كسرت سلسلة تسجيلات مصورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الصمت لطالما خيّمت على مناطق الساحل السوري خلال سنوات الحرب الماضية، ورغم أن الكثير من السوريين أطلقوا العبارات التي احتوتها ورددوها مرارا، بدت مختلفة و"استثنائية" في شكلها الجديد، وفق مراقبين، سواء من خلفية من ظهر بها أو الأوساط التي كان تؤطر فيها سابقا.

واحدٌ من هذه التسجيلات تعود لأيمن فارس من مدينة بانياس الساحلية، ووجه فيه انتقادات وكلمات لاذعة استهدفت رأس النظام السوري، بشار الأسد، بقوله: "ماذا فعلت؟ أنت وزوجتك يا بشار الأسد أفقرتم الشعب وتهرّبون الأموال للخارج. سوريا كلها عبارة عن أفرع أمنية ورؤسائها يتحدثون بالقصور والمليارات.. وروح بلط البحر".

Posted by Ayman Fares on Saturday, August 19, 2023

لم تمض ساعات على التفاعل الذي أثاره هذا التسجيل حتى خرج الناشط السوري ماجد الدواي من محافظة اللاذقية، قائلا في بث مباشر عبر "فيس بوك": "أنت يا بشار الأسد أطلقت في 2011 شعار الله سوريا شعبي وبس.. لكنك منافق وكاذب"، مردفا: "نحن الآن في 2023 والبلد تتجه إلى ثورة كرامة جديدة".

ماجد دواي من قرية عرامو التابعة لناحية صلنفة #سترحل و #سنبقى

Posted by ‎التجمع الشبابي- حركة الشغل المدني‎ on Monday, August 21, 2023

وأضاف الداوي: "لن أصف الثورة الماضية بالعمالة ولكن سأختصر عليك (موجها حديثه للأسد) كل التهم التي تم توجيهها لثورة 2011 من عمالة وغيرها، لأنه لا يوجد الآن لا داعش ولا جبهة النصرة ولا عرعور آخر في السعودية يستنفر الشعب. الآن هناك حقيقة واحدة فقط هي أن (البلد قامت ورح نكسر راسك)"، وفق تعبيره.

ويأتي تعالي هذه "الأصوات والصرخات الاستثنائية"، حسب تعبير مراقبين وصحفيين تحدثوا لموقع "الحرة" في وقت تدخل فيه المحافظات السورية الخاضعة للنظام السوري أزمة معيشية غير مسبوقة، ووصلت آخر تداعياتها بتدهور سعر صرف الليرة إلى حد 16 ألف مقابل الدولار الأميركي الواحد.

كما تأتي في أعقاب قرارات أصدرتها حكومة النظام، وقضت برفع الدعم عن المحروقات، وهو ما انعكس على قطاع النقل، وأسفر عن حالة شلل كامل دفعت السكان في محافظتي درعا والسويداء للخروج بمظاهرات شعبية، وإعلان حالة "الإضراب العام".

متظاهرون يحتجون على قرار الحكومة السورية رفع أسعار المحروقات في السويداء

وما تزال المظاهرات و"الإضراب" يحكم مشهد السويداء في جنوب سوريا لليوم السادس على التوالي، في وقت لم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري بشأن الهتافات التي تعلو ضده، سواء في المحافظة المذكورة أو عبر مواقع التواصل من قبل أشخاص يحسبون على "الحاضنة الاجتماعية للأسد"، والموجودين في مناطق الساحل السوري.

"لن تخمد بسهولة"

وفي تسجيل ثان لأيمن فارس أشار إلى أن الأجهزة الأمنية حاولت اعتقاله بعدما هاجم الأسد، وعاد ليكرر القول يوم الاثنين: "بشار الأسد وزوجته هما المسؤولان عن إفقار الشعب"، معتبرا أن "المساعدات التي جاءت إلى مناطق الزلزال بيعت للتجار الكبار والمافيا وتم دفنها ورميها دون أن تحصل عائلات الشهداء على أي مساعدة".

من جهته أثنى ماجد الداوي عبر البث الذي نشره في "فيس بوك" على الحراك الحالي في مدينة السويداء، مؤكدا أن "مدن الساحل السوري ستنضم إلى الاحتجاجات، وستخلع بشار الأسد من السلطة".

واتبع الناشط أحمد إبراهيم إسماعيل من محافظة اللاذقية ذات المسار الانتقادي والهجومي عبر وسائل التواصل، قبل أيام، لكن الأمر كلفه الاعتقال على يد "فرع الأمن العسكري"، بحسب ما تحدثت ابنته في فيديو، وطالبت بأن "يتم تحويل الحادثة إلى قضية رأي عام، لتتمكن العائلة من الاطمئنان عليه، ومساعدته على تأمين أدويته وطعامه".

Posted by ‎أحمد ابراهيم اسماعيل‎ on Sunday, August 20, 2023

ومنذ عام 2011 كان ينظر إلى مناطق الساحل السوري بعين تشوبها الحساسية، ورغم أنها شهدت خروج مظاهرات شعبية في الأيام الأولى للثورة واعتقل ناشطون فيها، خفت صداها شيئا فشيئا، ولم تواكب الحالة التي شهدتها مدن سورية أخرى، كدرعا وحمص وإدلب وحلب وأرياف دمشق، وصولا إلى الشرق في دير الزور والرقة والحسكة.

وقدمت مناطق الساحل عدد لم يتم إحصاؤه من القتلى الذين انخرطوا في صفوف قوات النظام السوري، الأمر الذي دفع معارضين لوصفها واعتبارها بأنها "الخزان الأساسي ومركز الثقل الاجتماعي المؤيد للأسد".

ولذلك يرى صحفيون ومراقبون أن الصرخات الخارجة منها الآن "استثنائية ونادرة" لاعتبارات تتعلق بموقعها الخاص بالنسبة للنظام السوري أولا، والذي لم يكن كفيلا على مدى سنوات يإبعاد السكان فيها عن "حد الجوع والفقر" و"شبح فساد المنظومة الحاكمة".

ومن غير الواضح حتى الآن المسار الذي ستكون عليه هذه الانتقادات والعبارات اللاذعة ضد الأسد ومسرحها وسائل التواصل الاجتماعي، وما إذا كانت ستنعكس على الأرض، في ظل دعوات وجهها صحفيون من مناطق الساحل بأنفسهم، قبل أيام.

محتجون في السويداء يغلقون الطرقات احتجاجا على سياسات النظام السوري

كنان وقاف أحد هؤلاء الصحفيين كان قد اعتاد في أثناء وجوده بسوريا على انتقاد الفساد الكامن في الحكومة والسلطة، ما عرضه للاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية لأكثر من مرة.

ويوضح وقاف في حديث مع موقع "الحرة" أن "الأصوات التي تخرج في الساحل السوري والذي يعتبر الخزان البشري الأهم والبيئة الخاضنة للنظام لا يمكن اعتبارها حالة فردية قام بها بعض الأشخاص فقط".

على العكس "هي حالة استياء عامة، بدليل حجم التأييد لها على منصات التواصل الاجتماعي والصفحات من الساحل السوري نفسه".

ويقول الصحفي: "يمكن وصف ما يحصل بكلمة استياء عام لم يرق ليصل إلى حالة ثورة. ولكنه ذو تأثير شديد الخطورة على النظام".

وتكمن هذه الخطوة بأن "الاستياء يهدد وجود النظام بمعنى الكلمة، لاعتبار أن أجهزة النظام القمعية تنحدر من هذه البيئة المستاءة".

. — فشة انتباه — ( خطة النظام ) النظام أوعز لمطبليه الفيسبوكيين مع...

Posted by Kenan Wakkaf on Tuesday, August 22, 2023

وفي حين "تبدو الأصوات التي تعلو فردية إلا أنها تعبر عن حالة عارمة من الاستياء، نتيجة الظروف الحياتية والمعيشية اليومية التي وصل إليها السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري"، بحسب ما تقول المهندسة والناشطة الحقوقية، هنادي زحلوط.

وتوضح الناشطة لموقع "الحرة" أن "حالة الاستياء تتمثل بالضرورة بأصوات فردية نتيجة أجواء القمع المستمرة منذ عام 1970"، وأن هذه "الأجواء حولت سوريا لمملكة رعب، لكن سوء الأوضاع المعيشية دفعت الناس للصراخ".

#شاهد: من بلدة ملح التي تشهد انتفاضة اليوم الثلاثاء، حرة من حرائر البلدة: نحنا مش جوعانين، ومطالبنا سياسية pic.twitter.com/WL8FIlXvwK

— السويداء 24 (@suwayda24) August 22, 2023 "تغيّر كل شيء إلا الأسد"

وطوال 12 عاما لم يتبق في سوريا أي شيء على حاله، وبينما تدمرت معظم المحافظات السورية بفعل القصف والمعارك وقتل مئات الآلاف وتهجّر ونزح الملايين، بات من بقي على قيد الحياة في صدارة البيانات التي تصدرها الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي عن "الجوع والفقر".

في المقابل بقي شيء وحيد لم يتغير، حسب سوريين وهو السياسة الخاصة بالنظام السوري سواء فيما يتعلق بالانخراط في الحل السياسي في البلاد أو على مستوى العقلية الأمنية التي يحكم من خلالها البلاد، منذ عقود.

وما يزال النظام السوري يتهرب من الخوض بمسارات الحل السياسي، وأبرزها ما ينص عليه القرار الأممي 2254، الصادر من مجلس الأمن في عام 2015، فيما استبعد رئيسه بشار الأسد مؤخرا في مقابلة تلفزيونية مع قناة "سكاي نيوز عربية" أي نية لترك الحكم.

واعتبر الأسد أن المظاهرات التي خرجت في 2011 "لم يتجاوز أفرادها في أحسن الأحوال مئة ألف ونيف وفي كل المحافظات السورية"، وقال إن "العدد الأكبر من الشعب يدعم القضايا التي يدعمها الرئيس".

وفي مارس الماضي كان "برنامج الأغذية العالمي" قال إن حوالي 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وتجعل هذه الأرقام من البلاد من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم. ويتوقع مراقبون أن تزداد الأوضاع المعيشية سوءا، ولاسيما بعد القرارات الأخيرة التي رفعت الدعم عن المحروقات، ما انعكس على أسعار الكثير من السلع التي تحتاجها العوائل يوميا.

"لن تخمد بسهولة"

وكان الممثل السوري، بشار إسماعيل، قد انضم إلى موجة الانتقادات، ووجه سؤالا قاصدا فيه بشار الأسد في "فيس بوك": "ماذا تحتاج البلاد من الحاكم؟ - توفير المال العام للإنفاق على إصلاح شأن البلاد وشأن ساكنيها من الوجوه جميعا، وإدارة أحوال الناس جميعا بالعدل والإحسان وبأفضل السبل والوسائل، الاعتناء بتنمية البلاد عمرانيا، وحماية حدودها من الأعداء والطامعين بها".

وتابع: "هذا ما تحتاجه البلاد من الحاكم وهو الذي قال: الله سوريا شعبي وبس
ونحن ننتظر..."، ومن ثم أضاف نجله حسن في منشور منفصل: "وجبة العبد الأخيرة.. لحم سيّده".

ماذا تحتاج البلاد من الحاكم ؟؟؟ ١- توفير المال العام للإنفاق على إصلاح شأن البلاد وشأن ساكنيها من الوجوه جميعا ٢- إدارة...

Posted by ‎بشار اسماعيل‎ on Wednesday, August 16, 2023

ويرى الكاتب والناشط السياسي، بسام يوسف، أنه "من الطبيعي أن تخرج هكذا أصوات في الوقت الحالي"، ويعتقد أنها "ستتصاعد في المرحلة المقبلة، بسبب الحالة المأساوية التي وصلت إليها النسبة الساحقة من الشعب السوري، في مقدمتها أبناء الساحل".

ويقول يوسف لموقع "الحرة": "الحالة تدفع الناس لكي يصرخوا. أكثر المناطق فقرا هي الساحل، والصرخات التي تخرج منه هي انعكاس لموقف عام هناك يدور في نفوس الغالبية".

ورغم أن "الأصوات من الساحل لها أهمية استثنائية وما تزال فردية وغير منظمة" فإنها "تمثل الرأي العام"، وبالتالي تلقى ارتياح أو موافقة ضمنية من معظم الناس.

ويضاف إلى ذلك أنها "تكسر جدار الخوف"، ويرجح الكاتب يوسف أن "تكون متتالية وتجتاح مدن الساحل".

ومن الملاحظ أن "الحراك غير منظم وغير منضبط كما يدعي النظام السوري، فالأصوات التي انطلقت من الساحل كانت من مستويات ثقافية متعددة"، ويعتقد الصحفي وقاف أنها "لن تخمد بسهولة"، لاعتبار يتعلق بمستوى الانتقاد "الذي يطال منذ البداية رأس النظام".

"الأصوات تعبر عن انكشاف ادعاءات الأسد السابقة، وتكشف حجم الخديعة التي مارسها على بيئته الحاضنة ليزجهم في أتون حرب طاحنة جعلتهم يخسرون خيرة شبابهم".

ويضيف وقاف: "هذا ينبئ بتطور الحراك بشكل حتمي".

"مرحلة جديدة"

وتواصل الأوضاع في سوريا التدهور باتجاه "الأسوأ"، ولا توجد أي بوادر للحل السياسي أو ضوء في آخر النفق، وكذلك الأمر بالنسبة للوضع المعيشي، الذي وصل إلى مستويات "خطيرة"، حسب منظمات دولية.

وكان الأسد وزوجته أسماء قد اعتادوا خلال السنوات الماضية إجراء زيارات إلى مدن وقرى وبلدات الساحل السوري ذات الغالبية العلوية، ووجهوا سلسلة رسائل مؤخرا تتعلق بالوضع المعيشي، والعمل من أجل تحسينه.

لكن لم يترجم ذلك على الأرض، وعلى العكس جاءت القرارات الأخيرة برفع الدعم وما تلاها من شلل حالة النقل والتهاب الأسعار، لتزيد من حالة الانسداد على نحو أكبر،  فيما أسفرت عن انفجار شعبي تتصدره الآن مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية.

وتعتقد الناشطة، هنادي زحلوط، أن "الحراك الذي يبنى من تسجيلات معينة ويثير جدلا سياسيا داخل وخارج سوريا سيتحول بالضرورة إلى حراك حقيقي، لأن عجلة التاريخ والصيرورة التاريخية تمضي للأمام دائما".

وتقول: "الناس في الفترة الأولى بحاجة إلى التنفيس عن الواقع والحديث عن المعاناة، ومن ثم هناك درجة من الوعي لتشخيص المشكلة وأسباب الجوع والغلاء".

حالة من الغضب بسبب تضييق النظام السوري على المواطنين في البلاد

"الناس يتحدثون عن النظام في دمشق بأنه سبب الأزمة على كل المستويات، والسوريون في الداخل على ثقة أنهم سيخرجوا بحلول تناسب وضع البلد وخصوصيته وتاريخيه".

وتضيف الناشطة: "تعلمنا من التجربة السورية أنه لا يمكن التنبؤ بكيف ستسير الأمور، لكني لدي رهان على السوريين الذين خاضوا تجربة قاسية لم يخضها أي شعب منذ الحرب العالمية الثانية".

وتتابع: "السوريون اختبروا كل القناعات والأفكار، ووصلوا في الداخل والخارج إلى قناعة أنه يجب العمل معا من أجل مستقبل بلد لا يمكن العيش فيه دون النهج التشاركي"، وأنه "لا يمكن أن تقوم سوريا دون المشاركة من الجميع وبأفكار وجهد الجميع".

ويوضح الكاتب السوري يوسف أن "النقطة الأهم في الوقت الحالي هي ضرورة تنظيم هذا الجهد وعدم تركه بشكل فردي"، في إشارة منه إلى الأصوات المنتقدة لسلطة الأسد في الساحل.

ويضيف أن "كل الأصوات تنطلق من هدف واحد ولو أنها غير منسقة، وقد يكون التنسيق مرحلة تالية سيكون للنخب السياسية والثقافية دورا وأهمية فيها".

"السوريون في كل البلاد وخاصة في مناطق سيطرة النظام والساحل في مرحلة جديدة، ويجب عليهم دراستها بدون انفعال وبهدوء"، ويتابع الكاتب السوري: "يوجد بناء شعبي يتزامن مع بدء انهيار النظام، ويجب على كل السوريين المساعدة في تأسيسه في المرحلة المقبلة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری مناطق الساحل بشار الأسد من الساحل البلاد من لا یمکن

إقرأ أيضاً:

سوريا ومحاولات الخروج من النفق المظلم.. والأطراف الرافضة لذلك!

كانت محاولات الثلة الحاكمة المُمثِلة للشعب السوري، والتي تصدرت عملية الإزاحة لحكم الأسرة العلوية الممتد منذ 54 عاما وحتى هروب "بشار الأسد" حاملا معه -كعادة اللصوص- ما خف وزنه وفحُش ثمنه في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، ولا تزال، للخروج من النفق المظلم؛ بمعالمه مثل الصراعات العِرقية والمذهبية مع التبعية المقيتة للقوى الدولية والإقليمية -دعك من الممانعة المكذوبة!!- وتبعية الأسد كانت لا من أجل الأمن القومي لسوريا، بل لضمان امتداد حكم الأسرة الجاثم على صدر الشعب السوري منذ حكم الأب "حافظ" عام 1970.

وحسنا فعلت حكومة "الشرع" التي قادت الثورة على دمشق قادمة من إدلب؛ بالشراكة الاستراتيجية المُوَفقة مع تركيا، تلك الجارة الكبيرة التي تُحسن إنجاح التفاهمات البينية التي تضمن مصلحة الدولتين، والمساعدة على دعم انطلاق سوريا الجديدة غير المُقيّدة بما ترغبه بعض القوى الإقليمية والدولية من الصراعات العِرقية والدينية، وقيد المطامع التي تُحرّك بعض قيادات الطوائف البارعة في الاختفاء خلف الطائفة التي تمثلها؛ لكنها في الحقيقة لا تسعى سوى لمصالح زعامتها وتدفئة حساباتها البنكية المدفوعة والمُحولة إليها من السيد الراعي -أو من أحد وكلائه الإقليميين-!..

وثمّة قوى إقليمية ودولية وأخرى محلية قد أزعجتها ما آلت إليه الأمور في سوريا الجديدة، والتي تعتبر -ولا شك- تهديدا لمصالحهم وتقويضا لأحلامها، بعدما عاشت هذه القوى هانئة بمصالحها في ظل حكم عائلة الأسد! وبديهي أن تنشط غرف العمليات من أجل إفساد التجربة وحمل الشعب السوري على الكفر بالحرية التي دفع ثمنها، ليعود إلى حظيرة الاستبداد خانعا مطأطئ الرأس كما حدث مع بعض الأقطار المجاورة!
ثمّة قوى إقليمية ودولية وأخرى محلية قد أزعجتها ما آلت إليه الأمور في سوريا الجديدة، والتي تعتبر -ولا شك- تهديدا لمصالحهم وتقويضا لأحلامها، بعدما عاشت هذه القوى هانئة بمصالحها في ظل حكم عائلة الأسد! وبديهي أن تنشط غرف العمليات من أجل إفساد التجربة وحمل الشعب السوري على الكفر بالحرية التي دفع ثمنها، ليعود إلى حظيرة الاستبداد خانعا مطأطئ الرأس كما حدث مع بعض الأقطار المجاورة
استنفار الأطراف الرافضة ضد الخروج السوري من النفق المظلم!

الكيان الصهيوني

ومن سواه يرفض كافة مظاهر الحرية لشعوبنا العربية؟! ومن سواه يكشف للمخدوعين الممانعة المكذوبة لنظام الأسد والحب الذي جمع الصهاينة بالنظام المخلوع؟! ومن سوى الصهاينة يفضحون الدور الكبير الذي قامت به عائلة الأسد في حماية أمن إسرائيل من خلال الجيش السوري العربي المُراقب للجولان والباطش بكل من تسول له نفس المساس بأمن إسرائيل؟!

وللعجب، فقد بلغ الكِبر مبلغه من الحكومة الائتلافية الحالية بقيادة "بنيامين نتنياهو" بحيث يصرّح غير واحد منهم، رغم فشلهم الذريع في القضاء على المقاومة وعجزهم عن استنقاذ أسراهم في غزة، بأنهم لن يسمحوا بأن تتوحد سوريا! وأن إسرائيل مستنفرة لتلبية دعوة زعيم الدروز في الأرض المحتلة "موفق طريف" لحماية الدروز في سوريا. وعليه فقد شن جيش الاحتلال هجوما متواصلا على القواعد العسكرية وعلى المدن السورية، بالتزامن مع بعض القلاقل التي قادتها مجموعات من الدروز السوريين، قريبة من الزعيم الديني "حكمت الهجري"، في بلدتي "جرمانا" و"صحنايا".

زعماء الطوائف السورية

من المعروف أن الأرض السورية معقدة التركيب ما بين عرب وكرد وتركمان، وسنة وشيعة ودروز، ومسلمين ومسيحيين، ومشكلة المشاكل ليست في تلك التباينات وحدها، بل في الزعامات التي تسيّر أمر هذه المكونات وهؤلاء -كما أسلفنا- لا يبالون بطوائفهم ولا أوطانهم، بل تغلبهم أحلامهم ومصالحهم الشخصية وعلاقاتهم الخارجية وأولى هذه الطوائف:

ممثلو الأكراد: "قسد" جنبا إلى جنب مع "بي كا كا"

ورغم أصالة الأكراد كأحد المكونات الرئيسة لبلادنا العربية والإسلامية، إلا أن هذين التنظيمين قد جنحا إلى مجموعة من التحالفات التي لا تضر بالأمن القومي السوري وحده، بل تضر بالأمن القومي العربي من أساسه؛ حينما نعلم حميمية العلاقة بينهما وبين دولة الكيان الصهيوني وخلفه أمريكا، وبديهي أن تتحرك تلك التنظيمات للحفاظ أولا على المكتسبات التي حققتها مستفيدة من ضعف قبضة النظام المخلوع ومباركته تحركها لتحقيق الهدف المنشود للنظام وللغرب معا؛ وهو أن تصبح تلك التنظيمات رأس حربة للنيل من وحدة تركيا وفصلها عن محيطها العربي والإسلامي، والقوى الغربية لا تريد أكثر من ذلك!

"طائفة الموحدين الدروز

على الثلة الحاكمة الاستعداد بالتحرك الاستباقي ضد كافة المؤامرات التي تحاك من قِبل الرافضين للخروج السوري من النفق المظلم
وهؤلاء في الشام (سوريا ولبنان وعرب 48 في الأرض المحتلة والأردن)، ولقد نجح الكيان في عزلهم عن محيطهم العربي وتعظيم انتمائهم للدولة العبرية وتجنيدهم دون سواهم من العرب في جيش الاحتلال، ولذا فقد أطلق "نتنياهو" بعض التصريحات لتبرير الاعتداء على سوريا لحماية الدروز السوريين. ولا يعني ذلك أن غالبية الدروز يدعمون ما ذهب إليه رئيس وزراء الكيان، ولقد تبرأ ممثلو الدروز في السويداء وإدلب وريف دمشق وعلى لسان زعيمهم الشيخ "حمود الحناوي"؛ من دعوة زعيم دروز الكيان وأعلنوا ولاءهم للدولة السورية على أكمل وجه.

فلول النظام السابق

وهؤلاء لا يدينون بدين وليست لديهم قيم يعيشون من أجلها سوى مصالحهم التي تكفلت بها الأنظمة التي عاشوا في أكنافها، ومن أجلها يبايعون الشيطان ويحرقون الأرض ويبيدون خضراءها إن تطلب الأمر ذلك! ولا تُجدي معهم أي لغة سوى والملاحقة لحماية البلاد والعباد والأعراض ومن أجل اتقاء شرورهم.

وثمة أطراف أخرى نذكرها في حديث آخر قد آلمها ضياع مكاسبها بإزاحة النظام العلوي عن حكم البلاد، وبانتزاع الشعب السوري حريته وكرامته بعد قرابة 6 عقود كاملة؛ عاش خلالها تحت العنف والقهر والإذلال المُتعمّد حتى يوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وعلى الثلة الحاكمة الاستعداد بالتحرك الاستباقي ضد كافة المؤامرات التي تحاك من قِبل الرافضين للخروج السوري من النفق المظلم.

مقالات مشابهة

  • إرث الطائفية.. سلاح يهدد مساعي السوريين لبناء دولتهم
  • الساحل السوري.. مجموعات مسلحة تواصل انتهاكاتها بحق المدنيين
  • مراقب إخوان سوريا علي البيانوني الأسبق يروي تفاصيل تجربته في سجون الأسد
  • رويترز: واشنطن توافق على التمويل القطري للرواتب في سوريا
  • فرق الدفاع المدني في حلب تخمد حريقاً اندلع في مستودع تابع لأحد معامل الغزل والخيوط
  • الرئيس الشرع: عندما نهض الشعب السوري في 2011 ضد نظام الأسد لم نكن نتوقع أن تمر ثورتنا بمراحل عدة وتتعرض لأقصى درجات العنف لكن الشعب رفض الخضوع للاستبداد
  • الشرع يلتقي في باريس قيصر الشاهد على جرائم نظام الأسد
  • زيارة تاريخية.. الرئيس السوري في أول لقاء رسمي مع «ماكرون» في باريس
  • برنامج القمر الاصطناعي العربي 813 يجتاز مرحلة مراجعة تكامل النظام بنجاح
  • سوريا ومحاولات الخروج من النفق المظلم.. والأطراف الرافضة لذلك!