لغزة سيفٌ لا يُكسر، ولأبناء الضيف عاليات الهِمم! وانتصرت غزة رغم كلّ ما فيها من رِمم، وعلى عين حكّام العار إذ تجمعهم على العار.. قِمَم!
إن كنت تعبد ا
وتبكيك الأمة بكلها يا سماحة السيد الأمين حسن، يا نصر الله، باستثناء من حقّ عليهم القول وكانوا من الغابرين.
قليلون من يبكيهم الناس هكذا، وقليلةٌ هي اللحظات التي يختلط فيها فخرنا بالحزن، هكذا! ليكون الدمع المسكوب عهدًا، يا شهيد، على طريق الفتح القريب.
إننا- أيضًا- و”إذ نستشهد ننتصر”!
لقد كنت دائمًا منصورًا بإذن الله، يا سماحتك، وما زال يعلو بين الناس ذكرك يا سماحة العشق، فيما يمتدّ نسغٌ بين دمٍ ودم، ومن بيروت حتى كربلاء فثمّة انتصار حسينيّ يتجدد، وبعهد جدّه فقد أوفى بها دمك الحفيد.
دعك من بقية التفاصيل، يا دمعي الذي شقّ من فرط الإلحاح طريقًا، إنك شاهدٌ- يا دمعي- على أنّ سيّد المقاومة سيّد قلوبنا، ومحبوبها، وأن عصرنا هذا كان موفور الحظ، بالطبع، لأنّه برغم العتمات فقد كان شاهدًا على نور، وبرغم الصغار فقد مرّ عليه كبارٌ، لتأكيد أنّ للحقّ دائمًا صولتَهُ، وأن لدم الحسين في كلّ عصرٍ من يجدّده؛
ولنصر الحسين من يؤكده، عيانًا، في كل زمن!
يا سيّدي ومثل جدّك ما زال يبغضك الأراذل!
جمعٌ ممن لا يملكون سيرةً ذاتيّةً محترمة،
نذكرك فتستعر النار في قلوب الشياطين، والحقد في أكباد معدوميّ الشرف، ويقهرهم بين الناس حضورك شهيدًا، كما كان يقهرهم حضورك على الدّوام.
قومٌ لا يملكون ما يفخرون به،
ولا يعرفون رجلًا يفخرون به، ويكون مستحقًّا حتى للالتفات إليه.
وأما أنت، يا دمعنا!
كن فخورًا لأنك لم تخرج إلا على نهج سيّدٍ عظيم،
وإن للدموع معاركها، وإن للدموع مسالكها، وإن للدموع فخرها، إذ لا تستوي دمعةٌ بدمعة، ولا يستوي بكاءٌ بأخيه!
وثانيًا، يا دمعنا، فصدقني؛
مع الوقت فإن روح الشهيد يتشرّبها محبّوه، ومع الوقت فإنهم يستلهمون مواقفه، وأكثر من أيّ وقتٍ مضى تثبت في الوجدان صورته.
بدون أن يقول، يصبح مفهومًا لديك ما يتوجب عليك فعله، تتذكّر مع الوقت كم كنت في بعض الأوقات مجانبًا للحكمة، ومع الوقت أيضًا فإن ثمار تربيته تتبدى في تلاميذه، وأكثر حتى مما كانوا يتوقّعونه.
بالنسبة للعدو فقد احترقت أمامك كلّ أوراقه، لم يعد لديه ما يدعوك للخوف.
وأما أنت، يا أنا!
لحظاتٌ هي، لا أكثر، ويمدّك الحزن بطاقاته، لحظاتٌ ويشتد عودك، وبالتأكيد فإن السكينة إذ تتنزل على قلبك فإنها من جند الله.
فقط، لا تفقد الثقة. كل ما يأمرك الله به أن تثق.
الصبر محض واحدةٍ من الثمار، وفي الفقد أيضًا دروسٌ للتقوية.
وكما أن العدو يستهدف صبرك، فإن الله يحفظها عن الجزع.
ما دمت “على ثقة”، فسوف يأتيك من الله عاصم.
ويبقى عليك أن تتذكر:
حتى من الناحية العملياتية البحتة، من لطف الله أن ختمها سماحة السيد حسن بشهادة.
لأنّ الشهادة، بالذات، تمنح في جسد المقاومة من روحها طاقةً استثنائية، دافعًا مبدئيًا، ورؤيةً بالغة الوضوح بشأن الخطوة المطلوبة القادمة.
أمامها فإنّ أحزانك يمتصّها الميدان، يتحول بلطفٍ من الله إلى غضبٍ فعّال. يدعوك إلى التحرّك السريع إذ يحكمك الموقف.
والتحرك المضبوط بلا تراخٍ.
وما دمت مع الله فإن الله دائمًا معك.
تذكر!
بالنسبة للواثق بالله فلا خوف.
كل ما تراه خير، حتى ولو لم تسعفك في مواقيتها حكمة الاستجلاء.
والشهادة حتمًا بالنسبة للمؤمنين خيرٌ مطلق، لا شرّ فيها.
بالنسبة للشهيد، وبالنسبة لجماعة المؤمنين أيضًا.
هذه قاعدةٌ عامة،
وعلى نحوٍ مطلق!
وأما أنت، يا كلّ صادق الحزن قَلِق!
لو كان في الشهادة ما يضعف الأمة ما كانت إحدى الحسنيين، ولأن الله بعباده رؤوفٌ رحيم، وما كان ليدعوك للقتال من باب العبث، حاشا، ولا كان ليرفع من قدر الشهداء هكذا؛
ما لم تكن الشهادة- بذاتها- من أهم ما تقوى به الأمة!
لهذا فتيقن:
مع كلّ شهيدٍ إضافي، فإن ساعة الفتح تقترب!
ما لم تفقد إزاء ملماتها صبرك.
أي: ما لم تنهدّ نفسك!.
ما لم يمسّك وهن، فإن الشهداء يمنحونك للنصر دفعةً جديدة، تختصر الطريق عليك!
لهذا فكن فقط مع الله، ولا تجزع.
وحينها فإن تدابيره ستكون حتمًا معك.
وبمنأى عمّا قدّمه سماحة السيد حسن لأمته في حياته من انتصارات، ومن قوة، ومن أعمالٍ جليلة.
فإن الشهادة- بالذات- كانت أعظم انتصاراته.
عليك أن تتيقن من هذا الأمر،
لأنها- ببساطة- من سنن الله ورحماته على عباده الشهداء؛
وعلى سائر الأمّة.
ولتعلمنّ نبأهُ بعد حين!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: مع الوقت
إقرأ أيضاً:
الجنوب المحتل.. مسرح لتصادم الأطماع الخارجية وضريبة “مصادرة القرار”
لم يعد خافياً على أي مراقب منصف أن ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ليس “فشلاً إدارياً” عابراً، بل هو نتيجة حتمية وممنهجة لمصادرة القرار السيادي، وارتهان “أدوات الداخل” لأجندات “كفلاء الخارج”. المشهد في عدن وحضرموت وشبوة اليوم يقدم الدليل القاطع على أن الأرض التي يدوسها المحتل لا تنبت إلا الفوضى، وأن الأمن والرخاء لا يتحققان إلا بامتلاك القرار الحر، تماماً كما هو الحال في المحافظات الحرة (الشمالية).
فيما يلي تفكيك لهذا المشهد المأساوي من منظور وطني يكشف خفايا الصراع:
1. صراع الوكلاء: عندما يتقاتل “الكفلاء” بدماء اليمنيين
الحقيقة التي يحاول إعلام العدوان طمسها هي أن الاقتتال الدائر في الجنوب ليس صراعاً يمنياً-يمنياً، بل هو انعكاس مباشر لتضارب المصالح بين قوى الاحتلال (السعودية والإمارات).
* أدوات مسلوبة الإرادة: المكونات السياسية والعسكرية في الجنوب (سواء ما يسمى بالانتقالي أو الفصائل المحسوبة على حزب الإصلاح وبقية المرتزقة) لا تملك من أمرها شيئاً. هي مجرد “بيادق” يتم تحريكها أو تجميدها بريموت كونترول من الرياض وأبو ظبي.
* النتيجة: عندما تختلف قوى الاحتلال على تقاسم النفوذ أو الموارد، تندلع الاشتباكات في عدن أو شبوة. وعندما يتفقون، يسود هدوء حذر ومفخخ. المواطن الجنوبي هو الضحية في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقودها أبناؤه، وغايتها تمكين الأجنبي.
2. التباين الصارخ: “نموذج السيادة” مقابل “نموذج الوصاية”
المقارنة المنصفة بين الوضع في صنعاء (عاصمة السيادة) وعدن (عاصمة الوصاية) تكشف جوهر الأزمة:
* في المحافظات الحرة: بفضل الله وحكمة القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله)، امتلكت صنعاء قرارها. طردت الوصاية الأجنبية، فتحقق الأمن والاستقرار، وتوحدت الجبهة الداخلية رغم قسوة الحصار والعدوان. لا يوجد “سفير” يملي الأوامر، ولا ضابط أجنبي يتحكم في المعسكرات.
* في المحافظات المحتلة: السيادة منتهكة بالكامل. القواعد العسكرية الأجنبية تنتشر من مطار الريان في حضرموت إلى جزيرة ميون وسقطرى التي تعبث فيها الإمارات وتفتح الباب للكيان الصهيوني. الفوضى الأمنية، الاغتيالات، والاشتباكات اليومية هي “المنتج الحصري” للاحتلال الذي يرى في استقرار اليمن خطراً على مصالحه.
3. الحرب الاقتصادية.. التجويع سلاح المحتل
ما يعانيه المواطن في الجنوب من انهيار للعملة وغلاء فاحش ليس قدراً محتوماً، بل سياسة “تركيع” متعمدة.
* نهب الثروات: لسنوات، كان النفط والغاز اليمني يُنهب وتورد عائداته إلى البنك الأهلي السعودي، بينما يموت اليمني جوعاً.
* معادلة الردع: عندما تدخل أنصار الله وفرضوا “معادلة حماية الثروة” ومنعوا سفن ناهبي النفط من الاقتراب من الموانئ الجنوبية، كان الهدف حماية ثروة الشعب اليمني (في الجنوب والشمال) من السرقة. هذه الخطوة السيادية أثبتت أن صنعاء هي الحارس الأمين لمقدرات اليمن، بينما أدوات الاحتلال كانت تشرعن النهب مقابل فتات من المال المدنس.
4. سقطرى والمهرة.. الأطماع تتكشف
لم يأتِ تحالف العدوان لإعادة “شرعية” مزعومة، بل جاء لأطماع جيوسياسية واضحة كشفتها تقارير قناة المسيرة والواقع الميداني:
* السيطرة على الجزر والموانئ والممرات المائية.
* محاولة مد أنابيب النفط عبر المهرة لتجاوز مضيق هرمز.
هذه المشاريع الاستعمارية تواجه اليوم رفضاً شعبياً متصاعداً من أحرار المهرة وسقطرى، الذين أدركوا أن “التحالف” ما هو إلا احتلال جديد بثوب آخر.
الخلاصة: الحل في “التحرر”
إن حالة الفوضى العارمة، وغياب الخدمات، وتعدد الميليشيات في الجنوب، هي رسالة واضحة لكل ذي عقل: لا دولة بلا سيادة، ولا كرامة في ظل الاحتلال.
النموذج الذي يقدمه أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى في صنعاء يثبت أن امتلاك القرار المستقل، ورفض التبعية، هو الطريق الوحيد لبناء الدولة وحفظ الأمن. وما يحدث في الجنوب هو تأكيد صحة الموقف الوطني منذ اليوم الأول للعدوان: الرهان على الخارج خاسر، والأجنبي لا يبني وطناً، بل يبني سجوناً وقواعد عسكرية. الحل يبدأ من حيث انتهى الشمال: طرد المحتل، واستعادة القرار، وتطهير الأرض من الغزاة وأدواتهم.