قصة شجرة أدونيس.. أقدم شجرة حية في أوروبا
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قلب جبال اليونان القاحلة، حيث يلتقي الهواء البارد بأشعة الشمس الحارقة، هناك شجرة صنوبر بوسنية قديمة تُدعى "أدونيس"، وهي شاهدة على آلاف السنين من التغيرات المناخية، وفصول الحياة التي مرت على هذه الأرض.
تخيل أن هذه الشجرة، التي تنحني وتلتوي بفروعها، قد عاشت لأكثر من 1075 عامًا، مما يجعلها أقدم شجرة حية معروفة في أوروبا.
في عام 2015، قام مجموعة من العلماء من جامعة أريزونا وجامعة ستوكهولم وجامعة ماينز بالسفر إلى هذه المنطقة الجبلية النائية بهدف دراسة الأشجار القديمة، حيث كانوا يبحثون عن "الأشجار التي تتحدث" تلك التي تحمل في حلقاتها السنوية قصص التاريخ والمناخ.
من خلال أخذ عينات من الشجرة، تمكنوا من تحديد عمرها واكتشاف أنها كانت قديمة جدًا، حتى أن أحد العلماء، بول كروسيك، الذي أخذ عينة في عام 2013، اكتشف أن عمر الشجرة يتجاوز 900 عامًا، ولكن في عام 2016، مع عودة الفريق بأدوات أكبر، تم التأكد من أن عمر الشجرة يتجاوز الألف عام.
لكن ما يجعل شجرة "أدونيس" مميزة ليس فقط عمرها المذهل، بل أيضًا قدرتها على البقاء على قيد الحياة في بيئة قاسية، إذ تعيش هذه الشجرة في مرتفعات جبلية شديدة البرودة والجفاف، وهي بيئة غير مضيافة تمامًا، فبينما يعاني البشر من التغيرات المناخية في المنطقة، تواصل شجرة "أدونيس" العيش والازدهار، تحمل معها تاريخًا طويلًا من التحديات.
لكن القصة لا تنتهي هنا. خلال رحلات البحث، اكتشف العلماء أيضًا أن هذه الأشجار لا تقتصر على كونها كائنات منفردة، بل هي جزء من مجموعة من الأشجار القديمة التي تشترك في نفس النظام الجذري، مما يخلق شبكة معقدة من الحياة تحت الأرض، ولكل شجرة قصتها الخاصة، لكنها تظل جزءًا من كائن حي واحد يمتد جذوره عبر الزمن.
تعتبر "أدونيس" مثالًا رائعًا على قدرة الطبيعة على التكيف والبقاء، وعلى كيفية أن الأشجار القديمة تحمل في أعماقها سجلات التاريخ والمناخ التي قد تساعدنا في فهم الماضي البيئي لكوكبنا، وفي كل حلقة من حلقات نمو هذه الشجرة، هناك قصة عن تغيرات المناخ، عن التحولات البيئية، وعن الصمود أمام تحديات الزمن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أدونيس الأشجار القديمة التغيرات المناخية المنطقة الجبلية جامعة اريزونا
إقرأ أيضاً:
“الأزرق المصري” يعود إلى الحياة.. فك شفرة أقدم صبغة اصطناعية في التاريخ
الولايات المتحدة – نجح فريق بحثي بقيادة جامعة ولاية واشنطن في إحياء تقنية تصنيع “الأزرق المصري”، أقدم صبغة اصطناعية عرفها البشر، والتي استخدمها قدماء المصريين قبل خمسة آلاف عام.
وهذا الإنجاز العلمي يمثل جسرا بين الحضارات القديمة والتقنيات الحديثة، حيث كشف الباحثون عن أسرار كانت مطمورة في طيات التاريخ.
وفي دراسة نشرتها مجلة NPJ Heritage Science، تمكن الفريق من تطوير 12 وصفة مختلفة لتصنيع هذه الصبغة باستخدام تركيبات متباينة من المواد الخام وفترات تسخين متفاوتة. وجاء هذا العمل ثمرة تعاون بين جامعة واشنطن ومؤسستين مرموقتين هما متحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي ومعهد الحفظ التابع لمؤسسة سميثسونيان.
ويقول البروفيسور جون مكلوي، المؤلف الرئيسي للدراسة ومدير كلية الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد، إن هذه الأبحاث تقدم نموذجا حيا لكيفية إسهام المنهج العلمي الحديث في كشف النقاب عن أسرار الماضي الإنساني. ويضيف أن الدراسة تبرز قدرة التقنيات التحليلية المتطورة على قراءة التاريخ المخفي في القطع الأثرية.
وعلى الرغم من المكانة المرموقة التي احتلتها هذه الصبغة في الحضارة المصرية القديمة، إلا أن الشواهد الأثرية على تقنيات تصنيعها بقيت محدودة. وتشير الدراسات إلى أن المصريين القدماء استخدموا هذه الصبغة كبديل اقتصادي للمعادن النفيسة، مثل الفيروز واللازورد، حيث وظفوها في تزيين الأخشاب والأحجار وفي صناعة الكرتوناج، وهي مادة تشبه الورق المقوى.
وما يثير الدهشة هو التباين الكبير في درجات اللون التي يمكن الحصول عليها من هذه الصبغة، حيث تتراوح بين الأزرق القاتم والرمادي الباهت والأخضر، وذلك حسب نسب المكونات ومدة المعالجة الحرارية.
ورغم أن الرومان حافظوا على استخدام هذه التقنية بعد المصريين، إلا أن المعرفة الدقيقة بطريقة تصنيعها اندثرت بحلول عصر النهضة.
وفي العقد الأخير، شهدت الأوساط العلمية اهتماما متجددا بهذه الصبغة، لا لأهميتها التاريخية فحسب، بل لخصائصها الفريدة التي تفتح آفاقا لتطبيقات تكنولوجية حديثة.
ويكشف البروفيسور مكلوي أن هذه المادة تتميز بخواص بصرية ومغناطيسية غير اعتيادية، حيث تصدر أشعة تحت حمراء غير مرئية يمكن توظيفها في مجالات متعددة مثل بصمات الأصابع المتقدمة وأنظمة الحبر المضاد للتزوير. كما تشترك في خصائص كيميائية مع المواد فائقة التوصيل في درجات الحرارة العالية.
وبدأ المشروع بدافع أكاديمي بحت، عندما طلب متحف كارنيجي من الفريق البحثي إعادة إنتاج بعض المواد القديمة لعرضها في قاعاته. لكن ما بدأ كتجربة علمية تحول إلى مشروع بحثي جاد بفضل الاكتشافات المثيرة التي توصل إليها الفريق.
ولتحقيق فهم أعمق لتركيبة الصبغة، استعان الفريق البحثي – الذي ضم متخصصين في علم المعادن والمصريات – باثني عشر تركيبة مختلفة من ثاني أكسيد السيليكون والنحاس والكالسيوم وكربونات الصوديوم. وتم تسخين هذه المواد في أفران تصل حرارتها إلى 1000 درجة مئوية، لمدة تتراوح بين ساعة واحدة و11 ساعة، لمحاكاة الظروف التكنولوجية التي كانت متاحة للفنانين القدامى.
وبعد عمليات التبريد التي تمت بمعدلات مختلفة، خضعت العينات لفحوصات دقيقة باستخدام أحدث تقنيات المجهر والتحليل العلمي، مع مقارنتها بعينتين أصليتين من القطع الأثرية المصرية.
وكشفت النتائج عن تنوع كبير في درجات اللون الأزرق المصري، حيث تبين أن جودة الصبغة وخصائصها تعتمد بشكل كبير على مكان وتاريخ تصنيعها. والأكثر إثارة أن الباحثين اكتشفوا أن الصبغة النهائية تظهر تباينا كبيرا في التركيب على المستوى الجزيئي، حيث لاحظوا أن الحصول على اللون الأزرق المكثف لا يتطلب سوى وجود 50% من المكونات الزرقاء الأساسية، بينما يمكن أن تتكون النسبة المتبقية من مواد أخرى دون أن يؤثر ذلك بشكل جذري على اللون النهائي.
المصدر: ساينس ديلي