إيطاليا والجدل حول قمة باريس: ميلوني تعترض على استبعاد بعض الدول من المفاوضات بشأن أوكرانيا
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تشارك رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في القمة الطارئة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط تحفظات روما على صيغة الاجتماع التي تستثني العديد من الدول الأوروبية، وتساؤلات حول نهج باريس في إدارة الملف الأوكراني.
أثار تحرك فرنسا لوضع العراقيل أمام عقد اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا، والذي قد يضعف نفوذ أوروبا في الملف، قلق الحكومة الإيطالية.
وقد أبدت ميلوني عدم ارتياحها للقمة التي نظمها ماكرون في قصر الإليزيه، نظرا لأنها اقتصرها على عدد محدود من الدول، ودون إشراك جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27. وعلى الرغم من تحفظاتها الأولية، ستشارك ميلوني شخصيًا في القمة، بعدما كان من المتوقع أن تنضم إليها عبر الفيديو.
وضمّت دعوة ماكرون إلى القمة، زعماء الدنمارك، ألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة، إلى جانب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا والأمين العام لحلف الناتو مارك روته. لكن هذه التشكيلة استثنت دول البلطيق، الأكثر عرضة للتهديد الروسي، وهو ما أثار امتعاض بعض العواصم الأوروبية التي تواصلت مع روما بشأن المسألة.
Relatedصدمة الأوروبيين من التصريحات الأمريكية بشأن أوكرانيا تدفعهم للتحرك ورصّ الصفوف سيناتور أمريكي: توقيع أوكرانيا على صفقة المعادن النادرة سيغير قواعد اللعبة ويضمن دعم واشنطنقمة أوروبية طارئة في باريس حول أوكرانيا فهل تنتزع بروكسل مقعدها في المفاوضات رغم أنف ترامب؟كما يتعزز الخلاف مع المجر بقيادة رئيس وزراء يميني متشدد يتزايد نفوذه داخل أوروبا، وكانت ميلوني تأمل في ضمه إلى تحالفها مع المحافظين الأوروبيين قبل انضمامه إلى مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا". حيث عبّر وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو عن موقف بلاده بوضوح، صرح قائلا: إن "اجتماع باريس يجمع فقط من أشعلوا الحرب في أوكرانيا على مدى السنوات الثلاث الماضية، ودعموا الاستراتيجية الخاطئة للعقوبات في أوروبا".
إيطاليا بين دعم أوكرانيا والاعتراض على تهميشهاتشدد إيطاليا على أن أوروبا كانت أكبر داعم لكييف من حيث المساعدات المالية والعسكرية، إذ خصص الاتحاد الأوروبي 70 مليار يورو لدعم أوكرانيا ماليًا وإنسانيًا، إضافة إلى 62 مليار يورو مساعدات عسكرية، مقارنة بـ50 و64 مليار يورو قدمتها الولايات المتحدة.
وترى روما أن العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا منذ ثلاث سنوات، والتي شملت 15 حزمة من الإجراءات، كان لها أثر كبير على الأزمة، بدءا من حظر المعاملات المالية عبر نظام "سويفت" إلى منع تصدير واستيراد سلع معينة.
وهو ما دفع وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إلى مطالبة واشنطن بالاعتراف بهذا الدور، مؤكداً خلال لقائه نظيره الأمريكي ماركو روبيو على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن أن "العقوبات الأوروبية تشكل رافعة أساسية تمنح أوروبا حق المطالبة بموقع في عملية التسوية". وسبق أن شدّد على أهمية أن يعمل جميع الأوروبيين معًا وبوحدة، بالتعاون مع الولايات المتحدة، من أجل إعادة السلام إلى أوروبا.
ويناقش القادة الأوروبيون في باريس أيضًا سبل ضمان وقف إطلاق النار في أوكرانيا وتأمين مستقبلها عبر تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية المشتركة. وفي هذا السياق، ألقى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بالمسؤولية على الأوروبيين، مستبعدًا إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا.
ورغم أن بولندا رفضت حتى الآن فكرة إرسال قوات حفظ سلام أوروبية، فإن السويد والمملكة المتحدة لم تستبعدا الأمر. أما إيطاليا، فتؤكد أن الأولوية هي تنسيق كل خطوة مع واشنطن، لضمان استمرار التزامها تجاه كييف.
وخلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اقترحت ميلوني التركيز ليس على عضوية أوكرانيا في الناتو، بل على توسيع المادة 5 من معاهدة الحلف لتشمل كييف، وهو ما سيضمن لها حماية أمنية دون الحاجة إلى الانضمام رسميًا إلى الحلف.
وقد أصبح دور روما في الأزمة الأوكرانية أيضًا موضع خلاف مع موسكو، بعد انتقادات حادة وجهتها روسيا إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا بسبب مواقفه تجاه الحرب.
وفي موقف تصعيدي، حذرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أن تصريحات ماتاريلا في جامعة مرسيليا "لن تمر دون عواقب". ويجسد هذا التوتر الدبلوماسي الواقع المعقد الذي تواجهه روما، والتي تحاول موازنة التزامها مع الحلفاء الغربيين مع مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ميلوني توقع اتفاقيات اقتصادية مع السعودية بقيمة 10 مليارات يورو ميلوني تدافع عن ترحيل أمير حرب ليبي مطلوب دوليا وتنفي تورطه في قضايا الإتجار بالبشر روبيو يزور السعودية لبحث إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وزيلينسكي في الإمارات لكنه غير مدعو للتفاوض؟ جورجيا ميلونيدونالد ترامبمسار السلامفرنساإيطالياالحرب في أوكرانياالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بروكسل إسرائيل روسيا دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بروكسل إسرائيل روسيا جورجيا ميلوني دونالد ترامب مسار السلام فرنسا إيطاليا الحرب في أوكرانيا دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بروكسل إسرائيل روسيا الحرب في أوكرانيا قطاع غزة تقاليد سوريا مؤتمر ميونيخ للأمن إيطاليا فی أوکرانیا یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
تغيُر مواقف ترامب حول أوكرانيا يُثقل كاهل أوروبا
كل الكلام الذي نسمعه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس في محلّ الثقة، ويرجع ذلك ببساطة لأنه دائما ما يتكلم كثيرا، فهو الذي نجح في الوصول إلى منصبه السياسي من خلال اللعب بالصورة والأحاسيس، وجعل ذلك أولويته، بعيدا عن الجوهر.
لذلك، حينما نريد قياس مدى الجدية في الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا، ومدى تراجع الدعم الأمريكي عن تلك القضية، فلا يجب علينا الاستماع إلى حكومة ترامب، بل من يستحق الاستماع إليهم هم الأوكرانيون بأنفسهم، وكذلك الاستماع إلى خصومهم الروس، وكلاهما لم يتفاجأ بهذا التراجع في الموقف الأمريكي.
ومع ذلك، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوعود ترامب بتزويد بلاده بالأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، رغم التناقض في موقف وزارة الدفاع الأمريكية الذي أُعلن عنه بشكل صريح قبل أسبوع واحد فقط من وعود ترامب. ولمزيد من الدعم، خاطب الرئيس الأوكراني زعماء أوروبا طالبا منهم تزويد بلاده وبشكل عاجل بمزيد من الأسلحة.
ما تعيشه أوكرانيا في الوضع الراهن هو حرب من أجل البقاء الوطني، وفي هذه الحالة فإنها لا تملك إلا السلاح، الذي يُعتبر القيمة الحقيقية والقوة التي تعزز مقاومة الجنود وتقوّي كفتهم.
وحتى تصل الأسلحة إلى أوكرانيا، والتي لا يُعرف مدى حقيقتها ولا توجد معلومات دقيقة حولها، لا بد أن تخوض البلاد حربا إعلامية، لذلك قد يكون للوعود الأمريكية بعض التأثير في هذه الحرب، فهي بمثابة رسائل يرسلها ترامب إلى فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، وإن وصلت تلك الرسائل وسببت قليلا من القلق لروسيا، إلا أنها مؤقتة ورهينة قرارات البيت الأبيض. تلك الرسائل، مهما كثرت، فلن تستطيع إنقاذ الأرواح بشكل مباشر.
وفي تلك الأثناء، يواصل فلاديمير بوتين ما يُعرف بـ «الهجوم الصيفي» الذي يخوضه جيشه في الأراضي الأوكرانية، محاولا الاستيلاء على مزيد من المساحة الجغرافية في أوكرانيا، كما واصل قصف بعض المدن، رافضا أي تعهّد بوقف إطلاق النار قبل الموافقة على شروط صارمة.
وهناك جانب مهم آخر يتعلق بوعود ترامب، التي لا يُعرف مدى تنفيذها، فقد تكون تلك الوعود سببا في تخفيف الضغط على فلاديمير بوتين بشأن وقف القتال، ولكن للجانب الأمريكي تأثير آخر بعيدا عن الأسلحة، متمثّلا بالمهلة التي حددها ترامب لروسيا بشأن وقف النار، والتي حُدّدت بـ 50 يوما، وإلا سوف تفرض أمريكا عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، وهذا أمر مهم للغاية ويلعب دورا في مجريات الحرب.
وهذا الأمر قد يدفع فلاديمير بوتين إلى محاولة تحقيق أكبر قدر من المكاسب من بداية المهلة حتى نهايتها، وبعد ذلك من المرجّح جدا أن يلجأ بوتين إلى نقطة استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل السعي إلى إعفاء بلاده من العقوبات لفترة طويلة.
ويمثل هذا الوضع الخطة الأمثل بالنسبة لبوتين، الذي يأمل في تحقيق تقدم في «الهجوم الصيفي»، والذي يُعتبر وفق المعطيات بطيئا ولا يسير كما هو مخطط، ولكنه من الممكن أن يحقق التقدم، وهذا الأمر مرهون بتقديم الأسلحة من الدول الأوروبية في أقرب وقت ممكن لتعزيز موقف الجيش الأوكراني.
وبحسب السيناريو المطروح بالوقت الحالي من قبل ترامب، لا يبدو أن بوتين في حاجة للتفكير العميق في مستقبل حربه حتى ما بعد انتهاء الصيف، فبحلول ذلك الوقت، كما يتصور بوتين، ربما يكون ترامب قد غيّر رأيه مرارا وتكرارا.
وربما رأى بوتين أن الجدل السياسي الدائر داخل أوكرانيا مؤخرا، بشأن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس زيلينسكي، والادعاءات المتعلقة بالفساد، هي إشارات مشجعة على أن الحكومة الأوكرانية بدأت تفقد صلابتها أمام الضغوط السياسية والانتقادات الداخلية.
وبناء على هذه المعطيات، فإن التغير الأخير في موقف ترامب لا يغيّر من حقيقة أن زمام المبادرة الفعلية ما يزال بيد الحكومات الأوروبية.
إن قرار ترامب باستئناف تسليم الأسلحة مشروط بأن تتكفل الدول الأوروبية بدفع تكاليف تلك الأسلحة، لذا فإن كان هناك أمل بوصولها قريبا، فإن على الأوروبيين الإسراع في إقرار هذه المدفوعات وتحويلها، وعلاوة على ذلك، فإن جميع المفاوضات المتعلقة بصفقات التسلح هذه، ستجري في ظل خلفية شائكة تتمثل في المحادثات التجارية الجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، وهو ما يمنح الأمريكيين ورقة تفاوض إضافية طوال فترة استمرار تلك المحادثات.
وقد تمتد هذه الفترة حتى الأول من أغسطس، كما هو محدد مؤخرا، أو حتى الأول من سبتمبر، كما لمح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت.
هذه الأجواء المشحونة قد تُعقّد جهود التوصل إلى اتفاقات بشأن صفقات الأسلحة وتسريع إيصالها، خاصة أن مفاوضي الاتحاد الأوروبي التجاريين بدأوا هذا الأسبوع بإطلاع وسائل الإعلام على نيتهم فرض رسوم جمركية مضادة وقيود على صادرات الخدمات الأمريكية إلى أوروبا، وبالأخص تلك التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى، في حال أقدمت واشنطن فعلا على تنفيذ تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 30 بالمائة على السلع الأوروبية.
إن نشوب حرب تجارية عابرة للأطلسي لن يكون ظرفا مناسبا أو مساعدا في إنجاز المهمة العاجلة المتمثلة بدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الحقيقية التي تشنها روسيا عليها.
ينبغي الآن على الدول الأوروبية الأربع التي تقود جهود الدفاع الأوروبي، وهي ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وبولندا، أن تحافظ على تركيز صارم على الاحتياجات اليومية لأوكرانيا، وألا تنخدع بانعكاسات التغير الظاهري في موقف ترامب، فالدول التي تملك مخزونات الأسلحة وخطوط الإنتاج القادرة فعليا على دعم أوكرانيا للخروج من صيف 2025 وهي أكثر قوة، هي الدول الأوروبية، التي قد يثقل كاهلها موقف ترامب المتقلب.
وعلى المدى البعيد، تطمح أوروبا إلى الاعتماد على شركاتها المحلية في مجال الدفاع، بدلا من اللجوء إلى الولايات المتحدة. ولا يعني هذا الامتناع عن الشراء من أمريكا على المدى القصير، إذا توفرت الإمدادات، لكنه يؤكد ضرورة الإسراع في توقيع الطلبات بعيدة المدى مع الموردين الأوروبيين، لإعطائهم الوقت الكافي للاستثمار والتخطيط والإنتاج.
كما يعني هذا أيضا أن صناعة الدفاع الأوكرانية، التي باتت كبيرة ومبتكرة وتنافسية من حيث التكلفة، قد تصبح في المستقبل موردا استراتيجيا مهما لأوروبا، مما يجعل من الضروري حماية هذه الصناعة من الهجمات الروسية.
وفي الأجواء المتوترة لهذا الصيف الرابع من حرب روسيا على أوكرانيا، على الحكومات الأوروبية الرائدة أن تتحمل المخاطر اللازمة للحيلولة دون تدهور الوضع الأمني في عموم القارة الأوروبية.
قد توفر الوعود الأمريكية الأخيرة بعض الطمأنينة بشأن توفّر الأسلحة خلال الأشهر القادمة، وربما خلال عام 2026، ما يسهّل على الدول الأوروبية اتخاذ قرار تسليم أنظمة الدفاع الجوي الحرجة لأوكرانيا خلال الأسابيع القادمة، بل وحتى الصواريخ بعيدة المدى التي تحتاجها كييف لردع روسيا وإلحاق الخسائر بها.
لقد فات وقت القلق من تصعيد الصراع مع روسيا، فالرئيس بوتين هو من يقود وتيرة التصعيد، وإن أرادت أوروبا أن تردعه، بل وتدفعه إلى التراجع، فعليها أن ترسل رسائلها الخاصة، لا بالكلمات، بل بالأفعال.