دماغ الإنسان يحتوي على ما يعادل ملعقة من البلاستيك
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
ارتفعت مستويات البلاستيك الدقيق الموجودة في البيئة في العقود القليلة الماضية، حيث تجاوز الإنتاج الحالي للبلاستيك 300 مليون طن سنويًا، ويقدر أن 2.5 مليون طن تطفو في محيطات العالم اعتبارًا من عام 2023، أي أكثر من 10 أضعاف مستويات عام 2005.
ووفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة "نيتشر ميديسن"، فإن هذا الارتفاع الهائل في التلوث بالبلاستيك الدقيق على مدى السنوات الخمسين الماضية ينعكس على زيادة التلوث في أدمغة البشر بمستويات صادمة مقارنة بأعضاء الجسم الأخرى.
بحثت الدراسة في عينات من أنسجة الدماغ التي تم جمعها من 47 جثة في عامي 2016 و2024، وكلها مأخوذة من القشرة الأمامية، وهي جزء الدماغ المسؤول عن التفكير والتخطيط واتخاذ القرار وحركة العضلات وأداء الأعمال والحركات الإرادية والكلام والتحكم العاطفي.
كما نظر الباحثون من مركز علوم الصحة بجامعة نيو مكسيكو وجامعة ولاية أوكلاهوما وجامعة ديوك وجامعة ديل فالي إن كالي في كولومبيا، في عينات الكبد والكلى من الأجسام نفسها، وحللوا جميع الأنسجة باستخدام التصوير المجهري والتحليل الجزيئي لتحديد التركيب الكيميائي.
ووجدت النتائج أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات بلاستيكية يقل حجمها عن 5 مليمترات، تتراكم في الدماغ البشري بمستويات أعلى بحوالي 10 مرات مقارنة بالكبد والكلى.
إعلانووجدت الدراسة أيضًا أن مستويات البلاستيك الدقيق في عينات الدماغ التي تم جمعها في عام 2024 زادت بنسبة 50% مقارنة بعينات عام 2016، مما قد تشير إلى ارتفاع التعرض البيئي للبلاستيك الدقيق.
TL;DR plastic in your brain is bad. https://t.co/8nGmgZXyIV pic.twitter.com/LN5PEwDEe9
— Nicholas Fabiano, MD (@NTFabiano) February 3, 2025
كما أظهرت العينات أن عدد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في عينات الأدمغة كان أعلى بنحو 7 إلى 30 مرة من تلك الموجودة في أعضاء الجسم الأخرى.
ملعقة كاملةهذه الكمية من البلاستيك الدقيق التي وجدها الباحثون في أدمغة البشر، كانت صادمة بالنسبة للبروفيسورة تامارا جالواي، أستاذة علم السموم البيئية بجامعة إكستر في المملكة المتحدة، والتي تقول -في تصريحات للجزيرة نت- إن هذا يعني أن "لدينا المزيد من البلاستيك في أدمغتنا اليوم مقارنة بما كان عليه قبل 8 سنوات فقط".
وبحسب الدراسة، فإن الكمية المتوسطة، ما يقرب من 4800 ميكروغرام لكل غرام من المواد البلاستيكية الدقيقة في أنسجة الدماغ، تعادل الكمية الموجودة في ملعقة بلاستيكية تزن نحو 7 غرامات.
ووسّع الباحثون التحليل بعينات أنسجة الدماغ من الأشخاص الذين ماتوا بين عامي 1997 و2013 على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وأظهرت البيانات اتجاهًا متزايدا لوجود البلاستيك الدقيق في أنسجة الدماغ من عام 1997 إلى عام 2024.
كانت الجسيمات الموجودة في أنسجة الدماغ عبارة عن شظايا صغيرة أو رقائق بلاستيكية نانوية من البولي إيثيلين، أحد أكثر أنواع البلاستيك شيوعًا في العالم، والذي يوجد في كل شيء من الأوعية البلاستيكية إلى مواد الأرضيات إلى الأجهزة الطبية، ويشكل 75% من إجمالي البلاستيك الدقيق الذي تم العثور عليه في عينات الدماغ، وفقًا لنتائج الدراسة.
وتقول جالواي، التي لم تكن جزءًا من فريق الدراسة، إن "تلك الزيادة الكبيرة في النتائج الجديدة تعكس المستويات المتزايدة من إنتاج واستخدام البلاستيك الدقيق الذي يتسلل إلى البيئة بمعدل ينذر بالخطر مع زيادة استخدام البلاستيك في جميع أنحاء العالم"، لكنها تشير إلى أن "هذه ليست الدراسة الأولى من نوعها التي تُظهر وجود مواد بلاستيكية دقيقة في بيئتنا وفي عينات الأنسجة في جسم الإنسان من قبل".
يمكن أن تكون الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والنانوية غير مرئية للعين المجردة، وتأتي من النفايات البلاستيكية الأكبر حجمًا التي تتحلل في البيئة، وتلوث الكوكب بأكمله، من قمة جبل إيفرست إلى أعمق المحيطات.
إعلانوتقول جالواي التي تركز أبحاثها على التلوث البحري والتأثيرات الصحية للملوثات على الإنسان والتنمية المستدامة للمواد الجديدة، إن "المواد البلاستيكية الدقيقة موجودة في كل مكان. نحن نستخدم البلاستيك كل يوم، وكمية البلاستيك التي نستخدمها نحن البشر وفي البيئة فقط كانت تتزايد حقًا بمرور الوقت، وتأتي من أشياء مثل الأكياس البلاستيكية وأغلفة الطعام والإطارات وزجاجات الصودا ومستحضرات التجميل"، وتضيف "نتعرض لهذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة عادةً من خلال الطعام الذي نتناوله أو ما نشربه أو في الهواء".
درس العلماء الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في المحيطات منذ سبعينيات القرن العشرين، ووجدوا أن الحيوانات البحرية تحتوي على جزيئات بلاستيكية دقيقة في أجسامها، تمتصها من الماء ومن تناول الأسماك الملوثة، كما تتراكم هذه الجسيمات في أنسجة الحيوانات الأخرى التي يأكلها الناس مثل الأبقار والدجاج.
يمكن أن تنتهي الجسيمات النانوية المعدنية في الهواء أيضًا، حيث يميل الهواء الداخلي بشكل خاص إلى احتواء المزيد من الجسيمات النانوية الدقيقة مقارنة بالهواء الخارجي، وذلك بسبب تساقط الجسيمات من البلاستيك في الملابس والأثاث والمنتجات المنزلية. بعد استنشاق هذه الجسيمات، يمكنها أن تنتقل عبر الجسم وتنتهي في أعضاء مختلفة.
ووجدت دراسة أجريت عام 2024 أدلة على أن الجسيمات النانوية الدقيقة يمكن أن تمر عبر حاجز الدم في الدماغ، وهو طبقة محكمة الإغلاق من الخلايا التي تحمي الدماغ من المواد الضارة والجراثيم وغيرها من الأشياء التي قد تسبب الضرر.
في حين كان يُعتقد سابقًا أن أصغر الجسيمات النانوية البلاستيكية فقط يمكنها عبور هذا الحاجز، وجدت هذه الدراسة أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الأكبر يمكن أن تدخل الدماغ أيضًا.
عواقب محتملةكما نظرت الدراسة في عينات الدماغ لأفراد مصابين بالخرف، ووجدت أن تركيزات البلاستيك الدقيق والنانوي كانت أعلى بنحو 3 إلى 5 أضعاف في 12 عينة من أدمغة المصابين بالخرف.
إعلانومع ذلك، قال الباحثون إن الضرر الذي يسببه الخرف في الدماغ من المتوقع أن يزيد من التركيزات، مما يعني أنه لا ينبغي افتراض أن تراكم البلاستيك الدقيق والنانوي يسبب الخرف، لكنه يُظهر ارتباطًا يجب دراسته بشكل أكبر.
وأشار العلماء إلى أنه تم تحليل عينة واحدة فقط من كل عضو، مما يعني أن التباين داخل الأعضاء لا يزال غير معروف، وأن بعض التباين في عينات الدماغ قد يكون بسبب الاختلافات الجغرافية بين نيو مكسيكو والساحل الشرقي للولايات المتحدة.
يتلوث جسم الإنسان على نطاق واسع بالبلاستيك الدقيق. وقد أثبتت الدراسات وجود البلاستيك الدقيق في الدم والسائل المنوي وحليب الثدي والرئتين البشرية والأوعية الدموية ونخاع العظام.
ووجدت دراسة حديثة أن تلوث البلاستيك الدقيق أعلى بكثير في المشيمة من الولادات المبكرة. ووجد تحليل حديث آخر أن المواد البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تسد الأوعية الدموية في أدمغة الفئران، مما يسبب تلفًا عصبيًا، لكنه لاحظ أن الشعيرات الدموية البشرية أكبر بكثير.
ومع ذلك، تقول جالواي، وهي عضو في مجموعة أبحاث علم الأحياء البيئية وشبكة إكستر البحرية، "لم نفهم حقًا التأثيرات الدقيقة لهذه المواد البلاستيكية الدقيقة أو المواد الكيميائية الموجودة بداخلها التي قد تشكلها داخل مجرى دم الشخص"، وتضيف "لا نعرف ما إذا كانت تسبب المرض، ولا نعرف كيف تصل إلى الدماغ، ومن الواضح أننا بحاجة إلى المزيد من البحث حول هذا الموضوع".
ويريد فريق البحث إلقاء نظرة على الدماغ بالكامل بعد ذلك لفهم ما إذا كان هناك تراكم أكبر للبلاستيك في منطقة معينة، ومعرفة ما إذا كان ذلك مرتبطًا بأي نتائج صحية محددة.
حلول احترازيةعلى الرغم من أن هذه الدراسة في مراحلها المبكرة، فإن العلماء يقولون إن هناك خطوات بسيطة يمكنك اتخاذها الآن للحد من التعرض للمواد البلاستيكية الدقيقة.
إعلانوفي هذا الصدد، تطرح جالواي خيارات تشمل استخدام المواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة فقط، وتهوية المنزل جيدًا، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية بانتظام لإزالة الغبار والحطام البلاستيكي، وتجنب ترك زجاجات المياه في السيارات التي يمكن أن تسخن وتزيد من تعرضك للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وتجنب منتجات التجميل التي تضيف عمدًا جزيئات دقيقة مثل مقشرات الجلد التي تحتوي على حبيبات بلاستيكية.
وتتضمن بعض الحلول الاحترازية أيضًا عدم استخدام زجاجات المياه البلاستيكية، واستبدال بعض أوعيتنا البلاستيكية بالزجاج أو الفولاذ، واستخدام الملابس التي تحتوي على ألياف طبيعية بدلاً من الألياف الاصطناعية، وعدم تسخين البلاستيك في الميكرويف لأن هذه الحرارة ستطلق هذه الجزيئات، والتفكير في استخدام ألواح التقطيع الخشبية، واستخدام تلك الأكياس القابلة لإعادة التدوير بدلاً من الأكياس البلاستيكية.
كما يعمل العلماء على تطوير حلول للحد من المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة، قد تشمل أنواعا جديدة من المرشحات لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من مياه الشرب، بالإضافة إلى محاولة استغلال نوع من الديدان يأكل البوليسترين، والفطريات والميكروبات التي تعمل على تفتيت البلاستيك في البيئة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجسیمات البلاستیکیة الدقیقة المواد البلاستیکیة الدقیقة البلاستیکیة الدقیقة فی الجسیمات النانویة البلاستیک الدقیق البلاستیک فی أنسجة الدماغ من البلاستیک الموجودة فی فی البیئة الدماغ من فی أنسجة الدماغ ا یمکن أن ا التی
إقرأ أيضاً:
دراسة تحذر : كثرة النوم قد تكون خطراً على الدماغ
في الوقت الذي تؤكد فيه الأبحاث العلمية أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد ليلاً من أجل دعم صحة الجسم والدماغ، كشفت دراسة جديدة أن النوم لفترات طويلة قد تكون له آثار سلبية على الأداء المعرفي، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب.
وحسب ما نقله موقع New Atlas عن دورية Alzheimer’s Association، فإن الدراسة التي أنجزها مركز علوم الصحة بجامعة تكساس أظهرت أن النوم المفرط، وليس قلة النوم كما هو شائع، يرتبط بانخفاض الوظائف المعرفية، مثل الذاكرة، والقدرات البصرية المكانية، والوظائف التنفيذية للدماغ.
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة سودها سيشادري، كبيرة الباحثين ومديرة معهد “جلين بيغز” لمرض ألزهايمر والأمراض العصبية التنكسية، أن تأثير النوم المفرط على القدرات الإدراكية كان أكثر وضوحاً لدى المشاركين الذين يعانون من أعراض الاكتئاب، سواء كانوا يتناولون مضادات الاكتئاب أو لا.
كما أشار الفريق البحثي إلى أن الأشخاص الذين ينامون لفترات طويلة كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن أعراض الاكتئاب، مما يعزز الفرضية القائلة إن النوم قد يكون عاملاً قابلاً للتعديل يؤثر على تدهور القدرات الإدراكية لدى هذه الفئة.
من جهتها، قالت فانيسا يونغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة ومنسقة الأبحاث السريرية في المعهد ذاته، إن “النتائج تدفع نحو إعادة النظر في علاقة النوم بالصحة الإدراكية، خصوصاً في حالات الاكتئاب”، مشددة على أهمية إجراء أبحاث مستقبلية طويلة المدى، تعتمد مناهج متعددة لتحديد مدى تأثير اضطرابات النوم على التغيرات الإدراكية بمرور الوقت.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس العالمي لصحة الدماغ يوصي كبار السن بالحصول على ما بين 7 و9 ساعات من النوم كل ليلة، من أجل الحفاظ على صحة الدماغ والوظائف المعرفية، وهو ما قد يشير إلى أهمية التوازن في مدة النوم، وتجنب الإفراط فيه، كما في حال قلّته.
كلمات دلالية الافراط الدماغ النوم تأثير دراسة