قالت الدكتورة روحية مصطفى، أستاذة الفقه بجامعة الأزهر، أن القبلة تُعتبر رمزًا عظيمًا لوحدة المسلمين في شتى بقاع الأرض، حيث تتجاوز كونها مجرد اتجاه للصلاة لتصبح تعبيرًا عميقًا عن وحدة القلوب والأرواح في طاعة الله، كما أن توجيه المسلمين نحو الكعبة، التي تعتبر البعد الديني والروحي للقبلة، يعزز من الخشوع وتجديد النية في العبادة، ويُعتبر تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حدثًا تاريخيًا يحمل دروسًا عظيمة عن الطاعة والهوية والاستقلال الديني، فهذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الاتجاه، بل كان بمثابة امتحان لكل الطوائف، بما في ذلك المسلمين والمشركين واليهود.

وأضافت أستاذة الفقه بجامعة الأزهر، خلال الملتقى الأسبوعي الذي ينظمه الجامع الأزهر ضمن البرامج الموجهة للمرأة، أن القبلة دورًا محوريًا في ترسيخ وحدة الأمة الإسلامية، حيث يتجه إليها المسلمون من مختلف الثقافات واللغات في صلاة موحدة تُعبر عن الأخوة والتلاحم بينهم، ولا تقتصر هذه الوحدة على البعد الروحي فحسب، بل تمتد لتشمل الأبعاد الجغرافية والعلمية، حيث ساهمت القبلة في تطوير علوم مثل الفلك والجغرافيا لتحديد اتجاهها بدقة، مما انعكس على تخطيط المدن والمساجد، كما أن للقبلة بعدًا جغرافيًا وعلميًا مهمًا، حيث ساهمت في تعزيز العلوم التي تتعلق بتحديد الاتجاهات، مما انعكس على بنية المجتمع المسلم. القبلة تُعبر عن قيم التلاحم والتعاون بين الأفراد، لتظل مصدر إلهام للأجيال القادمة في تعزيز الروابط الروحية والاجتماعية.

من جانبها أشارت الدكتورة فاطمة عبد المجيد، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، إلى أن تحويل القبلة كان توحيداً للأمة من كل اتجاه في أنحاء الأرض جميعاً، حيث وحد الله أمة الإسلام في رسولها ودينها وقبلتها، وهذا التوحيد لم يكن مجرد مناسبة دينية، بل كان حدثًا فارقًا في تاريخ الأمة الإسلامية.

وتابعت أستاذة البلاغة والنقد: ويُستفاد من حادث تحويل القبلة دروسًا كثيرة، أهمها توضيح مكانة المسجد الأقصى والبيت الحرام، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التربية الإيمانية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أظهر هذا الحدث تسليمهم المطلق لتوجيهات رب العالمين، مما يعكس عمق إيمانهم ووحدتهم في طاعة الله، ولقد ساهم هذا الحدث في تميز الصف المسلم، وكشف عن سرائر الحاقدين والمُرجفين.

واختتمت حديثها بقولها: إن القبلة ستظل رمزًا خالدًا لوحدة المسلمين، وتُعبر عن قيم التلاحم والتعاون بين الأفراد، مما يُعزز من روح الأخوة والانتماء في قلوبهم في عالم مليء بالتحديات، وستظل القبلة نقطة التقاء المسلمين في عبادة إله واحد، مما يُعزز من وحدة الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر الكعبة المسلمين الفقه القبلة المزيد الأمة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

هل يجوز سجود الشكر دون وضوء وفي غير اتجاه القبلة؟ .. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، مفاده: "هل يصح أداء سجدة الشكر من غير وضوء؟".

وأجابت قائلة: هناك آراء فقهية معتبرة تجيز ذلك، وإن كان من الأفضل للمسلم أن يكون على طهارة، مستقبلاً القبلة عند أداء سجدة الشكر.

وفي هذا السياق، بيّن الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن سجدة الشكر مشروعة عند تحقق نعمة أو اندفاع بلاء، وهي ليست بدعة كما يظن البعض، بل هي وسيلة للتعبير عن الامتنان لله- تعالى- على فضله وإنعامه.

دار الإفتاء أكدت في فتوى سابقة جواز السجود للشكر دون طهارة، استنادًا إلى مذهب المالكية وعدد من العلماء الآخرين، وأوضحت أن الأفضلية تظل في أن يكون المسلم متوضئًا، متوجهًا إلى القبلة، وينوي السجود ويكبر ثم يهوي ساجدًا، ويختم بالسَّلام.

الفتوى أشارت إلى أن من فاجأته نعمة أو خبر سار، وتعذر عليه الوضوء أو الاستعداد الكامل للصلاة، فلا حرج عليه أن يسجد لله شكرًا على حاله، حتى لو لم يكن على طهارة أو لم يتوجه إلى القبلة، مستندة إلى آراء من أجاز ذلك من العلماء.

هل يجوز سجود المرأة على حجابها في الصلاة؟.. أمين الإفتاء يوضحما حكم سجود التلاوة بغير وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب

ومن الأمثلة العملية على ذلك، ما ورد في سؤال أحد لاعبي كرة القدم، حيث أوضح أنه يسجد شكرًا عند إحراز هدف خلال المباراة، وقد لا يكون متوضئًا في تلك اللحظة، متسائلًا عن مدى مشروعية هذا السجود. فجاءت الإجابة بأن هذا الفعل جائز ما دام نابعا من الشكر لله على نعمة أو دفع ضرر.

دار الإفتاء استشهدت في فتواها بآيات من القرآن الكريم تحث على الشكر، منها قوله- تعالى-: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة: 152]، وأيضًا: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} [النساء: 147]، و{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].

شروط سجدة الشكر

فيما يتعلق بشروط سجدة الشكر، أوضحت دار الإفتاء أن هناك من يشترط لها ما يُشترط لصلاة النوافل، من طهارة وستر للعورة واستقبال للقبلة، على اعتبار أنها سجود لله يقصد به التقرب، وله تكبير وسلام، مما يجعله أشبه بالصلاة.

غير أن هناك رأيًا آخر – ذكرته الدار – يذهب إلى عدم اشتراط هذه الأمور، استنادًا إلى فعل الصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا يسجدون للشكر فور سماعهم خبرا مفرحا، دون أن يُروى أن النبي ﷺ أمرهم بالوضوء أو استقبال القبلة.

كما فرّق العلماء بين سجود الشكر والصلاة من حيث الأحكام، فالقراءة والركوع غير موجودين في سجود الشكر، كما أنه لا يشترط فيه المصافة، ويجوز للمنفرد أن يسجد خلف إمام يقرأ، وهو ما لا يتفق مع أحكام الصلاة.

وخَلُصَت دار الإفتاء في فتواها إلى أن جمهور العلماء يُوجبون الطهارة لسجدة الشكر، في حين يذهب جمع من الفقهاء المعتبرين إلى عدم اشتراطها، ما يمنح المسلم سعة في الأمر، لا سيما إذا باغتته النعمة أو زال عنه البلاء فجأة.

طباعة شارك دار الإفتاء سجدة الشكر القبلة سجود الشكر اتجاه القبلة الطهارة

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد النبوي يوصي المسلمين بالمداومة على الحسنات وتجنب السيئات
  • رابطة علماء اليمن تُدين العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية
  • هل يجوز إمامة المرأة للنساء وأين تقف في الصلاة؟ اعرف الطريقة
  • عضو بهيئة كبار العلماء: الحجاج أدوا فريضتهم بفضل الله وتعاون المسلمين ومنهجية المملكة
  • حكم الصلاة ببنطلون ضيق للنساء والرجال .. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يجوز سجود الشكر دون وضوء وفي غير اتجاه القبلة؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • حجاج فلسطين يطلعون على مراحل طباعة المصحف الشريف وجهود إيصاله لعموم المسلمين
  • أمين البحوث الإسلامية: تواجد يومي لوعاظ وواعظات الأزهر في المطارات والموانئ لتوعية الحجاج
  • ملتقى “بالوطني الاتحادي” يناقش مشروع قانون الحساب الختامي للاتحاد
  • ‏وما زال أهل غزة يُذبحون!