الأمانة العامة لـ"البيجيدي" تهاجم قرارا لباشا الراشيدية
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
أعربت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، عن تلقيها بـ « استغراب كبير واستياء شديد ما أقدم عليه باشا الراشيدية من منع لقاء تواصلي كان الحزب بمدينة الراشيدية يعتزم تنظيمه مع المواطنين بقاعة فلسطين، حول حصيلة منتصف ولاية المجلس الجماعي الحالي بهذه المدينة ».
ووصف حزب المصباح في بلاغ صحافي، قرار المسؤول الترابي في الراشيدية بـ « غير الدستوري ولا القانوني، فضلا عن كونه خاطئ ومتناقض ».
وقالت إن « التبريرات التي أوردها الباشا تسجل خرقا واضحا لمقتضيات الدستور والقوانين ذات الصلة بالأحزاب السياسية والحريات العامة، وتمس بدولة الحق والقانون وتعود بنا لظهير كل ما من شأنه ».
وأكدت الأمانة العامة رفضها القاطع لقرار باشا الراشيدية وذلك « لما يمثله من خرق للدستور، وللقانون، ومن شطط في استعمال السلطة »، وشددت على أنها « لن تسكت أو تسمح بالمساس بممارسة الحقوق غير القابلة للتأويل أو الترخيص، والتي خولها الدستور والقانون للأحزاب السياسية ».
وسجل الحزب « استغرابه من إقدام السلطات المحلية على منع حزب سياسي من عقد اجتماع عمومي في الوقت الذي ينص فيه الدستور في فصله 29 من بابه الثاني المتعلق بالحريـات والحقـوق الأساسيـة على أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ».
وأوضحت أن القانون يسمح بـ « عقد الاجتماعات العمومية دون الحصول على إذن سابق، بحيث يكفي التصريح وليس الترخيص، وبالتالي المقتضيات الواضحة والصريحة لا تسمح نهائيا لأي سلطة وتحت أي ذريعة بمنع هذه الاجتماعات »، وفق تعبيرها.
ونبّهت إلى أن « توفر الحزب على منتخبين بالمجلس الجماعي المذكور (والذين يعبرون فيه عن تصوراتهم حول النقط المعروضة للمداولة طبقا للقانون والنظام الداخلي للمجلس بكل حرية خلال جميع دورات المجلس الجماعي)، ليس منة من أحد وإنما هو حق أقره الدستور والقانون للأحزاب السياسية، وأن التعبير في الدورات الرسمية لا يغني الأحزاب عن القيام بحرية واستقلالية وفي إطار الدستور والقانون بأنشطتها أين شاءت ومتى شاءت، وهذا هو المطلوب منها بل الواجب عليها وإلا فلم ستصلح الأحزاب السياسية أصلا؟ »، وفق تعبير البلاغ.
وأفادت بأن « باشا الراشيدية استدعى نصا قانونيا خارجا عن سياقه الزمني ولا علاقة له بهذا النشاط الحزبي ولا يطبق إلا في زمن الحملات الانتخابية، وهو ما يثير التساؤل حول حياد السلطة المحلية اتجاه الأنشطة السياسية والانتخابية للأحزاب السياسية كما يفرض ذلك الدستور والقانون ».
وطالبت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية من « السلطات المركزية المختصة التدخل بسرعة لمعالجة هذا القرار الخاطئ وغير الدستوري وغير القانوني، واتخاذ كل ما يلزم، مع توجيه السلطات المحلية لعدم تكرار مثل هذه الممارسات غير الدستورية وغير القانونية »، والتي بحسبها « من المفروض أنها أصبحت في حكم الماضي ».
هذا، وكان باشا مدينة الراشيدية منع حزب العدالة والتنمية من استغلال قاعة عمومية، حيث وجه رسالة إلى الكاتب المحلي للحزب يبلغه فيها برفض السماح للحزب بعقد لقاء في قاعة فلسطين، لأسباب قال إنه « من شأنها أن تؤدي لتسخير أدوات الدولة والجماعة لأغراض انتخابوية صرفة ».
كلمات دلالية البيجيدي الراشيدية العدالة والتنميةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: البيجيدي الراشيدية العدالة والتنمية الدستور والقانون العدالة والتنمیة
إقرأ أيضاً:
العراق: الانتخابات وسياسة «الديليفري»!
تأسست المفوضية العيا للانتخابات في العراق بموجب الأمر رقم (92)الذي أصدره
المدير التنفيذي لسلطة الائتلاف المؤقتة/ سلطة الاحتلال بتاريخ 31 أيار 2004، وقد مُنحت سلطة كاملة بـ«تنظيم ومراقبة وإجراء وتطبيق جميع الانتخابات» ووصفها هذا الأمرُ أنها مستقلة تماما عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، تحكم ذاتيا، غير حزبية، محايدة ومهنية، والأهم استقلاليتها التامة عن التأثيرات السياسية.
لكن المفوضية وبتواطؤ صريح من الأمريكيين والأمم المتحدة، فشلت في أن تكون كما وُصفت؛ مستقلة ومحايدة، وكانت لحظة الاستفتاء على الدستور لحظة كاشفة عن مدى تسييس عمل المفوضية؛ حيث لا زالت هناك شكوك قوية أن نتائج الاستفتاء على الدستور في محافظة نينوى قد تم التلاعب بها من أجل تمرير الدستور، فقانون إدراة الدولة/ الدستور المؤقت، قرر أن الدستور لن يمر إذا رُفض من ثلثي المستفتين في ثلاث محافظات، وبعد تصويت محافظتي الأنبار وصلاح الدين ضده بأكثر من الثلثين (التصويت بالرفض بنسبة 96.9٪ و 81.7٪ على التوالي) توقف الأمر على نتيجة الاستفتاء في محافظة نينوى، لذلك تأخر إعلان النتيجة بشكل غير منطقي، وجاءت في النهاية برفض محافظة الموصل للدستور بنسبة 55.08٪ فقط أي دون حساب نسبة الثلثين.
والمفارقة هنا أن الأمريكيين أنفسهم، وهم الذين أرادوا مفوضية «مستقلة»، تدخلوا للإطاحة بهذه الاستقلالية من أجل تمرير الدستور!
وهذا التسييس المتواطأ عليه محليا وأمريكيا وأمميا، أكدته نسب المشاركة التي أعلنتها المفوضية في انتخابات 15 كانون الأول 2005 في محافظتي الأنبار وصلاح الدين؛ فقد أعلنت المفوضية أن نسبة المشاركة في الأنبار بلغت 86.4٪، في حين بلغت نسبة المشاركة في محافظة صلاح الدين 98.4٪ رغم أن الجميع كان يعلم أن هذه الأرقام غير حقيقية بسبب المقاطعة الواسعة لتلك الانتخابات في هاتين المحافظتين تحديدا، وسيطرة الفصائل المسلحة عليهما!
وتكريسا لهذا التواطؤ، أشارت مفوضية الانتخابات وأمريكا والأمم المتحدة إلى ما أسموه «مشاركة سنية واسعة» في انتخابات عام 2010، وعدوا ذلك دليلا على استقرار الأوضاع السياسية، وأشارت أرقام المفوضية عن نسبة مشاركة بلغت 61٪ فقط في محافظة الأنبار و 73٪ فقط في محافظة صلاح الدين. وبدا واضحا للجميع أن لا أحد معنيا بمصداقية الأرقام، بل كان الاهتمام بالمنتج السياسي الذي سيترتب على ذلك!
وإذا كان هذا التسييس عبر تجيير النتائج وفقا للرغبة السياسية، وهو ما أسميه بسياسة «الديليفري» قد حكم مفوضية يفترض أنها «مستقلة» والأمريكيون طرف أساسي في تشكيلها، فإن الأمر تحول إلى مهزلة حقيقية بداية عام 2007، حين أصبحت مهمة تشكيل مفوضية الانتخابات ينوطُ بها الطرف العراقي فقط؛ حيث تحولت مفوضيات الأعوام 2007 و 2012 و 2017 و2020 إلى ممثليات للأحزاب، على مرأى من بعثة الأمم المتحدة في العراق، وكانت المهمة الرئيسية للمفوضيات الأربع هذه هي ضمان مصالح الأحزاب الممثلة داخل مجلس المفوضين وداخل مكاتبها، وليس إدارة انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة!
الأمر 92 تضمن أيضا الحديث عن «هيئة انتخابية انتقالية» تضم ثلاثة قضاة يعينهم المجلس الأعلى للقضاء، تُستأنف قرارات مفوضية الانتخابات أمامها، وتكون قراراتها «نهائية ولا تخضع للمراجعة».
وقد ظلت هذه الهيئة حاضرة في قوانين مفوضيات الانتخابات المتتالية بين2007 و2019، لكنها تحولت بداية من عام 2010 إلى أداة سياسية تصدر من خلالها قرارات مسيسة لاستبعاد من لا يراد ترشيحهم، أو إعادة من أُقصي عن الترشح، وبقرارات جزافية لا تراعي دستورا، وبالتالي التأثير على نتائج الانتخابات لصالح أطراف سياسية معينة، لاسيما أن قرارات هذه الهيئة تخضع بشكل مطلق لما يقرره رئيس مجلس القضاء الأعلى (الرجل الأقوى في العراق حاليا). إن مراجعة قرارات المفوضية العليا (غير المستقلة) للانتخابات، وقرارات الهيئة القضائية الخاصة بالانتخابات على مدى خمس دورات (2010، و 2014 و 2018 و 2021،و2015) تكشف أنها قرارات اعتباطية لا تخضع لأي معيار، بل هي قرارات تصدر حسب الطلب الذي يرد من الجهة الأكثر نفوذا!
وسنقف هنا على بضعة قرارات «ديليفري» اعتباطية أصدرتها مفوضية الانتخابات، أو الهيئة القضائية وهما الهيئتان اللتان تحولتا حرفيا الى نسخة عراقية من «مجلس صيانة الدستور» الإيراني؛ وهي هيئة تقرر من يحق له المشاركة في الانتخابات ومن لا يحق له حسب التحيزات السياسية لأعضاء المجلس الإثني عشر (تم منع ترشيح الرئيس هاشمي رفسنجاني لانتخابات الرئاسة في 2013، والرئيس أحمدي نجاد في انتخابات 2017 و2021)!
الأمثلة على قضايا الإقصاء لأسباب سياسية كثيرة؛ فقد قررت الهيئة القضائية مثلا منع ترشيح نائب سابق كان قد أبدى رأيه في مسألة تثبيث أعياد دينية تكرس الانقسام المجتمعي، بحجة أنه «تحدث علنا عن من خلال لقاءات تلفزيونية بلغة الكراهية ضد معتقدات الشعب العراقي الدينية برفضه أعيادهم الدينية المنصوص عليها في القانون، كما أن تلك اللقاءات تضمنت الإساءة إلى مهنة المحاماة في الدولة العراقية عندما وصف (روب المحاماة) الذي يرتديه المحامي أثناء مزاولة عمله أمام المحاكم بصفات لا تليق بشرف المهنة وقدسيتها وتقلل من كرامة المحامي [هو محام أصلا[وأنه] سبق أن تم استبعاده من المشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2021 [بسبب] إخلاله بحسن السيرة والسلوك ونشره عبارات نابية وإشادته بالتطبيع مع الكيان الصهيوني والتهجم على النظام السياسي في العراق»!
كما قررت الهيئة القضائية استبعاد مرشح آخر «لوجود تسجيل صوتي يتحدث فيه مع أحد الأشخاص عن طريق الهاتف ويطلب رشوة لنفسه مدعيا أن رئيس الوزراء له حصة من هذه الرشوة، وثبتت صحة هذا التسجيل الصوتي، بتقرير فني من مديرية تحقيق الأدلة الجنائية، وأن صدور التصرف المشار إليه من المرشح المذكور يؤشر خللا بشأن سيرته وسلوكه يقتضي بسببه استبعاده من الترشح للانتخابات».
وبالطريقة نفسها منعت عشرات الأسماء الأخرى دون صدور حكم قضائي بات وملزم يدينهم، وهذا يعني أن الهيئة القضائية أعطت لنفسها حق تجريم الرأي ما دام يتعارض مع تحيزاتهم الشخصية، أو تحيزات من يصدر لهم الأوامر، كما أطاحت بمبدأ «افتراض البراءة» وضربت عرض الحائط بالمادة الدستورية التي تقرر «أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة»!
في المقابل أصدرت الهيئة القضائية قرارا بالسماح لرئيس مجلس النواب السابق بالترشح للانتخابات، مع أنه سبق للمحكمة الاتحادية العليا أن أصدرت قرارا باتا وملزما للسلطات كافة بإدانته بتهمة «الحنث باليمين»، وهي تهمة خطيرة سياسيا وأخلاقيا، وقضت بإخراجه من منصبه، فضلا عن إخراجه من مجلس النواب!
والمفارقة هنا أن كل هذه القرارات جاءت بعد قرار تمييزي باتٍ أصدرته الهيئة القضائية نفسها بتاريخ 25 آب 2025 قالت فيه إن «حسن السيرة لا ينتفي عن المرشح إلا بصدور حكم قضائي بات يدينه بجريمة مخلة بالشرف أو قضية من قضايا الفساد وإن شمل بالعفو عنها، أما الإجراءات التنفيذية أو التقارير الإدارية أو الدعاوى الأخرى، فلا تشكل سببا مشروعا لإقصائه من الترشح». مع ذلك فإن أغلب قراراتها جاءت مناقضة لهذا القرار التمييزي الذي أصدرته بنفسها!
فالواقع أنه لم يصدر أي حكم بات ضد المرشحين حيدر الملا أو يزن الجبوري أو سجاد سالم أو خالد المفرجي وغيرهم، لكن كان هناك قرار من «أحدهم» أن لا يسمح لهؤلاء بالمشاركة في الانتخابات، إما لأسباب تتعلق بطبيعة خطابهم السياسي النقدي، أو لغرض حرمان قوائمهم الانتخابية من أصواتهم لحساب قوائم أخرى، أو لأن وجودهم ببساطة يضر بمرشحين آخرين!
إن هذا التلاعب بالدستور والقوانين لحسابات سياسية وشخصية، والتواطؤ الجماعي على استمراره، لا يؤشر إلا على فشل النظام السياسي بل وإلى تقويض شرعيته أيضا!
القدس العربي