جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-01@15:22:47 GMT

يوم المعلم العُماني.. استثمار مُستدام

تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT

يوم المعلم العُماني.. استثمار مُستدام

غنية الحكمانية

"سنعلّم أبناءنا ولو تحت ظل الشّجرة" كلمات بليغة خالدة من لدن المعلّم الأول السّلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- سُطّرت حروف مدادها من ذهب، جال صِيتها الأرجاء وتردد صداها عنان السّماء، وعكست إيمان القائد الراحل بأهمية العلم والتعلم، وتحطيم أصفاد الجهل والظلام، وحرصه على مواصلة المسيرة التعليمية دون الالتفات إلى العراقيل المثبّطة، من ماضٍ تليدٍ وبإمكانات بسيطة لا تُذكر قبل النهضة إلى نقلة نوعية وكمية سبّاقة متسارعة تجاوزت الزمن في اللحاق إلى مصافّ الدول الصاعدة.

لقد أدرك السلطان قابوس -طيب الله ثراه- أنّ التعليمَ هو مشروع الاستثمار الأكبر في بناء الأمم والمجتمعات وتقدم الشعوب والحضارات، والمعلم بذلك هو أساس شعلة هذه النهضة التعليمية الرائدة، وأداة تحريك تنميتها المستدامة، ووسيلة تقدم المجتمع ورفعته، حيث إن "الاستثمار في المستقبل، الاستثمار في المعلمين".

إنه يوم رسول العلم.. الذي خطّ أولى حروف النّور في صفحات بياض النّشء، وأنار له بالكلمات معالمَ عقله ومستقبله، ورسم جملا وعباراتٍ تقوّي من عزيمته وإرادته، وأضاء بقنديل نوره دياجير الظلام وطوى صفحته، ظلّ وسيظلّ نهلَه يمخر عباب الأجيال، فهو الركيزة الأساسية التي تقيم المدرسة دعائمها عليه، والقوة الدافعة لنهضة التعليم والداعمة لاستشراف مستقبلها. أخلص صدقا للمهنة وأقسم شرفا ببرّها، وسخّر لأجلها طاقته وجهده، قيادة زمام النجاح والإجادة بيده، وتكوين شخصية الطالب وغرس القيم والاتجاهات والمبادئ من نُبل غايته؛ فهو مرآة طلبته، ويُمثِّل ما ينعكس في واجهتها، فيصقل مرآته بما يحب أن يتّصف به ويكون شاهدا على نقاوة سيرته وسريرته.

فكما لليونسكو احتفال بيوم المعلم العالمي في الخامس من أكتوبر، تفرّدت السّلطنة بيومٍ خاص للاحتفاء السّنوي بالمعلم العُماني الجدير وتخصيص يوم إجازة وطنية للكادر التدريسي والإداري وللطلبة في المدارس الخاصة والحكومية. يوم الـ24 من فبراير يستشعر فيه الطلبة والمجتمع بأطيافه مكانة المعلم العظيمة، وتقوى فيه أواصر التبجيل والتقدير، فتتوطد بذلك صلة الترابط بين المعلم والطالب وبين المعلم والمجتمع المحلي، وتسمو بين جنبات رقعته روح التكاتف والتعاون والازدهار مصلحةً للطالب ورُقيّا للمجتمع.

ولا يقتصر دور المعلم على خدمة توليد المعلومة وتلقينها واستحضارها جاهزة للطلبة، بل بتعزيز مهارات التعلم النشط كالتفكير النقدي والتحليلي والإبداعي والابتكاري ومهارات التعلم الذاتي من خلال منصات التعلم المتعددة عبر الإنترنت وتقنيات التعليم الحديثة والاستراتيجيات التدريسية المتنوعة، وتلبية الاحتياجات التعليمية للطلبة؛ زيادة في التفاعلية والاستمرارية، وتحقيقا لجودة التعليم وخدمة لأهدافها التعليمية المرسومة.

وفي ظل الطفرة التكنولوجية والتطبيقات التقنية الحديثة أصبحت الإحاطة بكل مستجداتها ضرورة حتمية وتوظيفها بشكل فعال ومؤثر في الساحة التعليمية. فمصير استمرارية الأمم وقفزتها التنموية الشاملة مرهون بمدى توطين تلك التقانة، تشدّ من أزرها المستقبلي وتزيد من فعالية وتحسين نوعية التعليم، فهي متجذرة في تفاصيل وجوانب مناحي الحياة. ما تمنحه تطبيقات تلك المساعِدات الذكية من توفيرٍ في الوقت والجهد والتكلفة، وفرصةٍ للتعليم التفاعلي والابتكاري، واحترافيةٍ في إنشاء وتنفيذ الأوامر وسرعة توفير حلول واستجابات تفصيلية فائقة ومرنة بشتّى طرق تحصيل الإجابة.

وممّا لا شك فيه أنّ التعليمَ ذا الجودة العالية يكون بمقابل التنمية المهنية والفنية المتواصلة، بإشراك المعلم في الدورات التدريبية وورش العمل التطويرية والندوات التربوية؛ لإحاطته بالمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية، وتأهيل قدراته وتحسين مهاراته، إلى جانب منحه استحقاقاته من الحوافز والمكافآت والترقيات، لأجل مزيد من الدافعية والإنجاز والعطاء. والتخفيف من عبء تكدّس المهام والمتطلبات الجمّة التي تزيد من حجم ضغط العمل وتُقلّص من الأداء المثمر. وتوظيف الخريجين الجدد الذين ينتظرون فرصة التوظيف من سنوات قد خلَت بأوجّ توقد طاقتهم قبل الخفوت والتأكسد، مقابل فتح باب التقاعد المبكّر للمعلمين القدامى، بمنحهم فرصة الإحلال للخريجين الذين طال انتظارهم.

وإنّ فكرة إنشاء نقابة أو جمعية للمعلمين ضرورية تجمع تحت كنَفها كل معلمي السّلطنة، يتم فيها استقراء أفكارهم وتطلعاتهم، وتبادل الخبرات في المجالات التعليمية المختلفة، وتقديم الاستشارات والتوجيهات، وتسليط الضوء على آخر مستجدات وتحديثات الشؤون التعليمية في ظل التطورات والتغيرات المتسارعة، ومناقشة المهام والمتطلبات الوظيفية، وتذليل الصعوبات والتحديات التي يواجهونها، وحماية حقوق المعلمين والنظر في استحقاقاتهم، والمشاركة في تطوير المناهج التي تؤثر على جودة التعليم وارتقاء العملية التربوية.

ختاما.. أسمى رسالة شكر وامتنان وتحية إجلال وعرفان نقدمها لمقام المعلم في يومه العظيم الذي يُصنع ذكرى حفاوته كل عام، مجددا بصْمته وعهده وانطلاقته الفولاذية، مستلهما من الفكر الحصيف لجلالته السّلطان قابوس -طيّب الله ثراه- كل معاني العزّة والرفعة والمجد والإرادة القوية، فقد وضع جلالته جُلّ أمله في التعليم الذي انتشل عُمان من الظلام الدامس إلى إشراقة سطعت بنورها الأصقاع، فأولى التعليم والمعلم نُصب رؤيته وعمق اهتمامه. مجدّدون بذلك المعلمون العهد والولاء والسّمع والطاعة، وملبّون نداء عُمان العصر الزاهر ومعلموها الوعد الباهر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“استثمار أموال الضمان” ينظم ملتقى الحوكمة المؤسسية العاشر

صراحة نيوز ـ نظم صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ملتقى الحوكمة المؤسسية العاشر، بعنوان: “نحو حوكمة استراتيجية تحقق أثرا مستداما”، بحضور رئيس مجلس الاستثمار عمر ملحس، ورئيس صندوق الاستثمار الدكتور عز الدين كناكريه.
وبحسب بيان للصندوق، اليوم السبت، أكد ملحس، أهمية هذه الملتقيات في تعزيز المعرفة لدى ممثلي الصندوق في الشركات المختلفة، وإبراز التحديات الاستثمارية المعاصرة التي تتطلب منظومة حوكمة تتجاوز الامتثال إلى القدرة على التوجيه الاستراتيجي، واستباق المخاطر، وإيجاد القيمة، مشيرا إلى أن دور الصندوق يتمثل في ترسيخ نهج مؤسسي يتفاعل بذكاء مع التحولات المناخية، ويدفع نحو استثمارات خضراء عالية الأثر، ويعزز التنوع القيادي كعامل أداء.
وقال إن الرؤية المستقبلية بهذا الخصوص تتمثل في قيام الشركات ببناء نموذج استثماري أكثر مرونة وشمولية، يوازن بين العائد والمخاطر، ويضع الاستدامة في صميم القرار الاستثماري.
من جهته، قال كناكريه، إن هذه الملتقيات ليست مجرد منصات حوارية، بل ترجمة عملية لرؤية مؤسسية شمولية تهدف إلى ترسيخ ثقافة الحوكمة، وتطوير التمثيل المؤسسي، وبناء نموذج استثماري وطني يستند إلى الكفاءة والمساءلة، وتحقيق التوازن بين العائد المالي والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى أن عدد الممثلين في مجالس الإدارة وهيئات المديرين يبلغ حاليا 117 ممثلا، مع نسبة تمثيل نسائي تبلغ 23 بالمئة، ما يعكس التزام الصندوق بتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في مواقع القيادة، بما يتماشى مع السياسات الوطنية وتوجهات الصندوق نحو التوازن المؤسسي.
واستضاف الملتقى متحدثين من بورصة عمان، والبنك المركزي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة – الأردن، لمناقشة 3 محاور استراتيجية تعكس التوجهات العالمية الحديثة في الحوكمة، حيث تم استعراض أهمية الإفصاح المناخي كأداة لتعزيز الشفافية ورفع جاهزية الشركات في التعامل مع المخاطر البيئية، خاصة في ظل تصاعد التحديات المناخية عالميا.
كما ناقش المشاركون دور مجالس الإدارة في توجيه الاستثمارات نحو التمويل الأخضر، بوصفه ركيزة أساسية في بناء اقتصاد مستدام قادر على التكيف مع المتغيرات ومتطلبات الأسواق.
واختتمت الجلسات بتسليط الضوء على أثر تعزيز المشاركة النسائية في مواقع اتخاذ القرار، وانعكاس ذلك على فاعلية الحوكمة المؤسسية وتطبيق معايير (ESG)، مع التأكيد على أن التنوع في مجالس الإدارة ليس مجرد بعد اجتماعي، بل عنصر أساسي في تحسين الأداء وتوازن القرار.
ويأتي عقد الملتقى ضمن منظومة مؤسسية متكاملة يعمل من خلالها الصندوق على ترسيخ أفضل الممارسات في الحوكمة في الشركات التي يسهم بها الضمان الاجتماعي، وذلك من خلال تنظيم عملية التمثيل المؤسسي بموجب دليل استرشادي معتمد، وبرامج تأهيل وتطوير مستمرة، وآليات تقييم دورية.
ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز كفاءة الممثلين، وتفعيل دورهم في توجيه القرارات الاستراتيجية، بما يسهم في تحسين أداء الشركات واستدامة أعمالها، وتحقيق أثر ملموس على الشركة والمساهمين والاقتصاد الوطني على حد سواء

مقالات مشابهة

  • ترميم حصني المنترب والواصل في بدية لحماية التراث العُماني
  • الشيبانية ترعى الاحتفال بـ"يوم المعلم" في شمال الشرقية
  • صناعيون: اتفاقيات استثمار الطاقة تمهد الطريق لجذب المستثمرين وتضمن نجاح عملهم
  • “استثمار أموال الضمان” ينظم ملتقى الحوكمة المؤسسية العاشر
  • هبوط اضطراري لرحلة "الطيران العُماني" في مسقط إثر عطل فني مفاجئ
  • هبوط اضطراري في مسقط لرحلة "الطيران العُماني" إثر عطل فني مفاجئ
  • الصبيحي .. (6) مرتكزات تحكم السياسة الاستثمارية للضمان
  • معلم يهدي طالبًا مصريًا شماغه بمناسبة تخرجه .. فيديو
  • الرهان على بيتكوين استثمار أم مقامرة؟
  • محمد بن حمد: دور المؤسسات التعليمية محوري في بناء الإنسان