«موريس بيرل»، مليونير أمريكى له خبرة كبيرة فى الأسواق المالية الأمريكية والعالمية.

شغل من قبل منصب العضو المنتدب فى شركة «بلاك روك» الأمريكية، وهى واحدة من أكبر شركات إدارة الأصول فى العالم، وشمل عمله تقييم الخسائر المحتملة للحكومات من عمليات إنقاذ البنوك فى الولايات المتحدة وأوروبا.

يرى «بيرل» أن رفع الأجور لا يمثل إلا وجه العملة الأول، أو نصف معادلة الحل الذى يمكن أن يعيد جزءاً من العدالة المفقودة إلى المجتمع الأمريكى.

أما النصف الآخر من المعادلة، والوجه الآخر للعملة، فكان فى كتاب آخر أصدره هو ومجموعته حمل عنوان: «ارفعوا الضرائب على الأثرياء!».

وكان ذلك الكتاب هو الذى حمل بذرة الفكرة التى يتبناها المليونيرات الوطنيون الذين جسدوا شعار «ابدأ بنفسك»، مطالبين «الكونجرس» الأمريكى منذ عام ٢٠١٠ بزيادة الضرائب عليهم وعلى أمثالهم من أصحاب الملايين لصالح المجتمع الأمريكى.

كان ذلك الكتاب فرصة نادرة للنظر داخل عقل «مليونير» قرر أن يصف نفسه بأنه «وطني»، لشخص جمع بين حب الثراء (الذى لا ينكره «بيرل»)، وبين حب الوطن، عندما يفكر شخص ما فى الجمع بين المصلحتين، المادية والوطنية، فإن نموذجاً آخر ينشأ عن هذا الأمر، صورة أخرى مختلفة ونمط تفكير مميز ينظر إلى حقائق الأشياء ويرى النتائج المترتبة عليها بصورة تختلف عما يراه أصحاب المال فقط، أو أصحاب الوطنية فقط.

ينشأ ساعتها عندنا نموذج «المليونير الوطنى» الذى يبدو أكثر أهمية فى دراسته وفهم تفكيره ودوافعه، وما يريده وما يحركه، أكثر من دراسة تحليلاته الاقتصادية التى قد يتفق البعض معها أو يختلف، يراها واقعية أو حالمة، قابلة أو غير قابلة للتطبيق.

إنه الإنسان الذى يحرص على مصلحته لكنه يأخذ أيضاً مصلحة الآخرين فى الاعتبار، ويفعل ذلك دون مطالبة أو ضغط من أحد، بل إنه هو من يطالب بالسماح له بدعم الآخرين.

كانت اللحظة الفارقة فى حياة «موريس بيرل»، التى جعلته يتخذ قراره بتحويل مسار حياته، من أحد أثرياء بورصة «وول ستريت» الأمريكية، إلى «مليونير وطنى» يقود حركة كاملة فى البلاد، هى اللحظة التى رأى فيها ما يحدث حقاً على الأرض، من وراء الزجاج الهش لقاعات المؤتمرات الاقتصادية، بعيداً عن صخب البورصات المالية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً فى اليونان.

فى ذلك اليوم، كان «بيرل» يتناول الغداء أثناء لقاء جمعه ببعض رجال البنوك فى اليونان خلال عمله فى مؤسسة «بلاك روك».

وعندما ألقى نظرة من زجاج النافذة وجد حشوداً من الناس يسيرون فى اتجاه البرلمان اليونانى، كما عرف فيما بعد، فى مظاهرات احتجاجية. نظر «بيرل» إلى المشهد للحظات قبل أن يطرح على نفسه تساؤلاً مهماً: «هل ما أقوم به يقدم أى نفع لأى شخص فى اليونان، غير رجال البنوك الذين كنت أتناول الغداء معهم؟».

ويواصل: «كانت تلك واحدة من لحظات الوضوح التام التى مررت بها فى حياتى، وبعدها بفترة قصيرة، شعرت أننى قد قمت بما يكفى وبكل ما يمكننى القيام به من أجل حاملى الأسهم فى شركة «بلاك روك» لإدارة الأصول (التى كنت أشغل منصب العضو المنتدب فيها)، ثم استقلت من وظيفتى لأصبح رئيس مجلس إدارة مجموعة (المليونيرات الوطنيين) كمتطوع بدوام كامل».

فى تلك اللحظة تحول رجل الأعمال الذى كان يحرص على مصلحة حملة الأسهم قبل غيرهم، إلى رجل يسعى لإحداث تأثير فى السياسات الاقتصادية التى تمس حياة الجميع. بدأت الصورة فى عينه تصبح أكثر وضوحاً، واتسعت رؤيته لتشمل طبقات أخرى تحيا فى المجتمع الأمريكى، بعد أن كانت قاصرة على طبقة واحدة تجلس على قمته.

لم يعد المليونير الأمريكى الوطنى معزولاً وراء زجاج قاعات المؤتمرات الهش الذى يمكن أن ينكسر بطوبة طائشة من جموع غاضبة، ولم تعد تلك الجموع مجرد أرقام على الورق فى اجتماعه التالى مع حملة الأسهم فى شركته.

صاروا أشخاصاً لهم حقوق، وعدالة لا بد أن ينالوها حتى لا يتحولوا إلى مصدر للخطر على المليونيرات من أمثال «بيرل» نفسه.

يذكر «بيرل» تقريراً نشرته مجلة «نيويوركر» الأمريكية ذائعة الصيت حول مجموعة من المليارديرات الذين قرروا بناء «مخابئ» على أعلى مستوى من الرفاهية فوق جزرهم الخاصة لتحميهم من أى هجوم حتى لو كان هجوماً بالقنابل عليهم. نوع من الأماكن المعزولة المجهزة على أحدث طراز لحمايتهم من أى سيناريو متوقع لـ«نهاية العالم» كما يعرفونه.

وعلى ما يبدو، كانت «نهاية العالم» التى يخشونها أكثر من غيرها هى نوع من هجوم الطبقات الفقيرة والمهمشة فى المجتمع على الطبقات العليا فيه.

يقول «بيرل»: «شعرت بالغضب وبالحزن نوعاً ما لهذا الأمر. إن هؤلاء الناس مستعدون لدفع ملايين الدولارات لكى يعيشوا مستريحين ومرفهين خلال الفترة التى قد ينهار فيها المجتمع بأكمله. لكن السؤال هنا هو: كم واحداً منهم قد دفع الكثير أو حتى القليل لكى يغير الأسباب التى أدت إلى وجود هذا التهديد فى المقام الأول؟. كم واحد من هؤلاء الأثرياء لديه استعداد للاعتراف بأنه قد ساهم بشكل ما فى وجود تلك الحالة الاجتماعية التى تثير مخاوفه اليوم؟».

أقول للأثرياء أمثالى حول العالم: لا يمكنكم الجلوس والاستمتاع بثرواتكم بينما ينهار العالم من حولكم نحو الفقر والفوضى واقرأوا كتب التاريخ

ويتابع: «ربما كانت قراءة عناوين الأحداث كافية لإصابة المرء بالإحباط. إلا أن هذا لا يعنى أننا فقدنا كل شىء. ما زال أمامنا الكثير لنقوم به. لكن الأمر سيكون فى غاية الصعوبة لو أن أمثالى من المليونيرات والمليارديرات رفضوا أن يكونوا جزءاً من الحل، أو أن يكفوا على الأقل عن زيادة مشكلاتنا سوءاً. إننى أطالبهم بألا يدفنوا رءوسهم فى الرمال وأقول لهم: أنتم تدمرون البلاد، بلادنا، بلادى أنا. كل الناس، بمن فيهم نحن الأثرياء، سوف ندفع الثمن غالياً ما لم نعدل مسارنا الآن.

إننى أوجه تحذيراً لأمثالى من الأثرياء فى الولايات المتحدة وحول العالم: لا يمكنكم الجلوس والاستمتاع بثرواتكم فى الوقت الذى ينهار فيه باقى العالم من حولكم نحو مزيد من الفقر والفوضى. اقرأوا كتب التاريخ لكى تتأكدوا أن اختلال المجتمع لا يصب فى صالح الأغنياء كذلك، وهناك عشرات الأمثلة لما يحدث فى المجتمع عندما يملك الكثير جداً فيه ما هو قليل جداً، فى الوقت الذى تملك فيه فئة قليلة جداً الكثير جداً. وأود أن أسألكم: هل تعتقدون أن بإمكانكم فعلاً حماية أنفسكم من حشود الناس الغاضبة والجائعة؟.

لن أعتمد على قدرة الحوائط والحواجز على إبقاء الخطر بعيداً عن أسرتى.. خاصة فى أمريكا التى يزيد عدد الأسلحة فيها على عدد الأفراد

أنا شخصياً لن أعتمد على قدرة الجدران وحوائط الصد على إبقاء العالم بعيداً عنى لوقت طويل، خاصة إذا كنت أحيا فى بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، يزيد عدد الأسلحة الموجودة فيه على عدد البشر (مواطنو أمريكا يملكون ٣٩٣ مليون قطعة سلاح حالياً. أى إن هناك ١٢٠ قطعة سلاح فى يد كل ١٠٠ مواطن أمريكى)».

يحرص «بيرل» على التأكيد على أنه رجل يحب المال، ويحب كونه ثرياً، فهو لا يدعى المثالية، ولا ينكر أيضاً أنه شخص يحرّكه دافع الطمع نحو الأكثر، مثله مثل أى شخص آخر. لكنه يضيف: «أنا فقط أطمع أيضاً فى بلاد من نوع آخر، يوجد فيها إحساس أكبر بالإنصاف لكى نحيا فيها أنا وعائلتى. أطمع فى بلاد تزدهر فيها الأعمال الجيدة ويحظى فيها العمل الجاد بالتقدير والمقابل العادل، ويشعر فيها الناس بالأمن فى شوارعهم وأحيائهم السكنية. أريد أن أحيا فى بلاد فيها الكثير من الأثرياء وفيها أيضاً طبقة متوسطة ضخمة، ومن وجهة نظرى، فإن السبيل الوحيد لإيجاد مثل هذه البلاد لا بد أن يمر من خلال رفع الضرائب على الأغنياء للتخفيف من غياب المساواة».

أفضل العمل على إصلاح الخلل من حولى بدلاً من الانسحاب وراء أسوار مجتمع معزول محاط بالحراسات الخاصة.. ولا أريد أن أحيا فى قلق من أن يتعرض أبنائى وأحفادى للاختطاف

رفع الضرائب على الأغنياء هو جزء من الحل، لكنه ليس كل الحل، كما يرى «بيرل». يقول إنه أمر لا مفر منه حتى إن لم يكن كافياً، لذلك، اتخذ قراره بأن يبذل كل ما فى وسعه للدفع نحو سياسات لزيادة الضرائب على الأغنياء من أمثاله، وأولهم هو نفسه، بأقصى ما يمكن من الفعالية والسرعة.

ولكن لماذا؟

لا أريد أن أحيا وراء جدران من الأسلاك الشائكة.. ولا أن أسير بسيارة فارهة لكنها مصفحة خوفاً من الناس.. ولا بد لنا أن نبدأ فى مواجهة مشكلاتنا

السبب عبر عنه «بيرل» كأفضل ما يكون قائلاً: «لأننى لا أريد أن أكون رجلاً ثرياً فى بلد فقير. لا أريد أن أحيا فى بلاد فيها قليل من ذوى الثراء الفاحش وملايين من الفقراء. لا أريد أن أحيا وراء أسوار من الأسلاك الشائكة. ولا أريد أن أتجول فى الشوارع داخل سيارة فارهة لكنها مصفحة، بصحبة حراس أمنيين محترفين. لا أريد أن أحيا فى قلق من أن يتعرض أبنائى وأحفادى للاختطاف (لطلب فدية)، أو لما هو أسوأ».

تلك الروابط الأسرية كان لها أثر فى تشكيل فكر «بيرل» وغيره من المليونيرات الوطنيين الذين يقولون إنهم ليسوا فقط من أصحاب الملايين لكنهم أيضاً من أصحاب العائلات، وأن أبناءهم وأحفادهم لا يعيشون فى فراغ، وأن غياب العدالة الاقتصادية فى المجتمع الذى يعيش فيه هؤلاء الأبناء والأحفاد لا يمكن أن يعود عليهم بخير.

وفى حالة «بيرل»، كان زواج ابنه من فتاة من أمريكا اللاتينية، وتحديداً من دولة «بيرو»، أحد الأسباب التى جعلته يفتح عينيه على «الجانب الآخر» من العالم، حيث يحيا مَن لا يملكون حظ أسرته من الثروة والرفاهية. هؤلاء الذين يعانون الفقر الذى بدأت معدلاته تتزايد على نحو مخيف فى الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من تزايد معدل ثروات المليارديرات فيها.

يحكى «بيرل» أنه منذ أن تزوج ابنه، بدأت أسرته تقضى وقتاً فى «بيرو» فى أمريكا اللاتينية، موطن زوجة ابنه. يصفها بأنها: «بلاد جميلة، لكن من المؤلم حقاً رؤية شعبها يكافح فى مواجهة الفقر البائس الضارب بجذوره فى أعماق البلاد، فى الوقت الذى تلهو فيه الطبقة العليا بثرواتها وراء أسوار المنتجعات ذات الأسلاك الشائكة». ويضيف: «أنا لا أريد أن أحيا فى مثل تلك البلاد، لكن هذا هو الاتجاه الذى نسير فيه. لا بد لنا إذن أن نبدأ فى مواجهة مشكلاتنا. ربما يستغرق الأمر مالاً ووقتاً، إلا أننى شخصياً أفضل العمل على إصلاح الخلل بدلاً من الانسحاب وراء أسوار مجتمع معزول، تقف على حراسته قوة أمنية خاصة، فى الوقت الذى يتداعى فيه العالم الذى يقع خارج أسوار تلك البوابات».

من هنا بدأت خطة المليونيرات الوطنيين لإصلاح الاقتصاد الأمريكى بشكل يضمن مزيداً من العدالة الاقتصادية للجميع.

هى خطة من ثلاثة محاور كما يصفها «بيرل»، يقول: «أهدافنا هى: فرض مزيد من الضرائب على المليونيرات، وأن يكون هناك تمثيل سياسى لكل طوائف الأمريكان، بدلاً من ترك المجال فقط للسياسيين الذين يتلقون تبرعات من الأثرياء لحملاتهم الانتخابية ثم يتعهدون بحماية مصالح هؤلاء الأثرياء بعد ذلك من خلال التشريعات القانونية، هذا نظام فاسد لتمويل الحملات الانتخابية ولا بد من تعديله.

أما الهدف الثالث فهو أجر عادل يسمح بحياة لائقة للعاملين أياً كان مستواهم (وهو محور أحدث كتبه «ادفعوا للناس») عبر إجراء تعديلات فى قوانين العمل والأجور، تسمح بتلقيهم نصيباً عادلاً من ناتج العمل الذى يساهمون بجهودهم فيه. لو أننا نجحنا فى هذا فسنصبح أمة أكثر استقراراً ومساواة، وأيضاً أكثر رفاهية، حتى إن قلَّت درجة الرفاهية التى يتمتع بها المليارديرات قليلاً. يمكن لمثلى عندها أن يقول إنه قد أصبح رجلاً غنياً فى دولة غنية ومستقرة».

غالبية المليونيرات الآخرين يريدون بلاداً فيها عدد ضئيل من أصحاب الملايين وملايين من الفقراء وبلا طبقة وسطى على الإطلاق

  يدرك «بيرل» جيداً أن مثل هذه الخطة ذات المحاور الثلاثة لن تحظى بتأييد الكل، وأن حجم المعارضة الحقيقى لما يريده «المليونيرات الوطنيون» سيأتى فعلياً من كل المليونيرات الآخرين غيرهم. هؤلاء الذين سيرفضون بشراسة التفريط فى أدنى جزء من أموالهم، مهما بلغت النداءات والتحذيرات من تدهور أوضاع المجتمع بسبب غياب العدالة الاقتصادية فيه. هم هؤلاء المليارديرات الذين يصفهم «بيرل» بأنهم: «يريدون العيش فى بلاد فيها عدد ضئيل من أصحاب الملايين، وملايين من الفقراء، وبلا طبقة وسطى على الإطلاق»، إلا أنه فى الوقت نفسه، لا يقبل بأن توصف خطة المليونيرات الوطنيين بأنها «حالمة»، أو أن أصحابها لا يعرفون ما الذى يتحدثون عنه. هو على العكس، يرى أن مجموعته تعرف قواعد اللعبة جيداً لأنها تلعبها بالفعل!، لأنهم جزء من النظام المالى الأمريكى ومن أكبر المستفيدين منه. لذلك يقع عليهم العبء الأكبر لإصلاحه.

يقول «بيرل»: «نحن نعرف قواعد اللعبة، نعرف طريقة حشد جماعات الضغط، وثغرات القوانين، والأكاذيب التى يرددها مَن هم فى داخلها لمن هم خارجها. نحن نعرف أن الخطب العلنية لصناع التشريعات والقوانين الأمريكية حول الإصلاح تدارى فى الواقع صفقات واتفاقيات خاصة لصالح المتبرعين الأثرياء الذين يدعمون حملات السياسيين من كلا الحزبين، الديمقراطى والجمهورى فى أمريكا.

نحن «عملاء من الداخل»، نمتلك كل المعرفة والنفوذ التى تأتى مع كوننا أثرياء فى الولايات المتحدة الأمريكية. لدينا قدرة فريدة، ومسئولية كبيرة، لكشف الأكاذيب، وإظهار مكامن الخلل، وتشكيل نظام ضريبى يجعل الاقتصاد يعمل لصالح الجميع، بمن فيهم الأثرياء».

إن عملية صناعة التشريعات الاقتصادية الأمريكية كما يصفها «بيرل» بكلماته: «هى عملية فوضوية، غير موثوق فيها، خاصة فيما يتعلق بنظام الضرائب الذى يحيط به كثير من الضجيج من كل الأطراف فى «واشنطن» لأن العديد من السياسيين بالفعل يريدون ويقصدون إرباك الناس. كلما قل ما يعرفه المواطن الأمريكى العادى عن طريقة عمل نظام الضرائب، صار من السهل على السياسيين (الذين يعملون لصالح المتبرعين الأثرياء لحملاتهم الانتخابية) أن يجعلوا النظام يعمل فى صالحهم.

ربما لذلك، بدا واضحاً أن أحد أهداف «بيرل» الرئيسية هو توعية الناس بما يحدث حقاً فى أروقة صنع القرار الاقتصادى الأمريكى. يقول: « لقد رأيت على نحو مباشر وشخصى كيف تسير العملية السياسية والتشريعية من الألف إلى الياء. وعلى الرغم من الفوضوية التى تبدو عليها بشكل يجعلها عسيرة على الفهم، فإن الواقع أن القرارات التى يتخذها هؤلاء الذين ننتخبهم كمسئولين سياسيين تؤثر على حياة الناس من جوانب عدة. وعلينا نحن كمواطنين مسئولية الفهم، وألا نتعامل مع السياسة كما نتعامل مع الأحداث الرياضية: بأن نشاهدها دون أن نتدخل فيها إلا بتشجيع فريقنا المفضل أياً كانت القرارات التى يتخذها فريقنا. وسياسات الضرائب بالذات تستحق اهتماماً خاصاً منا لأن أقل تغيير فيها يمكن أن يحدث تأثيراً كبيراً على رفاهية الجميع».

إلا أن هذا الكلام لم يجعل الكل راضياً عن «بيرل»، ووصفه البعض على حد قوله هو نفسه بأنه «خائن لأبناء طبقته»، وهو الوصف الذى قال عنه «بيرل» إنه يجعله يشعر بالفخر، مضيفاً: «على العكس من الكثير من المليونيرات الآخرين، لا يسعدنى أن أحيا فى بلد يفرض على المستثمرين من أمثالى معدلات ضرائب أقل من تلك التى يفرضها على من يضطرون للعمل لتأمين معيشتهم. لا أريد أن أستمر فى دفع ضرائب قليلة، خاصة إذا كانت تلك الضرائب تصب فى نظام يضمن أن الأثرياء من أمثالى يزدادون ثراء، فى الوقت الذى تتقلص فيه الطبقة الوسطى أكثر فأكثر، ولا يملك الفقراء أمامهم إلا مزيداً من اليأس».

هل «موريس بيرل» شخص يدعو فعلاً للإصلاح؟ هل يملك ما يكفى للدفع فى اتجاه تحقيق رؤيته؟ أم أنه مجرد لاعب سياسى يبتكر لغة جديدة لجذب الأنظار والانتباه إليه فى «سيرك» السياسة المالية الأمريكية الذى لا يعرف الملل؟

هل يملك «المليونيرات الوطنيون» شجاعة المضى قدماً فى خطتهم ذات المحاور الثلاثة، أم أنهم مجرد «حالمين» لا يملكون أقداماً ثابتة على الأرض؟

هم «مليونيرات» بالفعل، لكن إلى أى مدى هم «وطنيون» حقاً؟. وهل يعملون بإخلاص لصالح مجتمعهم أم أنها مجرد دعاية لأنفسهم؟. هل يمكن أن يأتى اليوم الذى تؤثر فيه مجهوداتهم فى تغيير نظرة صانع التشريعات الاقتصادية الأمريكى لوضع قوانين أكثر عدالة وإنسانية كما يطالبون؟ أم أن النظام الاقتصادى الأمريكى سيظل على ما هو عليه، فى حالة تتزايد فيها حدة الفوارق الاقتصادية بين الطبقات، إلى حد ينذر بانفجار وشيك، كما يحذر «المليونيرات الوطنيون» فى كتبهم ومؤتمراتهم؟

هل يمكن حتى أن يأتى يوم يصل فيه واحد منهم إلى موقع مسئولية يمكِّنه من إحداث تغيير جذرى فى السياسات الاقتصادية الأمريكية من قمتها إلى قاعها بجرة قلم؟

إنها أمريكا، بلد العجائب التى يمكن أن يحدث فيها أى شىء!!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة فى الولایات المتحدة من أصحاب الملایین الضرائب على فى المجتمع بلاد فیها من الفقر یمکن أن فى بلاد إلا أن

إقرأ أيضاً:

المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد

الكتاب : الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي"
الكاتب : الدكتور مصطفى العرفاوي
الناشر : دار المنارة للنشر والتوزيع والطباعة.سنة النشر2024
عدد الصفحات :455 صفحة


ليست المقاصد ترفًا فقهيًا ولا اجتهادًا فكريًا مستحدثًا، بل هي في الأصل تجلٍّ لعقل الوحي حين يتحوّل إلى نظام حياة، وتعبير عن روح الشريعة حين تتنزّل في سياق العمران البشري وتدبير الاجتماع. من هذا المنطلق، يقدّم الدكتور مصطفى العرفاوي في كتابه "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي" رؤية تجديدية تحفر في أعماق التجربة الإسلامية التأسيسية لاستخراج عقلها التدبيري، لا من باب الاستذكار التاريخي، بل من زاوية استئناف الوظيفة الحضارية للمقاصد.

أولًا ـ من المقاصد إلى الاستراتيجية

لا يكتفي العرفاوي بإعادة ترتيب المفاهيم المقاصدية، بل يدعو إلى نقلة نوعية في التفكير الإسلامي، تتحول فيها المقاصد من كونها غايات مرصوفة في كتب الأصول إلى عقل استراتيجي يؤسس لفعل حضاري شامل. ويعني بالعقل الاستراتيجي هنا القدرة على ربط الوسائل بالمآلات، وعلى تحويل القيم الكبرى إلى سياسات عملية، وعلى فهم السنن التاريخية والاجتماعية ضمن منظومة توجيهية تلتزم بالوحي وتُراعي الواقع.

الملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.يرى المؤلف أن هذه النقلة ليست بدعة معاصرة، بل هي جوهر التجربة النبوية والراشدية نفسها، التي لم تكتفِ ببيان الأحكام، بل أنشأت كيانًا سياسيًا، وأدارت علاقات دولية، وخاضت حروبًا وسلمًا، وأسست مجتمعًا جديدًا على قواعد التوحيد والعدل والعمران.

إن أبرز ما يطرحه العرفاوي هنا ليس فقط تجاوز المقاصد من حيز التنظير إلى حيز التدبير، بل كذلك إعادة الاعتبار لمنهج المقاصد كفكر كلي شامل، لا كآلية جزئية في استخراج الأحكام أو ترتيب الأولويات. إنه يستبطن رؤية تعتبر المقاصد بوصلة فكرية واستراتيجية يمكن أن تهدي الحركات الإصلاحية، والمشاريع السياسية، ومؤسسات الدولة، في حاضر الأمة ومستقبلها.

ثانيًا ـ المقاصد كعقل تدبير في العهد النبوي

في تحليله للتجربة النبوية، يتجاوز العرفاوي القراءة السردية التقليدية، ليُبرز كيف تشكّلت ملامح الاستراتيجية المقاصدية من خلال خطوات واعية، نابعة من رؤية بعيدة المدى، تُراكم الإنجازات وتُمهّد للتحوّل الحضاري. فقد كانت الهجرة مثلًا ليست فرارًا من الاضطهاد، بل نقلة استراتيجية لتأسيس مجتمع جديد. وكانت المعاهدات، مثل وثيقة المدينة وصلح الحديبية، أدوات لترسيخ قواعد التعايش والتمكين.

والملاحظ أن النبي ﷺ لم يكن يتحرك بردود الأفعال، بل بخطة هادئة تُقدّر المآلات وتُوازن بين المبادئ والضرورات. وهذا ما يؤكد أن "حفظ الدين" لم يكن شعارًا تعبويًا، بل هدفًا حضاريًا يُبنى بتدرج، عبر بناء الإنسان، وتأمين الجماعة، وتنظيم السلطة، وتوسيع دائرة الرسالة.

يُبرز العرفاوي أن التدبير النبوي اتسم بالمرونة دون أن يتنازل عن المبادئ، وبالصرامة دون أن يتحول إلى قهر، وبالانفتاح على الغير دون الذوبان فيه. وهذه المعادلة الدقيقة، التي جمعت بين الرسالية والبراجماتية، كانت تتنزل وفق عقل مقاصدي يزن الواقع بميزان المآل، لا الانفعال.

ولعل أحد أبرز وجوه هذا العقل المقاصدي هو ما يسميه العرفاوي بـ"حماية مسار الرسالة"، لا فقط من حيث العقيدة، بل من حيث القدرة على الانتشار والتجذر والتفاعل. فالنبي ﷺ أسس دولة لا لتكريس السلطة بل لحماية الإنسان، وأقام مجتمعًا لا على العصبية، بل على القيم.

ثالثًا ـ الدولة الراشدية واستئناف العقل المقاصدي

يرى العرفاوي أن الخلافة الراشدة كانت استئنافًا طبيعيًا للمشروع النبوي، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية. ومع ذلك، لا يمكن إغفال ما اعترى هذه المرحلة من خلافات عميقة، بلغت ذروتها مع الفتنة الكبرى واغتيال الخليفة عثمان، ما يُظهر أن العقل المقاصدي، رغم صلابته المبدئية، اصطدم بمعوّقات الواقع السياسي والاجتماعي، وهو ما يدعو إلى قراءة أكثر تركيبًا للمرحلة، تتجاوز الثنائيات المطلقة بين التمجيد والتقويض.، وليست انحرافًا عنه كما يدعي بعض الخطاب الحداثي أو الطائفي. فقد حافظت هذه المرحلة على جوهر الشورى، ومركزية المقصد، ووحدة الجماعة، رغم التحولات الكبرى والتحديات السياسية.

ويُبرز الكتاب كيف تعامل الخلفاء الراشدون مع المستجدات بمرونة، دون تفريط في الأصول. فقد قبل عمر بن الخطاب بتعليق حد السرقة في عام المجاعة، ووسع دار الإسلام بنظام الدواوين، وشرّع مؤسسة بيت المال، وكلها خطوات نابعة من منطق المقاصد لا من تعطيل الأحكام.

ومن أبرز مظاهر الفعل المقاصدي في العهد الراشدي تجلي روح العدل في السياسات العامة، لا كشعار بل كممارسة. إذ لم يكن العدل مجرد قيمة خطابية، بل كان محددًا للتشريع، وللقرار، وللسلوك السياسي. فسياسات عمر مثلاً في توزيع الثروة، وتنظيم السلطة، وحماية الحقوق، كلها كانت تعبيرًا عن عقل استراتيجي يستبطن مقصد العدل بوصفه حجر الزاوية في بناء الدولة.

كما تميزت هذه المرحلة بإحياء فقه الأولويات ضمن منطق مقاصدي واقعي، حيث تم تقديم المصلحة العامة على الجزئيات، وتأجيل بعض الأحكام لحماية وحدة الجماعة. وهذا المنهج هو ما تفتقر إليه كثير من الأنظمة المعاصرة التي تدّعي المرجعية الإسلامية دون تفعيل حقيقي لمنطق المقاصد.

رابعًا ـ المقاصد بين النص والتاريخ

من الملامح المميزة لهذا الكتاب أنه لا يحصر المقاصد في النصوص، بل يدعو إلى قراءتها في سياقها الزمني. فالتجربة النبوية والراشدية تُفهم ـ بحسب العرفاوي ـ كمصدر ثانوي للمقاصد، لا يقل شأنًا عن النصوص. وهذا ما يعيد الاعتبار إلى الفعل السياسي للنبي ﷺ والخلفاء، ويخرجه من التقديس الجامد إلى الاقتداء الواعي.

في السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.فحين ندرس مقاصد الشورى، أو العدل، أو الوحدة، لا نعود فقط إلى الآيات، بل أيضًا إلى ممارسات الدولة الأولى، وكيف تمّت ترجمة تلك القيم إلى مؤسسات وإجراءات. وهذا ما يجعل المقاصد علمًا حيويًا متجددًا، لا منظومة مغلقة متحفية.

ويُعد هذا التوجه تأويلاً منهجيًا يعيد الاعتبار للتاريخ العملي للإسلام، بوصفه مخزونًا معرفيًا لا يقل أهمية عن النصوص المؤسِسة، كما يفتح الباب لتطوير فقه سياسي مقاصدي مستقبلي، لا يعتمد فقط على القياس والفقه الفردي، بل على إعادة بناء النظر في مقاصد الاجتماع الإنساني ذاته.

خامسًا ـ راهنية المشروع ومآلات التغريب

لا يخفي العرفاوي نقده للواقع الراهن، حيث تم اختزال المقاصد في محاضرات وعناوين أخلاقية، بينما تمّ تهميشها في دوائر القرار والتخطيط. ويُشير إلى أن غياب العقل المقاصدي هو أحد أسباب تراجع الأمة، وعجزها عن صياغة مشروع ذاتي في مواجهة الضغوط الداخلية والتدخلات الخارجية.

وفي السياق العربي الراهن، حيث تتراجع الإرادة الشعبية، وتُشرعن السلطات الفردية باسم الخصوصيات، وتُفكّك الروابط الجامعة باسم الهويات الفئوية، تبدو دعوة العرفاوي لإحياء العقل المقاصدي الاستراتيجي دعوة ملحّة. فليس المطلوب فقط العودة إلى القيم، بل تحويلها إلى بوصلة للفعل الحضاري، تستلهم روح النبوة ولا تتجمد في حدود الفقه.

كما ينتقد العرفاوي الأنساق الغربية التي تسربت إلى الوعي الإسلامي باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. غير أن النقد هنا، وإن كان مشروعًا، يستدعي تمييزًا ضروريًا بين أدوات الحداثة ومضامينها؛ إذ يمكن لبعض آليات الحداثة، كالمنهج النقدي أو الحوكمة الرشيدة أو التنظيم المؤسسي، أن تكون عونًا لا خصمًا، إذا أُعيد إدماجها ضمن منظور مقاصدي واعٍ وغير تابع. باسم الحداثة، والتي قامت على الفصل الجذري بين الدين والسياسة، مما جعل المشاريع الإسلامية تعيش انفصامًا بين المرجعية والسلوك. ويؤكد أن المقاصد هي الجسر الممكن بين الأصالة والتجديد، بين النص والواقع، بين القيم والسياسات.

سادسًا ـ تجديد الفقه السياسي وإمكانات الاستئناف

يشدد الكتاب على ضرورة إعادة بناء الفقه السياسي الإسلامي على أساس مقاصدي، يُراعي متغيرات العصر ويستعيد المبادرة من داخل المرجعية الإسلامية. غير أن السؤال المقلق يظل قائمًا: هل تسمح الأنظمة السياسية القائمة، غالبًا ذات الطابع السلطوي أو الريعي، بمثل هذا البناء المقاصدي؟ وهل يتوفر المناخ السياسي والمعرفي لإعادة تفعيل الفكر المقاصدي على أرض الواقع؟، يأخذ بعين الاعتبار تعقد الواقع وتغير موازين القوى. فلم تعد الأحكام السلطانية التقليدية صالحة لتأطير الدولة الحديثة، بل نحن بحاجة إلى فقه سياسي يعيد وصل ما انقطع بين الدين والواقع، ويستوعب أدوات العصر، ويوازن بين الثوابت والمستجدات.

العقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.وفي هذا السياق، تبرز أهمية التأصيل المقاصدي لقضايا مثل: الشورى التشاركية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية، ودور المجتمع المدني. فهذه كلها ليست مستوردة من الغرب، بل يمكن تأصيلها من داخل المنظومة المقاصدية ذاتها، بما يجعلها جزءًا من مشروع حضاري مستقل، لا تابع.

كما يفتح هذا المنظور المجال أمام الحركات الإسلامية لتجاوز الحرج المزدوج بين التديّن الماضوي والانخراط التبعي، ويمنحها إطارًا مرنًا لتطوير برامجها السياسية بما يخدم الصالح العام ويعبّر عن المرجعية دون جمود.

خاتمة ـ من الذاكرة إلى المستقبل

إن أهم ما يميز كتاب "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة" أنه لا يقف عند حدود الدفاع عن الماضي، بل يسعى إلى تحويله إلى مادة نظرية لإعادة بناء المستقبل. فالعقل الإسلامي، حين يُحرر من التجزيء والارتجال، وحين يستعيد المقاصد كمنهج تدبير شامل، يصبح قادرًا على إنتاج مشروع نهضوي، يقاوم التبعية، ويعيد الاعتبار للإنسان، ويعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع ضمن رؤية حضارية متجذّرة في الوحي، ومنفتحة على العصر.

ولعل في هذا الكتاب ما يلهم جيلًا جديدًا من المفكرين والمصلحين، كي يواصلوا هذا الطريق، ويحوّلوا المقاصد من معرفة مؤجلة إلى طاقة فاعلة في الواقع السياسي والثقافي العربي والإسلامي. فالمقاصد، كما يراها العرفاوي، ليست أداة فقهية، بل مشروع حضاري متكامل، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة. غير أن التحدي الأكبر يظل في ترجمة هذا المشروع من أطروحة معرفية إلى سياسات تنفيذية، خاصة في ظل المعوقات البنيوية التي تعاني منها دول العالم الإسلامي من حيث الحكم الرشيد، والمؤسسات، والتعليم، وغياب الإرادة السياسية للتحول الحضاري، لا يتحقق إلا بوعي استراتيجي، وعقل نقدي، وقيادة مستنيرة.

من هنا، فإن هذا الكتاب يُعد لبنة معرفية في مسار استعادة المقاصد إلى مركز الفعل الإسلامي، ومرآة لحوار ممكن بين الماضي والحاضر، بين النص والتاريخ، بين الطموح الواقعي والحلم الرسالي.

مقالات مشابهة

  • فرصتك الذهبية لتصبح مليونيرا.. كيفية الاشتراك في مسابقة الحلم 2025
  • بعد 27 عاما.. رامي إمام يعيد مقطع فيديو لوالده من حفل زفافه
  • مؤلف فات الميعاد: قصة حقيقية تحولت إلى دراما متشابكة
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • "متحاولش" تُشعل إحساس الجمهور… إشادات بأداء فيروز أركان ودعم مؤثّر من والدتها الفنانة نادية مصطفى في "بنتها فيروز"
  • ترامب: أريد الأمان للناس في غزة.. لقد مرّوا بجحيم
  • دراسة: الحمض النووي يكشف صلة جينية بين قدماء المصريين وسكان بلاد ما بين النهرين
  • ما لا يُخبرك به الميزان.. سر الصحة الجيدة بعظام قوية
  • المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد
  • ترامب يؤكد أنه يريد للناس في غزة أن يكونوا بأمان