تتعدد وتتنوع مصادر المعرفة في كل زمان ومكان، غير مقتصرة على مجال واحد. فقد كانت البشرية في البداية- كما وصلنا- شفهية في تلقيها للمعرفة؛ تنتقل بينهم إما بالملاحظة، أو بالحديث أو بالتجربة. وتعدّ هذه الأساليب اليوم بدائية للغاية، وبطيئة لدرجة كبيرة، بحيث إن الإنسان الأول قضى قرونًا طويلة، حتى اكتشف النار مثلًا والعجلة، أو حتى اكتشف أمورًا نعدها نحن اليوم بديهيات أو حقائق مفروغًا منها.
أما اليوم، فإن مصادر المعرفة، أصبحت أكثر تنوعًا وشمولية وسهولة من تلك الأيام، لكن الكتاب بمختلف أشكاله، يأتي في مقدمتها؛ مصنوعًا من الجلود، أو أوراق البردي، أو الأوراق العادية، أو الكتب الرقمية.
ويتميز الكتاب عن غيره من مصادر المعرفة، بميزات عديدة، تجعل من الصعب جدًّا الاستغناء عنه بغيره؛ فهناك عدد كبير من الكتب في العالم، يقدر بعشرات الملايين، تغطي مختلف حقول المعرفة؛ من التاريخ إلى الأدب بصنوفه، إلى العلوم بمختلف فروعها، إلى الأمور الدينية والفنون المختلفة. كل هذه العلوم، يمكن الإحاطة بأي منها بمجرد التقاط كتاب والبدء بقراءته، في حين أن الأمر أصعب من هذا، حين استخدام وسائط معرفة أخرى كالتلفاز مثلًا الذي لا تتوفر فيه جميع العلوم.
هناك إيجابيات كثيرة في التلفاز (خاصة برامجه العلمية أو الوثائقية)؛ منها قدرته الكبيرة على الإفهام، وإيصال المعلومة، بما يتضمنه من صور ثابتة ومتحركة، وأصوات ومؤثرات أخرى، تجعله يشد مشاهده وقتًا طويلًا دون ملل، في حين أن قارئ الكتاب قد يملّ ويتثاءب بعد دقائق من فتحه لكتاب. لكن برامج التلفاز وبمختلف لغات العالم مهما كثرت وامتدت، فإنها لا يمكنها إلا أن تتضمن جوانب محدودة جدًّا ممّا تتضمنه أكثر من 100 مليون كتاب كتبها الإنسان.
كما تعدّ الكتب (الورقي منها على وجه الخصوص) أرخص وسائط المعرفة وأسهلها وأقربها على الدوام إلى الإنسان. وهي ليست بحاجة إلى طاقة لتشغيلها، خفيفة الوزن ثقيلة من حيث المحتوى والمضمون، لكنها تحمل في طياتها أفكار كبار المفكرين والفلاسفة والمثقفين في العالم عبر مئات وآلاف السنين، صبوا فيها خلاصة أفكارهم على مدى عشر سنين أو عشرين أو حتى أربعين وخمسين سنة، ننهل منها ونحن جالسون في مكان هادئ وجميل.
هذا ما يتميز به الكتاب عن غيره من وسائط المعرفة، وهو ما عبَّر عنه عالم الاجتماع البريطاني أندرو روس حين قال:( إن أصغر مكتبة تحتوي بداخلها على أفكار أكثر قيمة مما قُدِّم طوال تاريخ التلفزيون.)
* “الكتاب الجيد يحرر الإنسان الذي يقرؤه، أما التلفزيون الجيد، فيعتقل الإنسان الذي يشاهده”. -مصطفى محمود-
@yousefalhasan
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
مراقب تعليم الرجبان: نعتذر للطلاب والمعلمين بسبب غياب الكتب… و”الوضع أصبح مملًّا”
مراقب تعليم الرجبان يشتكي تأخر توزيع الكتب المدرسية وتفاقم معاناة الطلاب والمعلمينليبيا – تحدث سعيد أمليص، مراقب تعليم الرجبان، عن تأخر توزيع الكتب المدرسية وما يسببه ذلك من معاناة للطلاب والمعلمين في مدارس المدينة، مؤكداً أن سوء الإدارة أدى إلى تكرار الأزمة رغم انطلاق العام الدراسي.
أزمة تأخر وصول الكتب المدرسية
أمليص أوضح في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار”، أن المراقبة أصبحت تقدم الاعتذار لأولياء الأمور وللمعلمات بسبب هذه المأساة المتكررة، مشيراً إلى استمرار “التكاسل والتباطؤ” في توفير الكتب رغم بدء الدراسة، وأن موظفي المخازن حافظوا على كميات محدودة من الكتب السابقة ليتم توزيعها بشكل جزئي على المدارس.
انعكاسات الأزمة على العملية التعليمية
وأشار إلى أن المراقب يفترض به متابعة أداء المعلمين، لكن الأزمة جعلته يتهرب من سؤال المعلمين والمعلمات عن الكتب، متسائلاً: “كيف سيدرس الطالب من ورقة مصورة؟ وكيف ستدرس الأم والمعلمة؟”. ونقل عن أحد طلاب الصف الخامس قوله: “لا يوجد لدي كتاب الحاسوب ولا التربية الإسلامية”.
غياب الأسباب الواضحة والحلول المؤكدة
وبيّن أمليص أنه لا يمتلك إجابة واضحة حول سبب عدم وصول الكتب، قائلاً إن الرد المتكرر في الاجتماعات كان: “سيأتي الكتاب”، محذراً من أن الأزمة ليست بسيطة وتتطلب جهداً من الوزارة لإيجاد حل عاجل.
دعوة لإنهاء الأزمة بشكل جذري
وختم أمليص بالقول إن الوضع أصبح “مملًّا”، وأن المراقبة التعليمية باتت تعتذر بدلاً من مطالبة المعلمين بالواجبات، داعياً الدولة للتدخل السريع لضمان سلامة العملية التعليمية وحماية مصلحة الطلاب والمعلمات.