات العصبية من المخ لباقي الجسد، مما يجعل الشخص يتصرف بشكل غير منضبط.
وأوضح خلال لقاء تلفزيوني، اليوم الاثنين، أن على الإنسان عند أول لحظة غضب أن يحاول ـ قدر استطاعته ـ إيقاف الغضب بشياكة وهدوء وذوق، وأن يخرج من دائرة الانفعال، وأن يسأل الله الهدوء والسكينة والسلام.
وأضاف الدكتور قابيل أن القرآن الكريم وضع منهجًا واضحًا للتعامل مع الاستفزاز، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾، مبينًا أن الإنسان قد يتعرض لمن يخوض في عرضه، أو يحاول استفزازه، أو يخرج منه الشحنات السلبية.
وقال إن هذا يحدث كثيرًا داخل الأسرة تحت شعار "هجيب آخره"، وهو تصرف لا يحمل مودة ولا رحمة من الطرفين. لذلك نصح بأن يقول أحد الزوجين للآخر عند بداية التوتر:
"لو بتحبني بجد.. ادّينا فرصة نص ساعة نهدأ ونكمّل كلامنا بعد شوية".
وأشار إلى أن الابتعاد المؤقت عن مكان الخلاف بشياكة واحترام ضروري، خاصة بين الزوجين داخل البيت، موضحًا أن الأمر يختلف إذا كان الإنسان بين أصدقاء أو في الشارع أو في موقف طارئ.
وأكد أن الموروث المصري عبّر عن هذا المعنى بقوله: "ينفد بجلده"، أي يخرج من المكان الذي يكثر فيه عدم التقدير والعصبية والنرفزة.