"حرب الأعماق".. معركة خفية تهدد أمن واقتصاد العالم
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حرب خفية، لا ترى بالعين المجردة لكن تداعياتها تتغلغل في شرايين الاقتصاد العالمي وأمن الدول الكبرى.. ففي أعماق البحار حيث لا يسمع ضجيج المعارك وأصوات المدافع وطلقات النيران، تدور معركة من نوع آخر، حرب غير مرئية لكنها تهدد شرايين الاقتصاد العالمي وأمن الدول الكبرى.
إنها "حرب الكابلات البحرية"، التي تتبادل روسيا ودول الغرب الاتهامات بشأنها، وسط تصاعد المخاوف من عمليات تخريبية قد تغير موازين القوى في الصراع الدولي.
في هذا الصدد، تصاعدت المخاوف في بحر البلطيق بعد اكتشاف ضرر جديد أصاب كابلا بحريا، ضمن سلسلة من الحوادث التي استهدفت البنية التحتية الحيوية في المنطقة.
خفر السواحل السويدي أعلن استجابته للحادث، فيما أكدت الشرطة أنها فتحت تحقيقا أوليا لمنح المحققين الصلاحيات اللازمة لكشف ملابسات الحادث.
بدوره، أكد رئيس الوزراء السويدي "أولف كريسترسون"، أن حكومته تأخذ هذه التهديدات ببالغ الجدية، محذرا في الوقت ذاته من خطورة استهداف الكابلات البحرية.
ووفقا للسلطات، فإن الكابل المتضرر يمتد بين ألمانيا وفنلندا، مما يزيد من القلق بشأن احتمال وجود أنشطة تخريبية أو تجسس، خاصة في ظل التوترات مع روسيا.
هذا الحادث ليس الأول من نوعه، ففي أواخر الشهر الماضي، أعلنت السلطات السويدية عن أضرار لحقت بكابل ألياف ضوئية يربط جزيرة جوتلاند بمدينة فنتسبيلز في لاتفيا.. ورغم احتجاز سفينة شحن بلغارية على خلفية التحقيق، تم الإفراج عنها لاحقا بعد استبعاد فرضية التخريب المتعمد.
هذه التطورات تزيد من حالة التوتر في أوروبا، وسط اتهامات متزايدة لروسيا بتنفيذ عمليات سرية تهدد البنية التحتية البحرية.
وفي سبتمبر من العام 2024، اتهمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات البريطاني روسيا بشن "حملة تخريبية متهورة" استهدفت البنية التحتية الحيوية في أوروبا، من تعطيل أنظمة الاتصالات وإضعاف نظام تحديد المواقع العالمي، إلى تهديد حركة الطيران المدني فوق بحر البلطيق والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.
ويعتقد حلف الناتو، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أن روسيا خصصت موارد كبيرة لإنشاء "أسطول الظل"، والذي يضم سفنا تجارية وغواصات مصممة للتجسس وتنفيذ هجمات تخريبية تحت الماء.
وفي السياق ذاته كشفت مصادر إعلامية أمريكية أن روسيا نشرت وحدة سرية تعرف بـ "المديرية العامة لأبحاث أعماق البحار" يعتقد أنها مسؤولة عن مراقبة وربما تدمير الكابلات البحرية الغربية.
وتأتي هذه التطورات وسط أجواء من التوتر الأمني في منطقة بحر البلطيق، حيث تزايدت التحذيرات من عمليات تخريب محتملة تستهدف البنية التحتية البحرية، سواء بدوافع تجسسية أو ضمن تكتيكات حربية غير معلنة.
وتمثل الكابلات البحرية العصب الأساسي لعالم الاتصالات الحديث.. فهي تنقل نحو 95% من البيانات العالمية بما في ذلك البيانات الحساسة للعمليات العسكرية ومعاملات مالية يومية تقدر بـ10 تريليونات دولار.
ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية دون أفق للحل، تظل كابلات الطاقة والاتصالات البحرية سلاحا خفيا يستخدم في الصراع بين موسكو والغرب، ليبقى العالم رهينة لحرب غير مرئية، قد تكون عواقبها أكبر مما يتوقع.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا الاقتصاد العالمي الکابلات البحریة البنیة التحتیة
إقرأ أيضاً:
يعنينا فهم روسيا وليس أن تفهمنا
من الواضح أن أمريكا لم تعد القطب الأوحد ولم تعد من يحكم العالم كما كان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ولكن الواضح أيضاً هو أن أمريكا تتصرف كأنها الحاكم لمنطقة ما تسمى الشرق الأوسط..
ولا أستطيع فهم تصرف الأقطاب الأخرى مثل الصين وروسيا تجاه هذا الوضع أو التموضع الأمريكي وبما لم يعد في أي منطقة..
الطريقة التي دخلت بها روسيا إلى سوريا للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب ـ كما قيل ـ كانت غامضة، ولكن الأكثر غموضاً، بل واللغز المحير كان في الطريقة التي تم بها ترحيل وإسقاط نظام بشار الأسد..
في العدوان على إيران طرحت علامات استفهام حول ما إذا كانت روسيا أدت دورها بالحد الأدني كحليف مع إيران في ظل ما تمثله إيران من مصالح كبرى لروسيا وللأمن القومي الروسي، فهل مثل هذا يمثل إضافة للغموض أم هو شيء غير ذلك؟..
عندما نتابع حالة الأنظمة العربية ومواقفها من جرائم الإبادة الجماعية واستعمال التجويع كسلاح وهو ما لم يحدث مثله في العصر الحديث فهذا يعيدنا ربطاً بالغموض الذي أشرنا إليه إلى سايكس بيكو القديم كمخاض لجديد أو للجديد، وهذا بين الاستنتاجات والاحتمالات، مع أنه بات صعباً كثيراً السير في مقايضات، بل إن العصر وواقع العالم المتغير يفقد مثل هذه المقايضات المحتملة واقعها وواقعيتها ولكنها تظل غير مستحيلة «على الأقل»..
ولهذا يعنينا أن لا نغرس رؤوسنا في الرمال تجاه هذا الاحتمال أو غيره في هذه المرحلة المفصلية والصعبة..
المفكر الروسي الكبير «الكسندر دوجين» بين طرحه عن المنطقة يركز على أهمية وضرورة توحد المسلمين وهو يعرف أكثر مما أعرف صعوبة واستعصاء هذا التوحد وبسبب المتراكم الأمريكي، فإذا الهدف تحميل العرب والمسلمين المسؤولية فذلك متحقق ـ مع الأسف ـ ولكن ماذا عن المصالح الكبرى لروسيا والصين بالمنطقة وفى ظل الأمر الواقع للمتراكم الأمريكي؟..
إنني بهذا التعاطي لا أريد التأثير بأي قدر على إنجازات المنطقة بالتحالف وحتى العلاقات مع الصين وروسيا والتواصل القوي والمستمر بل إن الاجتماع الثلاثي بين الصين وروسيا وإيران في طهران يؤكد شراكة استراتيجية إن لم تكن تحالفات استراتيجية..
طرح مستوى من الغموض أو طرق علامات استفهام يمثّل حاجيات للفهم والتفكير في إطار الحرية الواعية أو المقيدة بالوعي..
في خيار العالم المتعدد الأقطاب والأكثر عدالة فإن الصين وروسيا والاصطفاف العالمي هما في حاجة لهذه المنطقة مثلما المنطقة بأمس الحاجة للسير في خيار العالم المتعدد الأقطاب..
مثل هذا الهدف العالمي الكبير يحتاج لتجاوز تموضعات المنطقة بل وإلى مواجهة بكل الوسائل والسبل للمتراكم الأمريكي أياً كان تجذره أو تأثيره..
يعنينا ومن جانبنا أن نتعمق في قراءة التجارب، فالسوفيت مثلاً نصحوا عبدالناصر ـ مجرد نصيحه ـ أن لا يكون البادئ في الحرب ١٩67م لأن أمريكا تهدد باستعمال النووي ونتوقف عند نقطتين:
الأولى .. أن جمال عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة التي كانت تفصل بين مصر والكيان الصهيوني أصبح في الحرب فعلاً..
الثانية أن السوفيت قدموا لعبدالناصر مجرد نصيحة كان بمقدوره أن لا يأخذ بها..
وإذاً لا يفترض ربط أو تبرير فشلنا أو هزائمنا بالسوفيت أو بغيرهم..
مثل هذا علينا إسقاطه على الأحداث القائمة، وهاهي إيران على سبيل المثال استطاعت احتواء الصدمة لليوم الأول للعدوان أو ليومين واستطاعت أن تسير في رد هو الأقوى جعل إسرائيل من خلال أمريكا استجداء إيقاف الرد الإيراني حتى أن إسرائيل لم تعد تتحمل الحرب وليومين فقط..
ويكفي أن إيران ربما اشتكت أو احتاجت لتلميح عن قصور من الحليف الروسي في هذا، ولكنها أدت واجبها ونجحت في صد العدوان في ظل مشاركة أمريكية كاملة في الإعداد والتحضير للعدوان ثم بالمباشرة في هذا العدوان، والحديث عن نواقص أو قصور بعد ذلك جائز بل ومطلوب للسير إلى ثقة أكبر وأعلى وعلى طريقة «العتاب صابون القلوب»..
تموضع ومواقف أنظمة عربية كثيرة نعرفها وهي معروفة في السياق التاريخي والمتراكم مما يجعلها متوقعة..
الحرب النفسية الإعلامية على شعوب المنطقة باتت الفاعل الأهم، لأنها تمارس ترويض المنطقة إسرائيلياً من خلال الشعوب والمزيد من ترويض هذه الشعوب لأنظمة خائنة بالأمركة والصهينة هو بالتلقائية لصالح الكيان الصهيوني، وكل هذا يستوجب أن شراكة المصالح في تحالفاتنا واستمرار واستمراء خط الأمركة والصهينة عربياً هو خيانة الحاضر والمستقبل!!.