كيف يمكن تقييم رد السودان على احتضان كينيا اجتماع الحكومة الموازية؟
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
الخرطوم- تدحرجت العلاقات بين الخرطوم ونيروبي إلى مستوى الأزمة إثر استضافة الحكومة الكينية قيادات الدعم السريع وحلفائها السياسيين لتوقيع ميثاق لتشكيل حكومة موازية، وذلك بعد أقل من شهر على زيارة وزير الخارجية السوداني علي يوسف إلى نيروبي.
وقال يوسف عقب عودته لبلاده إن الموقف الكيني تجاه السودان اختلف كثيرا في الفترة الأخيرة، وأن نيروبي أعادت النظر في موقفها تجاه السودان وفقا للمعطيات الجديدة في الحرب، وأن الرئيس الكيني أبلغه بأنه لن يعترف بأي حكومة موازية في السودان أو أي دولة أفريقية.
وطوت زيارة الوزير إلى نيروبي أزمة سابقة بعد استدعاء الحكومة السودانية في يناير/كانون الثاني 2024 سفيرها لدى كينيا للتشاور، احتجاجا على استقبال الرئيس الكيني وليام روتو، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي يخوض حربا ضد الجيش السوداني منذ أبريل/نيسان 2023.
أزمة جديدةوفي تطور جديد لتوتر العلاقات بينهما، استدعت الخارجية السودانية أمس الخميس، سفير السودان لدى كينيا كمال جبارة احتجاجا على "استضافة كينيا اجتماعات المليشيا المتمردة وحلفائها، في خطوة عدائية أخرى ضد السودان" حسب بيان للخارجية.
ووصفت الوزارة موقف الرئيس روتو بالمشين، بعد "احتضانه وتشجيعه مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها".
إعلانوأضافت أن ما يجري في نيروبي هو اجتماعات بين "مليشيا الجنجويد الإرهابية وتابعيها، بهدف تأسيس حكومة موازية للحكومة الشرعية القائمة".
وذكرت الوزارة أن "نيروبي أصبحت أحد المراكز الرئيسية للأنشطة السياسية والدعائية والمالية واللوجستية للمليشيا".
ويوم الثلاثاء الماضي، أبدت وزارة الخارجية السودانية أسفها لسماح كينيا بإقامة فعالية "الميثاق السياسي"، الممهد لتشكيل حكومة الدعم السريع الموازية، معتبرة ذلك تشجيعا للانقسام وإعلانًا لمعاداة الشعب السوداني.
وقال وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر الأربعاء الماضي، إن اجتماعا مشتركا بين مجلسي السيادة والوزراء، قرّر تكوين لجنة للتعامل مع الموقف الكيني، بعد استضافة نيروبي مؤتمرا يمهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وفي المقابل قالت الحكومة الكينية قي بيان إن استضافتها لاجتماعات مجموعات سودانية في نيروبي تأتي في إطار سعيها لإيجاد حلول لوقف الحرب في السودان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وأكدت الحكومة الكينية في بيانها أنها تسعى لمساعدة السودان في العودة إلى الاستقرار الأمني والسياسي عبر حكم مدني.
وراء الكواليسوتقول مصادر أفريقية في مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا للجزيرة نت، إن عواصم أفريقية نقلت للرئاسة الكينية مخاوفها من اتجاه قوات الدعم السريع إلى تشكيل حكومة موازية لأن ذلك سيكون سابقة في القارة خاصة أن مجموعات ومليشيات مسلحة تنشط في عدة دول بالمنطقة.
وتفيد المصادر -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- أن تعليق المؤتمر الصحفي للدعم السريع المعلن الخميس في نيروبي ربما يعكس عدم سماح السلطات الكينية بإعلان تشكيل الحكومة الموازية وترتيباتها من أراضيها وأن لا يتجاوز اجتماع القوى السودانية الحفل السياسي، حتى لا تفقد دورها في السلام.
إعلانمن جانبه كشف رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي أن الترتيبات لإقامة احتفال توقيع ميثاق التأسيس وإعلان حكومة موازية بدأت من أسابيع طويلة، وكانت كل التدابير تتجه لإقامة الاحتفالات والتوقيع والإعلان عن الحكومة في العاصمة الأوغندية كمبالا.
ولكن الرئيس الأوغندي يوري موسيفني بحكم خبرته السياسية الطويلة ومعرفته بمخاطر ما يجري وتأثيره على بلاده، اعتذر عن استضافة الاجتماعات حسب منشور الزريقي.
ويوضح الزريقي أن وليام روتو تعهد خلال زيارة وزير الخارجية السوداني إلى نيروبي بمنع أي حدث من شأنه إعلان حكومة موازية ينطلق من بلاده، وأكد التزامه بحسن الجوار ورغبته في تحسين العلاقات وزيارة السودان.
ووفقا للرزيقي فإن قيادات كينية سياسية وأمنية أبلغت الجانب السوداني حرصها على عدم تورط بلادها في الشؤون الداخلية للسودان، وألمحوا إلى أن الرئيس روتو والحكومة الكينية يتعرضون لضغوط خارجية كثيفة من أجل استضافة اجتماع قوات الدعم السريع وحلفائها رغم قناعتهم أن ذلك يضر ببلادهم ومواقفها.
من جانبه يقول الكاتب والباحث السياسي وليد الطيب للجزيرة نت، إن الرئيس الكيني له علاقات تجارية ومالية ضخمة مع قيادة الدعم السريع وأن تلك "الشهية التجارية" تجعل روتو يستجيب لضغوط قوى إقليمية وثيقة الصلة بـ"حميدتي" ولديها استثمارات كبيرة في بلاده.
وتدرك الحكومة السودانية مصادر قوتها، ولكنها تتبنى أسلوبا متدرجا في موقفها ورد فعلها تجاه نيروبي، وتسعى لإحباط تأسيس حكومة موازية من أراضي كينيا في هذه المرحلة على الأقل حسب الطيب.
وبرأيه فإن للسودان أوراقَ ضغط يمكنه استخدامها في مواجهة كينيا، منها إغلاقُ مجاله الجوي أمام الطيران الكيني مما يزيد من كلفة تشغيله، وكذلك وقف استيراد الشاي والبن من كينيا، إلى جانب خيارات التصعيد الدبلوماسي.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخارجیة السودانی قوات الدعم السریع الحکومة الکینیة حکومة موازیة فی نیروبی
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تفرض عقوبات على قيادات قوات «الدعم السريع» في السودان
فرضت المملكة المتحدة اليوم عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع في السودان، بعد الاشتباه بارتكابهم انتهاكات جسيمة تشمل القتل الجماعي، والعنف الجنسي، والاعتداء المتعمد على المدنيين في مدينة الفاشر.
ووفق البيانات الرسمية، من بين المستهدفين بالعقوبات عبد الرحيم حمدان دقلو، أخ ونائب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول حميدتي، إلى جانب ثلاثة قيادات أخرى يُشتبه في ضلوعهم بالجرائم المذكورة.
وتشمل العقوبات تجميد أرصدة المستهدفين ومنعهم من دخول المملكة المتحدة، في خطوة تهدف إلى مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات وحماية المدنيين من المزيد من الانتهاكات.
وفي تعليقها على الإجراءات، قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن الفظائع التي ارتُكبت في السودان مروعة وتشكل وصمة في ضمير العالم، مؤكدة أن عمليات الإعدام الجماعي، والتجويع، واستخدام الاغتصاب كسلاح حرب لن تمر دون محاسبة.
تقرير مروع يوثق أكثر من ألف حالة اغتصاب وعنف جنسي ضد النساء في السودان
وثقت شبكة نساء القرن الإفريقي “صيحة” أكثر من 1294 حالة مؤكدة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في 14 ولاية سودانية، خلال الفترة من 2023 وحتى 2025.
وأشارت الشبكة في بيانها إلى أن “قوات الدعم السريع مسؤولة عن الغالبية العظمى من الانتهاكات، حيث نسبت إليها 87% من الحالات التي تم فيها تحديد هوية الجناة”.
وأضافت “صيحة” أن العنف الجنسي في النزاع السوداني ممنهج، وليس مجرد أضرار جانبية، ويتبع تحركات النزاع ويعكس التحولات في السيطرة الإقليمية. وأظهرت البيانات أن 77% من الحالات التي توفرت عنها معلومات تفصيلية كانت جرائم اغتصاب، بينما وثقت الشبكة 225 حالة لأطفال، معظمهم فتيات تتراوح أعمارهن بين 4 و17 عامًا، يمثلون 18% من إجمالي الحالات الموثقة.
وأشار البيان إلى أن الجيش اعتقل أكثر من 840 امرأة في مناطق سيطرته مثل ود مدني بولاية الجزيرة، والقضارف، وبورتسودان بولاية البحر الأحمر.
كما ركز البيان على الاستهداف العرقي، حيث تعرضت النساء والفتيات من قبائل دارفور مثل المساليت، البرتي، الفور، الزغاوة للاستهداف المباشر، إضافة إلى نساء جبال النوبة المقيمات في الخرطوم اللواتي تعرضن للإهانة والعنصرية.
وذكرت الشبكة أن العنف المنهجي يسير عبر ثلاث مراحل متصاعدة تتبع تقدم القوات، تبدأ بالاستيلاء على المنازل ونهبها بالتزامن مع ارتكاب جرائم الاغتصاب، ثم المرحلة الثانية التي تستهدف النساء علنًا في الشوارع والأماكن العامة، والمرحلة الثالثة الأشد قسوة، وتشمل احتجاز النساء لفترات طويلة داخل المنازل أو المعتقلات، حيث يتعرضن للتعذيب والاغتصاب الجماعي والزواج القسري.